“يتحدث النخبة حول نهاية العالم، فيما يشغلنا نحن نهاية الشهر”، هكذا همهمت إحدى المشاركات فى مظاهرات “جيليت جون” فى فرنسا عام 2018، بعدما حاول الرئيس الفرنسى إمانويل ماكرون رفع ضريبة الوقود.
المواطنون فى عدة دول لديهم المعنويات نفسها مع سعى حكوماتهم الحثيث لتسريع جهود مكافحة التغير المناخى، فى ظل أزمة تكلفة المعيشة، ورفع أسعار الفائدة.
إذا ظلت الآلام المكلفة والمبادرة الخضراء المزعزعة غير موجهة بشكل سليم، سيبطىء الاحتقان السياسى الجهود الدافعة نحو تحقيق الحياد المناخى لأبطأ وتيرة على الإطلاق.
الانقسام الحزبى بشأن سياسات تغير المناخى اتسع فى الولايات المتحدة، وفى أوروبا أيضًا، السياسيون من اليمين بدأوا فى إثارة القلق بشأن تكلفة الاتجاه للتحول الاخضر، لحصد مكاسب إنتخابية.
وفى ألمانيا، فإن القانون الذى يمنع تركيب سخانات الغاز العامة، بداية من العام المقبل، لصالح مضخات الحرارة قد أدى إلى غضب بسبب ارتفاع التكلفة والتوقيت النهائى الضيق.
المقترحات الأوروبية الأوسع لإعادة تهيئة المنازل أدت إلى مقاومة سياسية.
وحكومة المحافظين فى بريطانيا اتهمت بأنها تتخلى عن أجندة التغير المناخى، بعدما عرضت إتاحات إضافية لصناعات ملوثة للبيئة ضمن نطاق لتداول الكربون، وفى هذا الأسبوع دعمت منح مئات جديدة من رخص الحفر فى بحر الشمال.
وصور رئيس الوزراء البريطانى، ريشي سوناك، نفسه على أنه صديق السيارات، منذ فوز الحزب في الانتخابات الفرعية فى لندن الشهر الماضى، بعد أن شن مرشحه حملة ضد خطة عمدة حزب العمال لتمديد رسوم على المركبات شديدة التلوث.
لقد تعلمت الحكومات أنها يجب ألا تضمن دعم العامة للقضايا الخضراء، خصوصا إذا بدأت السياسات تضع تكلفة إضافية أو تسبب الضيق.
وإذا تحولت التحركات البيئية إلى ساحة منافسة سياسية، فإن التحول السريع الذى يعتمد على دعم جماهيرى وعريض من الأحزاب، الاستجابة يجب ألا تكون التخفيف أو التراجع عن السياسات اللازمة، وبدلاً من ذلك، تحتاج الحكومات إلى استراتيجية أفضل.
بالنسبة للمبتدئين، من المهم وجود خريطة طريق واضحة وطويلة المدى، تحتاج الأسر والشركات إلى اطلاع واسع على التدابير، على سبيل المثال، لتقييد أنواع معينة من المركبات، أو مصادر التدفئة أو الطاقة، حتى يتمكنوا من التخطيط مسبقًا، ومن شأن ذلك أن يساعد الحكومات أيضًا.
فالتواصل الأفضل أمر بالغ الأهمية أيضًا. يجب أن تكون المعلومات المتعلقة بالتدابير الخضراء سهلة المنال وأن تُنشر على نطاق واسع.
ويجب أيضًا أن تكون رسائل السياسة موجهة إلى الجمهور، فقد يكون بعض الناس أكثر تقبلاً لفضيلة التحول إلى البيئة، لكن البعض الآخر يحتاج إلى إحساس أوضح بالمزايا، سواء كانت مرتبطة بالصحة أو مالية، قبل أن يتصرفوا.
لقد عمل قانون خفض التضخم لإدارة بايدن ، جيدًا في التأكيد على تعزيزه للوظائف والنمو والأمن القومى.
كما يجب أيضًا تحصيل تكاليف التدابير الخضراء بشكل متناسب وتدريجى قدر الإمكان، ويعتبر تسعير الكربون آلية مفيدة لأنه يرسخ مبدأ “المُلوث يدفع”.
لكن الأشخاص الأقل ثراءً قد يجدوا صعوبة في التكيف، ويمكن استخدام عائدات الضرائب الخضراء لتعويض بعض العبء على الفئات الأكثر ضعفاً من خلال التخفيضات الضريبية أو المنح المستهدفة.
فلأنه لا يمكن تعويض جميع التكاليف، ستلعب الحوافز دورًا مهمًا، ويمكن أن تكون الإعفاءات الضريبية لتدابير كفاءة الطاقة والتقنيات الخضراء فعالة.
ويجب تهيئة البيئة المناسبة، بما في ذلك نقاط شحن المركبات الكهربائية على نطاق واسع ووسائل نقل عام أفضل. وبالنسبة لأولئك الذين تتعرض وظائفهم لتهديد مباشر من المرحلة الانتقالية، فإن خطط إعادة التدريب ضرورية.
مع ارتفاع درجات حرارة الجو والبحر إلى أرقام قياسية تنذر بالخطر، يتعين على الحكومات التصرف على عجل، ولكن إذا لم تتم إدارة التكاليف على المدى القريب بعناية، فإن الأهداف المناخية طويلة المدى سيصعب تنفيذها أكثر.
المصدر: افتتاحية فاينانشيال تايمز