يقترب شهر يونيو من الانتهاء ولا تزال الحكومة ترفع هدف جمع مليارى دولار قبل نهاية الشهر من خلال برنامج طروحات الشركات التابعة لها.
وحتى الآن جمعت الحكومة نحو 175 مليون دولار من بيع 10% من المصرية للاتصالات التى لم تكن مدرجة بالبرنامج من الأساس، وبيع كامل مساهماتها فى شركة البويات والصناعات الكيماوية- باكين بقيمة تصل إلى 25 مليون دولار.
وتسيطر حالة من الترقب على السوق فى انتظار تنفيذ البرنامج وسط اهتمام خليجى قوى بالأصول المصرية، لكن يصاحبه خلافات حول التقييمات وسط توقعات بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وقالت مصادر لـ”البورصة” مطلع الشهر الجارى، إن توقف صفقة استحواذ الصندوق السيادى السعودى على المصرف المتحد جاء بسبب الخلاف على عملة التقييم، حيث كان يريد الجانب السعودى تقييم البنك بالجنيه والتسديد بالدولار باعتباره بنكا مصريا يعمل فى السوق المصرية، فيما كانت الحكومة المصرية ترغب فى تقييم البنك بالدولار وتسديد قيمة الصفقة بالدولار.
أضافت المصادر، أن فرق التقييم بين الطريقتين سيؤثر فى الصفقة بنحو 80 مليون دولار، مما دفع الصندوق السيادى السعودى للانسحاب من صفقة الاستحواذ على المصرف المتحد.
اقرأ أيضا: تشكيل وحدة الطروحات فى مجلس الوزراء
ويعمل مستشارا الطرح “بنك باركليز” و”سى أى كابتيال” على جولة ترويجية فى عدة دول عربية وبدأت بالإمارات العربية المتحدة على أن يتم استئنافها بعد عيد الأضحى.
وتعول الحكومة بشكل أساسى على حصد المليارى دولار من بيع محطة بنى سويف لتوليد الكهرباء، وبيع حصة الشركة المصرية للاتصالات فى “فودافون مصر” التى تبلغ نحو 45% لصالح السيادى القطرى، وبشكل أساسى على استثمارات الخليج خاصة بعدما قامت الصناديق السيادية الخليجية السعودية والإماراتية بضخ 3.3 مليار دولار استثمارات فى أصول مصرية مدرجة بالبورصة المصرية خلال العام الماضى.
وقالت مصادر لـ”البورصة”، إن هناك عدة شركات جاهزة للطرح خلال الفترة المقبلة من بينها إيلاب، وبنك القاهرة، وعدد من شركات البرنامج التى تم ضمها لصندوق ما قبل الطروحات- التابع لصندوق مصر السيادى.
كما يجرى التجهيز لبيع نحو 30% من الشركة القابضة للفنادق التى تأسست مؤخرًا وجمعت تحت مظلتها عددًا من الفنادق التاريخية.
ورصدت “البورصة” أراء متعاملى السوق تجاه برنامج الطروحات الحكومية، وأجمع الخبراء على أن تنفيذ البرنامج هو الحل سريع المفعول لسد الفجوة التمويلية وتوفير السيولة الدولارية، بالإضافة إلى أنه ضرورة لزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد بما يتوافق مع شروط صندوق النقد الدولى.
المصرى: توقعات بتنفيذ الطروحات خلال النصف الثانى من العام الجارى
وقال ياسر المصرى العضو المنتدب لشركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن الدولة تستطيع تدبير المبلغ المستهدف توفيره من العملة الأجنبية بقيمة مليارى دولار من خلال مصادر أخرى بدلاً من الطروحات، مرجحًا تنفيذ الطروحات خلال النصف الثانى من العام الجارى بما يدر سيولة إضافية.
وأوضح أن تحرير سعر الصرف لم يؤثر تأثيراً سلبياً على برنامج الطروحات، بل كان محركا إيجابيا ودافعا للمستثمرين الأجانب لضخ مزيد من الاستثمارات نظرًا لانخفاض التكلفة على المستثمرين.
وأضاف أن الحكومة تسعى للتخارج من القطاعات الجاذبة للاستثمار، وأن قطاع المنتجات البترولية له أولوية حاليا حيث إن أكثر القطاعات جاذبة للاستثمار، موضحًا أن هناك عدة قطاعات اخرى تسعى الدولة التخارج منها مثل الكهرباء، والبنوك، والتأمين.
الألفى: البرنامج يعد الحل الأمثل لتوفير السيولة الدولارية
وقال عمرو الألفى رئيس قطاع البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن هناك صعوبة فى تقييم برنامج الطروحات الحكومية فى الوقت الحالى خاصة أنه لم يتم تنفيذ طروحات لعدد كبير من الشركات، وأنه لم يتم سوى بيع حصة من شركة المصرية للاتصالات، والتخارج من شركة باكين.
وأشار إلى أن برنامج الطروحات يعد الحل الأمثل لتوفير السيولة الدولارية، وستستطيع الحكومة جمع مبلغ مليارى دولار فهناك صفقة بيع محتملة لمحطة بنى سويف بتقييم 2 مليار دولار، موضحًا أن أكثر القطاعات جذبًا للمستثمرين هى قطاعات التصدير مثل قطاع البتروكيماويات والقطاعات المتعلقة بالبنية التحتية مثل قطاع الطاقة.
اقرأ أيضا: ضم 30% من “الحفر للبترول” إلى صندوق ما قبل الطروحات
وجددت شركتا أكتيس البريطانية للاستثمار المباشر، وإدرا القابضة، المنافسة على شراء محطة كهرباء بنى سويف بجنوب القاهرة، حيث تعتزمان التقدم بعروض شراء على أكبر حصة ممكنة من المحطة.
