سفير الاتحاد الأوروبي: هناك حاجة ماسة لإيجاد آلية لفض المنازعات السريعة
تناولت الجلسة الثانية من القمة السنوية لـ”ديلى نيوز إيجيبت“.. “القيادة في أوقات الأزمات”، آليات جذب الاستثمارات في مصر، وكيف ترى الدول الأجنبية الاستثمار في مصر، وجاءت الجلسة بعنوان “دور صناع السياسات في مواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية”.
وضمت الجلسة سفراء أجانب لدى مصر هم جاريث بايلي السفير البريطاني، وهونج جين ووك سفير كوريا الجنوبية، وكريسين برجر سفير الاتحاد الأوروبي، فيما أدارت الإعلامية داليا عشماوي الجلسة النقاشية.
واستهلت داليا عشماوي حديثها حول الوقت الحالي من تاريخ مصر الاقتصادي، وما يشهده من فرص وتحديات، موضحة ضرورة العمل على الإيجابيات والسلبيات معًا لتحقيق النجاح المرجو للاقتصاد المصري، خاصة أن الفرص تولد من رحم الأزمات.
وأشارت عشماوي إلى أن تحفيز القطاع الخاص ليقود مسيرة النمو الاقتصادي بات الشغل الشاغل للحكومة المصرية في الآونة الأخيرة، موضحة إلى أهمية دوره في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والعملة الأجنبية التي تتطلع مصر لتوفيرها خاصة في ظل التحديات التي لا تخفي على الجميع، وتعمل الدولة حاليًا على بناء جسر الثقة تمهيدًا لدخول استثمارات وإزالة أي مخاوف من التحديات الاقتصادية الراهنة.
وبدأت بسؤال كريستين بيرجر سفير الاتحاد الأوروبي في مصر وقالت، تقلدت من قبل منصب مدير وحدة الاستجابة للأزمات وبناء السلام مفوضية الأزمات وبناء السلام، في ظل هذه الأزمات ما هي الأمور الأكثر أهمية للتركيز عليها؟
قال كريستين برجر سفير الاتحاد الأوروبي لدى جمهورية مصر العربية: “إننا تعاملنا من قبل مع العديد مع الأزمات، ودائما هناك أشخاص يساعدون على الخروج من الأزمة، وهو ما ظهر جليًا في ردود الأفعال في وقت الأزمة العالمية في عام 2008، ولعل الأبرز في ذلك الوقت هو رسالة رئيس البنك المركزي الأوروبي والذي ساعد على تجاوز الأزمة عبر رسائل الطمأنة”.
وتابع أن جزءا كبيرا من إدارة الأزمة بين روسيا وأوكرنيا متعلق بمعرفتنا أن معظم الأزمات تمر بدورة حياة واحدة وعندما نفهم تلك الجزئية سنكون أكثر جاهزية للتعامل معها، ويجب أن يكون هناك منظومة إنذار مبكر، لأنه لا يوجد أسوأ من الانتظار وعدم معرفة ما يجب القيام بها، علينا اتخاذ قرارات جادة وحكيمة للخروج من الأزمة.
وأكد أنه عندما تنتهي الأزمة يجب أن ننظر جيدًا للخلف لمعرفة الدروس منها للوقاية من الأزمات المقبلة وتعلم الدرس جيدًا، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي أكثر قوة في التعامل مع الأزمات، وكما قلت لكم يجب أن نكون أكثر جاهزية للأزمات لأنها باتت ضرورة ملحة.
وقالت عشماوي: الأزمة أثارت حولنا العديد من التساؤلات حول كيفية تحصين الاقتصادات عبر تشجيع الاستثمارات الأجنبية، ما مدى الإمكانية لتشجيع المستثمرين للإقبال على مصر؟
ورد بيرجر إنه في وقت سابق كان الجميع منهمكا في التفكير في إدارة الأزمة، لكن قبل فيروس كورونا ضخت الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي استثمارات تقدر بنحو 38 مليار دولار، ونحو 30% من تلك الاستثمارات تم ضخها في مصر مما يجعلها أكبر محفظة في إفريقيا والثانية بعد تركيا، لكن بسبب كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية هبطت لـ 18 مليار دولار لكنها عاودت الارتفاع مؤخرًا.
وأوضح أنه بالنسبة للمستثمرين الجدد في مصر مطمئنين، هم يحتاجون إلى الإصلاحات التي تحدث عنها رئيس الوزراء المصري حيث قال إن جذب الاستثمارات تحدى، ونحتاج لبعض الاصلاحات التي يجرى دراستها.
وأكد سفير الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون هناك قدر من الشفافية واستطلاع المستقبل، نحتاج للشباك الواحد، يجب أن يكون هناك نقطة انطلاق رئيسية، والقانون وسيادته أيضًا مهم فيما يتعلق بتنفيذ القرارات بشأن الخلافات، فضلاً عن ضرورة وجود آلية فض منازعات سريعة، خاصة أنه لا يوجد اتفاق حول هذا الشأن.
