لطفى: التوصيات لا تؤثر على الأسهم ذات الوزن النسبى الكبير فى المؤشر الرئيسى
انتشرت ظاهرة توصيات الأسهم على جروبات “الفيسبوك” وعلى أغلب منصات التواصل الاجتماعى لتوجيه المتعاملين ببيع وشراء أسهم معينة من حسابات أغلبها لا تحمل الاسم الحقيقى لأصحابها، ليتكبد أغلب من تتبع تلك التوصيات خسائر فادحة.
وذاع صيت مجموعات التواصل الاجتماعى، التى تداولت أنباء أهم الأسهم التى لاقت صعودا خلال الشهور الأخيرة، وكثرت المنشورات التى ترشح بيع أو شراء سهم بعينه، ونظرا لكثرة أعداد أعضاء هذه المجموعات، وقوة تأثيرها على المتعاملين الأفراد، بقى التساؤل حول مدى قدرة “السوشيال ميديا” على قيادة دفة مسار البورصة المصرية، وتحديد مصير أسهم الشركات المختلفة.
وقال المتعاملون في السوق، إن ضعف الوعى المالى بين المتداولين في سوق المال يجعلهم يتكبدون الخسائر جراء اتباع توصيات “الفيسبوك” دون بحث كاف عن القيمة الاستثمارية مما يضربمصلحة صغار المستثمرين.
وشهدت البورصة المصرية رواجا على الاستثمار فى الأسهم المدرجة خلال الفترة السابقة، ومع انضمام عدد كبير من المستثمرين الأفراد للسوق خلال العام الحالى، واحتلالهم صدارة الفئات المستثمرة فى البورصة، بدأت تلك الفئات باستغلال منصات التواصل الاجتماعى، لنشرآرائها بشأن شراء وبيع الأسهم.
فتح الله: ترشيحات “الجروبات” تعتمد على محاولة السيطرة على الأسهم الصغيرة
وقال محمد فاروق مسعود العضو المنتدب لشركة جلوبال إنفيست لتداول الأوراق المالية، إن العام السابق شهد أكبر عدد لدخول مستثمرين جدد فى سوق البورصة، وهؤلاء هم الأكثر عرضة للضرر من ترشيحات مجموعات مواقع التواصل الاجتماعى، نظرا لقلة الخبرة، ومحدودية الوقت لديهم، فيتبعون هذه التوصيات دون تحليلٍ وافٍ للأسهم.
وتابع أن معظم التوصيات فى تلك المجموعات تكون بشراء أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة، ليستطيعوا التحكم فيها، ولكن المتعاملين الذين لا يتمتعون بالخبرة الكافية، يقومون بشراء تلك الأسهم، ليتكبدوا بعدها خسائر فادحة لعدم قدرتهم على بيعها لاحقًا.
وأضاف أن هذه المجموعات انتشرت بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، حتى أن بعضها يفرض رسوما للاشتراك بها لمتابعة آخر الترشيحات، ويشارك بعض سماسرة شركات التداول فيها، بنقل التوصيات وتحقيق مكاسب منها للنفع الشخصى، وحال تتبع مصادر المجموعات يتبين أن منها من هو تابع لمساهمين من الشركات المدرجة التى يتم التوصية بشراء أسهم لها عبر هذه المجموعات.
وأكد أن الهيئة العامة للرقابة المالية، كانت قد أقرت بالفعل تعديلات تشريعية تجرم هذا النوع من النشاط على مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أن الأعضاء يقومون بالتحايل عليه من خلال استخدام رموز وأسماء مستعارة فى منشوراتهم بدلاً من استخدام أسماء الأسهم الحقيقة، للتملص من العقوبات.
شدد على أهمية دور الجهات الرقابية فى منع هذا النوع من النشاط، وأن الدور لا يقتصر على الهيئة العامة للرقابة المالية وحدها، وإنما يتسع ليشمل البورصة، والجهات الأمنية، فمباحث الإنترنت هى القادرة على رصد تلك التحركات، وتتبع مصادرها لإيقافها بشكل دائم، لأنها آفة تهدد السوق، وتحتاج إلى مواجهة لتستطيع البورصة أن تزدهر على أسس صحيحة.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية، قد وافقت فى دسيمبر 2021، على إضافة مادة جديدة، وهى تجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك فى باب العقوبات بقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، لردع الأشخاص الذين يقومون بنشر توصيات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين تحقيقا للنفع الشخصى.
حامد: نشر الوعى المالي ضرورة حتى لا ينجرف المتعاملون وراء توصيات مواقع التواصل
وأشار إلى أن مراكز بحوث شركات التداول تقدم حاليا خدمات متنوعة لنشر توصياتها للجماهير عبر مواقعها دون مقابل مادى، وهذه مصادر موثوقة للمتعاملين الذين لا تتوفر لديهم المعرفة الكافية بآليات التداول فى الأسهم، ليقوموا باستخدامها بدلا من اتباع مجموعات السوشيال ميديا غير الموثوقة.
