الحكومات يجب أن تضمن جاذبية المنطقة كوجهة استثمارية
كان كوفيد-19 سبباً في إثارة كثير من الصعوبات بالنسبة للشعوب والمجتمعات حول العالم، لكن بالنسبة لاقتصادات رابطة دول جنوب شرق آسيا، فإن الانتعاش المرن يجري حالياً.
سجلت اقتصادات الآسيان نموًا نسبته 5.6% في 2022، مدفوعة بالصادرات القوية وسياسات الاقتصاد الكلي السليمة، وهي في طريقها لتصبح رابع أكبر كتلة تجارية في العالم بحلول 2030.
يبدو المستقبل واعدًا، لكن اقتصادات الآسيان يجب ألا يغيب عن بالها هبوب رياح معاكسة، مثل تغير المناخ والتوترات الجيوسياسية واحتمالية تفشي جائحة مستقبلاً، من شأنها عرقلة تعافيها، حسب مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
في قلب النمو المرن والديناميكي لرابطة دول جنوب شرق آسيا، يكمن تطوير البنية التحتية عالية الجودة، التي بدورها تضع الأساس للتنمية الاقتصادية.
والبنية التحتية تدعم كافة الجوانب الحيوية للنشاط الاقتصادي وهي ضرورية للازدهار الاقتصادي والاجتماعي.
تشمل احتياجات التنمية لرابطة دول جنوب شرق آسيا البنية التحتية الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم، فضلاً عن الاستثمارات الذكية للمناخ للمساعدة في تحقيق انتقال عادل وآمن وبأسعار معقولة بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
ولا شك أن العثور على المزيج الصحيح بين معالجة احتياجات تحول الطاقة في الآسيان وتحولها الاقتصادي المستمر سيكون أمرًا أساسيًا، علماً بأن الطلب على تمويل البنية التحتية هائل ويتجاوز بكثير ما يمكن أن تقدمه الحكومات وحدها.
وفقًا لدراسة أجراها بنك التنمية الآسيوي في 2017، فإن آسيا النامية ستحتاج إلى استثمارات تصل إلى 13.8 تريليون دولار في البنية التحتية بين عامي 2023 و2030.
وفي ظل وجود العديد من الأصول الحيوية اللازمة لفترة ما بعد الوباء، سيستمر الطلب على البنية التحتية في النمو.
سيكون سد فجوة البنية التحتية أمرًا بالغ الأهمية لتحسين التواصل وتسهيل التجارة والاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية والوفاء بالالتزامات لدفع المنطقة نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
ذكرت المجلة اليابانية أن هذا صحيح بالنسبة للاقتصادات النامية وكذلك الاقتصادات المتقدمة، وهو معترف به جيدًا من قبل كل دولة من الدول الأعضاء في مجموعة “آسيان+3″، والتي تشمل الصين واليابان وكوريا الجنوبية بجانب الدول العشر الأعضاء في الآسيان.
هناك أكثر من 200 تريليون دولار من رأس المال الخاص المستثمر في أسواق رأس المال العالمية اليوم، وسيكون الوصول إلى هذه الأموال أمرًا أساسيًا لتلبية احتياجات تمويل البنية التحتية الحيوية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا.
ولإطلاق العنان لهذا الدعم، يجب على حكومات الآسيان زيادة جاذبية المنطقة كوجهة للاستثمار في البنية التحتية.
أولاً وقبل كل شىء، يجب على الحكومات تعزيز ثقة المستثمرين من خلال إظهار أن أطرها القانونية والتنظيمية والمؤسسية قوية ومتسقة.
تعزيز ثقة المستثمرين عبر إظهار قوة وتناسق الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية
كما ينبغي للحكومات ضمان قدرتها على إعداد مشاريع البنية التحتية وتصميمها وتنفيذها قد تم تطويرها بشكل جيد، وضمان أن مناخها الاستثماري مواتٍ وأن تحقق عائدات مغرية للمستثمرين.
الأهم من ذلك، بدأت اقتصادات “الآسيان+3” في اعتماد آليات مبتكرة للتخلص من مخاطر تمويل المشاريع وتوسيع مجمعات تمويل الاستثمار الخاصة بها.
وأحد هذه الابتكارات هو استخدام التمويل المختلط لتقليل المخاطر وتعزيز إمكانية نجاح المشروعات التي قد لا تروق للمستثمرين.
تعمل اقتصادات “الآسيان+3” أيضًا على تطوير ابتكارات مثل استخدام التأمين ضد مخاطر الكوارث لمعالجة آثار تغير المناخ، حيث مثل هذا التطور الناشئ في جنوب شرق آسيا المساعدة التقنية وحلول تمويل مخاطر الكوارث لدول الآسيان.
بالإضافة إلى ذلك، أدى إطلاق الروابط الاجتماعية بموجب معايير الرابطة الاجتماعية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا إلى تعبئة رأس المال الخاص الذي تشتد الحاجة إليه للمساعدة في تلبية احتياجات الأمن الغذائي وخلق فرص العمل والتقدم الاقتصادي للمجتمعات المحلية في المنطقة.
بصفته شريكًا موثوقًا للتنمية في اقتصادات “الآسيان+3” لنحو ستة عقود، يلعب بنك التنمية الآسيوي دورًا مهمًا في الاستثمار في البنية التحتية الاجتماعية والاستفادة من التقنيات الرقمية والمبتكرة والعمل مع أعضاء “الآسيان+3” في ظل الهدف المشترك لجمع الأموال من أجل مستقبل مرن ومستدام وخال من الانبعاثات الصفرية.
لا شك أن بناء البنية التحتية المرنة والمستدامة للمستقبل أمر بالغ الأهمية، فقد حان الوقت للعمل معًا وإقامة شراكات أقوى مع القطاع الخاص لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة.