قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن جائحة كورونا كشفت ضرورة إعطاء الأولوية للابتكار الرقمي واستخدام البيانات والاتصالات وإعادة بناء مهارات القوى العاملة عند وضع الخطط الاستثمارية، مشيرة كذلك إلى التركيز على أهمية الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية خلال تفشي الجائحة.
جاء ذلك خلال مشاركة السعيد اليوم، بالمائدة المستديرة التي تم عقدها بالتعاون بين استرازينيكا وفورين بوليسي بعنوان “الإجراءات المبكرة والتمويل المستدام للوقاية من الأمراض غير المعدية”، والمنعقدة خلال فعاليات النسخة الـ 53 للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس.
وأكدت أهمية وجود نظام رعاية صحية قوي ومتقدم باعتباره حجر الأساس لمجتمع واقتصاد مرن، مضيفة أنه خلال جائحة كورونا، استطاعت مرونة أنظمة الرعاية الصحية إحداث فارق كبير بين مستويات العدوى وعدد الوفيات عبر الدول وداخلها، وأن الدول التي اتخذت اجراءات مبكرة، وتمتعت بإمدادات طبية كافية مع تقديم علاج فعال في المستشفيات كانت أكثر نجاحًا في تحمل الأزمة الصحية وتقليل تداعياتها الاقتصادية.
وتناولت السعيد الحديث حول تقرير استرازينيكا وفورين بوليسي الذي استعرض التكلفة الصحية والاقتصادية للأمراض غير المعدية، مؤكدة أن الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية يمكن أن يوفر الكثير من التكاليف، لافتة إلى ضرورة اتباع العديد من المسارات لتمكين التدخلات المبكرة في اكتشاف الأمراض غير المعدية وعلاجها.
وشددت السعيد على أهمية ما جاء بتقرير استرازينيكا من حيث رفع مستوى الوعي بالمرض، وتغطية الأسباب المحتملة له، والأعراض والعلاجات، مشيرة إلى التجربة المصرية التي أكدت أهمية إطلاق حملات صحية على أرض الواقع، وإلى إطلاق مصر حملة 100 مليون صحة عام 2018 للكشف المبكر عن فيروس التهاب الكبد الوبائي، والأمراض غير المعدية لـ 70 مليون مواطن.
وواصلت السعيد أن الحملة نتج عنها علاج 2.2 مليون مواطن مصاب بالتهاب الكبد الوبائي سي، وتشخيص وعلاج ما يقرب من 10 ملايين مواطن يعانون من الأمراض غير المعدية، موضحة أن سيارات الرعاية الصحية كانت تتنقل في جميع أنحاء البلاد.
ونوهت كذلك إلى مبادرة الكشف المبكر عن سرطان الثدي وعلاجه، موضحة أن الحملة تم تنفيذها على ثلاث مراحل لاختبار 28 مليون امرأة وتقديم العلاج المجاني.
وفي سياق التوعية، أشارت السعيد إلى ضرورة معالجة التحيزات المعرفية التي تحول دون الالتزام بالأدوية أو البحث عن الطب الوقائي، موضحة أن العديد من الدراسات أشارت إلى أن 50% من المرضى لا يلتزمون بالأدوية كما هو موصوف، الأمر الذي ينتج عنه الحاجة المتزايدة للخدمات الطبية باهظة الثمن، ما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية الإجمالية.
وحول الاستثمار في الابتكارات الرقمية ودمجها في تقديم الرعاية الصحية، أوضحت السعيد أنه سيؤدي إلى إحداث ثورة في توليد البيانات والاحتفاظ، مؤكدة أهمية الجهد المستمر لرقمنة السجلات الصحية، وأن الاتصال السريع للبيانات الدقيقة سيسهم في تقليل الأخطاء الطبية وتجنب المضاعفات الصحية وبالتالي التكلفة.
وتابعت أن هذا ما سعت مصر إلى تحقيقه بالفعل من خلال الكم الهائل من البيانات التي تم الحصول عليها من خلال الحملات الطبية، إلى جانب القيام بدمج تلك البيانات في مشروعات جديدة مثل مشروع تنمية الأسرة.
وأضافت السعيد أن المنصات الرقمية تُستخدم الآن لتقديم خدمات صحية، ومتابعة المرضى بشكل أكثر فعالية، وإرسال رسائل تذكير للمرضى بتناول أدويتهم في الوقت المحدد، موضحة أن الكثير من تلك الابتكارات يتم إنتاجها من قبل الشركات الناشئة والمبادرات الريادية، مشددة على ضرورة إيجاد طرق مختلفة لدعم ريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا الصحية، وكذلك إيجاد طرق لمواءمة العروض المبتكرة ودمجها في الأنظمة الصحية الوطنية.
وفيما يتعلق بواضعي السياسات، أوضحت السعيد أن تطوير قدرات التقييم والقياس، سيسمح لصانعي القرار بموازنة تكاليف وفوائد الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية، مؤكدة ضرورة عدم إغفال الأسباب الأساسية التي يمكن أن تزيد من مخاطر الأمراض غير المعدية، وأن التدهور البيئي، وتغير المناخ يمثل أحد العوامل.