«الجباس»: ارتفاع سعر المياه يفاقم تكاليف الإنتاج
يعانى قطاع دباغة الجلود، مشكلات عدة تعرقل استمرارية الإنتاجية خصوصاً من قِبل المصانع الصغيرة والمتوسطة، كما يعانى كبار الصناع مما يقلص الصادرات.
واتفق الجميع، على ضرورة إجراء الحكومة لقاءات موسعة مع المصانع بمختلف فئاتها، لطرح مشكلاتهم وحلها بشكل جذرى، وعلى رأسها مصانع مدينة الجلود بالروبيكى.
كما طالبوا بوضع آليات لتداول الجلود، وتتبع الحيوانات بدءاً من مرحلة التربية وحتى الذبح بطريقة احترافية لا تتسبب فى إهدار الجلد، وضبط منظومة البيع ومنع الممارسات الاحتكارية التى ترفع السعر بما يُضعف التنافسية فى الأسواق العالمية.
تم إنشاء مدينة الروبيكى بتكلفة 7.2 مليار جنيه على مساحة 490 فداناً، وذلك على 3 مراحل، الأولى منها ضمت مدابغ منطقة مجرى العيون بمصر القديمة، والثانية المسئولة عن إنشاء محطات المشروع، والثالثة المسئولة عن صناعات القيمة المضافة مثل الصناعات الجلدية والأحذية والمعروفة بمرحلة الـ100 مصنع.
وشكلّت وزارة الصناعة هيكلاً إدارياً منبثقاً من شركة القاهرة للاستثمار والتطوير العمرانى والصناعى، لمتابعة عمليات التشغيل ومدى الالتزام.
قال عبدالرحمن الجباس، رئيس شركة الرواد لدباغة وصناعة الجلود، إنَّ القطاع ما زال متأثراً بالارتفاع الكبير فى أسعار المياه داخل مدينة الروبيكى مقارنة بالحال فى منطقة مجرى العيون، عندما كانت المياه متوافرة، وهو ما انعكس على السعر النهائى للمنتج المصرى.
أضاف أن المياه تعتبر أهم عنصر مؤثر فى التكلفة النهائية؛ لأن قطعة الجلدة الواحدة تستهلك كميات كبيرة من المياه، وعند احتساب المتر مكعب الواحد بـ11 جنيهاً، فإن تكلفة إعداد المنتج النهائى تعوق المنافسة فى الأسواق العالمية.
«حسن»: نقص معروض الخام يضر بقطاع الدباغة
وقال المهندس سيد حسن، رئيس شركة مدبغة الأمل لدباغة الجلود، إنَّ ارتفاع أسعار العجول وتراجع الطلب على اللحوم، تسببا فى انخفاض معدلات الذبح اليومية، وهو ما أثر على المعروض من الجلود فى السوق، ورفع سعرها النهائى بنسبة 100% مقارنة بالعام الماضى.
أضاف أن تكلفة الصناعة ارتفعت العام الماضى، تأثراً بارتفاع سعر الدولار، مع العلم أن الكيماويات المستخدمة فى الصناعة 90% منها تقريباً مستورد، إلى جانب تعطل مستلزمات الإنتاج لفترة طويلة فى الموانئ المصرية وتأخر الإفراجات، ما حملها أعباء إضافية مثل غرامات التأخير والأرضيات.
وأوضح «حسن»، أن مصانع المدينة ما زالت تعانى مشكلة تهالك الأسقف الصاج، وتتأثر سلباً خلال فترات الأمطار، إذ إن المياه تضر بالماكينات وألواح الكهرباء وكذلك الخامات.
وخاطبت مصانع مدينة الروبيكى شركة القاهرة للاستثمارات والتطوير العمرانى، وهيئة التنمية الصناعية ووزارة الصناعة والتجارة، لتغيير أسقف الصاج التالفة، وتلقت المصانع وعداً ببدء حل المشاكل التى ظهرت بالإنشاءات، ولكن تم صيانة عدد قليل جداً من المصانع المتضررة.
وأشار إلى أن المصانع تغير الأسقف الصاج بالكامل ولا تكتفى بالتصليح حتى لا تتكرر المشكلة، خصوصاً أنه فى أشهر الصيف تعانى من الارتفاع الشديد فى الحرارة، ما يعرض الجلود للتلف، وهى مشكلة أخرى بسبب الأسقف، خصوصاً أن مدينة الروبيكى تقع فى منطقة صحراوية.
قال «حسن»، إنَّ الكثير من مصانع مدينة الجلود بالروبيكى، تعمل بأقل من 50% من طاقتها، بسبب الأزمات التى ظهرت مع الانتقال إلى المدينة، والأزمات التى استجدت خلال 2022، مثل نقص مستلزمات الإنتاج وحتى بعد بدء الإفراج عن البضائع فإنها غالية بسبب سعر الدولار والغرامات.
