رصد مجلس المنافسة المغربي مخالفات قانونية ارتُكبت من قِبل 9 شركات تعمل بقطاع توزيع المحروقات في البلاد، وإثر ذلك سيتداول قريباً في فرض غرامات مالية بحق هذه الشركات.
وأفاد المجلس، وهو هيئة رقابية تُعنى بمحاربة الاحتكار والممارسات المنافية لقواعد اقتصاد السوق، الخميس، أن مصالح التحقيق التابعة له توصلت إلى وجود حجج وقرائن تفيد بارتكاب هذه الشركات، دون أن يُسميها، لأفعال منافية لقواعد المنافسة.
وينص القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة في المملكة على “حظر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية التي يكون غرضها عرقلة المنافسة أو الحد منها”.
وأشار المجلس إلى أنه أبلغ الشركات بالملاحظات المتوصل إليها، ومن المرتقب أن يتم الاستماع إلى مسؤولي كل شركة على حدة للدفاع عن نفسها قبل اتخاذ القرار النهائي.
وكانت شركة “توتال إنرجيز ماركوتينج المغرب” الوحيدة التي تفاعلت مع قرار مجلس المنافسة فور صدوره، عبر بيان صحفي أكدت فيه على “التعاون بشكلٍ كامل مع مصالح التحقيق وإعدادها لعناصر الإجابة على المؤاخذات”، كما شددت على أنها تحترم قواعد قانون المنافسة وفقاً لمدونة قواعد السلوك الخاصة بها.
ويُتيح القانون لمجلس المنافسة، الذي تمّ توسيع صلاحياته مؤخراً، أن يقترح غرامة تصالحية على الشركات المعنية في حال أقرّت بالمخالفات، وتعهدت بعدم تكرارها مستقبلاً. أمّا في حال أنكرت ذلك، فيمكن للمجلس أن يفرض غرامة مالية قد تصل إلى 10% من الإيرادات المحققة.
ملف قديم جديد
ويعود ملف التحقيق في هذه المخالفات إلى سنة 2016 حين قدمت النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي شكوى إلى مجلس المنافسة، تحدثت فيها عن وجود شبهة توافق حول أسعار المحروقات بين الشركات بشكل ينافي قانون حرية الأسعار.
قبل 2015، كانت أسعار الديزل والبنزين في المغرب مُدعّمة من الدولة عبر صندوق المقاصة الذي يدعم حالياً السكر والدقيق وغاز البوتان فقط. وكانت أسعارها في حدود 8 دراهم للتر الواحد، وأصبحت حالياً في حدود 12 درهماً للديزل و14 درهماً للبنزين.
بناءً على شكوى النقابة، بدأ مجلس المنافسة التحقيق في هذه الشبهة لسنوات، إلى أن اتخذ قراراً غير مسبوق في يوليو 2020 يقضي بفرض غرامة مالية تبلغ 9% من حجم الإيرادات السنوية لعام 2019 في حق ثلاث شركات كبرى وهي “أفريقيا” المغربية (تابعة لمجموعة “أكوا” AKWA التي يمتلك رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش حصة الأسد فيها) وناهزت إيراداتها 27 مليار درهم (2.4 مليار دولار)، وشركتا “توتال” الفرنسية (14.7 مليار درهم) و”فيفو إنرجي” الهولندية (14.1 مليار درهم).
لكن القرار لم يُطبّق، إذ أصدر الديوان الملكي بلاغاً يكشف تزويده بمذكرة من أعضاء مجلس المنافسة تفيد أن “التحقيق اتسم بتجاوزات إجرائية وممارسات من طرف رئيس المجلس مسّت جودة ونزاهة القرار”. وعليه، تمّ إعفاء الرئيس السابق، وعُيِّن الرئيس الحالي أحمد رحو في مارس من عام 2021، الذي عاود فتح الملف من جديد بعد تعديل القوانين المنظمة للمنافسة العام الماضي.
أسعار متقاربة رغم التحرير
رغم وجود عدد كبير من الشركات المغربية والأجنبية بقطاع توزيع المحروقات في المملكة، فإن الاختلاف بالأسعار في محطات الخدمة تبقى متقاربة جداً، ولا تتأثر كثيراً بتقلبات سوق النفط الدولية. وسبق لمجلس المنافسة أن أصدر تقريراً العام الماضي اتهم فيه الشركات بشكل صريح بالاتفاق على تحديد أسعار البيع وزيادة أرباحها بشكل كبير.
يعمل في المغرب حوالي 29 شركة في سوق توزيع الديزل والبنزين وتبلغ محطات الخدمة التابعة لها حوالي 2399 محطة، ويستورد المغرب كامل احتياجاته من المنتجات البترولية مكررة من الخارج بكلفة بلغت العام الماضي مستوى قياسياً وصل إلى 153 مليار درهم (15.5 مليار دولار).
وفقاً لمعطيات مجلس المنافسة؛ بلغ الربح الصافي الإجمالي لأكبر 7 شركات في القطاع 10.7 مليار درهم (حوالي 1.08 دولار) ما بين عامي 2018 و2021، ويشمل ذلك نشاط توزيع الديزل والبنزين والغاز والفيول والكيروسين.
وتُمثّل الأرباح المتأتية من نشاط بيع الديزل والبنزين تحديداً أكثر من النصف، بحوالي 6.7 مليار درهم (606 ملايين دولار) خلال الفترة نفسها، أي بمتوسط سنوي يناهز 1.68 مليار درهم.
اقتصاد الشرق