«الغباشى»: استمرار الزيادة فى تكاليف الإنتاج سرَّع وتيرة تخارج صغار المربين
شكلت الارتفاعات التى شهدتها أسعار مدخلات الإنتاج، وبالتحديد الأعلاف، نقصاً فى الاستثمار بقطاع الاستزراع السمكى بالإضافة إلى تخارج شريحة كبيرة من صغار المربين؛ بسبب تكبدهم خسائر فادحة.
وقال عدد من مستثمرى القطاع لـ«البورصة»، إنَّ استمرار التحديات يهدد المزارع التى لا تزال تعمل حالياً، ليلحق القطاع بنظيره الداجنى، فى وقت ينظر المصريون إلى الأسماك أنه البديل الأرخص للحوم الحمراء.
وتقدر استثمارات القطاع بحوالى 78 مليار جنيه، موزعة على 7 آلاف مزرعة سمكية تبدأ مساحة الواحدة من فدان وتصل إلى 26 ألف فدان، ليبلغ إجمالى المساحة المزروعة حتى الآن 320 ألف فدان، وفقاً لجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.
وبلغ إنتاج مصر من الأسماك خلال العام الماضى 2.1 مليون طن موزعة بين المصايد الطبيعية بقيمة انتاجية قدرها 450 ألف طن، و1.65 مليون طن يتم إنتاجها من المزارع السمكية.
قال أحمد الغباشى، مدير مزرعة أسماك بمدينة البرلس التابعة لمحافظة كفر الشيخ، إن استمرار الزيادة فى تكاليف الإنتاج بدون كابح أربك حركة القطاع، واستمرار العمل بهذه الطريقة سيضاعف المعاناة أكثر على المزارع القائمة.
أضاف لـ «البورصة» أن أسعار جميع مدخلات الإنتاج تضاعفت خلال الشهور الماضية بداية من الأعلاف وإيجارات الأراضى والزريعة والسولار، والزيادة التى قابلتها فى أسعار الأسماك غير مجزية، وفق قوله.
ويرى الغباشى أن الحل الوحيد لانتشال القطاع من الأزمة الحالية هى إلغاء الجمارك على واردات خامات الأعلاف وجميع مستلزمات القطاع، الأمر الذى يسهم فى امتصاص جزء كبير من التكلفة وينعكس ذلك سعر البيع النهائى للأسماك.
أشار إلى أن طن الأسماك يحتاج إلى طن أعلاف بروتين 30% خلال دورة الاستزراع ومدتها 6 أشهر ويتراوح سعر الطن بين 30 و31 ألف جنيه حاليًا.
نوه إلى أن أغلب المزارع السمكية تعمل تحت مظلة الدولة وتدفع الضرائب والرسوم المفروضة عليها، وبالرغم من ذلك لا تحصل على الدعم كغيرها من القطاعات الإنتاجية الأخرى مثل القطاع الصناعى أو الزراعى.
وذكر أن بعض المزارع متخصصة فى تصدير إنتاجها إلى الدول العربية، لذلك فإن تكبيلها بمزيد من الأعباء قد يضعف قدرتها التصديرية ويحرم مصر من دخول عملة صعبة من هذا المورد فى وقت تسعى فيه البلاد إلى جذب أكبر حصيلة دولارية ممكنة.
«أبوالحمد»: مزارع الأسماك تلجأ إلى مخلفات الزراعة والحبوب كبدائل علفية رخيصة
قال زكريا أبو الحمد، رئيس مجلس إدارة الحمد للاستزراع السمكى، إن أغلب العاملين فى القطاع حالياً يبحثون عن بدائل لامتصاص الزيادات التى طرأت على تكاليف الإنتاج خلال الـ10 شهور الماضية.
أضاف لـ «البورصة»، أن شركته لجأت إلى استخدام هذه البدائل وهى عباره عن مخلفات الزراعة والحبوب، ومخلفات المخابز وهى عباره عن خبز ودقيق، وتساهم إلى حد ما فى خفض تكلفة الإنتاج بنحو 20%.
