حالة من الارتباك تخيم على سوق الحديد المحلى منذ بداية مارس الجارى وحتى الآن، فى ظل استمرار الغموض حول مستقبل الدولار من حيث توفيره من قبل البنوك أمام الشركات لاستيراد خام البيلت، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج مثل الفائدة ومصروفات العمالة والطاقة.
وشهدت الأسعار زيادات متفاوتة منذ بداية الشهر الجارى تراوحت بين 5 و7 آلاف جنيه للطن وفق إعلان الشركات المنتجة للحديد خلال الأسبوعين الماضيين.
قال أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، إن الزيادات التى طرأت على أسعار حديد التسليح مؤخرًا مبالغ فيها، خاصة أن الفترة الحالية تشهد استقرارا ملحوظا فى مدخلات الإنتاج أبرزها سعر الغاز الطبيعى وخام البليت.
أضاف لـ “البورصة” أن زيادة أسعار الحديد لن تمكن شريحة كبيرة من المستهلكين من الشراء، متوقعًا أن يعيد السوق توازنه مجددًا خلال فترة قريبة.
اقرأ أيضا: صادرات الحديد المصرية تسجل 1.4 مليار دولار خلال 2022
أشار إلى أن الأسواق تشهد فجوة بين سعر البيع تسليم أرض المصنع والبيع للمستهلك، حيث يتراوح سعر أرض المصنع بين 33 و35 ألف جنيه غير شامل تكلفة النقل.
وزادت سعر الطن عدة مرات بداية من الشهر الجارى ليسجل سعر طن حديد عز يوم الأحد 36 ألف جنيه سعر البيع للمستهلك ويصل حتى 38 ألف جنيه فى مناطق أخرى، وارتفع سعر طن الحديد الاستثمارى 33 ألف جنيه، ويباع بـ35 ألف، حسب متعاملون فى القطاع.
حنفى: مصانع الحديد تعمل بـ50% من طاقتها الإنتاجية
وقال محمد حنفى المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إن جميع المصانع المنتجة لحديد التسليح تعمل بنحو 50% من الطاقة الإنتاجية بسبب تراجع الطلب على المنتج محليًا عقب القرارات المنظمة لحركة البناء فى القرى والمدن.
أضاف لـ “البورصة” أن إجمالى الطاقة الإنتاجية لمصانع الحديد تقدر بـ 15 مليون طن سنويًا، لكن الطاقة الفعلية الحالية تتراوح بين 7.5 و8 ملايين طن.
كما تنتج حوالى 4.5 مليون طن بليت، بينما تستورد 3.5 مليون طن بليت، بحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية.
أشار إلى أن 30% من إجمالى الطاقة الإنتاجية تورد فى الأيام العادية إلى قطاع الإسكان الأهلى، و70% تورد مناصفة بين المشروعات السكنية الحكومية والخاصة من ناحية، والمرافق والخدمات من ناحية أخرى.
ويرى حنفى أن الزيادة المستمرة فى أسعار الدولار، صعبة على شريحة كبيرة من الشركات التوقع بشأن الفترة المقبلة، مؤكدًا أن أغلب الزيادات السعرية التى طرأت مؤخرًا سببها تغطية مصروفات الشركات والتحوط ضد أى زيادات مستقبلية.
ورهن المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية استقرار أسعار الحديد خلال الفترة المقبلة، بثبات الدولار عند المعدلات الحالية ومدخلات الإنتاج لأطول فترة ممكنة.
حمزة: ضعف الجنيه مقابل الدولار أحد أسباب ارتفاع أسعار التسليح والبيلت
وقالت ريهان حمزة، محللة القطاع الصناعى بشركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية، إن ضعف الجنيه مقابل الدولار، أحد أسباب ارتفاع أسعار الحديد فى الآونة الأخيرة، لاعتماد مصانع الحديد الدورة المتكاملة، أوالدرفلة على الاستيراد وكلاهما مرتبط بالدولار.
أضافت حمزة، أن ارتفاع أسعار الفائدة أيضًا لعبت دورًا كبيرًا فى زيادة أسعار الحديد، إذ تعتمد الصناعة بشكل كبير على الاقتراض، لذلك نرى أن نسبة ديونها مرتفعة، خاصة بعد ارتفاع الفائدة من 8% لـ11% بالبنك المركزى والخاص بمبادرة دعم القطاع الصناعى.
أوضحت حمزة، أن من الطبيعى أن يساهم المستهلك فى تحمل ارتفاع تكاليف مدخلات التصنيع، وأن الاستيراد وارتفاع أسعار الدولار والفائدة مع التغير فى العرض والطلب ساعد فى زيادة أسعار الحديد.
توقعت حمزة، أن تثبت الحكومة أسعار الغاز للقطاع الصناعى حتى نهاية العام الجارى حيث أن الصناعة ليست فى أفضل ظروفها، الرغم من ذلك من الممكن ارتفاع الأسعار فى أى وقت.
شفيع: زيادة أسعار الفائدة 1% يحمل “حديد عز” عبء تمويلى 250 مليون جنيه
وتوقع مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية اونلاين، أن تستمر أسعار الحديد فى الارتفاع حتى نهاية 2023 بسبب تذبذب الدولار.
أوضح أن معادلة التسعير من الممكن أن تتغير إذا دخل العالم مرحلة الركود، وبالتالى سينخفض الطلب ويبدأ التسعير فى التراجع وهو غير مرجح، أو أن يظل التسعير مرتفع مع طلب منخفض او شبه منعدم.
وقال شفيع إن أسباب الزيادة تعتمد بشكل اساسى عالميًا على المادة الخام والتى يتم استيرادها بشكل كامل من الخارج بالدولار، بالإضافة إلى إلغاء الصين لقيود “كوفيد 19” وبالتالى سينتج عن ذلك زيادة الطلب على المادة الخام، خاصة وأن الصين تعد الأكبر إنتاجًا وإستهلاكًا للحديد فى العالم.
أضاف لـ “البورصة” أن هبوط قيمة الجنيه محليًا أمام الدولار أحد الأسباب التى أدت لارتفاع أسعار الحديد، بجانب ارتفاع سعر الغاز الطبيعى فى مصر قبل فترة، وارتفاع أسعار الفائدة حاليًا، والتى تعتبر أحد العناصر الضاغطة على أرباح شركات القطاع.
واستشهد شفيع على تأثير الفائدة على قطاع الحديد بشركة حديد عز قائلًا “أن التغير فى سعر الفائدة 1% زيادة ُيحمل الشركة عبء تمويلى 250 مليون جنيه”.