الإصلاح المؤسسى خطوة أساسية لزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد
تسهيل عمل الاستثمارات الخاصة لا يقل أهمية عن بيع الشركات الحكومية
اعتمدت الدولة مؤخرًا وثيقة ملكية الدولة للشراكة مع القطاع كخطوة نحو تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، واستكمال الإصلاحات التى تتبناها الدولة المصرية فى إطار تعزيز دور القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، وخلق البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات، لوضع الأسس والمرتكزات الرئيسة لتواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى، وسياسة الملكية التى تتبعها الدولة والمنطق من ورائها، كمرحلة أُولى من مراحل تحديد سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول المملوكة لها، وذلك بما يشمل الأصول المملوكة للدولة أو التى تساهم فيها، بما يتضمن الشركات المملوكة للقطاع العام، وقطاع الأعمال العام، والهيئات الاقتصادية.
وقالت الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن وثيقة ملكية الدولة هى أولى خطوات الدولة للتوجه نحو زيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصادى المصرى، لأن هذا هو الأصل فى النشاط الاقتصادى.
وأشارت فى حوار مع “البورصة” إلى ضرورة تدشين لجنة مختصة بتنفيذ وثيقة ملكية الدولة بجدول زمنى محدد.
وأضافت أن هناك عدة اشتراطات يجب أن تتناولها الوثيقة حتى يتم تحقيق هدفها من الإصلاح المؤسسى والهيكلى، وليس فقط تخارج للدولة من بعض القطاعات الاقتصادية.
وأشارت إلى أن وجود استثمارات الدولة كمنافس للقطاع الخاص وبشروط أقل حدة مما يواجهها القطاع الخاص، إحدى الأسباب الرئيسية وراء تراجع الاستثمار المباشر سواء المصرى أو الأجنبى، فضلاً عن عدم قدرة القطاع الخاص على التنبؤ بما تنوى الدولة الدخول فيه من استثمارات قد تخرجه تمامًا من المنافسة، لذا من أهم اشتراطات التنفيذية للوثيقة تعهد الدولة بعدم الدخول فى الاستثمارات التى ستتتخارج منها بصورة نهائية.
وترى عبداللطيف أنه لابد أن يكون هناك لجنة مختصة بتنفيذ الوثيقة، مع وضع جدول زمنى واضح ومحدد، مشيرة إلى أن اللجنة التى ستكون مسؤلة عن التنفيذ لابد أن تضع برنامج واضح يتضمن مؤشرات للخطوات التنفيذية.
وأشارت إلى أن تشكيل اللجنة يجب أن يتضمن خبراء من جميع القطاعات، مع عدم تمثيل الوزارات أو الجهات التى تمتلك حصص فى الشركات التى سيتم التخارج منها، حتى يتم الإنتهاء من التنفيذ بشكل أسرع.
وتابعت أن الدولة بالفعل لديها تشريعات وقوانين، وقرارات هامة من الحكومة، ولكن الأهم هو التنفيذ على أرض الواقع، لافتة إلى أن التركيز يجب أن ينصب على الإصلاحات المؤسسية للجهاز التنفيذى للدولة.
وتابعت أن الجهاز التنفيذى على مستوى الإدارات لابد أن يتم توعيته بأبعاد المرحلة الاقتصادية الحالية، موضحة أنه لابد من ضمان عدم تعارض المصالح بين الإدارات التنفيذية المختصة لا يكون هناك تعارض مصالح مع القطاع الخاص.
اقرأ أيضا: المستثمرون يحذرون من التباطؤ فى تنفيذ وثيقة ملكية الدولة
وحول برنامج الطروحات الحكومية، قالت إن توجه الدولة لطرح الشركات لتعظيم مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد كخطوة هامة وإيجابية، لكن القطاع الخاص يحتاج لخطوات أهم وذات أولوية أكبر تتمثل فى تيسير الإجراءات خاصة المتعلقة بالضرائب والجمارك وإعادة النظر فى أمر الضرائب العقارية، وتحسين أداء الأجهزة العاملة مع القطاع الخاص بوجه عام، مؤكدة على أهمية الإصلاحات المؤسسية التى تساعد فى تحسين مناخ الاستثمار فى مصر.
وأكدت على أن الأهم من توقيت الطروحات الحكومية، هو نوعية الشركات المطروحة، لضمان التخارج الجاد من الدولة من القطاعات أو الشركات محل الطروحات.
ووفقًا لرئاسة مجلس الوزراء، فإن عدد الشركات التى سيتم طرح أسهم بها يصل إلى 32 شركة، على مدار عام كامل، يبدأ من الربع الحالى من عام 2023، وحتى نهاية الربع الأول من عام 2024، سواء سيكون الطرح من خلال البورصة، أو المستثمر الاستراتيجى، أو كلاهما.
وتعمل الشركات فى 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا، وتضم 3 بنوك هى: بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربى الأفريقى الدولى، ومجموعة كبيرة من الشركات فى عدد من القطاعات المختلفة، والتى تطرح لأول مرة فى البورصة، أو لمستثمر استراتيجى.
وترى المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن مستقبل الاقتصاد المصرى يتوقف على السياسات التى تتبناها الدولة نحو تحسين كافة الاجهزة التنفيذية، لافتة إلى أن العام الجارى رغم صعوبته إلا أنه يتمتع بالعديد من الفرص الواعدة فى قطاعات عدة.
واستطردت، أنه على سبيل المثال لا الحصر يتمتع قطاع السياحة فى مصر بفرص استثمارية واعدة، فضلاً عن الفرصة الضخمة لاقتناص الاستثمارات المهاجرة والتى تتطلب الإصلاح المؤسسى للجهات التنفيذية لاقتناص تلك الفرص الواعدة، وأن الأزمات تخلق الفرص، وتؤكد على أهمية الإصلاحات التى تحتاجها الدولة.
وأوضحت أن جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر مرتبط بزيادة الاستثمارات المحلية من القطاع لخاص، والتى تتطلب عدة عوامل لتحقيقها على رأسها تحسين مناخ الاستثمار من خلال الإصلاح المؤسسى، فضلاً عن ضرورة توفير خريطة معلوماتية للفرص الاستثمارية الحقيقية الموجودة فى مصر، وليست المشروعات الكبرى فقط، بل على سلاسل القيمة الموجودة فى كل القطاعات الاقتصادية المختلفة التى تحتاج زيادة الاستثمارات فيها.
وأوضحت، أن القطاع الصناعى على سبيل المثال به العديد من الفرص مثل صناعة البوليستر، وبعض الصناعات الكيماوية الأساسية، واستغلال الرمال البيضاء فى الصناعات، مؤكدة على أهمية وجود قاعدة معلومات مختصة بالفرص الاستثمارية الحقيقية المتاحة، بالإضافة إلى ضرورة التركيز على الاستفادة بالتمثيل التجارى لجذب الاستثمارات المهاجرة بدلاً من هروبها إلى أفريقيا أو تركيا، والتى تتطلب تحسن مناخ الاستثمار.
وحذرت من التعامل مع التحول الرقمى، كخطوة تالية بعد تنفيذ برنامج الإصلاح المؤسسى، لافتة إلى أن التحول الرقمى مهم للغاية، ولكن يتطلب التعامل معه بحذر.
ووفقًا لبيانات البنك المركزى المصرى، تضاعف صافى التدفق للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر خلال الربع الأول من العام المالى الجارى (يوليو – سبتمبر 2022) ليسجل 3.3 مليار دولار، مقارنة مع 1.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالى الماضى.