يعتبر الخطاب السنوى للقصر البريطانى فرصة لرؤساء الوزراء لتحديد طموحاتهم نحو الاقتصاد.
وفى ظل تغيير رؤساء الوزراء، أتيحت الفرصة لثلاثة من وزراء المالية للقيام بذلك منذ عام 2019، تاركين للبلاد رؤى عديدة ـ ولا توجد استراتيجية متماسكة.
قدم رئيس الوزراء جيريمى هانت مقترحات جديرة بالاهتمام، إن لم تكن ذات رؤية خاصة، لتعزيز معاشات التقاعد وأسواق رأس المال فى بريطانيا فى خطابه يوم الاثنين ـ وهو مجال فى حاجة إلى الإصلاح منذ فترة طويلة. لكن بريطانيا ما زالت تفتقر إلى خطة مشتركة لإلغاء أزمة النمو المنخفض.
إن محاولة حشد مزيد من رأس المال على المدى الطويل من أجل نمو بريطانيا هدف مثير للإعجاب.
مع أصول تزيد على 2.5 تريليون جنيه إسترلينى، تمتلك المملكة المتحدة أكبر سوق للمعاشات التقاعدية فى أوروبا.
ومع ذلك، فقد خفضت صناديق المعاشات التقاعدية فى المملكة المتحدة، خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، مخصصاتها للأسهم البريطانية من 53% إلى حوالى6%، ناهيك عن الأسهم غير المدرجة.
تشمل «إصلاحات هانت» بعض الخطوات المعقولة نحو فتح المزيد من رأس المال لهذه الأنشطة التجارية عالية الإمكانات.
ويمكن أن تساعد المقترحات الأوسع نطاقاً للنظر فى توحيد أموال صناديق المساهمة المحددة وصناديق المزايا المحددة المجزأة فى البلاد فى استكشاف هياكل تمويل بديلة، وتحفيز الأموال غير الفعالة للنظر فى استثمارات ذات عائد أعلى.
كما أن طموح «هانت» فى تحويل لندن إلى «عاصمة عالمية لرأس المال» هو أيضاً إشارة إيجابية للمدينة.
بينما احتفظت بمكانتها كمركز مالى عالمى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، فإن المنافسة تتصاعد من مدن عالمية أخرى.
ستؤدى خطط تبسيط نشرات الاكتتاب للشركات إلى تقليل بعض أعباء الإدراج.
وأيضاً التخفيف المحتمل لتوجيه الاتحاد الأوروبى «ميفيد 2»، والذى يتطلب من الوسطاء الماليين فرض رسوم منفصلة على البحوث المالية، إلى تعزيز التغطية البحثية حول الشركات البريطانية سريعة النمو، وهو أمر يفكر فيه الاتحاد الأوروبى، كما أن الاقتراحات لإنشاء أول سوق للأوراق المالية فى العالم للشركات الخاصة مشجعة أيضاً.
ومع ذلك، فى هذه المرحلة، تظل العديد من إصلاحات هانت مجرد مقترحات ـ مع سلسلة من المشاورات قبل إجراءات السياسة المحتملة فى بيان الخريف.
إنه لأمر مخز أن خطط البلاد لا تزال فى بدايتها. إذ تم إجراء العديد من المراجعات حول كيفية فتح رأس المال الصبور فى بريطانيا تحت حكم المحافظين، وكان تشجيع صناديق التقاعد على الاستثمار فى اقتصاد المملكة المتحدة وانهيار بورصة لندن من المشاكل القديمة.
كما أن ادعاء «هانت» بأن خططه يمكن أن تجمع 75 مليار جنيه استرلينى للأعمال التجارية عالية النمو هو أمر متفائل أيضاً.
ليس هناك ما يضمن أن الإصلاحات ستحرر رأس المال الذى سيتم استثماره فى بريطانيا، لأن مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى تعيق أيضاً اهتمام المستثمرين فى المملكة المتحدة.
ويشكّل عدم اليقين بشأن السياسة عائقاً رئيساً أمام الاستثمار التجارى، وسيظل كذلك مع اقتراب موعد الانتخابات العام المقبل، وسيتطلب تعزيز نمو الأعمال التجارية فى المملكة المتحدة أيضاً الاستثمار فى المهارات والبنية التحتية، إلى جانب خطة طويلة الأجل للإصلاح الضريبى.
هناك حد لمدى قدرة سوق المعاشات التقاعدية فى بريطانيا وحدها على تحقيق النمو الاقتصادى الذى تحتاجه البلاد.
والغرض الأساسى من صناديق التقاعد هو تقديم المساعدة للمدخرين، وهم أيضاً مشترون كبار لديون الحكومة.
لذلك فإن توجيه المعاشات التقاعدية نحو دعم النمو الاقتصادى البريطانى ليس بالأمر السهل. واقترح هانت خطوات عملية، بالنسبة للقيود التى تواجه النمو، لكن بريطانيا بحاجة إلى استراتيجية اقتصادية أوسع وأكثر جرأة ـ والتى من شأنها أن تساعد أيضاً صناديق المعاشات التقاعدية على إيجاد مبرر للاستثمار فى البلاد، لكن لسوء الحظ، قد نكون مضطرين الآن إلى انتظار الحكومة القادمة.
المصدر: افتتاحية فاينانشيال تايمز
إعداد: أمانى رضوان