سارعت الشركات إلى اقتراض الأموال فى سوق سندات الشركات الأمريكية فى الأسبوع الأول من العام الجارى، مستفيدة من تيسير الظروف المالية، حيث يقلص المستثمرون توقعاتهم بشأن مسار أسعار الفائدة فى المستقبل.
وفى الأيام السبعة الأولى من عام 2023، أصدرت العديد من الشركات بداية من “كريدى سويس” إلى “فورد”، ما يصل إلى 63.7 مليار دولار من الديون المطروحة فى أسواق الولايات المتحدة، مقارنة بإجمالى 36.6 مليار دولار فى الأسابيع الخمسة الأخيرة من 2022، بحسب بيانات صادرة عن شركة “ديلوجك”.
وبالرغم من أن الإصدار كان أقل من 73.1 مليار دولار الصادر فى الأسبوع الأول من يناير من العام 2022، فقد قفزت أسعار الفائدة من نحو الصفر إلى نطاق يتراوح بين 4.25% إلى 4.5% منذ ذلك الحين، وهذا زاد من تكلفة الاقتراض بشكل كبير، مع مزيد من التشديد الذى لم يأت بعد من بنك الاحتياطى الفيدرالى.
ورغم أن تكلفة الاقتراض أعلى كثيرا مما كانت عليه قبل عام، إلا أنها انخفضت منذ أن بلغت ذروتها فى أكتوبر العام الماضى، حيث خفف التضخم من التوقعات بشأن المدة التى سيضطر الاحتياطى الفيدرالى إلى إبقاء أسعار الفائدة فيها مرتفعة.
ويأتى هذا على الرغم من إصرار بنك الاحتياطى الفيدرالى على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة حتى يصل إلى معدل التضخم المستهدف البالغ 2%، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
كذلك، انخفضت عوائد سندات الخزانة حيث يراهن المستثمرون على أن أسعار الفائدة ستبلغ ذروتها عند نحو 5% فى يونيو المقبل، ما يخفض عائدات ديون الشركات أيضا.
وقال ويل سميث، مدير الائتمان الأمريكى عالى الربحية فى شركة ألاينس بيرنشتاين: “إذا استمرت سندات الخزانة لأجل 10 أعوام عند هذه المستويات لفترة طويلة من الوقت، سنرى مزيدا من الإصدارات التى تطرح فى السوق، وهذه ليست مجرد مستويات منخفضة، بل إنها تقلبات منخفضة، وكلما زاد التقلب فى أسعار الفائدة، قل إصدار الشركات”.
وعادة ما يكون الإصدار مرتفعاً فى يناير، لأن الطلب ينخفض فى ديسمبر حيث يذهب كثير من المستثمرين لقضاء إجازة.
وكان ديسمبر بطيئاً بشكل خاص فى العام 2022 لأن العطلات قد سبقت على الفور باجتماع عالى المخاطر للاحتياطى الفيدرالى حيث غير البنك المركزى فيه وتيرة تشديده النقدى.
وفى محضر اجتماع ديسمبر، حذر مسؤولو الاحتياطى الفيدرالى من أن “التيسير غير المبرر فى الظروف المالية، خاصة إذا كان مدفوعا بفهم خاطئ من قبل الجمهور لوظيفة رد الفعل للجنة، من شأنه أن يعقد جهود اللجنة لاستعادة استقرار الأسعار”.
وفى بادئ الأمر، كثير من الجهات المصدرة هذا الأسبوع، بما فيها مصرفى “سوسيتيه جنرال” و”يو بى إس”، بدأت تشعر بالاهتمام فى بداية ديسمبر فقط لتجد سوقا بطيئة للغاية، وفقا لمستثمر ائتمانى رغب فى عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة السرية للمناقشات.
وقال جون ماكلين، مدير لمحفظة ذات عائد مرتفع فى شركة “برانديواين جلوبال”، إن لديه توقعات منخفضة بشأن مزيد من الإصدارات ذات العائد المرتفع فى الأسابيع المقبلة، حيث إن حجم الزيادة المقبلة فى أسعار الفائدة الفيدرالية فى نهاية يناير غير واضح.
وأوضح ماكلين أن “المقترضين ذوى العائد المرتفع أكثر حساسية تجاه زيادات أسعار الفائدة، وبالتالى إذا لم تكن مضطرا إلى القدوم إلى السوق، فمن المحتمل أنك تلعب إلى حد ما لعبة انتظار”.
ومنذ أكتوبر العام الماضى، انخفضت عوائد الشركات بدرجة أكبر من عوائد سندات الخزانة، مع تقلص الفرق بين الاثنين، وهى العلاوة التى يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات الشركات الأكثر خطورة على سندات الخزانة الخالية من المخاطر.
وهذا عادة مؤشر على أن المستثمرين يرون انخفاضا فى مخاطر التخلف عن السداد، ما يشير إلى أن البعض قد قلص توقعاتهم لحجم التباطؤ فى الاقتصاد الأمريكى هذا العام.
وقال آندى برينر، رئيس الدخل الثابت الدولى فى شركة “نات ألاينس سكيورتيز” إنه “من الواضح أن سوق الائتمان تقول لسوق الأسهم، لن نشهد ركودا، وإذا شهدنا واحدا، فسيكون معتدلا”.
لكن بعض المستثمرين المقتنعين بأن الركود على وشك الحدوث جادلوا بأن العلامات المنخفضة التى كانت الشركات تدفعها للاقتراض لم تكن جذابة بما يكفى للمستثمرين، حتى فى سوق السندات حيث يكون خطر التخلف عن السداد أقل بكثير.
وكذلك، قالت مونيكا إريكسون، رئيسة قسم الائتمان ذى الدرجة الاستثمارية فى شركة “دبل لاين كابيتال”، إنها شاركت فى اثنتين من بين 34 صفقة تمت، مضيفة أن “فروق الأسعار ضيقة للغاية بالنسبة إلى الأوضاع الحالية فى الدورة الاقتصادية، لذلك عليك أن تكون انتقائيا، ومن الواضح أن أشخاصا آخرين يشترون لأن الصفقات تتم، لكننا نتعامل بشكل انتقائى للغاية فيما يتعلق بما نشتريه”.