1.5 مليار دولار كل ربع سنة تكلفة حرب غزة على الاقتصاد
توقع مركز أبحاث بنك الكويت الوطنى أن تمر مصر بفترة حاسمة ودقيقة خلال الأشهر القادمة مما سيوفر رؤية أوضح لآفاق النمو الاقتصادى على المدى المتوسط.
وقدر فى تقرير له أن الحرب فى غزة ستؤثر على القطاع الخارجى لمصر، وفى الوقت الحالى، فإن درجة ومدة التصعيد المستمر للصراع غير مؤكدة، إلا انه من الممكن أن يؤدى ذلك لخفض الإيرادات الخارجية لمصر بمقدار 1.5 مليار دولار بشكل ربعى من خلال انخفاض صادرات السياحة والغاز.
أضاف أن الانتخابات الرئاسية قد يتبعها تعديل وزارى وانخفاض قيمة الجنيه المصرى، وهو الحدث المتوقع منذ فترة طويلة نظراً لتصاعد الضغوط عليه، وإن بدا مستقراً خلال معظم فترات العام الحالى.
أوضح أن ذلك سيؤدى إلى استئناف صندوق النقد الدولى لمراجعات برنامجه مع مصر المتوقفة حالياً ما يمهد الطريق لبداية ضخ أموال الدعم التى ستلعب دوراً جوهرياً فى معالجة فجوة التمويل الخارجى.
وكانت أوضاع الاقتصاد الكلى بالغة الصعوبة خلال الربع الماضى، فى ظل ضعف معدلات النمو وارتفاع التضخم، رغم هدوء وتيرته قليلاً، وتحسن وضع الحساب الخارجى وإن كان السبب فى ذلك يعود فى الغالب للانخفاض الحاد الذى شهدته الواردات.
اقرأ أيضا: مؤشر مديرى المشتريات لمصر يتراجع لأدنى مستوى فى 5 أشهر
وثبت البنك توقعاته للنمو خلال العام المالى الحالى عند 4% مع تعرض الاستهلاك الخاص لضربة قوية، وخلال الفترة المتاحة من السنة المالية الحالية، ارتفع معدل التضخم إلى 38% واستمر رفع أسعار الفائدة.
كما يرى أيضاً أن العملية الانتخابية المقبلة إضافة إلى الخطوات التى قد يتم تطبيقها على صعيد السياسات العامة كخفض قيمة العملة وإجراءات التقشف المالى ورفع أسعار الفائدة ستؤدى لتأجيل التعافى الاقتصادى إلى النصف الثانى من السنة المالية 2024/2025 على أقرب تقدير.
وقال إن القطاع الخارجى يعتبر من أبرز المؤشرات الرئيسية التى تعكس الصعوبات الاقتصادية التى تتعرض لها مصر، إذ انخفض العجز التجارى للسلع بمقدار 12.2 مليار دولار فى السنة المالية 2022/2023 إلى 31 مليار دولار أى 9% من الناتج المحلى الإجمالى.
لكنه أوضح أنه بصفة رئيسية نتيجة للانخفاض الشديد الذى شهدته الواردات بسبب القيود التى تهدف للحد من الضغوط على الجنيه المصرى.
وفى ذات الوقت، تضاعف فائض قطاع الخدمات إلى 22 مليار دولار، بصفة رئيسية نتيجة لارتفاع الإيرادات السياحية 25% وزيادة إيرادات قناة السويس 27%.
لكن التأثير الإيجابى لهذه التطورات على إجمالى قيمة الحساب الجارى قابله انخفاض التحويلات بنحو 10 مليارات دولار إلى 22 مليار دولار، والذى قد يعزى لإحجام المغتربين عن تحويل العملة الأجنبية نظراً لحالة عدم اليقين تجاه أسعار الصرف.
اقرأ أيضا: “فيتش”: مصر تتفاوض لاقتراض 5.5 مليار دولار وقد تطرح صكوكا
وبصفة عامة، تقلص عجز الحساب الجارى بمقدار 12 مليار دولار ليصل إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ تسعة أعوام عند حوالى 5 مليارات دولار، أو نسبة 1.6% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 3.6% فى السنة المالية 2021/ 2022.
وتوقع اتساع عجز الحساب الجارى خلال العام المالى الحالى إلى 8 مليارات دولار تعادل 2.6% من الناتج المحلى الإجمالي، وأن يؤدى تثبيت سعر الصرف خلال معظم العام إلى الحد من العائدات التى توفرها القطاعات الرئيسية مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج بالدولار
أضاف أن النقص المستمر فى إنتاج الغاز الطبيعى سيواصل تأثيره السلبى على صافى ميزان الطاقة، مما يؤدى لاتساع العجز التجارى إلى نحو 36 مليار دولار.