وقال المهندس أحمد عبدالحافظ، رئيس مدبغة الأندلس، إنَّ الحكومة يجب عليها ضبط المنظومة الخاصة بالدباغة وصناعة الجلود لإنجاح المشروع الدولة المتمثل فى مدينة الجلود بالروبيكى.
وأضاف أنه يُمكن الاستفادة من طاقات المدابغ ومصانع الجلود، لإحلال الواردات من الأحذية والحقائب الجلدية والمصنوعات الجلدية، وتشغيل المصانع المعطلة، خصوصاً أن المدينة بالفعل كان مخططاً لها أن تضم مصانع للمنتجات الجلدية النهائية.
وأوضح «عبدالحافظ»، أن هناك 100 مصنع مخصص لذلك بالفعل داخل مدينة الجلود بالروبيكى غير مستغلة، ويجب طرحها للمستثمرين والعلامات التجارية العالمية، ما يسهم فى تطوير الصناعة المصرية ونقل تكنولوجيا التصنيع الحديثة التى تُعيدنا للخريطة العالمية فى مجال المنتجات الجلدية.
وأشار إلى أن الجلود على المستوى العالمى تتجه أسعارها للانخفاض، بينما فى مصر فإنَّ أسعارها ترتفع نتيجة المضاربات وهو ما يضر الصناعة.
وشدد على ضرورة طرح المصانع المخصصة للمرحلة الثالثة التى ستخدم قطاع صناعة الجلود، وتحديد أسعارها لبدء جذب مستثمرين لها، خصوصاً أنها مصانع بالفعل جاهزة، ويجب الإسراع فى الطرح. فبند المنتجات الجلدية فى فاتورة الواردات كبير، ويجب العمل على إحلاله فى ظل أن إمكانية الإحلال متاحة.
«المغربى»: الصناعة تمر بمرحلة حرجة.. ويجب مساندتها
وقال هشام المغربى، رئيس «المغربى تك»، إنَّ الصناعة تمر بمرحلة حرجة تحتاج تدخلاً عاجلاً من الحكومة. فالعديد من المصانع تعمل بأقل من نصف طاقتها، والبعض بدأ فى مرحلة التصفية، والبعض يقاوم رغم تزايد الأعباء ولكن استمرارية عجلة الإنتاج تحتاج تدخلاً عاجلاً من الحكومة.
أضاف أن هناك ارتفاعاً غير مبرر فى أسعار الجلود نتيجة المضاربات، وكذلك بالنسبة للكيماويات الخاصة بالصناعة. فبالرغم من استقرار الدولار عند حد معين، فإنَّ الزيادة لا تتوقف.
وأوضح «المغربى»، أنه حتى إذا تراجع المعروض من الجلود؛ نتيجة تراجع عدد الذبائح، فإنَّ تعطل الطاقة الإنتاجية لعدد كبير من المصانع يُقلص حجم الطلب فى المقابل، وبناءً عليه يجب أن يتراجع سعر الجلد، ويجب سن ضوابط للمنظومة لمنع شبهة وجود ممارسات احتكارية.
ولفت إلى طبيعة هذه الصناعة؛ فالمياه بالنسبة لدباغة الجلود تعتبر أحد العناصر المهمة، وارتفاع سعرها يؤثر سلباً على التكلفة.. لذلك يجب التعامل بشىء من المرونة مع المدابغ فى هذا البند.
وكشف أن جودة الجلود المصرية تراجعت للغاية، خلال الفترة الأخيرة، ليس فقط بسبب السلخ بالطرق اليدوية، ولكن بسبب سوء التغذية؛ تأثراً بنقص الأعلاف مما كان له عامل فى تدهور الجلود المصرية، وكذلك عدم تتبع تربية الحيوان.. والسوق حالياً يواجه انقراض السلالات المصرية الجيدة.
وشدد «المغربى»، على ضرورة الاستماع لمشكلات المصانع الصغيرة والمتوسطة فى قطاع الدباغة؛ لأنهم يمثلون الشريحة الأكبر ويعانون مشكلات عدة معرقلة لاستمراريتهم، وللحفاظ على تواجد تلك الشريحة يجب الاستماع لهم على حدة، خصوصاً أن مشاكل كبار الصناع تختلف عن مشاكل الصغار والمتوسطين.
