«حسين»: توقعات بفرض رسوم إضافية على تأمين السفن المارة لارتفاع المخاطر
ألقت أزمة هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى تل أبيب بظلالها على صناعة النقل البحرى، خلال الفترة الماضية، وهو ما دفع خطوط ملاحية لتقييم ومناقشة الآثار المترتبة على تلك الأزمة، وتأثيرها على حركة التجارة العالمية.
وقال محمد خطاب، مدير بشركة ميرسك لاين إيجيبت، إنَّ هناك العديد من الخطوط الملاحية من بينها «ميرسك» تجرى، حالياً، مناقشات لبحث وتقييم تأثير أزمة الحوثيين على حركة الملاحة المارة بمنطقة باب المندب بالبحر الأحمر لتحديد طريقة التعامل معها خلال الفترة المقبلة.
وقلل “خطاب” من تأثير هجمات الحوثيين على حركة الملاحة ووصفه بـ«الطفيف»؛ نظراً إلى محدودية تلك الهجمات على سفن بعينها، مشيراً إلى أنه سيتم العمل على إيجاد حلول سريعة لتلك الأزمة على المستوى الدولى.
وتابع أن حركة قناة السويس تعمل بشكل متميز، خلال الفترة الأخيرة، وتلك الهجمات والحوادث المشابهة يكون تأثيرها محدوداً جداً، ومؤقتاً، ويتم التعامل معه بشكل سريع قياساً على أزمات مشابهة مثل هجمات القراصنة فى الصومال.
وأشاد «خطاب» بالسياسات التسويقية لقناة السويس، خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أسهم فى تحقيق أرقام قياسية فى عبور السفن، والنجاح فى جذب خطوط ملاحية جديدة تعبر القناة للمرة الأولى.
«سلطان»: حركة الملاحة فى القناة تعمل بشكل طبيعى ومنتظم والأزمة مؤقتة
من جانبه، قال أحمد سلطان، خبير النقل الدولى واللوجستيات، إنَّ أى تعدٍ على خدمات الملاحة والنقل البحرى يكون له تأثير مرحلى ومؤقت، وتكون الأزمة عارضة، ولن يتم السماح باستمرارها على الصعيد الدولى.
أضاف “سلطان” لـ«البورصة»، أن قناة السويس ممر ملاحى دولى، لن يتم السماح بأى تهديد فيه حتى لو كان هناك محاولات ستظل محاولات متفرقة، ويتم التعامل معها بشكل فورى.
أوضح أن تهديدات الحوثيين موجهة بشكل محدد لسفن معينة، موضحاً أنَّ الخطوط الملاحية تعبر قناة السويس باستمرار بانتظام، والقناة ليست طرفاً فى تلك الأزمة.
وكانت ميلشيا الحوثى، أعلنت منذ أيام، حظر مرور جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل، محذرة جميع شركات الشحن من التعاون مع إسرائيل.
ووفقاً لتقرير صادر عن «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، دفعت هجمات الحوثيين على السفن التجارية فى البحر الأحمر، لا سيما تلك المرتبطة بإسرائيل، ببعض الشركات إلى تحويل مسار سفنها بعيداً عن قناة السويس ومضيق باب المندب الاستراتيجى؛ حيث شوهدت هذه السفن، وهى تسلك طريقاً أطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا وآسيا، ما يزيد من وقت عبورها.
ورغم احتواء الهجمات الصادرة من المناطق التى يسيطر عليها الحوثيون فى اليمن حتى الآن، فإنَّ خطر حدوث تعطيل كبير للتجارة العالمية سيبقى مرتفعاً ما دام يتم استهداف السفن التجارية التى تديرها شركات من جنسيات مختلفة.
أشار التقرير إلى أنه إذا تصاعدت هجمات الحوثيين، وأدت إلى تعطيل شديد فى حركة الملاحة فى البحر الأحمر، سيتعرض كل من أمن الطاقة العالمى وتجارة البضائع الجافة لضربة أخرى، خصوصاً فى أوروبا، التى لا تزال تتعافى من التأثير الهائل للحرب الأوكرانية، وفقاً لـ«إدارة معلومات الطاقة الأمريكية»، زادت عمليات نقل النفط الخام المتجهة شمالاً عبر طريقين رئيسيين إلى البحر الأبيض المتوسط ـ قناة السويس، وخط أنابيب سوميد فى مصر ـ بأكثر من 60% خلال النصف الأول من هذا العام، مقارنةً بعام 2020، مع تعافى الطلب فى أوروبا والولايات المتحدة فى أعقاب جائحة «كوفيد ـ 19».
وفى سياق متصل، توقع نظمى حسين، نائب رئيس اللجنة العامة للتأمين البحرى باتحاد شركات التأمين، أن تلجأ شركات التأمين الكبرى ومعيدو التأمين فى العالم إلى فرض رسوم إضافية على تأمين السفن المارة بمنطقة باب المندب والبحر الأحمر؛ بسبب تزايد المخاطر التى قد تتعرض لها تلك السفن؛ نتيجة هجمات الحوثيين على السفن التى لها علاقة بإسرائيل إذا استمر الوضع فى التصاعد فى محيط الأحداث التى تمر بها غزة دون احتوائها أو الوصول إلى تسوية مستدامة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.
