برنامج الطروحات الحكومية فى سوق المال سيدفع القطاع الخاص للتوجه إلى البورصة
«الدرينى»: الجهات الحكومية يجب أن تعتمد على توريق الحقوق المستقبلة بدلاً من القروض
تستعد الحكومة بصورة جدية لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية بعد ما أعلنت عن طرح نحو 32 شركة فى 18 نشاط اقتصادى مختلف خلال العام الجارى ما بين طروحات فى سوق المال أو عبر بيع حصص معينة لمستثمرين استراتيجيين.
ويرى معتز الدرينى، الشريك المؤسس لمكتب «الدرينى وشركاؤه» للاستشارات القانونية، أن توجه الدولة نحو استئناف برنامج الطروحات الحكومية خطوة مهمة، ولكنها تأخرت بعض الشىء؛ نتيجة الظروف الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن الطروحات الحكومية الأخيرة كانت ناجحة لا سيما طرحى «إى فاينانس للاستثمارات المالية»، و«الشرقية للدخان»، مشيراً إلى أن تلك الخطوة تتماشى مع وثيقة ملكية الدولة للشراكة مع القطاع الخاص والتى طرحتها الدولة فى صورة نهائية.
وقال إنَّ الطروحات التى أعلنتها الدولة ستكون من ضمن القطاعات التى ستتخارج منها بصورة نهائية ضمن خطتها للتخارج من بعض القطاعات تنفيذاً للوثيقة.
وتابع أن آلية التخارج سواء بالبيع المباشر أو الطرح فى سوق المال تتوقف على حسب طبيعة كل قطاع؛ حيث إنَّ هناك قطاعات استثمارية معينة تحتاج إلى وجود مستثمر استراتيجى على سبيل المثال: قطاعات الاتصالات، والقطاع اللوجستى.
ولفت إلى أن الدولة يجب أن تركز على جذب استثمارات دولارية، فيما سيعمل الطرح العام على تنشيط جانب العرض فى سوق المال المصرى.
وأكد أن برنامج الطروحات الحكومية بادرة جيدة لتشجيع الطروحات، أيضاً، من القطاع الخاص، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج إلى عدم مزاحمة من الدولة فى الاستثمارات، أو فى المعاملة التفضيلية فيما يتعلق بالضرائب.
وقال إنَّ المناخ التشريعى متكامل ولكن المشكلة الحقيقة تكمن فى آلية التنفيذ والتى تخضع بصورة كبيرة لفهم الموظف، وليس للنظام المطبق، لافتاً إلى أنه على الرغم من إتاحة الرخص الذهبية، وآلية الشباك الواحد، فإنَّ الإجراءات ما زالت تخضع لعقلية الموظف المسئول فى تنفيذ الصلاحيات.
وطالب بتدريب ورفع كفاءة العنصر البشرى الذى يتعامل بصورة مباشرة مع المستثمرين سواء من القطاع الخاص أو العام.
اقرأ أيضا: الدكانى: البورصة المصرية جاهزة لاستقبال برنامج الطروحات الحكومية المرتقب
وتابع أن القطاعات الاقتصادية فى مصر واعدة، وأن المستثمرين باتوا واعين جيداً لمستويات الربحية التى يتم تحقيقها فى مصر، مشيراً إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية يتطلب زيادة الاستثمارات المحلية كمؤشر لسلامة البيئة الاستثمارية فى مصر.
وأشار إلى أن القاعدة السكنية المتنوعة فى مصر، والتى يمثل فيها الشباب ما يقرب من65 % تجعله سوقاً واعداً خاصة فيما يتعلق بالخدمات، لا سيما الأنشطة المالية غير المصرفية.
أوضح أن التغيرات الاقتصادية فى المشهد العالمى من جائحة كورونا وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية تسببت فى تعطل البرنامج بعض الشىء.
وتابع أن التغيرات العالمية من اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد قادت إلى ارتفاع السلع الأساسية، وأثرت بصورة مباشرة على الاستثمار الأجنبى المباشر، فضلاً عن عدم استقرار أسعار الصرف حتى الآن وهى من أحد العوامل الأساسية فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتابع أن المستثمر الأجنبى دائماً ما يتحدث عن الوقت، خاصة أن الوقت تتم ترجمته إلى أموال، مشيراً إلى أن كل المستثمرين باتوا يضعون فترة تحمل فى الدراسات المتعلقة بالمشروعات المصرية تتراوح ما بين 20 و30% وهى نسبة ليست هينة.