أشار إلى أن السوق لايتحمل أى تراجعات بالطاقات الإنتاجية من الأسماك، فى ظل الزيادة السكانية التى تشهدها مصر سنوياً الأمر الذى يعد محفزاً من قبل الحكومة والدولة للزيادة بنفس النسبة حتى تتفادى أى فجوة فى الطلب.
ناشد الجهات المسؤولة عن تطوير وتحسين الأسماك بإيجاد حلول لزريعة الأسماك والتى تعد أهم عناصر الاستزراع السمكى، لأنها تشهد انخفاضاً فى إنتاجها جراء ارتفاع نسبة الفاقد منها بجميع مراحل التداول بين مراكز التجميع والتفريغ ومواقع الاستزراع.
«وليم»: 200% ارتفاعاً فى أسعار زريعة السمك.. والألف «بلطى» تُباع بـ500 جنيه
قال سامى وليم، أحد المستثمرين بقطاع الاستزراع السمكى بمحافظة كفر الشيخ، إن التحديات التى تواجه القطاع حالياً دفعت شريحة كبيرة من مزارع الأسماك لتقليل الطاقة الإنتاجية إلى النصف تماشياً مع ارتفاع التكاليف.
أضاف وليم لـ«البورصة» أن مزرعته خفضت كمية أسماك التربية إلى 8 آلاف سمكة مع بداية العام العام الجارى بدلا من 15 ألف فى عام 2021.
أشار إلى أن التوجه نحو تقليل الإنتاج جاء بسبب مخاوف المزارعين من تعرضهم للخسائر، خاصة لعدم قدرة المربى على شراء الأعلاف والأدوية اللازمة لذلك خلال فترة التربية التى تتراوح بين 6 و8 شهور لأسماك البلطى والبورى.
تابع: أسعار زريعة الأسماك ارتفعت بنسبة 200% عن العام الماضى، لتسجل زريعة البلطى 15 مللى 500 جنيه للألف سمكة بدلاً من 150 جنيه خلال الموسم السابق، بينما زريعة البورى تجاوزت 7 آلاف جنيه للألف سمكة بدلاً من 3 آلاف جنيه الموسم الماضى.
أشار إلى أن قطاع الاستزراع السمكى يشهد تخارجاً كبيراً من صغار المزارعين بسبب تفاقم الديون عليهم من قِبل مكاتب الأسماك التى تقوم ببيع مواد الإنتاج من الأعلاف وأدوية ومستلزمات أخرى بالآجل مضاف عليها فائدة 5% تسدد بنهاية الدورة.
أكد أن الاستثمار فى قطاع الاستزراع السمكى بات محاطاً بالمخاطر، لذلك لابد من توافر الخبرة لدى المقبلين على الاسثتمار به حتى لا يتعرضو لخطر فقدان محصول الأسماك فى ظل ضغوط السوق الحالية.
نوه إلى أن الحكومة قامت بفرض ضرائب عقارية على المزارع السمكية بأثر رجعى منذ 2013 بمبلغ 170 جنيها للفدان، بجانب قيام وزراة الموارد المائية بتحرير المحاضر لبعض المزارعين «دون وجه حق»، بالرغم من اعتماد أغلبهم على مياه إعادة التدوير مصدرها الصرف الزراعى.
قال أحمد جعفر، رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، إن إنتاج مصر من أسماك البحار والبحيرات تراجع بنسبة كبيرة خلال آخر 15 عاماً، مطالباً بالتوجه نحو زيادة معدلات التصنيع السمكى فى مصر للمساهمة فى زيادة الصادرات.
أضاف لـ«البورصة»، أنّ غالبية الأسماك المستوردة هى الماكريل والرنجة، وبعض الأصناف الفاخرة التى تستورد لحساب المطاعم والفنادق والقرى السياحية.
وأشار «جعفر»، إلى أن عدد مصانع إعداد الرنجة فى مصر، يبلغ نحو 20 مصنعاً، موزعة على محافظات الجمهورية، خصوصاً بالوجه البحرى.
