سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة يتطلع لآفاق جديدة للتمويل منخفض التكلفة
تستعد البورصة المصرية لوضع خطة استراتيجية كاملة لتطوير سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة (بورصة النيل) خلال الفترة المقبلة، بعد سنوات طويلة من التأسيس لم تجذب تلك السوق سوى 29 شركة حتى الآن منذ تدشينها في عام 2007 لتصبح أولى بورصة لقيد شركات المتوسطة وصغيرة الحجم في الشرق الأوسط ككل، إلا التداول الفعلي من خلال تلك المنصة على أسهم الشركات بدأ في عام 2010 بعد الإنتهاء من قواعد القيد والافصاح والبنية التكنولوجية اللازمة وإنشاء سجل الرعاة لتوفير الدعم الفني للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتضع كل الشركات التى تطلب القيد خططا مستقبلية طموحة واستراتيجية لزيادة رؤوس أموالها إلا أن أغلبها لم تحرك ساكنًا من وقت الإدراج حتى الأن، ورصدت «البورصة» تطور أرباح ورؤوس أموال نحو 24 شركة من شركات بورصة النيل خلال السنوات الخمس الماضية من 2018 وحتى 2022، والتى تشير إلى أن أغلب الشركات تسير ببطء شديد في زيادات رؤوس أموالها وتشهد تراجعًا في نتائج أعمالها.
ولكن يوجد عدد ضئيل من الشركات يتمتع بملاءة مالية وتطور أرباحه على أساس سنوى، وشهدت تلك السوق إدراج شركة ديجتيايز مؤخرًا، وتستعد لاستقبال وافد جديد وهو شركة برايم فيتنس للأندية الصحية، مما يدفع الخبراء للمطالبة بإعادة هيكلة وتطوير سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة أن الوقت الحالي مناسب لجذب الشركات للقيد نظرًا لارتفاع تكلفة التمويل البنكي في ظل مستويات فائدة قياسية وتحديات اقتصادية تدفع الشركات للبث عن أرخص بدائل التمويل، بعدما وصل معدل الفائدة لـ 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض.
السواح: البورصة تعد دراسة لتطوير السوق
وقالت الدكتورة داليا السواح عضو مجلس إدارة البورصة المصرية عن بورصة النيل، ونائب رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن البورصة المصرية تعد استراتيجية متكاملة بهدف تطوير سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة، قد تتضمن تعديلات على قواعد وقيد الشركات في بورصة النيل.
وأكدت لجريدة «البورصة»، أن إدارة البورصة المصرية تبحث حاليًا وتضع دراسة متكاملة لخطة التطوير المرتقبة، خاصة وأنها ترى فرص قوية في سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتابعت أنه جاري العمل في الوقت الراهن على حصر الشركات والوقوف على الوضع والخطة المستقبلية وتقييم حجم الانجاز الذي أحرزته كل شركة في خططها المستقبلية التي تقدمت بها وقت الطرح.
وأوضحت أن كل تلك الخطوات بهدف الوقوف على الاحتياجات الحقيقية لتلك الشركات لإعادة النظر في وضع سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والثغرات الموجودة بالسوق، وكل التحديات التي تواجهه، حتى تكون الخطة الموضوعة محكمة وتساعد السوق على تحقيق نمو فعلي والنهوض بشركاته.
وأكدت أن التحول الرقمي في مصر بدأ يجبر الشركات على الالتزام بالميزانية الواحدة والتي من شأنها أن تشجع عددا كبيرا كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة للتواجد في السوق خلال الفترة المقبلة، وإلزامها بمبدأ الشفافية.
عوني: يجب تخصيص محافظ استثمارية حكومية لهذا السوق لتنشيطه
وتابعت أن توافر عناصر الإفصاح والشفافية والمؤسسية في الشركات المدرجة عنصر هام للغاية لحماية حقوق المساهمين التي تعد من أوائل الأهداف التي توليها إدارة البورصة أهمية قصوى.
وأشارت إلى أن نشر الثقافة المالية وأهمية دور البورصة المصرية في توفير التمويل منخفض التكلفة عنصر هام للتشجيع على القيد
في سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي يتمتع بفرص واعدة خلال الفترة الراهنة لكونه الوجهة الأقل في التكلفة التمويلية في ظل ارتفاع مستويات الفائدة في السوق المصرية.
وتابعت السواح، أنه لابد من تغيير الصورة الذهنية عن بورصة النيل والتركيز على قصص النجاح التي خرجت من هذه السوق حتى تصبح وجهة للشركات الصغيرة والمتوسطة للقيد والإدراج والتداول.
وتابعت أن السوق ينتظر وافدا جديدا هو شركة برايم فيتنس للأندية بعد نجاح إدراج شركة ديجيتايز للاستثمار، مؤكدة على أن عدد من الشركات في طور المفاوضات مع البورصة المصرية للقيد في السوق، مما سيحقق انتعاشة مرتقبة في عدد الشركات المقيدة في بورصة النيل الفترة المقبلة.
ووفقًا لموقع سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإن مؤشر “تميز” المكون من أكبر 12 شركة في بورصة النيل حقق أداء إيجابيًا منذ بداية العام ليرتفع بنسبة 47.9%.
