يهدد الاضطراب المتزامن في قناتي السويس وبنما ، سلاسل التوريد العالمية في الفترة السابقة لأعياد الميلاد، إذ تعد القناتان ممران حيويان للتجارة العالمية.
وحذر مالكو السفن والمستوردون، من أن الجفاف في قناة بنما وسلسلة الهجمات التي تتعرض لها سفن الشحن على بعد 11500 كيلومتر جنوب قناة السويس، تهدد بتقييد حركة الملاحة قبل موسم الأعياد.
قال المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية، ماركو فورجيوني، الذي يمثل مستوردي المملكة المتحدة: “بعض الإمدادات لن تتواجد في الوقت المناسب لعيد الميلاد”.
أضاف فورجيوني، أن الإلكترونيات الاستهلاكية ومنها “أيفون” قد لا تكون متاحة بسهولة ، وذلك بعد شهور من التأخير في قناة بنما، فيما وجد مستوردون آخرون صعوبة في الحصول على زينة عيد الميلاد في الوقت المناسب.
وإذا ساءت الهجمات بالقرب من قناة السويس، التي يشارك فيها متمردون في اليمن، فإن الجمع بين ذلك والقيود في بنما سيكون “كارثيًا”، حسب فورجيوني.
كان من المقرر أن يعبر أكثر من نصف شحن الحاويات من حيث الحجم المقرر أن يربط آسيا وأمريكا الشمالية، إما عبر قناة بنما أو قناة السويس خلال الربع الثالث من 2024، وفقاً لمجموعة التحليل التجاري”إم دي إس ترانسمودل”.
كان أكتوبر الماضي هو الأكثر جفافاً في منطقة قناة بنما منذ عام 1950 على الأقل، وذلك وفقًا لهيئة القناة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى ظاهرة أل نينيو المناخية التي أثرت على درجات الحرارة وهطول الأمطار حول العالم.
كما خفضت السلطات لأول مرة عدد المعابر، والتي ستقتصر بحلول فبراير على 18 سفينة فقط في اليوم.
قال الرئيس التنفيذي لمجموعة “هاباج لويد” الألمانية، رولف هابن يانسن، التي تعد خامس أكبر مالك لسفن الحاويات في العالم والتي تنقل معظم السلع المصنعة في العالم، إن “هذا الجفاف في قناة بنما يشكل مصدر قلق كبير”.
ذكرت مجموعة التحليل التجاري “مارين ترافيك ” أن ما لا يقل عن 167 سفينة عبرت القناة خلال الأسبوع الأول من ديسمبر الحالي، مقارنة بـ238 سفينة العام الماضي.
وأفادت هيئة قناة بنما أن مدة انتظار السفن دون حجوزات في المتوسط 12.2 يوم لعبور القناة البالغ طولها 50 ميلاً من المحيط الهادئ إلى المحيط الأطلسي، فيما انقطع الاتصال ببعضها منذ أكثر من أسبوعين.
اضطرت “هاباج لويد” وشركات أخرى مماثلة إلى اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة، لمواجهة التأخيرات المتزايدة، إذ أعلنت المجموعة الألمانية عن تحويل مسار 42 سفينة على الأقل من بنما إلى السويس، للتجارة بين آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة.
مع ذلك، أثارت موجة هجمات مفاجئة شنها الحوثيين المقيمين في اليمن، على السفن، قلق الصناعة العالمية، رغم أن الحوثيين قالوا إنهم يستهدفون فقط السفن المرتبطة بإسرائيل.
قال تاجر في أحد دور تجارة السفن والسلع الأوروبية: “كيف يعرفون من هو مالك السفينة النهائي؟.. يمكنهم التفكير بطريقة أن هذه السفينة ذاهبة إلى إسرائيل، لذلك سنفجرها”.
أضاف أن “قناة بنما مغلقة فعليًا، وإذا حدث نفس الشيء للسويس، فكيف سنحصل على الحبوب حول العالم؟.. وهذا عندما تبدأ أسعار الشحن في الارتفاع”.
وقال هابين جنسن إن شركة “هاباج لويد” ليس لديها أي سفن مرتبطة بإسرائيل تبحر عبر المنطقة المتضررة، مضيفا:” لكننا نراقب الوضع عن كثب .. وإذا لزم الأمر فلن نتردد في تحويل مسار السفن”.
وأكد: “إذا أصبح المرور عبر السويس أكثر صعوبة أيضًا، فقد يتسبب ذلك في اضطراب خطير”.
في علامة مبكرة على الاضطراب الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة البضائع، طبق العديد من مُلاك السفن رسومًا إضافية بمئات الدولارات لكل حاوية للمصدرين الذين يرسلون البضائع عبر بنما، إذ زادت تكلفة استخدام القناة في وقت قصير بملايين الدولارات لكل ممر ملاحي.
كما أعلنت شركة ” هاباج لويد” الأسبوع الماضي، عن “رسوم إضافية لمخاطر الحرب” تصل إلى 80 دولارا لكافة الحاويات المتجهة من وإلى إسرائيل.
تشير مجموعة ” إم دي إس ترانسمودال” إلى أن تغيير الطرق من بنما إلى السويس يزيد وقت رحلات السفن التي تسافر بسرعة 16 عقدة بين نيويورك وشنغهاي بمقدار خمسة أيام.
إذا تجنب مزيد من مُلاك السفن قناة السويس وسلكوا الطريق الطويل حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا للرحلات بين نفس المدن، فقد يزداد وقت رحلتهم بمقدار 6 أيام إضافية.
وقال فورجيوني إن الاضطراب آثار تساؤلات أكبر حول مرونة التجارة العالمية، واقترحت ضرورة النظر في مصادر تصنيع بديلة وطرق نقل مثل الشحن الجوي.
وأضاف: “تحتاج الحكومة والشركات للنظر في شكل سلسلة التوريد المرنة، فهناك قليلاً مما يمكن فعله لاحتفالات عيد الميلاد هذا العام .. لكن إذا لم يتم فعل أي شيء، أعتقد أن هناك خطر النقص خلال العام المقبل”.