هل كيك “جافا” حقًا كيك أم بسكويت؟ إنه سؤال قضت شركة “ماكفيتيز” وقتًا ومالًا وفيرين عام 1991 من أجل إقناع محكمة بريطانية بأن الحلوى التى تنتجها بالفعل كيك، وبعد القيام بذلك، تمكنت من الحصول على ميزة خفية بمبيعات التجزئة، جنبتها ضريبة المبيعات على البسكويت المغطى بالشوكولاتة، رغم أنه يُباع على الأرفف الملاصقة لذلك الصنف على أرفف السوبر ماركت.
الضرائب لها تأثير قوي على سلوك الشركات، فرغم أن الاختلاف بين الكيك أو البسكويت قد يبدو تافهًا، إلا أن التأثير التراكمي لمئات من الرسوم والإعفاءات المختلفة عبر النظام الضريبي له تأثير على اتخاذ القرارات فى الشركات، وبالتالي على النمو الاقتصادى، وضريبة الشركات – التى تحتسب على الأرباح – مؤثرة بشكل خاص.
من خلال رفع تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، تؤثر الضريبة على خطط الاستثمار وأماكن تدشينها بالنسبة للمجموعات التى تتوسع دوليًا.
وفي الوقت نفسه ، تُمكّن الاعفاءات الشركات من خصم جزء أو كل تكلفة نفقات معينة من أرباحها قبل الضرائب، مما يخفف من التأثير السلبي للضريبة على قرارات الاستثمار.
تمتلك بريطانيا أدنى معدل ضرائب على الشركات في مجموعة السبع ،رغم رفعها 6% لتصل إلى 25% فى أبريل.
العام الماضي، وردت الحصيلة الضريبية 83 مليار جنيه إسترليني لخزانة المملكة المتحدة، وباتت رابع أكبر مصدر لإيراداتها. في حين أن المعدل الضريبى تنافسى، فإن الاعفاءات الدائمة للاستثمار فى بريطانيا هي من بين أقل المعدلات سخاء عبر الاقتصادات المتقدمة، كما أنها تخلق تشوهات تعيق أدائها الاقتصادي.
ونظرًا لأن الاستثمار التجارى الباهت هو أحد أسباب النمو السئ للإنتاجية في المملكة المتحدة، والذي أدى أيضًا إلى إعاقة الإيرادات الضريبية، فإن إصلاح نظام ضرائب الشركات يعد أمرًا حيويًا.
ثلاثة إصلاحات يمكن أن تحدث فرقا كبيرا.
أولاً، يجب على المملكة المتحدة أن تجعل “المصروفات الكاملة” دائمة، إذ أعلن وزير المالية جيريمي هانت، فى موازنة مارس عن نسخة قصيرة الأجل من الإجراء – والذى يسمح للشركات بخصم 100% من نفقات الاستثمار فى المعدات والآلات من أرباحها الخاضعة للضريبة.
وبما أن فترة الإعفاء تنتهى فى عام 2026، يفترض مكتب مسؤولية الميزانية، أن الإجراء لن يكون له أي تأثير على تعزيز إجمالي رأس المال في المملكة المتحدة، فالشركات لن تقدم على تنفيذ خططها الاستثمارية على أى حال.
ومن شأن الاعفاء الدائم أن يرفع خطط إنفاق الشركات بشكل عام، فتظهر الأبحاث التي أجراها “سى بى آى” و”أوكسفورد إيكونوميكس فإنها يمكن أن تعزز الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2%، وتعوض التكلفة الأولية الكبيرة للخزانة على المدى الطويل عن طريق زيادة الإيرادات الضريبية، وسيكون الاستقرار في معدل الضريبة الرئيسي مفيدًا أيضًا.
ثانيًا، يجب أن يتم توسيع قاعدة الشركات المؤهلة للاستفادة من الاعفاءات، بجانب تضمين الإنفاق على الأصول بما في ذلك المباني والهياكل الخضراء مثل توربينات الرياح، وقد ينطوي ذلك على تكلفة أولية كبيرة، ولكن من شأنه أن يزيد من النمو طويل الأجل، وهو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للقدرة على تحمل الديون.وتعتبر الاعفاءات السخية مهمة بشكل خاص في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، الذى يثبط الاستثمار.
ثالثًا، يجب تقليل التحيز في نظام ضريبة الشركات تجاه الديون، إذ يمكن خصم مدفوعات فوائد الديون من دخل الشركات الخاضع للضريبة، في حين أن تمويل حقوق الملكية لا يتلقى مثل هذه المعاملة. وهذا يشجع الشركات على التوسع فى الاقتراض وتوسع المديونية فى مقابل انخفاض الاستثمار والابتكار وزيادة التقلبات الاقتصادية.
كما أن السماح بالاعفاءات من المصاريف الكاملة يؤدي إلى زيادة دعم الاستثمار الممول بالديون، وقد يكون أحد الخيارات هو الحد تدريجيًا من مقدار الفائدة التي يمكن خصمها، مما سيساعد على تخفيف النفقات قصيرة الأجل لتمديد الاعفاءات أيضًا.
وفى ظل أن النظام الحالى يقيد يناميكية الأعمال والاستثمار اللازمين لزيادة الإنتاجية والعائدات على المدى الطويل في بريطانيا، فإن تبنى الإصلاحات للتخفيف من الآثار الضارة لضريبة الشركات وتحفيز النمو، يمكن للحكومة أن يجعل للحكومة نصيبا من الاستفادة.
المصدر: افتتاحية فاينانشيال تايمز