»عيسى«: التباطؤ فى تنفيذ ما جاء بالوثيقة ينعكس سلباً على المناخ الاستثمارى للبلاد
حذر رجال الأعمال من تباطؤ الحكومة فى تنفيذ وثيقة ملكية الدولة التى تم إقرارها، مؤخراً؛ بهدف فتح المزيد من المساحات أمام القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى، والذى تزايدت هيمنة الجهات الحكومية عليه فى السنوات الماضية.
ويقول المستثمرون، إنَّ أى تأخيرات فى تنفيذ تخارج الدولة من القطاعات التى تضمنتها الوثيقة أو فتح الباب أمام القطاع الخاص لشراء الحصص المستهدف بيعها، سيؤدى إلى ضياع فرص استثمارية كثيرة على الاقتصاد الكلى للبلاد.
وقالوا فى حديثهم لـ«البورصة»، إَّن مجتمع الأعمال المحلى والمستثمرين الأجانب يراقبون منذ فترة مسير وثيقة ملكية الدولة فى انتظار ما ستتمخض عنه خلال الأيام المقبلة للبدء فى اقتناص الفرص الاستثمارية.
وصدّق الرئيس عبدالفتاح السيسى على وثيقة ملكية الدولة، نهاية ديسمبر الماضى، بعد مناقشات وجلسات مكثفة عقدها مجلس الوزراء شملت الاستماع إلى آراء نحو ألف خبير، على مدار 40 ورشة.
وتضمنت الوثيقة إبقاء الحكومة على استثماراتها فى 45 نشاطاً، مع السماح بمشاركة أكبر للقطاع الخاص فيها، ومن بينها صناعات الأسمنت والحديد والألومنيوم واللحوم والطيور والأعلاف والألبان والسجائر والدخان ومحطات توليد الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع ومحطات معالجة مياه الصرف. بينما ستتخارج الدولة من 63 نشاطاً صناعياً فى 10 قطاعات، وهى الهندسية والغذائية والجلود والكيماويات والصناعات التحويلية والدوائية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية والطباعة والتغليف والمعدنية والنسيجية والأخشاب والأثاث.
بينما ستحتفظ الدولة باستثماراتها فى قطاعات أخرى، وستزيد استثماراتها فى تلك القطاعات.
وقال على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إنَّ مجتمع الأعمال يترقب طرح الحكومة للمشروعات التى أعلنت التخارج منها، للبدء فى تقييم تلك المشروعات والتقدم بطلباتهم إلى الجهات المعنية فى حال كانت تناسبهم.
أضاف لـ«البورصة»، أن المزيد من التأخير فى تنفيذ ما جاء فى الوثيقة سينعكس سلباً على المناخ الاستثمارى فى مصر؛ لأن أغلب المستثمرين الأجانب يراقبون ما ستسفر عنه تلك الوثيقة فى دعم الاقتصاد خلال الفترة المقبلة.
وتابع »عيسى« قائلاً إنَّ «الأهم من الوثيقة هو التزام الدولة باحترام المال الخاص، وعدم منافسة القطاع الخاص فى أى مشروعات مستقبلية؛ لأن الوثيقة تعتبر تعهداً من الدولة بعدم المزاحمة حتى يعود السوق إلى طبيعته».
وأوضح أن طريقة القطاع الخاص فى إدارة المشروعات تختلف كلياً عن الحكومة، فالقطاع الخاص حريص على المنافسة بشكل عادل مع المشروعات المماثلة، كما لا يوجد عنده محرّمات عند اتخاذ القرارات المصيرية لشركته.
وشدّد على أن تفرغ الحكومة لمراقبة وضبط السوق لمنع الممارسات الاحتكارية سيكون أكثر فاعلية من مزاحمة القطاع الخاص، وتنفيذ المشروعات بدلاً منه، وهذا السيناريو مطبق فى جميع الدول وثبت نجاحه وفاعليته.