وأشار إلى بعض الدول التي تتيح تلك الألية وبصورة سريعة، مؤكدًا استمراره في العمل على الإصلاحات لإعطاء المستثمرين الأجانب الطمأنينة الكافية في المناخ الاستثماري في مصر، مشيرًا إلى مناحى وآفاق واسعة للتعاون مع مصر خاصة فيما يتعلق بتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى أوروبا بدلاً من استخدام الغاز الروسي، بجانب تعاون مرتقب في العديد من المجالات مع مصر خلال الفترة المقبلة.
وواصل برجر: “إحدى الأمور التي ناقشناها هو عملية تقديم الأدوية والأمصال المختلفة لتلك الشركات التي جاءت من أوروبا أعتقد أن هناك مجالات متعددة، وبالنظر للخريطة العالمية نرى أهمية مصر فهى نقطة التقاء هامة، وشاهدنا عندما جنحت إحدى السفن كيف أثرت في الاتحاد الأوروبي وسلاسل الإمداد الطويلة التي تعانيها أوروبا من المنتجات المختلفة، وضعنا أموالا جانبًا لتطوير تلك الشركات، ويوجد العديد من الدول التي نضعها صوب أعيننا من البحر المتوسط على رأسها مصر”.
وسألت عشماوى سفير الاتحاد الأوروبى فى مصر قائلة:الكثير يقول أن لدينا عمالة ماهرة فنية، هل عدم توافر العمالة المطلوبة من ضمن مخاوف المستثمرين الأوروبين، وهل تحتاج مصر إلى جامعات فنية؟
قال برجر، أن مبدأ التعليم في أوروبا على مدار الـ500 عام الماضية قائم على العمالة الحرفية، ومصر بحاجة إلى تعليم فني وحرفي على مستوى عال، لأن المشكلة في مصر هي عقلية أولياء الأمور الباحثين عن مهن الطب والهندسة لأبنائهم طوال الخط.
واستطرد: “يجب أن نتحدث عن مجتمع الأعمال ليتحدث مع غرف الصناعات للوقوف على الاحتياجات، نحن ندخل الآن في التعليم في مصر، نرى أن هناك اهتماما أكبر، على سبيل المثال زرت إحدى المدارس الفنية الخاصة بالألواح الشمسية، هذا ما نحتاجه، وهى من بين الأمور الناجحة”.
سفير بريطانيا: مصر جاهزة لجذب الاستثمارات الأجنبية ولكن العالم يمر بظروف عصيبة
ووجهت عشماوي حديثها إلى السفير البريطاني في القاهرة جاريث بايلي حول كيف ترى بريطانيا فرص الاستثمار في مصر رغم التحديات الحالية؟
قال بايلي السفير إن مصر هي أم الدنيا وتمركز الكون وبها قناة السويس ولديها توافر في الطاقة، ولا سيما الطاقة المتجددة عن طريق الشمس والرياح، وهي كلها عناصر نجاح بالإضافة إلى العنصر البشري، والبنية التحتية المتطورة.
وأضاف “مصر جاهزة لجذب الاستثمارات الأجنبية ولكن العالم يمر بظروف عصيبة بداية من جائحة كورونا ومرورا بالحرب الجارية حاليا”.
أوضح أن اتباع مبدأ الشفافية في مصر حاليًا سيشجع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات في مصر ولا سيما في قطاع الهيدروجين الأخضر، وهناك العديد من الاستثمارات البريطانية في مصر مثل فودافون وبنك إتش إس بي سي، و مصر بحاجة إلى التركيز على قطاع البحث العلمي والتطوير بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
أوضح أن الاستثمار البريطاني يضع مصر في مقدمة الأسواق المستهدفة إذا ما تحدثنا عن العائد على الاستثمار، خاصة أنها توفر عائدا جيدا على الاستثمار مقارنة بعدة أسواق ناشئة أخرى.
وأوضح، أن تجربة المستثمر الواحد يتناقلها المستثمرون الأخرون فيما بينهم، وأن هناك تخوفات دائمة من المستثمرين بشأن الشفافية والعدالة في المنافسة، إلا أن البيئة والمناخ في مصر يدعمان الاستثمارات الأجنبية خاصة تلك التي تتخذ قالب الشراكة مع القطاع الخاص المصري.
قال إن التعليم في مصر يجذب أنظار المستثمرين، فهناك حاضنات أعمال كثيرة في مختلف الجامعات في مصر، وكذلك الحكومة تعمل على تنمية الجامعات الفنية وهو ما يدعم توفير الموارد البشرية الفنية والتقنية.
سفير كوريا: صادرات مصر إلى كوريا ارتفعت 106% خلال العام الماضي
ووجهت عشماوي سؤالها إلى سفير كوريا الجنوبية في مصر هونج جين ووك، عن مجالات التعاون بين مصر وكوريا، وتوطين الصناعات؟
أكد هونج جين ووك، أن هناك علاقات قوية نجحت الدولتين في تأسيسها خلال الفترة الماضية، أثمرت عن الكثير من الاستثمارات المشتركة، ومحاولة أكبر لتوطين عدة صناعات مصرية.