أضاف «حسين»، أن الصندوق العربى لتغطية مخاطر الحرب من المتوقع أن يفرض بدوره رسوماً جديدة؛ حيث يلجأ كغيره من شركات التأمين إلى الحصول على التغطيات الخاصة بأسعار الحرب من سوق لندن والسوق الفرنسى التى من المؤكد أن ترفع أسعارها نتيجة تزايد المخاطر فى تلك المنطقة.
نوه نائب رئيس اللجنة بأن تغطيات أخطار الحرب متضمنة الاختطاف، والفدية تعد من التغطيات الخاصة بفرع التأمين البحرى بخلاف التأمين التقليدى الذى يشمل تأمين البضائع وتأمين أجسام السفن.
ووفقاً لـ«حسين»، فالأحداث الحالية تهدد الملاحة البحرية بدرجة كبيرة خاصة بمنطقة باب المندب كونها من المناطق سهل السيطرة عليها من جانب الحوثيين؛ نتيجة ضيق مساحة المضيق، موضحاً أن الملاحة البحرية تستحوذ على ما يزيد على نحو 75%من حركة التجارة العالمية.
فى السياق ذاته، نوه «حسين» بأن اتجاه بعض السفن لاستخدام طريق رأس الرجاء الصالح بديلاً عن مضيق باب المندب يسهم كذلك فى ارتفاع تكلفة الشحن؛ نتيجة زيادة استهلاك الوقود، ما يؤثر بدوره على تكلفة التغطيات التأمينية؛ نتيجة طول الرحلة البحرية.
على جانب آخر، أشار إلى تأثُر قناة السويس بالتطورات التى تحدث حالياً؛ نتيجة تصاعد هجمات الحوثيين ضد السفن المارة بمنطقة باب المندب كون بعض تلك السفن تستكمل رحلتها مروراً بقناة السويس، ووصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط وموانئ أوروبا، وبالتالى تنعكس تأثيرات ما يحدث على إيرادات القناة وحركة السفن العابرة بها.
«قدرى»: شركات إعادة التأمين العالمية ستعتبر الهجمات الحالية للحوثيين مخاطر حرب
من جانبه، توقع طارق قدرى، رئيس قطاع تأمينات النقل البحرى بضائع بشركة قناة السويس للتأمين سابقاً، أن تؤخذ هجمات الحوثيين على السفن المارة بمنطقة باب المندب فى الحسبان عند تسعير التغطيات الأساسية للتأمين لتشمل زيادة فى تسعير التغطية بنسب مختلفة، وفقاً لرؤية المكتتبين بشركات التأمين.
أوضح أن التغطيات الأساسية بوثائق التأمين البحرى تتضمن البضائع المشحونة من الموقع المحدد لبداية الرحلة وحتى الموقع المحدد لنهاية الرحلة وفقاً لشروط المجمع لتأمين البضائع بلندن أ. و ب وج.
وبحسب “قدرى”، تدخل هجمات القرصنة ضمن التغطيات الأساسية بوثيقة النقل البحرى فيما تتم معاملة الحرب كخطر إضافى بقسط منفصل وفقاً لرغبة العميل.
وأوضح “قدرى” أن أخطار الحروب تعرف بأنها الأخطار الناشئة من استخدام أسلحة أو معدات حربية سواء أعلنت الحرب أم لم تعلن.
وتغطى وثيقة أخطار الحروب الألغام المتروكة من حروب سابقة، وكذلك الخسائر التى تنشأ للبضائع المنقولة بحراً من استخدام سلاح حربى حتى خلال مناورة دون إعلان حالة الحرب.
ويقتصر نطاق تغطية أخطار الحرب على الحرب التقليدية، ولا يمتد للحرب النووية أو البيولوجية أو الكيماوية أو الإلكترونية.
وتوقع «قدرى» أن تعامل شركات الإعادة العالمية الهجمات الحالية للحوثيين على اعتبار أنها مخاطر حرب وليست قرصنة كما كان يتم التعامل مع الجهات الصومالية على السفن فى وقت سابق عام 2008.
وتوقع “قدرى” أن يصدر الصندوق العربى لتغطية أخطار الحرب توجيهاته لشركات التأمين التى يتعامل معها باستثناء السفن المارة من البحر الأحمر من تغطية أخطار الحرب كونه أصبح خطراً مؤكد الحدوث فى ظل تطورات الأوضاع الحالية أو لحين الرجوع لمعيدى التأمين فيما يتعلق بإصدار التغطية فيما يعرف تأمينيا ب «Hold Cover».
لفت “قدرى” إلى أن الصندوق العربى لتغطية أخطار الحرب هو المنوط به تحديد تسعير التغطية التأمينية للشركات المشتركة فى الصندوق، موضحاً أن التسعير يختلف من دولة لدولة، وقد يكون من منطقة لمنطقة أخرى داخل الدولة حسب مدى الأمن والاستقرار داخلها وبحسب جدول يتم مخاطبة الدول الأعضاء به.
ووفقاً لـ«قدرى»، فإن سعر التغطية لخطر الحرب محدد عالمياً من جانب الصندوق فيما عدا بعض الدول التى تشهد مخاطر ونزاعات منها والعراق وإريتريا وسوريا وكولومبيا وغينيا وليبيا والنيجر، فضلاً عن استثناء بعض الدول من التغطية منها حالياً روسيا، وأوكرانيا، وليتوانيا، وسوريا، وأفغانستان.