»هلال«: الانخفاض المتدرج للجنيه يُعجل بتدفق الاستثمارات العربية لمشروعات الدولة
وقال محرم هلال، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إنَّ الدولة أمامها فرص سانحة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية عن طريق الوثيقة، بدعم من الأزمات التى تخيم على السوق العالمى وأبرزها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف لـ«البورصة»، أن القطاع الخاص فى جميع الدول هو المحرك الأول للاقتصاد، وبالتالى لا نرى أى حكومات فى دول أوروبا تدير مشروعات ضخمة مثلما يفعل العديد من الدول الناشئة.
تابع هلال: «لذلك نؤكد أن الدولة تحتاج إلى تبديد مخاوفها بشأن تحرير القطاعات التى نصت عليها الوثيقة وإتاحتها أمام المستثمرين الأجانب أو العرب بشكل عاجل».
أكد أن قطاعاً كبيراً من الراغبين فى الاستثمار بأحد القطاعات التى تعتزم الدولة التخارج منها ينتظر أن تعلن الدولة عن بيع أحد مشروعاتها ليعرف سبل الإجراءات المتبعة، وتتضح الرؤية أيضاً عما إذا كانت الدولة ستتخارج من المشروعات الخاسرة أم الرابحة.
لفت إلى أن الانخفاض المتدرج لقيمة الجنيه منذ بداية العام الماضى وحتى الآن، أدى إلى تدفق استثمارات عربية وأجنبية كبيرة إلى البلاد، وانخفاض العملة يعد أحد العوامل الجاذبة للاستثمار فى أى دولة.
أكد أن حكومات الدول وضعت خطة طموحاً تستهدف جذب وتوطين الشركات الفارة من تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا باعتبارها فرصة ذهبية، لكن الحكومة المصرية لم تعلن عن استراتيجيتها حتى الآن، وهذا الأمر يحرمها من الاستفادة من تلك الأحداث.
»يوسف«: يفضل تخارج الدولة من 85% لصالح القطاع الخاص للتفرغ لضبط عمل السوق
وقال بسيم يوسف، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إنَّ القطاع الخاص يلعب دوراً كبيراً فى إدارة المشروعات الاقتصادية سواء على مستوى التنظيم أو نجاح ونمو تلك المشروعات.
أضاف لـ«البورصة»، أن الدولة استغرقت وقتاً طويلاً فى مناقشة الوثيقة، ويتبقى حالياً التنفيذ الفعلى لعمليات التخارج، والتى يفضل أن تحدث بنسبة 85%، والنسبة المتبقية يجب أن تكون للمشروعات التى تدخل تحت بند الأمن قومى أو المشروعات الاستراتيجية.
لفت إلى أن دور الدولة يتمثل فى الإشراف والمراقبة للسوق وحل المشكلات التى تواجه المستثمرين والمشروعات الإنتاجية وليس الحصول على امتيازات لمنافسة الكيانات العاملة.
أشار إلى أن الشركات التى تحولت من القطاع الحكومى إلى الخاص مثل شركة إيديال أثبتت مدى كفاءة وقدرة القطاع الخاص على إدارة مشروعاته بحرفية بعد تحقيقها نجاحاً كبيراً على مستوى والنمو والتطوير.
ونصت الوثيقة على أن الدولة تستهدف شراكات مع القطاع الخاص فى 18 قطاعاً لتعزيز فرص استفادة مصر من التحول الرقمى، وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، فى الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد ومنظومة النقل الذكى والسيارات ذاتية القيادة.
»مبروك«: الغرفة تشجع منتسبيها على الاستثمار فى مشروعات بشكل ذاتى أو بالمشاركة
وقال المهندس حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ إصلاح أوضاع السوق بالتزامن مع تنفيذ تخارج الدولة يضمن استمرارية ونجاح تلك المشروعات بعد التنازل عنها لصالح المستثمرين الجدد.
