
«جولدمان ساكس»: الأجور ستواصل التباطؤ رغم معدلات البطالة المنخفضة
الشركات لجأت لمرونة ساعات العمل لجذب الموظفين بدلاً من التوسع فى زيادة الأجور
كافحت سلسلة المتاجر الصغيرة «سبرينت مارت» من أجل توظيف عمال بمتاجرها فى جنوب أمريكا، فى ذروة أزمة العمالة وقت الجائحة، بعدما أغرت الأجور المرتفعة التى تقدمها شركة أمازون والوظائف المرنة العمال المتاحين.
وقالت وكالة رويترز، إنَّ الأمر استغرق عامين، وبلغ إجمالى الزيادات فى الأجور ما بين 20% و30%.
ونقلت الوكالة عن رئيس الموارد البشرية لشركة سبرينت مارت «كريس ماكينى» أنَّ الشركة نجحت فى الخروج من الأزمة، إذ استقر عدد الموظفين لديها عند حوالى 1400 مع عدد من طلبات التوظيف كافٍ لتغطية الوظائف الشاغرة.
وقال: «بدأنا فى الرجوع إلى مسارنا قبل 6 إلى 9 أشهر، وعدنا للوضع الذى شعرنا أننا بحاجة إلى أن نعود إليه» بعد أن انخفض عدد الموظفين إلى 1100 موظف «بتنا نحصل على طلبات التوظيف، وخرجنا من دائرة مطاردة للزيادة اللانهائية فى الأجور».
وقالت الوكالة، إنه فى سعى بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى إلى ترويض التضخم وإيجاد نقطة توقف لزيادة أسعار الفائدة، ستكون بعض الديناميكيات بأهمية ما حدث فى حملة سبرينت مارت لإقناع العمال بالعودة إلى وظائف قطاع الخدمات التى كانت بين الأكثر تضرراً وقت الجائحة.
واعتبر مسئولو البنك الفيدرالى، وعلى رأسهم المحافظ جيروم باول، اتجاهات التوظيف والأجور فى قطاع الخدمات عاملاً محورياً فى توقعاتهم للتضخم والسياسة النقدية.
وفى حين أن هناك خلافاً حول درجة تأثير زيادة الأجور على ارتفاع الأسعار بشكل مباشر، قال «باول»، إن ارتفاع وتيرة نمو الأجور الأخيرة من 4.4% إلى أكثر من 6% سنوياً، لا تتماشى مع هدف التضخم لدى البنك الفيدرالى، عند 2%.
ويقدم «باول»، هذا الأسبوع، تقريره نصف السنوى عن السياسة النقدية والاقتصاد إلى الكونجرس، إذ أدلى بشهادته أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ أمس الثلاثاء، ولجنة الخدمات المالية بمجلس النواب اليوم الأربعاء.
«إذا كانت تجربة سبرينت مارت تعتبر مؤشراً، فالأمور تسير للأفضل بالنسبة للبنك الفيدرالى إذ بدأت الشركات تنهى شيئاً فشيئاً ضبط الأجور والمزايا وظروف العمل للحفاظ على تنافسيتها فى اقتصاد ما بعد الجائحة»، بحسب رئيس قطاع الموارد البشرية فى السلسلة.
وقال رئيس الاحتياطى الفيدرالى فى أتلانتا رافائيل بوستيك للصحفيين، الأسبوع الماضى، إنَّ الشركات تسعى لتعيين عدد أكبر من الموظفين، وأضاف أنهم يتوقعون، أيضاً، خفض وتيرة الزيادات فى الأجور ويتوقعون تطبيعها فى نهاية المطاف.
وفى حين أن سوق العمل بشكل عام لا يزال مشدداً، مع الاحتياج لأكثر من مليون عامل فى وظائف شاغرة، قال نائب رئيس البنك الفيدرالى فى أتلانتا وكبير الاقتصاديين جون واليس، إنَّ البيانات والدراسات الأخيرة تظهر أسباباً وجيهة للاعتقاد بأن نمو الأجور سيستمر فى التباطؤ.
أضاف أنه بعد حقبة الجائحة، أدركت الشركات أنها لا تريد أجوراً لا تتماشى مع الخطط طويلة الأجل، ولجأت لاستخدم المرونة فى ساعات العمل والحوافز الأخرى لجذب الموظفين، فى ظل الارتفاع الذى تشير إليه البيانات فى نسبة الذين يفضلون العمل بدوام جزئى.
وخلصت دراسة حديثة أجراها «جولدمان ساكس» إلى أن نمو الأجور يجب أن يستمر فى التباطؤ حتى مع معدل البطالة المنخفض عند 3.4%.
وكتب الاقتصادى فى «جولدمان ساكس» مانويل أبيكاسيس، أنه بمجرد الانتهاء من التغييرات المتعلقة بالجائحة، لن تضطر الشركات إلى الدفع السخى غير المحسوب للحوافز، متوقعاً أن ينخفض نمو الأجور بحلول نهاية العام المقبل إلى المعدل السنوى بنسبة 3.5% بالتزامن مع هدوء التضخم.
كما يبدو أن مسئولى الاحتياطى الفيدرالى فى اجتماعهم فى 31 فبراير قد اتفقوا على وجود علامات مبدئية على أن التوظيف أصبح أسهل وأن النمو فى تكاليف العمالة كان يتباطأ، حسبما أظهر محضر الاجتماع.
وبالرغم من أن إضافة الاقتصاد الأمريكى 517 ألف وظيفة جديدة فى يناير قد أثار بعض المخاوف بشأن قدرة الاقتصاد على خلق ضغوط من جانب الطلب، لكن خفف حدتها تباطؤ نمو الأجور.
فى الوقت نفسه، كانت زيادة الوظائف مدفوعة بعوامل موسمية بينها سعى الشركات لتجنب التقلبات فى التوظيف خلال العطلات والصيف، ومع احتفاظ الشركات بعدد أكبر من الموظفين فإنَّ ذلك قد يقضى على الزيادة الموسمية فى المستقبل، ويجعل سوق العمل أقرب إلى التوازن.
ولا يزال مؤشر الوظائف الشاغرة من شركات التوظيف بالفعل أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، لكنه يسير فى اتجاه هبوطى. كما انخفض أيضاً معدل الاستقالة، المراقب عن كثب.
وكانت هناك عمليات تسريح أيضاً على مستوى عالٍ، ولكن فى حين كان هناك تركيز على شركات مثل فيسبوك وجوجل التابعة لشركة ألفابيت، فإنَّ هناك شركات أخرى تلتقط طرف الخيط وتتوسع فى التوظيف.
وقال ديف جيلبرتسون، نائب الرئيس فى شركة يو كيه جى لبرمجيات الموارد البشرية: «ليست مفاجأة أن الشركات الكبيرة هى التى تقوم بتسريح العمال؛ لأنها أكثر من قام بالتوظيف خلال الجائحة وبأكثر من المطلوب».
وبحسب تحليلات الشركة فإنَّ معدلات التوظيف للشركات التى يزيد عدد موظفيها على 5 آلاف موظف تراجع 3% فى يناير، على النقيض وبحسب بيانات التوظيف الأمريكية فإنَّ الشركات التى لا يزيد عدد موظفيها على 250 موظفاً، كانت مسئولة عن نصف صافى التوظيف فى البلاد خلال الربع الأخير من 2022.
كتب ـ يوسف شديد: