اعتماد الشركات على النظم الآلية جاء أبطأ من المتوقع فى 34% من الأنشطة
ثلثا الشركات تتوقع أن ترى عائدًا على الاستثمار فى التدريب خلال عام
خلقت الاتجاهات الاقتصادية والصحية والجيوسياسية نتائج متباينة لأسواق العمل على الصعيد العالمى فى عام 2023.
وبينما تتنافس الشركات على الموظفين فى أسواق العمل بالبلدان ذات الدخل المرتفع، لاتزال البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، تشهد معدلات بطالة أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا.
على المستوى الفردى، تتباين نتائج سوق العمل أيضًا، إذ يواجه العمال الحاصلون على تعليم أساسى فقط والنساء مستويات توظيف أقل، بحسب ما جاء فى النسخة الرابعة من استطلاع مستقبل الوظائف العالمية الذى أعده المنتدى الاقتصادى العالمى.
وفى الوقت نفسه، فإن الأجور الحقيقية آخذة فى الانخفاض، نتيجة لاستمرار أزمة تكلفة المعيشة، وأصبحت توقعات العمال المتغيرة ومخاوفهم بشأن جودة العمل من القضايا الأكثر بروزًا على مستوى العالم.
ورصد استطلاع مستقبل الوظائف رؤية 803 شركة – توظف مجتمعة أكثر من 11.3 مليون عامل – عبر 27 قطاعات صناعيا، و45 اقتصادًا من جميع مناطق العالم-،وتغطى الأسئلة الاتجاهات العامة، والمرتبطة بالتكنولوجيا، وتأثيرها على الوظائف، وعلى المهارات، واستراتيجيات توظيف القوى العاملة خلال الفترة بين 2023-2027.
وحدد أكثر من 85% من المؤسسات التى شملها الاستطلاع، الاعتماد المتزايد على التقنيات الجديدة وتوسيع الوصول الرقمى، والتطبيق الأوسع للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، كأبرز الاتجاهات التى ستقود التحول داخل مؤسساتهم.
وبحسب الاستطلاع كانت أكثر الاتجاهات تأثيرًا على سياسات التوظيف هى المتعلقة بالاقتصادات الكلية خاصة ارتفاع تكاليف المعيشة وتباطؤ النمو الاقتصادى، وكان الاستثمارات لدفع التحول الأخضر سادس سادس أكثر الاتجاهات العامة تأثيرًا، يليه نقص الإمدادات وتوقعات المستهلكين حول القضايا الاجتماعية والبيئية.
ورغم أن تداعيات جائحة كورونا، وتزايد الانقسام الجيوسياس، والعائد الديموغرفى -مع ارتفاع نسبة قوة العمل لإجمالى السكان- فى الدول المتقدمة والناشئة، من المتوقع أن تقود التحول فى ما يقرب من نصف الشركات لكن تأثيرهم كان أقل كحوافز لتطور النشاط.
وبحسب الاستطلاع فإن أكثر من 75% من الشركات تتطلع إلى اعتماد التقنيات التكنولوجية، وبينها البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى فى السنوات الخمس المقبلة، وكذلك رقمنة التجارة.
كما أن المنصات والتطبيقات الرقمية هى التقنيات التى من المرجح أن تتبناها المؤسسات التى شملها الاستطلاع،إذ تتوقع 86% من الشركات دمجها فى عملياتها فى السنوات الخمس المقبلة، وتوقع 75% من الشركات تبنى التجارة الإلكترونية والتجارة الرقمية.
ويتطلع 81% من الشركات، لتطبيق تقنيات التعليم والقوى العاملة، بحلول 2027، فيما احتلت ويحتل اعتماد الروبوتات وتكنولوجيا تخزين الطاقة وتقنيات دفتر الأستاذ الموزع -وهى تقنية تقضى على المركزية وتمنع تحكم جهاز واحد فى سلاسل المعلومات- مرتبة أدنى فى القائمة.
