تستعد كرواتيا الأسبوع المقبل لاعتماد اليورو لتصبح الدولة العشرين فى استخدام العملة الأوروبية، ويعد ذلك بمثابة علامة فارقة للبلد التى يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، والتى سعت منذ فترة طويلة من أجل تكامل أوثق مع بقية الاتحاد الأوروبى، كما ستنضم إلى منطقة “شنغن” الأوروبية الخالية من الحدود.
وقال الاقتصاديون، إن التحول من الكونا كعملة رسمية إلى اليورو يجلب فوائد عديدة للدولة، لأن كرواتيا تعتمد على منطقة العملة الموحدة فى أكثر من نصف تجارتها الخارجية، وثلثى الاستثمار الأجنبى المباشر وحوالى 70% من السياح.
ويعد هذا التحول بمثابة دفعة رمزية للوحدة الأوروبية فى الوقت الذى تحاول فيه روسيا إضعاف معارضة الكتلة لحربها مع أوكرانيا، ووصفت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزى الأوروبى هذا التحول بأنه تصويت على الثقة لمنطقة اليورو، وأن كرواتيا ستستفيد من درع اليورو، ويعتبر اعتماد العملة الأوروبية فى كرواتيا بمثابة تقدماً طبيعياً لدولة تمثل فيها العملة الموحدة نصف إجمالى ودائعها المصرفية، و60% من إجمالى القروض.
وقال بوريس فويتشيتش، محافظ البنك المركزى الكرواتى، إن كرواتيا هى الدولة الأكثر ربحًا من الدخول إلى منطقة اليورو لأنها ستقضى على مخاطر العملات الأجنبية خاصة أن مخاطر الصرف الأجنبى فى كرواتيا هى الأعلى.
وأضاف فويتشيتش، فى مقابلة مع “فاينانشيال تايمز”، أنه عندما تنخفض قيمة العملة مقابل اليورو فهذا يعنى أن الديون تستحق أكثر، لذلك فإن تكاليف الاقتراض الخاصة بالدولة ستصبح أعلى وهذا يعكس العديد من المخاطر.
وقال فويتشيتش إن كرواتيا لديها 27 مليار يورو من احتياطى النقد الأجنبى، وهو ما يعادل 40% من ناتجها المحلى الإجمالى.
وأكد أن فوائد اعتماد اليورو تكون أكثر وضوحا خلال الأزمة، مشيراً إلى ضغوط البيع الأخيرة على الفورنت المجرى والزلوتى البولندى والكرونة التشيكية، والاتجاه العالمى لزيادة أسعار الفائدة، ووصول عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات من 5% إلى 8.5% مقابل العائد على سندات كرواتيا لأجل 10 سنوات مسجلا حوالى 3.5%، أى أقل من عائد إيطاليا واليونان، وأعلى بقليل من عائد إسبانيا على الرغم من أنها لم تنضم إلى اليورو.
وأشار محافظ البنك المركزى الكرواتى إلى كيفية خروج الأسعار عن السيطرة فى يوغوسلافيا السابقة ثم كرواتيا فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، لافتا إلى أنه سيتخذ موقفًا متشددًا لترويض ارتفاع الأسعار الذى يثير قلق صانعى السياسة فى أوروبا بقوة.
ويقول فويتشيتش إن المستهلكين قد يلقون باللوم فى ارتفاع التضخم على إدخال اليورو فى الحياة اليومية للمستهلك فى كرواتيا، حيث وصل معدل التضخم إلى 13.5% خلال نوفمبر الماضى، ومع ذلك لم تشهد الدول التى تبنت اليورو سوى ارتفاع نسبته 0.2% إلى 0.4% فى معدلات التضخم، وكان ذلك فى فترات انخفاض نمو الأسعار.
ومن أجل تحسين شفافية الأسعار، اضطرت المتاجر فى كرواتيا إلى عرض تكلفة البضائع بالعملات “الكونا واليورو” منذ سبتمبر الماضى وستواصل القيام بذلك حتى نهاية عام 2023.