وتابع: «بالطبع يجب الاهتمام بالمصانع المصدرة؛ نظراً إلى احتياج الدولة لتعظيم صادراتها، ولكن لا يجب إغفال العين عن المصانع التى تخدم السوق المحلى؛ لأنها تغنينا عن بنود استيرادية وتخفف بعض الأعباء.. لذلك يجب الاهتمام بكل المصانع حتى التى توجه منتجاتها للسوق المحلى فقط».
وقال مؤمن التميمى، عضو غرفة صناعة الجلود، إنه حتى الآن تقتصر مدينة الروبيكى للجلود على المدابغ فقط، ولم يتم تسليم المصانع لأصحاب الصناعات الجلدية. فالقائمون على المشروع لم يقرروا بعد طريقة ملكية تلك المصانع مما بين الإيجار أو تمليك بتمويل بنكى أم تصبح حق انتفاع..
أضاف أن تسعير تلك المصانع أيضاً لم يتحدد بعد، إذ اقترحت هيئة التنمية الصناعية برئاسة المهندس محمد عبدالكريم أن يكون سعر المتر 12 ألف جنيه معللين ذلك بأن هذا يشمل المرافق، بينما يطالب المصنعون بأن يكون المتر بين 3 و6 آلاف جنيه.. وهناك حوالى 300 طلب لشراء المصانع بالروبيكى.
وقال كريم ملوك، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، إنه لم يقدم طلباً للشراء بمدينة الروبيكى، إذ لم يتم الاتفاق على السعير وهو ما يدفع المصنعين للانتظار لحين الإعلان عن السعير أولاً حتى يُقدموا على الشراء. وأوضح يحيى أبوحلقة، نائب رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، أنه تم الانتهاء من إنشاء جميع المصانع بمدينة الروبيكى.. لكن لم يتم طرحها لبيعها، إذ لم يحدد سعر المتر.
وتابع أن الغرفة تتواصل بشكل دائم مع شركة القاهرة للاستثمار المؤسسة لمدينة الروبيكى.. وكانت تقترح سعراً للمتر «مبالغ فيه» على حد وصفه.. لذلك حتى الآن لم يتم وضع خطة واضحة للتسعير مقابل محاولات الغرفة للتواصل.
أكد «أبوحلقة»، أن منتسبى الغرفة يرحبون بشراء مصانع فى مدينة الروبيكى طالما أن السعر فى متناول الصناع. فكل الصناع يفضلون أن يكونوا فى مدن صناعية وبالتحديد فى مدن متخصصة فى صناعتهم.
وتابع: «من الطبيعى أن تكون المرافق مرتفعة التكلفة بعض الشىء مقارنة بالأماكن السابقة بمصر القديمة.. ففى مدينة الروبيكى الأوضاع مقننة».
«فروح»: الإفراجات فى الموانئ ليست بالقدر الكافى
وقال الدكتور أحمد فروح، عضو مجلس أمناء مدينة الروبيكى، عضو غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، إنَّ زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج عرقلت الصناعة. ورغم الإفراج عن البضائع المكدسة فى الموانئ فإنها ليست بالقدر الكافى الذى ينعكس على سعر المنتج النهائى.. لذلك الأسعار حتى الآن مرتفعة.
وأوضح أن نسبة مستلزمات الإنتاج والكيماويات التى تدخل فى الدباغة تتراوح بين 60 و70% من الجلد الإجمالى، ما أثر على التكلفة، وبالتالى انخفضت الطاقة الإنتاجية للمدابغ خلال الفترة السابقة.
أما عن توسع المستثمرين بمدينة الروبيكى، فقال عضو مجلس أمناء مدينة الروبيكى: «لن يتم طرح أى متر للتوسع، رغم رغبة المستثمرين فى ذلك، ولكن كان هناك استثناء فى بداية الطرح عام 2018، ونسبة توسع لأول 10 متقدمين للشراء كنوع من الحوافز لتشجيعهم. وكان التوسع بنسبة 50% على مشروعاتهم مقابل 2000 جنيه للمتر الزيادة، وهو نوع من أنواع دعم الصناعة.. فهذا السعر يعد أقل من تكلفته».
أضاف أنه لم يتم طرح مشروعات المرحلة الأولى بتسعير للمتر.. بل كان المتر فى مصر القديمة لأصحاب المدابغ مقابل المتر فى الروبيكى، كما أن إجمالى الوحدات التى انتقلت من مصر القديمة إلى مدينة الروبيكى يقدر بـ1166 وحدة.
وقال محمد الشعار، صاحب مدبغة الشعار بمدينة الروبيكى، إنَّ من أهم المشاكل التى يواجهها فى المدينة هى أسقف وحدات المدابغ؛ لأنها غير مطابقة للمواصفات القياسية؛ حيث تُبلى نتيجة تفاعلها مع مياه المطر، وقد قام بتغيير الأسقف عدة مرات وتحمل تكلفتها.