وتوقع الاستطلاع أن يكون تأثير معظم التقنيات على الوظائف إيجابيًا على مدى السنوات الخمس المقبلة، وأن تكون تحليلات البيانات الضخمة وتغير المناخ وتقنيات الإدارة البيئية والتشفير والأمن السيبرانى من أكبر المحركات لنمو الوظائف.
وأشار إلى أن جميع التقنيات ستكون خالق صافى للوظائف باستثناء تقنيتى الروبوتات البشرية سواء البشرية أو غير البشرية.
ويتوقع أرباب العمل حدوث تغير هيكلى فى سوق العمل بنسبة 23% من الوظائف فى السنوات الخمس المقبلة، ويعكس ذلك الاضطراب المتوقع فى سوق العمل ما بين ظهور وظائف جديدة واختفاء أخرى.
وتوقعت الشركات أن يكون متوسط التغير فى قطاعات سلاسل التوريد، والنقل، ووسائل الإعلام والترفيه والرياضة، أعلى من متوسط القطاعات الأخرى، فيما سيكون التغير فى التصنيع وكذلك البيع بالتجزئة والبيع بالجملة للسلع الاستهلاكية أقل من المتوسط.
ومن بين 673 مليون وظيفة انعكست فى قاعدة البيانات فى هذا التقرير، يتوقع المجيبون نموًا هيكليًا لنحو 69 مليون وظيفة وفقدان نحو 83 مليون وظيفة، بصافى انخفاض 14 مليون وظيفة أو 2% فقط من الوظائف، إذ كانت وتيرة ادخال الشركات للنظم الآلية فى عملياتها أبطأ من المتوقع.
وقالت الشركات إن 34% من المهام الوظيفية تنفذها الآلات، بينما يقوم البشر بالنسبة المتبقية، وهى زيادة ضئيلة لا تجاوز 1% فى مستوى الاعتماد على النظم الآلى الذى قدره المشاركون فى مسح مستقبل الوظائف 2020، وهى أقل بكثير من التوقعات آنذاك بأن تنفذ النظم الآلية 47% من الأعمال خلال السنوات الخمس التالية والمفترض انتهاءها فى 2025.
فيما قلص المشاركون توقعاتهم، لمستوى تنفيذ النظم الآلية للمهام إلى 42% بحلول 2027.
ومن المتوقع أن تتنوع نسب الاعتماد على النظم الآلية فى تنفيذ المهام فى عام 2027 ما بين 35% من التفكير واتخاذ القرار إلى 65% من معالجة المعلومات والبيانات، ومن الملاحظ أن توقعات استبدال الآلات فى البشر انخفضت فى الأعمال الجسدية واليدوية، لكنها ارتفعت ف المهام التى تحمل سمات مميزة للبشرة مثل التفكير والتواصل والتنسيق، بحسب الاستطلاع، ومن المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعى هو المحرك الرئيسى.
أبرز التغيرات فى سوق العمل عند الأخذ فى الاعتبار الاتجاهات العامة وتزايد الاعتماد عل التكنولوجيا:
بحسب الاستطلاع فإن الوظائف الأسرع نموًا مقارنة بوضعها الحالى، ستكون مدفوعة بالتكنولوجيا والرقمنة والاستدامة، وغالبيتها متعلقة بالتكنولوجيا، إذ يتصدر متخصصو الذكاء الاصطناعى وتعلم الآلات، قائمة الوظائف سريعة النمو، يليهم متخصصو الاستدامة، ومحللو ذكاء الأعمال ومحللو أمن المعلومات.
كما يعتبر مهندسو الطاقة المتجددة، ومهندسو أنظمة وتركيب الطاقة الشمسية، من الوظائف سريعة النمو نسبيًا، مع تحول الاقتصادات نحو الطاقة المتجددة.
ومن المتوقع نمو الوظائف على نطاق واسع فى مجالات التعليم، والزراعة، والتجارة الرقمية، والتجارة.