واستحوذ المستثمرون الأفراد على نحو 98% من إجمالى أعداد المستثمرين فى البورصة خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2023، بينما استحوذت المؤسسات على 2% من إجمالي أعداد المستثمرين، وشكل المستثمرون المصريون نحو 98%، فيما استحوذ المستثمرون الأجانب على 1%، وبذات النسبة المستثمرين العرب بنحو1%.
وقال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية، إن هذا النوع من المجموعات لا يستطيع التأثير على سوق المال بأكمله، وإن الصعود الأخير فى البورصة يرجع الفضل فيه إلى المستثمرين ذوى الرؤية الاقتصادية الواسعة، والتى دفعتهم للاستثمار فى الأسهم للتحوط من المشاكل الاقتصادية الحالية.
وتابع أن تأثير هذه المجموعات يكمن فى ترشيحاتهم لشراء أسهم الشركات التى لا تتمتع بعدد كاف من أسهم التداول الحر، مثل أسهم الشركات الصغيرة، وبعض أسهم المؤشر السبعينى، إذ يقوم المتعاملون بترشيح شراء هذا النوع من الأسهم لخلق حالة من الندرة فى الأوراق المالية المعروض للبيع، وبالتالى يرتفع سعر السهم وفقا لقوانين العرض والطلب، ثم ينتفع المتعاملون من هذا الارتفاع فى السعر.
وأضاف لذلك تبتعد تلك التوصيات عن شراء أسهم الشركات الكبيرة، وعلى سبيل المثال أسهم المؤشر الثلاثينى، لعدم قدرتهم على السيطرة عليها، إذ يتم الاستثمار فى تلك الأسهم المهمة بناء على أسس استثمارية صحيحة، وعلى تحليل شامل للقوائم المالية لهذه الشركات.
الألفى: بعض المجموعات تفتقر إلى متطلبات المفهوم الحقيقى للاستثمار
ووفقًا لبيانات البورصة، فإن أعداد المتعاملين الجدد حقق رقمًا قياسيًا حيث بلغ 175 ألف مستثمر في نهاية عام 2022، ليصل إجمالي أعداد المستثمرين المسجلين 526 ألف مستثمر بنهاية الفترة.
وأوضح محمد لطفى، العضو المنتدب لشركة “أسطول لتداول الأوراق المالية”، أن المجموعات لا تؤثر على الأسهم ذات الوزن النسبى الكبير فى المؤشر الرئيسى، وعلى سبيل المثال سهم “البنك التجارى الدولى”، وما يشابهه إلا أن لها القدرة فى التأثير على أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتابع أن التوصيات المتداولة تستهدف المستثمرين الأفراد، الذين يقومون بعمليات مضاربة على الأسهم الصغيرة، مشيرًا إلى أن الزيادة الكبيرة فى أعداد المستثمرين الأفراد خلال العام السابق، لحقه ظهور هذا النوع من التوصيات على مواقع التواصل الاجتماعى.
وأشارت راندا حامد، العضو المنتدب لشركة عكاظ لإدارة وتكوين المحافظ، إلى أن قرار الهيئة الصادر فى 2021 بشأن تجريم التوصيات المتعلقة بالأسهم المدرجة على مواقع التواصل الاجتماعى، كان له تأثير واضح على حد انتشار هذه المجموعات، إذ كانت أكثر شيوعا بدرجة كبيرة قبل عام 2021.
وأوضحت أن المجموعات التى تتناول أنباء الأسهم على مواقع التواصل الاجتماعى، توجد فى عدة دول أخرى غير مصر، مثل الولايات المتحدة، إلا أن الفارق يكمن فى الثقافة المالية لدى أعضاء هذه المجموعات، وكيفية استجابتهم للمعلومات المتداولة.
وتابعت أن المستثمرين الأفراد داخل سوق البورصة المصرية، فى حاجة إلى وجود حملات تثقيفية لفهم آليات التداول فى سوق المال، وهذا دور الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، بجانب الجمعيات المهنية، وليس دور مجموعات غير المتخصصة.
وشددت على أهمية عدم الاستماع إلى أي ترشيحات إلا من قبل المتخصصين، والحاصلين على رخص لمزاولة المهنة من إحدى الجمعيات المهنية، مثل جمعية المحللين الفنيين المصرية، موضحة أنه توجد مصادر متنوعة للحصول على أخبار وبيانات موثقة عن الأسهم المدرجة، سواء على موقع البورصة المصرية الذى ينشر أحدث البيانات بخصوص أسعار الأسهم ومضاعف ربحيتها، أو شركات التداول التى تنشر توصياتها للأسهم على مواقعها دون مقابل مادى.
وساهمت توصيات “السوشيال ميديا” فى السيطرة على أسهم بعض الشركات على مستوى العالم، وكان أبرزها حادثة شركة “جيم ستوب”، التى يتم تداولها فى بورصة وول ستريت الأمريكية، إذ كانت الشركة تعانى وقت جائحة كورونا من تباطؤ فى مكاسبها، وراهن العديد من مديرى صناديق الاستثمار على فقدان الشركة لقيمتها، مما دفعهم إلى البيع على المكشوف لأسهمها.