وسألت مديرة الجلسة، ما شعور المستثمرين في مصر، هل لديهم مخاوف أم نهم بشأن الفرص؟
وقال جين ووك: “ليست مصر وحدها التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية، لكن حتى كوريا متأثرة أيضًا، كوريا كانت لديها نسبة كبيرة من فائض التجاري من قطاعات مثل أشباه الموصلات، لكن كان لدينا حاليًا بسبب الأزمة عجز بقيمة كبيرة، لكن التجارة بين الدولتين تتزايد بأكثر من 40 % خلال العام الماضي، فيما أن صادرات مصر زادت لكوريا بأكثر من 106 % وتدعمنا وزارة الخارجية بما نقوم به من جهود”.
وتابع، أن التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا من كوريا إلى الاقتصاد المصري على رأس أولويات التعاون بين البلدين، حيث تم توقيع مشاريع ضخمة في هذا الصدد خلال 2022، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، وقدمت كوريا جهودا لتلبية الاحتياجات المصرية في هذا الشأن.
وأشار إلى أن التعاون يمتد إلى توطين صناعة القطارات حيث تم توقيع مشروع ضخم مع شريك مصري لإنتاج عربات المترو مصرية الصنع، فضلاً عن المشاركة في بناء أول محطة طاقة ذرية في الضبعة، مشيرًا إلى أن مصر ذاتية النمو، وهناك المزيد من التعاون الإنمائي الدولي بين الدولتين في المرحلة القادمة.
وأِشار إلى أنه كان هناك الكثير من المستثمرين الناجحين، مثل سامسونج وإل جي والذين قاموا بإنتاج منتجات مصرية ويوفرون الاحتياجات المحلية، فضلاً عن دورهم في التصدير إلى دول المنطقة، موضحًا أنهم يواجهون بعض التحديات في بعض الأحيان،ولكن بنظرة سريعة نرى أن تلك الشركات تقوم بزيادة استثماراتها وتنويع منتجاتها وتقديم منتجات جديدة، وهناك العديد من الخطط الاستثمارية في قطاعات جديدة ستكون مفاجأة للجميع ولكن لا أستطيع الكشف عنها حاليًا”.
وأشار إلى أن بعض المستثمرين الكوريين لديهم مخاوف بشأن تحرير إضافي لسعر العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، أو التغيرات السريعة، لكنهم يرون قدرة هائلة في المضي قدمًا في الاستثمار في مصر.
وأكد رؤيتهم الإيجابية للاقتصاد المصري، وأن التحديات السريعة لا تذكر أمام قوة الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن مصر وكوريا يتعلمان من بعضهما، ويمدان لبعضهما يد العون والمساعدة بصورة مستمرة.
ولفت إلى أن المستثمرين في كوريا يضعون أعينهم على مصر وأفضل طريقة أن نجعل المستثمرين الموجودين أكثر نجاحًا، فإذا ما نظروا إلى المستثمرين فى مصر ورأوا أنهم يحققون نجاحا فمن الطبيعي أن يأتوا للسوق ويختبرون أعمالهم.
وأضاف: “نقطة أخرى بالنسبة للثقافة على مدار السنوات المقبلة، لم يكن من السهل لشعبنا أن يتقابل وجها لوجه مع المصريين، لذلك لم نكون قادرين على تقارب المسافة، لكن كل الشكر للمصريين على حفاوتهم واستقبالهم، قمنا بتضييق الفجوة النفسية، مما يتيح النظر والبحث عن فرص استثمارية جديدة”.
وأشار إلى أن إحدى الشركات الكورية تعمل حاليًا في بني سويف، وتدرس التوسع بجوار مصانع سامسونج بتعاون كبير مع شريك مصري محلي، والوكالة الكورية للتعاون الدولي قدمت بعض التدريبات الفنية بهدف خلق بيئة مواتية للأشخاص الذين يعملون في تلك المنطقة، ليكونوا قادرين على التعليم، مشيرًا إلى أن العديد من الجامعات المصرية لديها قسم للغة الكورية وتقوم بتقديم الدروس الكورية يوجد عشرات المصريين الذين توظفهم الشركات الكورية بناءً على مذكرة تفاهم بين مصر وكوريا، لذلك يشعرون بالراحة أكثر لخلق استثمارات في مصر.
واختتمت مديرة الجلسة قائلة: “وجود كوادر مصرية في السوق دليل على وجود شباب أذكياء ودليل على خبرتهم، مستعدون ونحاول إتاحة البيئة المواتية لذلك، ونأمل أن نرى الأكثر للتغيير المرجو، وأنتم الواجهة التي نأمل أن نقدمها للمستثمرين الأجانب، وأن مصر في الاتجاه الصحيح لجذب استثمارات عديدة “.