ورجح الاستطلاع نمو الوظائف فى قطاع التعليم بنحو 10%، ما يؤدى إلى توفير 3 ملايين وظيفة إضافية لمعلمى التعليم المهنى، ومعلمى الجامعات والتعليم العالي.
ويرى المشاركون أن المهن الزراعية، وخاصة مشغلى المعدات الزراعية، سترتفع بنحو 30% ، مما يؤدى إلى 3 ملايين وظيفة إضافية.
فيما يُتوقع دخول ما يقرب من 4 ملايين وظيفة مدعومة بالتكنولوجيا، مثل متخصصى التجارة الإلكترونية، وأخصائيى التحول الرقمى، والمتخصصين فى التسويق والاستراتيجيات الرقمية.
وأيضًا تلعب التكنولوجيا والرقمنة دور فى خفض الوظائف، إذ أن غالبية الوظائف المتوقع تراجع دورها عما هى عليه حاليًا، هى الأدوار الكتابية أو السكرتارية، إذ تتوقع الشركات أن ينخفض صرّافو البنوك، وموظفو الخدمات البريدية، والصرافون فى المحال التجارية، وموظفو التذاكر، وموظفو إدخال البيانات بشكل أسرع.
وترى الشركات أن تلك الوظائف ستقل بنحو 26 مليون وظيفة بحلول عام 2027، نتيجة التحول للنظم الآلية.
ما المهارات التى يحتاجها الموظفين فى المستقبل؟
مازال التفكير التحليلى، والتفكير الإبداعى من أهم المهارات للعاملين فى عام 2023، إذ اعتبر الشركات أن التفكير التحليلى أهم من أى مهارة أخرى ويشكل، فى المتوسط نحو 9% من المهارات الأساسية المطلوبة من قبل أرباب العمل.
فيما يحتل التفكير الإبداعى، وهو مهارة معرفية أخرى، المرتبة الثانية قبل ثلاث مهارات للفعالية الذاتية – الصلابة، والمرونة وخفة الحركة، بما فى ذلك الدافع والوعى الذاتى، والفضول، والقدرة على التعلم باستمرار- تقديراً لأهمية قدرة العمال على التكيف مع أماكن العمل المضطربة.
فيما تأتى القدرة على الوثوق والاعتماد على الموظف، والاهتمام بالتفاصيل فى المرتبة السادسة بعد محو الأمية التكنولوجية، وتكتمل أهم 10 مهارات يجب على الموظفين امتلاكها من خلال مهارتين تتعلقان بالعمل مع الآخرين وهما التعاطف والاستماع الفعال، والقيادة والتأثير الاجتماعى بالإضافة إلى مراقبة الجودة.
لكن فى المستقبل توقع 44% من الشركات أن تختلف تركيبة المهارات التى يحتاجها الموظفون، إذ تزيد أهمية المهارات المعرفية بشكل أسرع.
فى حين أن المشاركين فى الاستطلاع لم يروا أن هناك مهارات ستختفى أو تقل أهميتها بشكل كامل، لكن أقلية من الشركات حددت القراءة والكتابة والرياضيات، والمواطنة العالمية؛ وقدرات المعالجة الحسية والبراعة اليدوية والقدرة على التحمل والدقة كمهارات لا يحتاجها الموظفون لديهم.
وبحسب الاستطلاع سيحتاج ستة من كل 10 عمال إلى التدريب قبل عام 2027، ولكن يُرى أن نصف العمال فقط يحصلون على فرص تدريب كافية اليوم.
أشارت الشركات إلى إن الأولوية القصوى خلال السنوات الأربع المقبلة، ستكون التدريب على المهارات التفكير التحليلى ، والذى يمثل 10% من مبادرات التدريب فى المتوسط، والأولوية الثانية لتطوير القوى العاملة هى تعزيز التفكير الإبداعى، والذى سيكون موضوع 8% من مبادرات تطوير المهارات.