أشار إلى أن العمل على وفرة الدولار بالبنوك بات أمراً ضرورياً؛ لأن وفرته دليل عل استقرار الاقتصاد وضمان استمرارية عمل أى نشاط إنتاجى؛ نظراً إلى اعتماد الصناعة على جزء كبير من الخامات المستوردة.
وتابع رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية: إن الغرفة تنتظرالإعلان عن التخارج بشكل فعلى؛ حتى تشجع منتسبيها للإقبال على الاستثمار بتلك المشروعات إما بشكل ذاتى وإما بنظام الشراكة مع مستثمرين أجانب أو عرب.
ذكر أن الوثيقة ستسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعطى صورة متكاملة لوجود الدولة المصرية فى القطاعات والأنشطة الاقتصادية خلال السنوات المقبلة.
»المهندس«: الوثيقة تعد استراتيجية الدولة وعدم الإخلال ببنودها يعزز من جذب الاستثمارات الأجنبية
وقال المهندس محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ وثيقة ملكية الدولة تعد بمثابة استراتيجيتها الاستثمارية خلال الفترة المقبلة، لذا عليها أن تلتزم بجميع البنود التى نصت عليها؛ حتى لا تضر بالاستثمارات القائمة والراغبة فى الدخول إلى السوق المصرى على ضوء ذلك.
»الفقى«: الوثيقة جزء مكمل للإصلاحات الاقتصادية ونجاحها ينعكس على الاقتصاد الكلى
من جانبه، قال الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنَّ وثيقة سياسة ملكية الدولة جزء مكمل فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، ونجاح الوثيقة شهادة موثقة لنجاح الاقتصاد الكلى.
أضاف «الفقى»، أن الوثيقة ستفسح المجال للقطاع الخاص بكل أحجامه، خاصة الصغير والمتوسط بنسبة 70%؛ حيث يلعب دوراً مهماً الفترة المقبلة سواء بمفرده أو بالمشاركة مع الحكومة، وهذا مهم لزيادة مرونة الاقتصاد ليكون أكثر صلابة ومرونة فى التصدى للصدمات.
أوضح أن القطاع الخاص لديه القدرة على المنافسة محلياً وخارجياً، والحكومة يكون لها دور من الحياد التنافسى، ويكون للقطاع الخاص القدرة على إدخال أفكار جديدة لتوفير المنتجات بالأسواق، وزيادة معدلات التصدير.
»البهى«: اتحاد الصناعات يحفز كبار المستثمرين فى قطاعات مختلفة ليدخلوا مكان الدولة
من جانبه، قال محمد البهى، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إنَّ الوقت بات مناسباً للتخارج طالما بدأت الدولة فى الطرح الآن فهذا يوضح أن القطاع الخاص قادر على أن يحل محل الدولة فى القطاعات التى سوف تتخارج منها.
وأوضح «البهى»، أن دور اتحاد الصناعات يقوم على تحفيز القطاع الخاص للدخول فى شراكات مع الدولة ومحاولة إزالة أى معلومات مبهمة حتى تتضح الرؤية لهم.
أضاف أن الدولة اضطرت فى مرحلة ما أن تركز على مشروعات بعينها؛ حيث كانت ذات استثمارات مرتفعة، كما أن القطاع الخاص لم يكن يقبل عليها؛ نظراً إلى كونها استثمارات طويلة الأجل، لكن بعد تحقيق تلك المشروعات معدلات ربحية ونمواً قوياً أصبح الوقت الحالى مناسباً لطرحها.
نوه بأن القطاع الخاص بات قادراً على إدارتها والتوسع فيها، فضلاً عن إضافة رؤوس أموال لخلق فرص مواتية أخرى للتشغيل.
اقرأ أيضا: مجلس الوزراء يعلن موافقة رئيس الجمهورية على “وثيقة ملكية الدولة”
وطالب بالتعامل مع البيروقراطية، وقال: «هناك صغار الموظفين يراهنون على إفساد خطط الدولة فى محاولاتها لتعزيز العمل الاقتصادى وخاصة الصناعة».