وأكد أن مصر بالفعل بيئة جاذبة وواعدة للاستثمار المباشر طويل الأجل، وليس فقط الأموال الساخنة من قِبل المستثمرين الأجانب.
ولفت إلى أن توافر السيولة الدولارية مهم للغاية للمستثمر الأجنبى، خاصة أنه يبحث سيناريوهات التخارج من الاستثمار قبل دخول الأسواق، فضلاً عن النظر فى آليات التحكيم فى السوق محل الاستثمار.
لفت إلى أن كل تلك العوامل تؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية، موضحاً أن تنوع قاعدة المستثمرين فى مصر ضرورة، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت اقتصار الاستثمارات على الخليج، ما يوجب ضرورة جذب استثمارات من أوروبا واليابان وغيرهما فى القطاعات المصرية.
وتابع أن الاستثمارات الخليجية تعى جيداً رخص قيمة الأصول المصرية، وتقتنص الفرص المواتية فى السوق، خاصة أن رأس المال ذكى، ويبحث دائماً عن الفرص، والعائد المجدى على الاستثمار.
ويرى «الدرينى»، أن حكم المحكمة الدستورية العليا، دستورية قانون تحصين التعاقدات الحكومية الصادر عام 2014، يشجع على طمأنة المستثمرين، ويمهد للعديد من صفقات الدمج والاستحواذ خلال الفترة المقبلة.
وينص القانون على قصر حق الطعن على العقود الحكومية على طرفى التعاقد فقط وأصحاب المصلحة المباشرة، وهو ما يمنع الطعن أمام القضاء على أشياء من قبيل عقود الخصخصة التى تمت فى أوقات سابقة.
وتابع أنه يوفر على الدولة تكبد مليارات الدولارات فى تحكيمات كانت تتم خارج مصر؛ نتيجة بلاغات عشوائية، موضحاً أن القرار ينطبق على القضايا الحالية فى المحاكم.
وتطرق إلى أن الدولة تستطيع الحصول على دخل دولارى من خلال آلية توريق الحقوق المستقبلية، عبر بيع جزء من الإيرادات المستقبلية بدخل دولارى.
وأكد أن الآلية يجب أن تحل محل القروض فى التمويلات التى تسعى الدولة لتوفيرها لبعض الجهات التابعة، مؤكداً أن الآلية من الممكن أن يتم تطبيقها على دخل قناة السويس عبر طرح توريق حقوق مستقبلية لفترة زمنية مقبلة من دخل القناة بديلاً عن الاقتراض.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، هيئات أخرى تقوم على تقديم خدمات المرفق العام، ومنها على سبيل المثال شركات الغاز، أو الكهرباء، أو إيرادات الطرق، كل تلك المشروعات من الممكن أن يتم توريق حقوقها المالية المستقبلية.
وأكد ضرورة التوعية بأهمية تلك الأداة المالية التى يمكن أن تُحدِث طفرة فى الجانب التمويلى للجهات الحكومية، لافتاً إلى أن المكتب يبحث مع عدد من شركات القطاع الخاص فى الأدوية والمقاولات والأندية، وغيرها إمكانية إصدار سندات توريق حقوق مالية مستقبلية من خلال جولات ترويجية للأداة الجديدة.
كما يبحث الفكرة نفسها مع أجهزة الحكومية؛ حيث بدأ المكتب بالحديث مع صندوق تنمية وتطوير العشوائيات لإمكانية توريق الحقوق المالية المستقبلية لجزء من إيرادات الصندوق المستقبلية.
وأصدرت هيئة الرقابة المالية المصرية، العام الماضى، الضوابط المنظمة لإصدار سندات توريق مقابل التدفقات النقدية المستقبلية، وتأتى الضوابط الجديدة فى إطار تطوير أدوات وأساليب التمويل بالسوق المصرى، واستحداث أدوات تمويلية جديدة، تتيح للأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، توفير المصادر التمويلية المختلفة لتمويل مشروعاتهم وتنمية الأنشطة المتعلقة بتلك القطاعات، بما ينعكس بشكل إيجابى على الاقتصاد المصرى.
المكتب يدير إصدارى صكوك بقيمة 3 و6 مليارات جنيه
وتابع أن المكتب يدير صفقتى صكوك إحداهما بصيغة المضاربة لصالح إحدى شركات الخدمات المالية غير المصرفية بقيمة 3 مليارات، والأخرى فى قطاع المقاولات بقيمة 6 مليارات جنيه بصيغة المشاركة، متوقعاً إتمامها خلال النصف الأول من العام الجارى.