وقال البنك إنه رغم تحسن الحساب الجارى بوتيرة ملحوظة، لكن آجال استحقاق الديون الخارجية الكبيرة لمصر تشكل مصدراً إضافياً للضغوط.
وقدر أن الاستحقاقات واجبة السداد فى السنة المالية 2023- 2024 تصل لنحو 22 مليار دولار، على افتراض تجديد ودائع دول مجلس التعاون الخليجى.
وذكر أنه بإضافة عجز الحساب الجارى يصل إجمالى احتياجات التمويل الخارجى هذا العام إلى 30 مليار دولار، وبالاستناد إلى افتراضات معقولة، فإن الاستثمار الأجنبى المباشر والبالغ 11 مليار دولار، واستثمارات المحافظ الأجنبية البالغة 2 مليار دولار، وشرائح صندوق النقد الدولى وقدرها 2 مليار دولار ،وإصدار سندات اليورو بوند بقيمة 3 مليارات دولار، ستغطى معظم هذا المبلغ، ليصبح بذلك صافى الفجوة التمويلية 12 مليار دولار للسنة المالية 2023/ 2024.
وقال إن زيادة حجم قرض صندوق النقد الدولى بمقدار مليارى دولار، وتطبيق المزيد من عمليات الخصخصة، وإعادة جدولة بعض استحقاقات الديون متعددة الأطراف، وسحب جزء آخر من الاحتياطيات، قد يؤدى لسد فجوة التمويل، لكن رغم ذلك قد تكون هناك ضرورة لمواصلة تقليص عمليات الاستيراد.
اقرأ أيضا: «مورجان ستانلى» متفائل بالاقتصاد المصرى على المدى الطويل
أضاف أن الجنيه كان تحت ضغوط شديدة خلال الربع الماضى، إذ يتم تداوله حالياً فى السوق الموازى فى نطاق 39-42 جنيه مصرى للدولار الواحد، أى أضعف بما يترواح بين 21 و26% من السعر الرسمى البالغ 30.9 جنيه مقابل الدولار.
وأشار إلى أنه فى الوقت الحالى، يبلغ سعر العقود الآجلة لفترة 12 شهرًا 43 جنيها مصرى مقابل الدولار. وتشير التقديرات إلى أن الحكومة كانت مترددة فى اتخاذ خطوات لتوحيد أسعار الصرف ما لم يسبق ذلك زيادة إضافية فى احتياطيات النقد الأجنبى ما بين 5 إلى 7 مليارت دولار .
وذكر أنه مع اقتراب موعد الانتخابات، من المرجح أن تتقلص الفرصة أمام خفض قيمة الجنيه لكن فى النهاية التحرك نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة يعتبر أمراً لا مفر منه وقد يحدث فى النصف الأول من عام 2024.
ونوه إلى أنه رغم أن سعر الفائدة الأساسى ما بين 19% و20%، ومتوسط عائدات سندات الخزانة لأجل عام واحد عند 21% صافية من الضرائب، (تعتبر مرتفعة بالقيمة الاسمية، إلا أنها ما تزال سلبية بالقيمة الحقيقية بسبب ارتفاع معدل التضخم. إلا انه مع انخفاض معدلات التضخم العام المقبل.
اقرأ أيضا: 130 مليون دولار زيادة فى احتياطى النقد الأجنبى لمصر خلال أكتوبر
وتوقع رفع الفائدة 3% فى الربع الأول من 2024 بالتزامن مع الانخفاض المحتمل لقيمة الجنيه مع احتمالية أن تكون الفائدة أكبر.
وقال البنك إن توقعاته لعجز الموازنة قريبة لتقديرات الحكومة للعام المالى الحالى عند عجز نحو 7% من الناتج المحلى بقيمة 824 مليار جنيه.
وقال إنه رغم تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على خدمة الدين، تبقى قضية أقل إلحاحاً من العجز الخارجى الناتج عن عجز الميزانية من وجهة نظر اقتصادية عامة.
أضاف “وفى واقع الأمر، نرى أن الانضباط المالى فى الوقت الحالى يعتبر من الأمور بالغة الأهمية نظراً لدوره فى الحد من المزيد من الضغوط التى يتعرض لها الجنيه المصرى”.