«عثمان»: صعود أسعار الأسماك جاء مدعوماً بالتداعيات التى فرضتها الأزمات العالمية
قال عبده عثمان، نائب رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، إن زيادة الأسعار تعد انعكاساً متوقعاً بشكل خاص فى ظل التحديات العالمية التى تشهدها جميع الدول وعقب الحرب الروسية الأوكرانية بجانب ارتفاع معدلات التضخم الكابح لحركة القوى الشرائية.
أضاف أن متوسط كيلو سعر السمك البلطى فى الأسواق يتراوح بين 40 و65 جنيهًا، بينما متوسط سعر السمك البورى يتراوح بين 50 و 120 جنيها للكيلو، ويتفاوت السعر حسب الحجم، بينما تراوح سعر كيلو الدنيس بين 100 و160 جنيهًا، ويبدأ السبيط والكاليمارى من 120 جنيهاً ويصل إلى 220 جنيها، بينما تراوح سعر كيلو الثعابين بين 50 و250 جنيهًا، ويرجع التفاوت فى الأسعار يرجع إلى المنطقة الجغرافية التى يباع فيها وحجم الأسماك.عوامل موسمية.
«زريق»: تراجع حركة الصيد خلال الموسم الشتوى رفع الأسعار بحوالى 30%
قال أشرف زريق، رئيس جمعية الصيادين بالإسكندرية، إن الزيادة التى تشهدها أسعار الأسماك حالياً ليس السبب فيها ارتفاع الأعلاف فقط.. لكن تراجع حركة الصيد خلال الموسم الشتوى الذى يؤدى إلى انخفاض المعروض من الأسماك بالأسواق وعلى إثر ذلك ترتفع الأسعار بحوالى 30% مقارنة بالأيام العادية.
أضاف لـ«البورصة» أن قطاع الثروة السمكية يحتاج إلى مزيد من التطوير خلال الفترة الحالية، حتى يتمكن العاملون فى المجال من سد الفجوة بين الطلب والاستهلاك وتعود الأسعار إلى طبيعتها.
«راشد»: الأعلاف تمثل 70% من تكاليف الإنتاج وحل الأزمة يسهم فى تراجع الأسعار
قال أحمد راشد، مدير مركز علوم البحار والمصايد فى بلطيم، إن قطاع الاستزراع السمكى يشهد قفزات كبيرة بسبب أسعار الأعلاف ليسجل سعر علف البلطى بروتين 30%، نحو 32 ألف جنيه للطن بينما كان سعره يسجل الموسم الماضى 15 ألف جنيه.
أوضح راشد أن محاولة العمل على حل أزمة الأعلاف ستساهم فى تراجع الأسعار بصور كبيرة، لأنها المتحكم الرئيسى فى تكاليف الإنتاج بنسبة 70%.
تابع: المواطن المصرى ليس لديه ثقافة الاعتماد على الأسماك باعتبارها الغذاء رقم واحد على المائدة نظراً لأهميتها وفوائدها الصحية، لذلك نجد المواطن يلجئ لمواد غذائية أخرى مثل اللحوم والدواجن حتى وإن كانت تعانى من ارتفاعات سعريه إلا أنه يرغب فى شراءها لأنها تشغل اهتمامته على المائدة.
نوه راشد إلى أن هناك مشكلات أخرى تواجه القطاع متمثلة فى ارتفاع أسعار عقود الإيجار الخاصة بمزارع الأسماك ليتراوح سعر الفدان ما بين 17 و20 ألف مقابل 9 و10 آلاف جنيه الموسم الماضى وينتج المتوسط العام للفدان من 3 إلى 4 أطنان.
لفت إلى أن أسعار تكلفة الاستزراع السمكى تتفاوت من منظقة إلى أخرى، مضيفاً أن 95% من مزارعى الأسماك تصل حصيلة إنتاجها إلى 4 أطنان للفدان.
أكد مدير مركز علوم البحار فى بلطيم، أن المزراع السمكية الخاصة بمنطقة كفر الشيخ تعتمد بنسبة 90% على مياه الصرف الزراعى، حيث تتواجد أغلبها فى نهاية مصبات الصرف الزراع ؛ مما يجعلها غير مستهلكه للمياه.
