سلطت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في عددها الصادر اليوم الأحد الضوء على إطلاق التلسكوب الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية “ESA ” بتكلفة 1.4 مليار يورو، في مهمة لرسم خرائط لمليارات المجرات عبر الكون، مما يساعد العلماء على فهم “الطاقة المظلمة” الغامضة و”المادة المظلمة” التي يُعتقد أنها تُهيمن على الكون.
وأفادت الصحيفة – في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني حول هذا الشأن – أن تلسكوب “إقليدس” انطلق في الموعد المحدد له يوم أمس السبت باتجاه نقطة المراقبة الخاصة به على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض من على صاروخ من طراز “فالكون 9” الذي صنعته شركة الملياردير إيلون ماسك “سبيس إكس”، فيما قوبل نجاح لحظات الإطلاق من قاعدة “كيب كانافيرال” في ولاية فلوريدا الأمريكية بالتصفيق، لا سيما عندما أرسل القمر الصناعي الذي يبلغ وزنه 2 طن إشارة مستقلة إلى غرفة التحكم بعد الانفصال عن المرحلة الأخيرة للصاروخ.
وقالت كارول مونديل، مديرة علوم الفضاء في “ESA” – في تصريح خاص للصحيفة – “من الصعب العثور على كلمات لوصف مشاعري.. هذه المهمة كانت في طور التكوين لمدة 15 عامًا.. ومن المنتظر أن تستكشف السنوات الست المقبلة أسرار الكون المظلم”.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن الرأي المتفق عليه بين علماء الكونيات هو أن جميع المواد المرئية المعروفة للعلماء، من المجرات إلى الجسيمات دون الذرية، تمثل 5% فقط من الكتلة والطاقة في الكون بأسره.
وأضافت ” يبدو أن الطاقة المظلمة، التي تشكل 70%، هي خاصية للفضاء نفسه، مما يوسع الكون بمعدل متزايد ويتعارض هذا الأمر مع الجاذبية الخاصة بالمادة المظلمة، والتي تمثل 25% ولها كتلة ولكن ليس لها خصائص أخرى قابلة للقياس”.
وقال آدم أمارا، مدير معهد علم الكونيات والجاذبية بجامعة بورتسموث البريطانية “هناك المئات من النماذج لما يمكن أن تكون عليه المادة والطاقة المظلمة، لكن ليس لدينا أي فكرة قد تعكس الواقع.. وفي عام 2005 اقترحت مجموعة صغيرة منا تلسكوبًا فضائيًا لاستكشاف الكون المظلم.. والآن، عمل ما يقرب من 3000 شخص معًا لجعل هذا الحلم حقيقة”.
وإقليدس – الذي سُمي على اسم عالم الرياضيات اليوناني القديم الذي يعتبر أب الهندسة – كان مقدرًا في الأصل إطلاقه على صاروخ سويوز روسي، لكن الخطة وقعت ضحية لتمزق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بسبب أوكرانيا .. وبعد ذلك، تحولت وكالة الفضاء الأوروبية بدلاً من ذلك إلى سبيس إكس وفالكون 9، الأمر الذي تسبب في تأخير المهمة لمدة لا تزيد على عام.
وفي غضون شهر تقريبًا سيصل إقليدس إلى وجهته وهي “نقطة لاجرانج الثانية” على بعد 1.5 مليون كيلومتر، حيث توازن الجاذبية من الشمس والأرض تمامًا الحركة المدارية للتسلكوب الصناعي، لذلك يبدو أنه سيحوم في نفس المكان في الفضاء؛ حيث يقع تلسكوب جيمس ويب الفضائي في مكان قريب بحسب الصحيفة.
وهناك سيعمل “إقليدس” على رسم خريطة للكون من خلال مراقبة المجرات على بعد 10 مليارات سنة ضوئية عبر 36% من السماء التي لا تحجبها النجوم والغبار في مجرة درب التبانة الخاصة بالأرض.. وتعليقًا على ذلك، قال إقليدس كونسورتيوم يانيك ميلييه من معهد باريس للفيزياء الفلكية في باريس: “سنكون قادرين على إعادة بناء التاريخ الكوني للكون على مدى العشرة مليارات سنة الماضية”.