وتابع الألفى أنه يجب الإسراع فى تنفيذ برنامج الطروحات لتوفير السيولة الدولارية، حتى تتوقف المضاربات على الدولار فى السوق السوداء.
نجلة: سعر الصرف ومراجعة صندوق النقد السبب الأكبر لتأخره
وقال محمود نجلة المدير التنفيذى لأسواق الدخل والنقد الثابت فى شركة الأهلى للاستثمارات المالية، إن الدائرة المفرغة بين سعر الصرف وقرارات صندوق النقد الدولى سبب تأخير الطروحات، وأن المستثمرين ينتظرون قرارات الصندوق فيما ينتظر صندوق النقد التحرك المستمر لسعر الصرف، والذى تتفاوض مصر بشأنه منذ مارس الماضى حتى هذه اللحظة لتأجيل تحريكه نظرًا لسلبيات تخفيض سعر العملة.
وأشار إلى أن قوة التفاوض مع صندوق النقد سواء بمعالجة أو تغيير جزء منه مهمة جدًا، وأن الطروحات المرتقبة جزء هام جدًا لعلاج المشكلة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وهى البديل الأسهل لسد الفجوة التمويلية الكبيرة، لكنها يمكن أن تستغرق وقتًا أطول من المعلن.
وأضاف أنه يصعب فى الوقت الحالى طرح سندات دولية نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، بالتزامن مع صعوبة التمويل الداخلى لانخفاض عمليات تحويل المصريين من الخارج لتقلبات سعر الصرف مع زيادة سعره فى السوق الموازية عن السعر الرسمى.
أبوهند: أكبر تحد يواجه الطروحات هو التوقيت العالمى للأزمات
وقال أيمن أبو هند المدير التنفيذى لشركة كارتل كابيتال الأمريكى، إن تقييم برنامج الطروحات يعتمد على حجم العائد المتوقع منه مع عدد الطروحات المطلوبة لسد الفجوة، لكون الفجوة التمويلية كبيرة والمصادر الدولارية ليست كثيرة .
وأشار إلى أن الطروحات الحكومية ستحقق هدفا كبيرا من إطلاق المنافسة لعودة القطاع الخاص بقوة، ودخول مستثمرين جدد فى الشركات محل الطرح، مشيرًا إلى احتمالية تأخر الطروحات عن الوقت المستهدف بالفعل لعدة عوامل.
وتابع أبو هند أن من أكبر التحديات هو التوقيت العالمى حاليًا لزيادة حدة الأزمات الاقتصادية العالمية والمحلية مع عدم طرح أى شركة حتى الآن، مشيرًا إلى أن أسرع القطاعات للتخارج منها هى البتروكيماويات والبنوك رغم تأثرها بعد تقييم موديز ثم قطاع التصنيع والصناعات أيضًا.
عبدالحكيم: أداء البرنامج حتى الآن ضعيف مقارنة بالتطلعات
قال محمد عبد الحكيم رئيس قسم التداول بشركة اسطول لتداول الأوراق المالية أن أداء برنامج الطروحات حتى الآن ضعيف مقارنة بتطلعات الأطراف المتعلقة به ولكنه ضرورى ويعد الطريق الوحيد الآن لتوفير السيولة الدولارية وسد الفجوة.
وأوضح عبد الحكيم أنه لا يوجد مستوى لتحديد نجاح برنامج الطروحات، فالنجاح شيء نسبى يعتمد على من المشترى ونسبة الحصص التى حصل عليها والسعر المباعة به والوقت المستغرق لإتمام عملية البيع، موضحًا أن برنامج الطروحات يعد حلاً مؤقتاً للمدى القصير ويجب أن يصاحبه حلول جذرية مثل زيادة الإنتاج والتصدير من أجل إنقاذ الجنيه وانعاش الاقتصاد.
وأضاف أن الطرح يجب أن يركز على القطاعات الاستهلاكية كالأغذية والأدوية، وقطاع الاتصالات والبتروكيماويات وقطاع الطاقة لأنهم الأكثر جاذبية لاستقطاب المستثمرين الاستراتيجيين مرجحًا أن الفترة القادمة ربما تشهد تحسنا فى أداء الطروحات.
الفقى: السوق مؤهل لاستقبال الشركات الحكومية حاليًا
قال أسامة الفقى العضو المنتدب شركة أصول لتداول الأوراق المالية، إن بدايات برنامج الطروحات كانت من ضمن منظومة الإصلاح الاقتصادى عام 2016 وأهم طرح حكومى كان منذ ما يقرب من 17 عاما حين تم طرح سهم المصرية الاتصالات وتم تكويد مليون مستثمر جديد فى البورصة المصرية، فالسوق كان مستعدًا لاستقبال الطروحات الحكومية ولكن تم تأخير الطرح نتاجًا للظروف الاقتصادية المحلية.
وأضاف أن هناك 3 محاور رئيسية لنجاح برنامج الطروحات الأول هو التسويق الجيد للبرنامج والثانى اختيار سعر عادل للسهم يحقق منفعة مشتركة للشركة وللمستثمر، واخيرًا التوقيت المناسب للطرح ليكون السوق مؤهلاً للطرح بأحجام تداول مرتفعة لجذب المستثمرين الجدد، مؤكدًا على أن التوقيت الحالى مناسب للطروحات.
وتوقع أن تنجح الطروحات فى تحقيق السيولة الدولارية، وأنها أهم وأسرع أدوات التمويل فيجب السرعة فى اتخاذ القرار وفقا لقواعد تؤدى للنجاح، فهناك استثمارات جادة معدة تحتاج للتخطيط بشكل قوى لأنها ستؤثر على الاقتصاد المصرى بشكل عام.