أردف أن مياه الصرف الزراعية يتم العمل على إعادة تدويرها حتى تكون صالحه للمزارع السمكه، نظراً إلى أن القفزة فى اساليب الزراعية واستخدام المبيدات الحديثة من أشخاص ليسوا متخصصين تسبب فى عدم حدوث تكسير للمبيدات وبالتالى تنتقل من الأراضى الزراعية إلى المزارع السمكية وهى محمله بخليط كبير من المبيدات.
أستطرد أن هذه المبيدات ساهمت فى ظهور ظاهرة «الموت الصيفى لمزارع الأسماك» التى بدأت فى الظهور منذ 2012، حيث تسبب فى حدوث موت مفاجأ للأسماك نتيجة نمو البكتيريا والفطريات على الأسماك بصورة كبيرة مما قد يتسبب فى فقدان 100% من محصول المزراعة إلا أن المزارع السمكية التى لديها خبرة فى التعامل مع هذة المشكلة تتعرض لفقد 30% فقط.
أشار إلى أن القطاع يشهد توسعات فى الإنتاج، متمثلة فى بركة غليون بكفر الشيخ أو شركة قناة السويس بالإضافة للمزارع الأهلية بالإضافة إلى النهضة الكبيرة فى عمليات الاستزراع.
اقرأ أيضا: مصر تستهدف زيادة إنتاجها من الأسماك إلى 2.7 مليون طن بنهاية 2027
وقبل 5 أعوام، ضخت الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، استثمارات تقدر بنحو 1.7 مليار جنيه لإنشاء بركة غليون للاستزراع السمكى فى مدينة مطوبس بكفر الشيخ، لتغطى 2.2% من استهلاك السوق محلياً.
تقع «بركة غليون»، على مساحة 6915 فداناً على مرحلتين، الأولى 4100 فدان، والثانية 2815 فداناً، إذ ستوجه اهتمامها بالاستزراع النيلى لإنتاج أسماك البلطى والبورى، من خلال 1359 حوضاً، وافتتحت الحكومة مشروع بركة غليون فى نوفمبر 2017، بعد فترة عمل استغرقت 18 شهراً، ويضم المشروع معمل تشخيص لأمراض الأسماك طبقاً لمواصفة الأيزو 17025.
وقال مسؤلو شئون الثروة السمكية بوزارة الزراعة، إنَّ المشروع يضمن لمصر زيادة إنتاجها من الأسماك كأحد أرخص البروتينات فى مصر، مقارنة باللحوم الحمراء والبيضاء من الدواجن.
يوفر المشروع 15 ألف فرصة عمل، 35% منها مباشرة، وتم تخصيص 90% من تلك الوظائف لشباب مُحافظة كفر الشيخ، كونهم الأكثر دراية بتلك النوعية من تربية الأسماك، وتعمل الشركة المسئولة عن المشروع مع وزارة الزراعة حالياً على وضع خطة لتحويل النظام المفتوح إلى المكثف أو شبه المكثف لزيادة الإنتاجية وتحسين بيئة العمل، كما يضم المشروع مُفرخ أسماك وجمبرى على مساحة 17 فداناً بطاقة إنتاجية تبلغ 20 مليون أصبعية بحرية، ومليارى يرقة جمبرى، ومزرعة إنتاج أسماك بحرية بإجمالى 453 حوض تربية، و155 حوض تحضين بطاقة 3 آلاف طن فى الدورة.
وتبلغ أعداد أحواض التربية فى مزرعة إنتاج الجمبرى 655 حوضاً بطاقة ألفى طن فى الدورة، بخلاف 83 حوضاً لمزرعة إنتاج أسماك مياه عذبة بطاقة ألفى طن فى الدورة، ويتضمن المشروع مركز أبحاث على مساحة 700 متر مربع، يتكون من معمل جودة للمياه، ومعمل غذاء حياً، ووحدة إرشاد، ومعمل بيولوجية الأسماك، ومعمل صحة وأمراض الأسماك.
كتبت: أمنية عاصم