الحكومة اليابانية ترفع مكافأة إنجاب الرضيع إلى 500 ألف ين أبريل المقبل
أكدت مجلة “ذا ديبلومات” الأمريكية، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن أزمة التراجع السريع للتعداد السكاني في اليابان أصبحت في حاجة إلى قرارات حازمة وفورية مع اقترابها من مرحلة “اللاعودة”.
وذكرت المجلة، في تقرير لها، أن تعداد سكان اليابان هو الأسرع تناقصا على مستوى العالم، مشيرة إلى أنه خلال العام الماضي وُلد فيها أقل من 800 ألف طفل وهو تراجع حاد في المواليد لم يتوقع الخبراء حدوثه إلا في عام 2030.
وأشارت المجلة إلى أن اليابان بلغت نقطة تحول تاريخية في قضية التعداد السكاني المتناقص، إذ من المتوقع انخفاض عدد السيدات في سن الإنجاب، في غضون 8 سنوات، إلى درجة ستؤدي إلى تراجع حاد في تعداد السكان لا يمكن السيطرة عليه.
وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، خلال خطابه في أول يناير الماضي بمناسبة العام الجديد، من أن معدل المواليد انخفض إلى درجة قد تصبح فيها اليابان غير قادرة على الحفاظ على مجتمع فاعل، مؤكدا أن وقت حل الأزمة قد حان.
وأوضحت المجلة أن معدل المواليد في اليابان من أدنى المعدلات عالميا على الإطلاق، حيث انخفض معدل الخصوبة، الذي يشير إلى عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال حياتها، للعام السادس على التوالي إلى 1.30 في عام 2021، كما يُعد متوسط العمر المتوقع في اليابان من أعلى المعدلات في العالم، حيث يُتوقع أن يعيش واحد من كل 1500 شخص لأكثر من 100 عام.
ولفتت إلى أن نتائج هذا التراجع تنعكس في انخفاض حجم القوة العاملة في اليابان وسط تنامي الشيخوخة السريعة لسكان البلاد، وهو ما دفع السياسيين إلى الدعوة لرفع سن التقاعد ليصل إلى 68 سنة لإعادة كبار السن إلى العمل مرة أخرى.
ونوهت “ذا ديبلومات” بأن الحكومة اليابانية تستعد للكشف عن تدابير مضادة “جذرية” لمحاولة زيادة معدل المواليد، بما في ذلك رفع المنح المالية الحكومية لدعم تربية الأطفال، والتعليم قبل المدرسي، وخدمات التمريض، وإصلاح أماكن العمل.
وأضافت أن من المقرر أن ترفع الحكومة اليابانية مكافأة إنجاب الرضيع إلى 500 ألف ين (حوالي 3800 دولار) اعتبارا من أبريل المقبل لتغطية نفقات الولادة، كما يجري أيضا وضع حزمة دعم مالي بقيمة 100 ألف ين للمساعدة في تغطية تكلفة ضروريات ما بعد الولادة (مثل عربات الأطفال والحفاضات والحليب).
وعن العوامل التي تساهم في تراجع معدلات الإنجاب، أشارت المجلة إلى أن اليابان دائما ما يتم الإشادة بها كأرض للعمالة الجادة في ظل أنظمة ساعات العمل الطويلة التي أصبحت وضعا اجتماعيا طبيعيا في البلاد، لكن يواجه الاقتصاد الياباني أيضا انتقادات بتركيزه على العمل وليس على حياة المواطنين؛ نظرا لأن نظام التوظيف مدى الحياة في اليابان يعني أن الموظفين يتعرضون لضغوط لاختيار شركاتهم على حساب عائلاتهم.
وأضافت أن الافتقار إلى تقاسم مسئولية تربية الأطفال بين الذكور والإناث يعد أحد العقبات الرئيسية أمام تكوين أسرة أو إنجاب المزيد من الأطفال في البلاد، حيث تميل النساء إلى ترك عملهن بعد إنجاب طفلهن الأول، ثم يتم إقصاؤهن بشكل أساسي من الوظائف التي تتطلب مهارات عالية بسبب ثقافة الشركات الصارمة في اليابان، والتي تفضل توظيف الخريجين الجدد، وهو ما يؤدي إلى أدوار أبوة وأمومة مبنية على الجنس، والتي تصبح فيها المرأة مسئولة بشكل كامل عن رعاية الأطفال والمسئوليات المنزلية بشكل منفرد.
ولفتت “ذا ديبلومات” إلى أن تزايد التشاؤم بين الشباب بشأن المستقبل بالإضافة إلى اقتصاد اليابان الراكد من العوامل التي تساعد على تضخم الأزمة السكانية في البلاد، وهو ما نوه عنه رئيس الوزراء الياباني في خطابه بمناسبة العام الجديد عندما شدد على ضرورة مساعدة الأجيال الشابة في الارتقاء بنظرتهم نحو المستقبل من خلال علاوات للأطفال دون سن 18 وزيادة الأجور بشكل عام.
وفيما يخص خطة الحكومة لمواجهة الأزمة السكانية، ذكرت المجلة أن خطة كيشيدا لمكافحة التدهور السكاني تركز على الإنفاق الحكومي بشكل رئيسي، حيث اقترح رئيس الوزراء الياباني خطة “للإنفاق الذكي” من خلال إصلاح نظام التأمين الاجتماعي ومراجعة أي دعم حكومي غير فعال مع تفعيل استراتيجيات متكاملة للنمو الاقتصادي.
لكن الدين العام لليابان يبلغ ضعف ناتجها المحلي الإجمالي السنوي، وهو أعلى مستوى في أي دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووفقا للمجلة، فإنه لجمع الإيرادات العامة التي تشتد الحاجة إليها ينبغي تطبيق زيادات في ضريبة الاستهلاك في المستقبل والتي ستتحملها الأجيال الشابة بطبيعة الحال.
وفي الوقت نفسه، كشف كيشيدا أيضًا عن خطة لزيادة الإنفاق الدفاعي والعسكري السنوي لليابان من 1 إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، إلى جانب المزيد من الإنفاق الحكومي في قطاعات أخرى، وهي عوامل قد تتحدى رؤيته لتوسيع المنح الحكومية للعائلات الجديدة لتشجيعهم على الإنجاب.
واختتمت المجلة تقريرها بأن اليابان على مدار سنوات كان لديها مزيج من السياسات الأسرية التي فشلت في رفع معدلات المواليد. وتعد خطة كيشيدا الحالية مجرد توسعا في السياسات القائمة، إلا أن الاختلاف الجوهري هذه المرة يتمثل في وجود رغبة سياسية أقوى وتصميم على وضع الأزمة السكانية كأولوية قصوى.
أ ش أ