ويحتل تدريب العاملين على استخدام الذكاء الصناعى، والبيانات الضخمة المرتبة الثالثة بين أولويات التدريب فى السنوات الخمس المقبلة، والتى ستعطيها 42% من الشركات الأولوية.
يخطط أرباب العمل أيضًا للتركيز على تطوير مهارات أخرى فنحو 40% من الشركات ستركز على القيادة والتأثير الاجتماعى، و32% ستركز على الصلابة والمرونة وخفة الحركة، و30% على الفضول والتعلم المستمر.
ويتوقع ثلثا الشركات أن ترى عائدًا على الاستثمار فى التدريب على المهارات فى غضون عام من الاستثمار، سواء كان ذلك فى شكل تعزيز التنقل بين المهام الوظيفية، أو زيادة رضا العمال، أو تعزيز إنتاجية العمال.
ويرى الاستطلاع أنه إلى جانب المهارات المعرفية الأعلى مرتبة، فهناك مهارتان تعطيهما الشركات الأولوية، بدرجة أكبر ما قد تُظهر، فى ظل أهميتهما الحالية لقوتها العاملة، وهى الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة وكذلك القيادة والتأثير الاجتماعى.
وعبر المشاركون عن ثقتهم فى تطوير قوتهم العاملة الحالية، ومع ذلك، فهم أقل تفاؤلاً فيما يتعلق بتوقعات توافر المواهب فى السنوات الخمس المقبلة، ولذلك، تحدد المؤسسات فجوات المهارات، وعدم القدرة على جذب المواهب باعتبارها العوائق الرئيسية التى تمنع تحول الصناعة.
وفى محاولة لمعالجة ذلك قالت 48% من الشركات إنها ستسعى لتحسين تطوير المواهب ونظام الترقيات، كممارسات، يمكن أن تزيد من توافر المواهب لمؤساساتها، لتسبق فى الترتيب تقديم أجور أعلى الذى فضلته 36% من الشركات، وتحسين المهارات بشكل فعال الذى صوتت له 34% من الشركات.
أفادت الشركات التى شملتها الدراسة أن الاستثمار فى التعلم، والتدريب أثناء العمل، وعمليات التشغيل الآلى، هى أكثر استراتيجيات قوة العمل شيوعًا التى سيتم تبنيها لتحقيق أهداف أعمال مؤسساتهم، ويتوقع أربعة من كل خمسة مشاركين، تنفيذ هذه الاستراتيجيات فى السنوات الخمس المقبلة.
وتتوقع 27% من الشركات توفير التدريب من خلال التدريب أثناء العمل من قبل المديرين، فيما رأى 23% أن التدريب سيكون من قبل إدارات التدريب المستقلة.
وبحلول 2027، ستعطى 79% من الشركات الأولوية للنساء فى التوظيف، و68% سيفضلون الشباب دون سن الخامسة والعشرين، و51% سيجعلوا الأفضلية لذوى الاحتياجات الخاصة، كجزء من برامج تطوير القوة العاملة الخاصة بهم.
فيما تعطى 39% الأولوية لأولئك الذين ينتمون إلى خلفية دينية أو عرقية، و36% سيعينون أولًا الموظفين فوق سن 55 عام، و35% سيعطون الفرصة لأصحاب الميول الجنسية المختلفة، أما 33% سيجعلون الأفضلية للأرق حالًا.
يرى45% من الشركات تمويل التدريب على المهارات كتدخل فعال متاح للحكومات التى تسعى إلى ربط المواهب بالتوظيف، يليه تعديل لوائح التوظيف والطرد الذى صوت له 33% من الشركات، والضرائب والحوافز الأخرى للشركات لتحسين الأجور، والذى طالب به 33% من الشركات، وتحسين أنظمة التعليم الذى ذهب إلى 31%، والتغييرات فى قوانين الهجرة الخاصة بالمواهب الأجنبية الذى رأى 28% أنه حل مناسب.