لطالما كانت أيرلندا موطنا لملاك المنازل، لكن صعود سلم الامتلاك بعيد المنال بالنسبة للكثيرين الآن، فقد أصبحت فكرة تأمين مكانا للعيش فقط فكرة صعبة لعدد متزايد من المواطنين.
ووفقا لمعايير أسواق العقارات في الدول المتقدمة المشابهة، شهدت أيرلندا ارتفاعا في أسعار المنازل خلال الخمسة أعوام الماضية، بعد ما يزيد قليلا على عقد من دورة الازدهار والكساد السابق الذي آثار أزمة اقتصادية.
وعلى عكس أسواق العقارات العالمية الأخرى التي تواجه تباطؤا سريعا، حيث ترتفع أسعار الفائدة ويلوح الركود في الآفاق، فإن ازدهار أيرلندا لا يظهر أي علامات على التباطؤ، فهي تستمر في مواجهة نقصا في المنازل الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، سواء للشراء أو للإيجار.
ارتفعت أسعار المنازل 10% على مستوى البلاد في العام المنتهي في أكتوبر، بانخفاض 1% من العام المنتهي في سبتمبر، وفقا لمكتب الإحصاء المركزي.
وفي أجزاء من غرب أيرلندا، قفزت أسعار العقارات إلى أكثر من 16%.
يقول مكتب الإحصاء المركزي إن أسعار العقارات على الصعيد الوطني ارتفعت 130% منذ أوائل 2013″.
في الوقت نفسه، شهدت أيرلندا “انهيارا استثنائيا في المخزون المتاح للإيجار” خلال الـ18 شهرا الماضية، بحسب رونان ليونز، الأستاذ في كلية ترينيتي بدبلن.
وجد ليونز 495 منزلا فقط متاحا للإيجار في دبلن في يوليو و35 ألف فقط على الصعيد الوطني، أي نصف المستوى المتاح تقريبا في عام 2016.
مع ذلك، ارتفعت الإيجارات على مستوى الدولة بمتوسط 14.1% في الربع الثالث من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من 2021، وفقا لموقع “دافت.آي إي”، وهي أعلى زيادة منذ أن بدأ تتبع الإيجارات 2005.
تقول الحكومة “إن برنامج بناء المنازل البالغ تكلفته 4 مليارات يورو سنويا الذي أطلقته 2021، الذي يطلق عليه “الإسكان للجميع”، يحقق نجاحا وهو في طريقه لتجاوز هدف البناء هذا العام.
تشير الأرقام السكانية إلى أن أيرلندا ستحتاج إلى مضاعفة طموحها، حيث ارتفع عدد سكان أيرلندا إلى 5.1 مليون، أعلى مستوى تسجله الدولة منذ عام 1841 وزيادة 7.6% مقارنة بالتعداد الأخير في 2016، إذ استقبلت أيرلندا أيضا أكثر من 62 ألف لاجئ أوكراني.
كتب ليونز “تشير أرقام التعداد الأولية لعام ـ2022 إلى أن الحاجة الأساسية للإسكان في أيرلندا خلال العقود الثلاثة المقبلة من المرجح أن تتراوح بين 42 ألفا إلى 62 ألف منزل سنويا، وهذا ليس بعيدا عن ضعفي المستوى الأساسي البالغ 28 ألف منزل جديد سنويا، الذي يدعم برنامج الإسكان للجميع”.
تخاطر أيرلندا بحرمان جيل كامل من تملك المنازل وإيجارات لا يمكن تحمل تكلفتها، بينما تحكم على أرقام قياسية بالتشرد.
يعد الإسكان أمرا مؤلما بشكل خاص في أيرلندا، لأن القروض العقارية غذت طفرة الاقتصاد الإيرلندي في الدولة منذ منتصف التسعينيات، انتهى الأمر بانهيار الاقتصاد كاملا بعد أكثر من عقد والمطالبة بمبلغ 67.5 مليار يورو من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي 2010 لإنقاذ الوضع.
الآن، يؤدي نقص المساكن إلى إثارة صدع جديد في المجتمع، فبعد أن اعتاد الناس الهجرة إلي هذه الدولة هربا من الفقر وبحثا عن عمل، يفكر ما يصل إلى سبعة من كل عشرة شباب في الانتقال للخارج، لأنه لا يمكنهم تأمين تكاليف مكان للعيش فيه، وهذا فشل ذريع لإحدى دول الاتحاد الأوروبي ميسورة الحال.