وأشار إلى أن المكتب نفذ أكبر صفقة فى عام 2022، بإتمام مجموعة فوداكوم المحدودة – مقرها جنوب أفريقيا- شراء حصة 55% من شركة فودافون مصر للاتصالات بقيمة بلغت 59.7 مليار جنيه بعدد 132 مليون سهم.
وأوضح «الدرينى»، أن الصفقة تهدف إلى تبسيط نظم إدارة العمليات للشركات التى تعمل بها فودافون فى أفريقيا، وضم الاستثمارات الأفريقية لفودافون العالمية تحت مظلة واحدة.
وكشف عن تقديم تحالف مجموعة من المستثمرين المحليين إلى الهيئة العامة للرقابة المالية طلباً للحصول على رخصة تأسيس أول شركة تعمل فى مجال الترويج وتغطية الاكتتاب من خلال استخدام التكنولوجيا المالية، وهو ما يعد أول تطبيق لاستخدام قانون التكنولوجيا المالية فى الأنشطة المالية غير المصرفية.
وأشار إلى أن الرقابة وافقت مبدئياً على التأسيس، ومن المتوقع أن يتم إطلاقه خلال الفترة المقبلة، وستعمل شركة «إكسيتسExits» فى مجال الاستحواذ والاندماج فى الشركات الناشئة فى مصر وأفريقيا والشرق الأوسط.
ويضم تحالف المستثمرين الشريك المؤسس محمد أبوالنجا، مستثمر فى قطاعات التكنولوجيا المالية، ويشغل عضوية مجلس إدارة العديد من الشركات فى القطاع، وعمر عامر، الشريك المؤسس لمجموعة عامر القابضة، مؤسس شركة قسطلى للاستثمار العقارى، وكلاً من عمر وجدى وأدهم وجدى مؤسسى شركة بسيطة القابضة للاستثمارات المالية.
وفى سياق متصل، توقع الانتهاء من تأسيس شركةالتصنيف الائتمانى قريباً بعد الحصول على الموافقة النهائية من الهيئة العامة للرقابة المالية لصالح «جمال محرم».
وكشف أن المكتب يدير عدداً من الصفقات فى الوقت الحالى فى قطاعات مختلفة لا سيما قطاع الأغذية، والأغذية المجمدة، فضلاً عن صفقةإعادة هيكلة فى قطاع الأدوية لإحدى الشركات الكبرى، والتى تجرى حالياًإعادة هيكلة للأصول بهدف الطرح فى سوق المال، أو طرح حصةلمستثمر استراتيجى.
رؤوف: المكتب يدير 8 عمليات توريق فى الوقت الحالى
من جانبها، قالت إيمان رؤوف، الشريك بمكتب الدرينى وشركاه للاستشارات القانونية، إنَّ المكتب يدير 8 عمليات توريق بمتوسط 800 مليون جنيه لكل عملية، فى قطاعات التمويل العقارى، وإعادة التمويل العقارى، ومجال التمويل متناهى الصغر، والتأجير التمويلى، والتمويل الاستهلاكى، بالإضافة إلى القطاع العقارى.
وأشارت إلى أن الطلب بات كبيراً على سوق التوريق، خاصة أنه أصبح معروفاً بالنسبة للمصدرين فى سوق أدوات الدين، وتم إدراك أهميته كأداة مالية تمويلية بديلة فى ظل معدلات الفائدة المرتفعة.
وقالت إنَّ نشاط السوق الثانوى للسندات مرتبط بتنوع المستثمرين فى سندات التوريق، لافتة إلى أن التنوع فى قاعدة المستثمرين يخلق فرصة من التداول على السند.
وترى «رؤوف»، أنه على الرغم من زيادة عدد إصدارات سندات التوريق سنوياً فإنها ما زالت قليلة بالنسبة للسوق المصرى، موضحة أن الطلب من قِبل الصناديق والمستثمرين المختلفين لا بد أن يتواجد وتتم التوعية بأهميتها كأداة تمويل للشركات وأداة استثمار للمستثمرين فيها.
وأضافت «رؤوف» لـ«البورصة»، أن توريق الحقوق المستقبلية لا يزال فى المراحل الأولية كسوق، لافتة إلى تواجده على الميزانية المالية على عكس التوريق الذى لا يتم تضمينه على الميزانية.