بعد الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة الأمريكية منذ مارس من العام الماضي، أصبحت الديون الآن أكثر تكلفة مما كانت عليه منذ أكثر من عقدين، ولم يعد الضغط الناشىء عن ذلك، تشكيل الاتجاه الاستراتيجى لشركات الأسهم الخاصة فحسب، بل إنه يختبر علاقة الصناعة بالمخاطر.
يمكننا إلقاء اللوم على النفس البشرية.. لكن رغم أن ظروف السوق اليوم قد تكون جديدة بالنسبة لكثيرين، إلا أن الطريقة التي نتصرف بها ليست جديدة على الإطلاق.
وبحسب أسس الاقتصاد السلوكى فإن الأشخاص والمنظمات لديهم تحيز متأصل في اتخاذ القرار في مثل هذه الأوقات.
وكما أوضح عالما النفس دانييل كانيمان وآموس تفيرسكي، في بحثهما الحائز على جائزة نوبل، فإن بعض الناس يخاطرون أكثر عند مواجهة الخسائر لتجنب خسائر أكبر.
فى مواجهة الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلى، وسوق الاكتتاب العام الأولى والتقييمات المنخفضة، تميل سيكولوجية المستثمرين وغيرهم من صناع القرار إلى قبول مزيد من المخاطر.
لذا، في ظل ضغوط السوق المتزايدة، من المهم أن نذكر أنفسنا بأنه لا توجد طرق مختصرة عندما يتعلق الأمر باستراتيجيات المخاطر المسؤولة.
ومع ذلك، فإن علامات تآكل الانضباط فى التعامل مع المخاطر يمكن رؤيتها عبر الارتفاع الأخير فى الاقتراض بضمان صافى قيمة الأصول، وهو يسمى بذلك لأنه يشهد استخدام التقييم المجمع لمحفظة الشركات التابعة لشركة ما كضمان.
ورغم أننا لم نعتمد على مثل هذه القروض حتى الآن، لكن يتم استخدامها بشكل نشط من قبل آخرين في صناعتنا. وفى حالة الضرورة، قد تبدو هذه القروض طريقة سهلة نسبيًا (وإن كانت باهظة الثمن) للحصول على رأس مال جديد.
إن الأهمية الجديدة لاقتراض صافى قيمة الأصول، مدفوعة بظروف العمل الصعبة التي أعاقت شركات الأسهم الخاصة والتي كانت واعدة في السابق.
وفى ظل تراجع الشهية لعمليات الاستحواذ والطلب المتزايد على السيولة بين المستثمرين في الصناديق، قد يرى البعض أن قروض صافي قيمة الأصول هي وسيلة ذكية لسد الفجوة.
وقد ينظر إليها آخرون على أنها هندسة مالية مصممة لإخفاء الشركات الاستثمارية الفاشلة – ببساطة، وربما بشكل خطير، رمي الأموال الجيدة لإنقاذ الأموال السيئة.
وللوقوف على ما إذا كانت هذه المخاوف مبررة أم لا؟ يجب أن نعرف كيفية توظيف تلك القروض، وعلى قدم المساواة كيفية توصيل هذه السيولة إلى الشركاء المحدودين، والمستثمرين في الصناديق.
ويمكن استخدام الأموال بطريقة يمكن للمستثمرين قبولها؛ مثل خلق السيولة التي بدورها تسرع عودة رؤوس أموالهم.
وبالمثل، في الصناديق القديمة، يمكن استخدام قروض صافي قيمة الأصول لتمويل الاستحواذ على شركات جديدة وضمها لمحفظة الشركات.
لكن تلك الأساليب التي أقرتها الشركات محدودة المسؤولية تختلف بشكل صارخ عن استخدام قرض صافي قيمة الأصول لإعادة رسملة شركة ذات أداء ضعيف في المحفظة من خلال “حقوق الملكية”، خصوصا عندما لا يتم توصيل ذلك بوضوح إلى المستثمرين في الشركة.
فاستخدام الأموال لتسهيل عملية الاستحواذ على شركة جديدة فى المحفظة، ليس كتوظيف القرض لدعم الشركات ذات الأداء الضعيف غير القادرة على خدمة التزاماتها الحالية، أو تلك التي تخسر المال دون وجود طريق إلى الربحية.
ويطلق المنتقدون على نهج دعم الشركات اسم “الدعاء والتأجيل”، إذ تراهن الشركات على مستقبل مختلف، إما القدرة على رفع هوامش الشركة لتلبية متطلبات الربحية اليوم، أو الأمل فى أن يؤدي التحول الوشيك في الدورة الاقتصادية إلى تعزيز نمو الإيرادات وتقييمات الشركة.
وسيختبر الوقت مدى استدامة الاقتراض الدفاعي عبر صافي قيمة الأصول – ولكن إذا كنا نتطلع حقًا إلى استمرار الفائدة المرتفعة لفترة أطول”، فهذه مقامرة تمامًا.
كما هو الحال مع العديد من التقنيات (المالية وغيرها)، فإن قروض صافي قيمة الأصول في حد ذاتها ليست جيدة ولا شريرة؛ يجب أن يقتصر هذا الحكم على كيفية استخدامها.
ويستحق الشركاء المحدودون أن يصدروا هذا الحكم لأنفسهم بعد تلقي تفسير شفاف للاقتراض بضمان صافى قيمة أصولهم.
إذا كان سيتم استخدام الأموال لتحويل شركة ما، فيجب على الشركاء المحدودين الاطلاع على خريطة تفصيلية للرحلة – وأن يعرفوا بوضوح لماذا يعتبر استخدام الرافعة المالية بهذا الشكل والمساهمة بها كرأس مال هو البديل المفضل، على سبيل المثال، لاستدعاء رأس المال فعليًا من الشركة.
تتضاعف أهمية الشفافية للمستثمرين المحدودين كتحوط ضد اتخاذ القرارات التفاعلية قصيرة المدى، وبالتالي تساعد الشركاء العامين – مديري الأموال – على البقاء صادقين مع طروحات الاستثمار.
كما أنه يحمي شركاتنا ومستثمرينا وأنفسنا من الميل السلوكي البشري نحو قبول المخاطر المفرطة في ظل ضغوط غير متوقعة – وهو الانضباط الذي أصبح أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.
في نهاية المطاف، ورغم أن الاقتراض بضمان صافي قيمة الأصول يمكن أن يشتري الوقت، إلا أنه لا يمكن لأي قدر من الهندسة المالية أن يعيق ما لا مفر منه: فهذه القروض باهظة الثمن ستستحق في النهاية، وإذا لم تتحسن الأعمال، فسيتم ترك المحفظة ككل – والمستثمرين فيها – فى مهب الريح.