فريج: يجب الاهتمام بتوعية وتثقيف صغار المستثمرين
وعلى الرغم من ذلك، قام مستخدمو أحد منتديات منصة “ريددت”بالتوصية بشراء أسهم الشركة حتى ارتفع سعر السهم بمعدلات قياسية، ليحقق مكاسب خيالية بنحو 1700%، خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2021، مؤديا إلى خسارة بالغة لمن ساهموا فى عمليات البيع على المكشوف.
ومن خلال عمليات البيع على المكشوف، يقوم الأشخاص باقتراض ورقة مالية لشركة بعينها ثم بيعها، بهدف شرائها لاحقا بسعر أقل، حتى يتمكنوا من تحقيق ربح يعادل الفرق بين سعر البيع على المكشوف وسعر الشراء لاحقا، ولذلك تعتمد هذه العمليات على المراهنة على انخفاض سعر السهم، وإلا سيحقق القائمون عليها خسائر.
وقال عمرو الألفى، كبير محللين استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، إن المستثمرين الأفراد يفضلون هذه المجموعات لأن فيها أحدث الأخبار بخصوص أسهم المضاربات التى سيتوجه نحوها المستثمرون، مما يخلق لهم القدرة على التحكم فى الأسهم ومعرفة ما يمكن أن يخلق لهم أرباحا سريعة لعدة أيام.
وتابع هذه الطريقة لا علاقة لها بالمفهوم الحقيقى للاستثمار، والذى يتطلب بحثا منهجيا وتقييما للمخاطر الاستثمارية المرتبطة بعملية الشراء، ولذلك فعلى المدى الطويل يواجه المستثمرون خسائر مرتفعة، خاصة وأن هذه المجموعات لا تكون مرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية، ويمكن لأى شخص المشاركة فيها دون أن يكون خبيرا بسوق المال.
وأكد أن هذه الترشيحات تفتقر لأساسيات التحليل المالى أو التحليل الفنى، فهى قائمة على شائعات دون أساس، ومخاطرها أفضل من مكاسبها، فعلى الرغم من أى استثمار يتطلب درجة من المخاطرة، إلا أن هذه المخاطر يجب أن تكون مدروسة وقائمة على دراية بأسس إيجابيات وسلبيات السهم موضع الدراسة.
وأشار إلى أن بعض المستخدمين يلجأوا لهذه المجموعات لكونها بدون رسوم، ولكنه ينصح بالابتعاد عنها لأنها قد يكون بها تعارض مصالح، أو أشخاص لهم أهداف محددة للنفع الشخصى، والأفضل هو اللجوء إلى التقييم الشخصى للسهم، وفى حالة افتقار المعرفة، فيستحسن استشارة الخبراء المرخصين من الهيئة العامة للرقابة المالية.
أبوغنيمة: المستثمرين الأفراد هم الأكثر تضررًا من التوصيات الخاطئة
وقال باسم أبوغنيمة، مدير إدارة التحليل الفنى بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن التوصيات الخاطئة التي يروج لها أشخاص ليس لديهم معرفة تضر بشكل كبير المستثمرين خاصة الأفراد، ولذلك يجب توعية ونصح الأفراد، وأن يكونوا علي دراية بالخبراء والمحللين المعتمدين والذين يستطيعون الثقة فيما يقولون، مؤكدًا أهمية وجود دور رقابي لردع مثل هذه الصفحات والأشخاص الذين ينشرون آراء وتوصيات مزيفة.
وأظهر تقرير معهد رويترز لدراسات الصحافة، الصادر هذا العام عن الأخبار الرقمية أن نحو 22% من الجمهور يفضل الحصول على الأخبار كمصدر أولى، من موقع إلكتروني على الإنترنت أو تطبيق، ممثلا تراجع بواقع 10 نقاط منذ عام 2018، بينما تفضل الفئات العمرية الأصغر سنا الاطلاع على الأخبار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كما يميل الصغار إلى التأثر بمشاهير “السوشيال ميديا” عن الصحفيين التقليدين.
وقال محمد فريج، رئيس قسم التحليل الفني بشركة تروبيكانا لتداول الأوراق المالية، إن وجود العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتناول ما يخص التعامل على الأوراق المالية المقيدة في البورصة المصرية، وقيام بعض الأفراد بالإدلاء ببيانات ومعلومات وتقديم استشارات وتوصيات عن الأوراق المالية المقيدة بالبورصة ونشرها على تلك الصفحات الافتراضية يؤثر بالضرر البالغ على صغار المستثمرين من الأفراد.
وأوضح أن هؤلاء الأشخاص يقوموا بإعطاء التوصيات دون خبرة وبناءاً على آرائهم الشخصية، بقصد توجيه القرارات الاستثمارية للأفراد لتحقيق نفع شخصي والإضرار بصغار المستثمرين، مما يؤدي أيضاً إلى الإساءة لسمعة البورصة المصرية خاصة بمن ليس لديهم الخبرة الكافية بالسوق.
وأضاف فريج أنه يجب وجود رقابة على هذه التوصيات، والاهتمام بتوعية وتثقيف صغار المستثمرين للحذر من هؤلاء الأشخاص والذين لا يوجد لديهم الخبرة الكافية لإعطاء التوصيات.