كما أن تكلفة المياه شكلت أزمة، لأنها مرتفعة جداً وتعتمد دباغة الجلود على المياه بشكل أساسى. كما أن تلك التكلفة غير حقيقية. متابعاً: «عدادات المياه غير دقيقة».
وهناك مقترح لحفر آبار جوفية والاستفادة من مياهها لتقليل التكلفة ولكن تم رفض المقترح، وأرجع ذلك إلى أنها مكلفة فى إنشائها، بجانب مشاكل الصرف.
أضاف «الشعار»، أن العمالة تعانى عدم توفير سكن لهم، بالإضافة إلى عدم توفير مواصلات حكومية، وهو ما أثر على عدد ساعات العمل. فأصبح ميعاد انصراف العمال منذ الانتقال إلى مدينة الروبيكى هو الرابعة عصراً؛ لأنه بعد هذا الميعاد تختفى وسائل المواصلات بالمنطقة، بينما كان موعد الانصراف فى مصر القديمة العاشرة مساء، وهو ما دفعه إلى رفع أجور العاملين بنسبة 100%.
اقرأ أيضا: الحكومة تبحث فرص ومقومات تطوير صناعة الجلود في مصر
أما عن مشكلة الاستيراد، فأوضح «الشعار»، أنها أدت إلى حدوث خلل. فجميع الكيماويات المستخدمة فى الدباغة مستوردة، إذ زاد سعر الكيماويات بنسبة 100%، وتسببت قلة مستلزمات الإنتاج فى تراجع الطاقة الإنتاجية وأصبحت أغلب المدابغ تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية، فضلاً عن قلة معروض الجلد المصرى الطبيعى نتيجة ارتفاع أسعار الماشية.
وتابع: «المجازر تتواصل مع أصحاب المدابغ وتخبرهم بأن من بين كل 10 عجول يتم ذبحها يكون هناك واحد فقط محلى والباقى مستورد»، موضحاً أن الثروة الحيوانية فى مصر على وشك الانقراض.. ففى مصر يتم ذبح أنثى الماشية بالمخالفة للقانون.
أضاف أن الأوضاع فى مصر القديمة كانت أفضل.. لكن ما وفرته مدينة الروبيكى هو المساحة فقط، ويتم التواصل مع شركة القاهرة للاستثمار لعرض جميع تلك المشاكل، ولكن يأتى الرد بالتجاهل، وبالتالى لم يصلوا إلى حل لأى من تلك المشاكل.
قال محمد أبوسنة، رئيس مدبغة نيووورلد، إنَّ مدينة الجلود للروبيكى، ما زالت تعانى من المشكلات التى ظهرت منذ الانتقال إليها، مثل ارتفاع أسعار المياه، وعدم قدرة عمال المصانع على التكيف مع بُعد المكان عن سكنهم فى وسط القاهرة.
أضاف: «كثير من العمال تسربوا من المهنة، ومن تبقى انخفضت طاقته الإنتاجية بشكل ملحوظ، لتأثره ببعد المسافة التى تستهلك الكثير من نشاطه ومن وقته أيضاً»، مؤكداً أن المدينة لم توفر للعمال سكناً كما وعدتهم عند بداية الانتقال إليها.
وأوضح أن ارتفاع أسعار المياه فى مدينة الجلود بالروبيكى مقارنة بمنطقة مجرى، رفع تكلفة دباغة الجلود؛ لأن المياه كانت متاحة فى مجرى العيون جوفياً، وهو ما أدى لتراجع معدلات تصدير المصانع منذ الانتقال للروبيكى، وتسبب فى تراجع إنتاجية المصانع.
وبالرغم من إعفاء المصانع من الضريبة العقارية مدة 3 سنوات، فإنَّ مصلحة الضرائب تطالبهم بسداد مستحقات الفترة من 2017 حتى 2021، وهو ما يشكل عبئاً على المصانع فى ظل الظروف الحالية، والتى تتمثل فى ضعف المبيعات وارتفاع تكلفة الإنتاج ونقص المعروض من الخامات بمختلف أنواعها سواء كيماويات أو جلود.
كما طالب بتخفيض أسعار المياه إلى نصف السعر الحالى لتكون 5 جنيهات للمتر مكعب بدلاً من 11 جنيهاً، كنوع من الدعم للقطاع خصوصاً أن غالبية المصانع فى الروبيكى تعانى مشاكل كثيرة.
وشدد على ضرورة إجراء الحكومة لقاءات موسعة مع قطاع دباغة الجلود، ولا تكتفى بالحديث مع الكبار فى الصناعة.. لكن يجب أن تستمع للمصانع الصغيرة والمتوسطة.