أوضح أن صعوبة الحصول على التراخيص الصناعية تعد أكبر المشكلات التى تواجه القطاع خلال الفترة الحالية.
لفت إلى أن المشكلة الحقيقية هى عدم تفعيل نظرية الثواب والعقاب، فلا بد من معاقبة كل من يعطل عملاً ما، على الأقل يُمنع من التعامل مع الجمهور؛ حتى يكون عبرة لغيره، وحتى يتم القضاء على العقم بالجهاز الإدارى المتأصل من عشرات السنين.
بدوره، قال محمد المنشاوى، رئيس شعبة مصنعى الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، إن القطاع الخاص مستعد منذ سنين لتلك الخطوة، لكن يحتاج إلى وضع الدولة الثقة فيه.
وأوضح أن الظروف التى مر بها الاقتصاد المصرى منذ بداية 2020 فرضت على الدولة مشاركة القطاع الخاص لرفع عبء تدبير التمويل لتنفيذ المشروعات التى تعمل فيها حالياً.
بينما قال محمود أبوشوشة، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأثاث باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ القطاع الخاص قادر على أن يحل محل الدولة فى القطاعات التى سوف تتخارج منها طالما أن السلع أو الخدمات غير استراتيجية.
أشاد «أبوشوشة»، بجهود الدولة فى مواجهة العقبات التى تواجه القطاع الخاص التى تتلخص فى توفير مستلزمات الإنتاج بجانب عراقيل الاستيراد.
»الأباصيرى«: الصناعات النسيجية أوضحت للحكومة عدم الرغبة فى الاستثمار بمشروعاتها
على الجانب الآخر، يرى عبدالغنى الأباصيرى، نائب رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية، أنه يصعب الفترة الحالية إحلال القطاع الخاص محل الدولة.
وتابع على سبيل المثال، الشركة القابضة للغزل والنسيج عند توفيرها المادة الخام تعمل على استقرار الأسعار، وهو ما يساعد المصنعين على التصدير، كما تقلل من واردات مصر للمادة الخام.
أضاف أن الحكومة تواصلت مع الغرفة بهذا الشأن، وبدورها أوضحت أنها لا تحبذ تلك الخطوة خلال الفترة الحالية.
»حنفى«: صناع المعدنية يفضلون شراء مشروعات الدولة للتغلب على مصاعب استخراج التراخيص
قال محمد حنفى، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ على الحكومة التدقيق فى أوضاع الشركات التى سوف تطرحها للبيع، ويجب أن تكون شركات ناجحة ووضعها مستقر؛ فإذا حدث العكس سيؤدى إلى ضعف إقبال المستثمرين على تلك الخطوة.
وأضاف المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية، أن هناك إقبالاً من جانب مستثمرى القطاع لرغبتهم فى التطوير، فضلاً عن رغبتهم فى تخطى المصاعب التى يواجهونها لاستخراج تراخيص مصانع جديدة.
وقال «حنفى»، إن من أولى ملاحظات المصنعين على خطوة التخارج الحكومية كانت ضرورة حل مشاكل المستثمرين أولا؛ حيث يجب إزالة جميع العقبات التى يعانى منها الاستثمار فى مصر قبل الإقدام على تفعيل الوثيقة.
أكد أنه فى حالة فشل الوثيقة، سيترك هذا الأمر انطباعاً سلبياً عن الاستثمار فى مصر.
وذكر أن من أكبر المشاكل التى يواجهها القطاع الصناعى هى أزمة التراخيص لإنشاء مصانع جديدة، كما يجب إعادة النظر فى أنظمة الضرائب والجمارك والقوانين الخاصة بالصناعة لخلق بيئة استثمارية محفزة على توطين أى مشروعات مستقبلية فى السوق المصرى.