عمارة: اتحاد الأوراق المالية سيناقش خطة التطوير قريبًا
ومن جانبه يرى سيف عوني العضو المنتدب لشركة إيليت للاستشارات المالية، إن القيد في بورصة النيل يواجهه عدة حواجز من أصحاب الشركات تتمثل في حاجز نفسي متعلق بالصورة الذهنية عن بورصة النيل لدى المستثمرين أنها بورصة تلاعبات مما يمثل انطباع خاطئ يجعل المستثمرين يتراجعون عن خطوات قيد شركاتهم في البورصة المصرية.
وأضاف عوني لـ«البورصة»، أن هناك حاجزا ماليا يتمثل في مصاريف القيد حيث يقوم المستثمر بدفع مصاريف القيد أولاً ثم الحصول على التمويل، عكس التمويلات البنكية التي يحصل فيها المستثمر على التمويل أولا ويقوم بسداد المصاريف وأقساط الفوائد في التسهيل الائتماني.
وتابع أن هناك حاجزا عمليا يتمثل في عدم استعداد المستثمرين للتأهل في طرح شركاتهم والمشاركة في جمعية عامة بها صغار مستثمرين والالتزام بعقد جمعيات عمومية دورية وقواعد إفصاح وشفافية، والفكر التشاركي في أسهم الشركة.
وأكد على أن جذب الشركات للقيد في بورصة النيل يحتاج إلى دعم وحوافز حكومية في ظل محدودية قصص النجاح التي خرجت من هذا السوق، لافتا إلى ضروة الاهتمام بتلك الشركات لأنها عصب الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن الدعم الحكومى يتمثل في توجيه الجهات الحكومية صاحبة المحافظ الاستثمارية في البورصة المصرية بتخصيص إحدى محافظها لبورصة النيل مما يرفع قيم تداولات تلك السوق ويضعها على أجندة المستثمرين، إلى جانب إعادة النظر في مصاريف القيد بالنسبة لتلك الشركات.
وذكر أن توعية الشركات لابد أن يكون سلسلة لأن التوعية الخاطئة تسبب عزوف الكثير من الشركات عن فكرة القيد في البورصة بعد تبنيها خاصة أنها أداة جيدة وفعالة للتمويل المخفض والميسر.
عياد: شركات السوق ابتعدت عن هدفه تدشينها الأساسي
قال ياسر عمارة عضو مجلس ادارة الاتحاد المصري للأوراق المالية، ورئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة يحتاج إلى خطة إعادة هيكلة سريعة لاستعادة صورة بورصة النيل وجاذبيتها خاصة أن الوقت الحالي يوجد فرص جيدة لهذا السوق مع ارتفاع التكلفة التمويلية من خلال البنوك أو شركات التأجير التمويلي والجهات التمويلية المختلفة.
وأوضح أن بورصة النيل لا تستطيع اغتنام الفرص الجيدة المتاحة بسبب وجود خلل في جانب الطلب، فلابد من وجود توازن بين عملية العرض والطلب من خلال وجود صانع سوق.
وأشار إلى وجوب فصل سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة عن السوق الرئيسي بحيث يكون لديها هيكل تنظيمي وإدارة منفصلة، بالإضافة إلى تخصيص رخصة منفصلة، وصناديق استثمار لها.
وأكد عمارة أن الإدارة الجديدة للبورصة تولى هذا السوق أولوية، وتسعى لإحيائه حيث شهد إدراج شركة مؤخراً وهي، ديچيتايز للاستثمار والتقنية وتستهدف شركة فتنس برايم الطرح قريباً مما تعد خطوة جيدة.
وتابع أن الشركات ببورصة النيل تنظر إلى شركة سبيد ميديكال والتي نجحت في زيادة رأس المال والانتقال إلى السوق الرئيسي، ولكن الإجراءات التنظيمية بعد الطرح للتداول تمنع ذلك للشركات المدرجة حديثاً.
وقال إن الاتحاد سوف يناقش خطة تطوير سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة في أقرب وقت، مع وضع مقترحات فعالة وذات تأثير لبورصة النيل.
ومن جانبه قال محمد عياد رئيس مجلس الإدارة غير التنفيذي لشركة برايم القابضة للاستثمارات، إن بورصة النيل لا تعد جاذبة في الفترة الحالية للشركات، حيث لا تطبق الفكرة التي أنشئت من أجلها وأصبحت تجذب الشركات لزيادة عددها، بالإضافة إلى تحكم عدد من الأفراد بها وضعف الرقابة عليها مما أدى إلى ابتعاد الشركات بها عن خططهم التي وضعوها وقت القيد.
وأشار إلي أنه يجب وضع قواعد لجذب عدد أكبر من الشركات والتي تتمثل في تطبيق قواعد الحوكمة بشكل كبير، والرقابة المستمرة على الشركات.
وتابع عياد أن بعض الشركات الصغيرة بمصر ينقصها الثقافة المالية والثقافة الكافية للدخول ببورصة النيل، بالإضافة إلى تخوف بعض الشركات من الدخول إلى البورصة لعدم رغبتهم بالبقاء تحت الرقابة والتخوف من الدخول في شرائح ضريبية مما يدفعهم للحصول على تمويل من البنوك.
كتبت: فاطمة صلاح وإشراق صلاح الدين