كيف يمكن لروسيا تأمين إمدادات الرقائق اللازمة للحرب وسط العقوبات؟


تتطلع روسيا إلى الالتفاف بنجاح حول عقوبات الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، لتأمين أشباه الموصلات الهامة وغيرها من التقنيات اللازمة لحربها في أوكرانيا، بحسب دبلوماسي أوروبي كبير.

عادت الواردات الروسية بشكل عام إلى مستويات ما قبل الحرب عام 2020، ويشير تحليل البيانات التجارية إلى أن الرقائق المتقدمة والدوائر المتكاملة المصنوعة في الاتحاد الأوروبي والدول الحليفة الأخرى يتم شحنها إلى روسيا عبر أطراف ثالثة مثل تركيا والإمارات وكازاخستان، بحسب الدبلوماسي.

فرضت دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع جولات متعددة من العقوبات منذ غزو أوكرانيا قبل عام في محاولة لتقويض آلة الحرب الروسية وتقويض اقتصادها.

وتشير البيانات إلى أن التأثير الحقيقي في بعض المجالات لا يزال حتى الآن أقل مما كان يأمل المسؤولون.

قال دانييل تننباوم، رئيس ممارسات مكافحة الجرائم المالية العالمية في شركة الاستشارات “أوليفر وايمان”: “مجرد التوقيع على عقوبات جديدة لا يكفي، فالحكومات الآن بحاجة إلى آليات الإنفاذ”.

وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لمناقشة معلومات حساسة، أن الشحنات من الصين إلى روسيا ارتفعت أيضاً ، إذ تلعب بكين دوراً متزايد الأهمية في إمداد موسكو.

لم تفرض تلك الدول الكامنة خارج الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا نفسها، لكن معظمها نفى مراراً وتكراراً أنها تساعد الكرملين.
ذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على نحو 1500 فرد، وفرض قيوداً على صادرات مئات السلع والتقنيات، كما استهدف العديد من مصادر الإيرادات الرئيسية في موسكو، لكن بعض المسئولين قلقون من أن الكتلة لا تزال تفتقر إلى جهاز فعال لفرض تلك الإجراءات وتتخلف عن الولايات المتحدة.

في ظل تاريخ طويل في معاقبة القوى الأجنبية، تمتلك الولايات المتحدة وكالة مركزية وإجراءات أكثر فاعلية لجمع المعلومات، بالإضافة إلى تشريعات صارمة وأدوات لفرض القواعد في الداخل والخارج.

يعد تنفيذ العقوبات جهداً واقعاً في الغالب على عاتق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

بينما تراقب المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للكتلة، التنفيذ وتقدم التوجيه، فإن السلطات الوطنية مسؤولة عن تحديد الانتهاكات وفرض العقوبات، وهذا يعني أن النتائج غير متسقة.

في النهاية، يتعلق الأمر بالإرادة السياسية، كما قال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي المشاركين في العملية، ويمكن أن يتعرض المسؤولون الوطنيون للضغط عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات صارمة ضد شركاتهم.

قال نائب رئيس المفوضية فالديس دومبروفسكيس في بلغاريا الأسبوع الماضي، إن “عقوباتنا شديدة وتساهم في الركود الاقتصادي المستمر في روسيا، لكن فعاليتها تعتمد أيضاً على مدى جودة تنفيذها”.

 

مبيعات أشباه الموصلات في كازاخستان
يبدو أن العقوبات فعالة على المستوى الظاهري، فقد تراجع الاقتصاد الروسي ولا يزال العديد من بنوك وشركات البلاد معزولين عن الأنظمة المالية والتجارية الدولية.

هناك أيضاً دليل على أن القيود المفروضة على التقنيات الأوروبية والأمريكية قد أضعفت الصناعات الروسية الرئيسة وأعاقت قدرتها على الابتكار في المستقبل.

لكن المعلومات المجمعة من قبل “تريد داتا مونتيتور”، ومقرها جنيف، تشير إلى أن بعض السلع الخاضعة للعقوبات، خاصة أشباه الموصلات المتقدمة، تُحول إلى روسيا عبر دول ثالثة، والتي غير الكثير منها عاداتها التجارية فجأة بعد الغزو الروسي.

في بعض الحالات، تحولت صادرات التكنولوجيا، التي يمكن استخدامها للأغراض العسكرية في أوكرانيا من صفر فعلياً إلى ملايين الدولارات، إلى روسيا.

كازاخستان تعتبر مثالاً رئيسياً على ذلك، ففي 2022، صدرت الدولة الواقعة في آسيا الوسطى أشباه موصلات متطورة بقيمة 3.7 مليون دولار إلى روسيا، بعد أن كانت قيمتها 12 ألف دولار فقط في العام السابق للحرب.

كانت روسيا تشتري ما متوسطه 163 مليون دولار من الرقائق المتقدمة والدوائر المتكاملة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة بشكل سنوي بين عامي 2017 و2021، ثم انخفض هذا الرقم إلى حوالي 60 مليون دولار في 2022.

تظهر البيانات أن تركيا وصربيا والإمارات و6 اقتصادات أخرى في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى ساعدت في تعويض النقص.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت شحنات المكونات عالية التقنية إلى تلك الدول من الدول الحليفة بمقدار مماثل.

مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا عامها الثاني الآن، يركز الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه بشكل متزايد على تضييق أي ثغرات ومنع التحايل على جولات العقوبات التي تُفرض بشكل متعاقب.

 

التهرب من أنظمة التتبع
تتبع الشحنات ليس عملية مباشرة، حيث يستخدم المشترون أحياناً مركبات تجارية معقدة ونماذج توزيع لإخفاء الوجهة النهائية لبضائعهم، كما يمكن أن تعزز الأعمال الورقية غير المكتملة مستوى التعتيم، إضافة إلى ما يسمى بنقاط الشحن، حيث يتم نقل البضائع بين السفن أو إعادة توجيهها.

أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس الماضي مذكرة امتثال تهدف إلى قمع الوسطاء الذين يتم استخدامهم للتهرب من العقوبات وضوابط التصدير على روسيا، حيث يحدد الإشعار الصين وأرمينيا وتركيا وأوزبكستان كمواقع يمكن استخدامها لإعادة توجيه العناصر المحظورة بشكل غير قانوني إلى روسيا.

أعلنت مجموعة السبع الأسبوع الماضي عن آلية جديدة لتعزيز الإنفاذ.
كما قدم الاتحاد الأوروبي العديد من الأدوات في حزمه الأخيرة لملاحقة أولئك الذين يساعدون روسيا، لكن الدول الأعضاء تخجل حتى الآن من استخدام بعض هذه الأدوات وملاحقة الانتهاكات المحتملة في الداخل، على الأقل علناً.

تعليقاً على الأمر، قال تومز بلاتاسيس، القائم بأعمال مدير وحدة الاستخبارات المالية في لاتفيا، في مقابلة، إنه “سيكون بالطبع أكثر ملاءمة للجميع إذا كانت هناك مؤسسة واحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي مسؤولة عن إنفاذ العقوبات”.

وقال إن لاتفيا جرمت انتهاكات العقوبات، بينما لم تفعل دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ذلك، لذلك يمكن للمخالفين “البحث عن دول أخرى حيث يكون التهرب من العقوبات أقل احتمالية للعقوبات”.

 

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: روسيا

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsaanews.com/2023/03/04/1639747