مستثمر أفريقى يدرس تدشين مشروع لإعادة تدوير مخلفات قش الأرز والقصب
تستهدف شركة «إم جى إم» لأعمال المناخ – إحدى شركات مجموعة «إم جى إم» – إصدار شهادات كربون فى السوق الطوعية تصل إلى 150 ألف شهادة لصالح عملائها من الشركات خلال عام 2024، إلى جانب خطط طموحة تتبناها الشركة لزيادة المشروعات الخضراء فى مصر لخفض الانبعاثات بمجالات مختلفة بالتعاون مع عدة مؤسسات محلية وأجنبية.
وقال شريف الديوانى الشريك المؤسس والمدير التنفيذى لشركة إم جى إم لأعمال المناخ، ورئيس قسم الشرق الأوسط فى المنتدى الاقتصادى العالمى “دافوس” سابقا، إن الشركة تعاقدت مع عدد من العملاء وتعمل حاليًا فى سوق الكربون الطوعية التى أطلقتها البورصة المصرية مؤخرًا.
ودشنت البورصة المصرية السوق الأفريقى الطوعى لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية لمساعدة الكيانات العاملة فى مختلف الأنشطة الإنتاجية فى مصر وأفريقيا على الانخراط فى أنشطة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة سواء على جانب العرض من خلال الاستفادة من استصدار وبيع الشهادات الناتجة عن خفض الانبعاثات وتحقيق عائد مناسب لتغطية تكلفة الخفض، أو جانب الطلب الخاص بالشركات التى ترغب فى تعويض انبعاثاتها الكربونية التى يصعب تخفيضها نظراً لتكلفتها المرتفعة أو التى لا يمكن تجنبها.
وأضاف الديوانى فى حوار لـ«البورصة»، أن التعاقدات تشمل 5 شركات تستعد لإصدار شهادات كربون تعمل فى عدة قطاعات مختلفة، موضحًا أن إحداها تعمل فى قطاع إعادة تدوير البلاستيك لإصدار 35 ألف شهادة كربون فى السوق الطوعى مطلع 2024.
وسوق تداول الكربون هو نظام يعتمد على آلية السوق لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال تقديم حافز مالى، كما أنها أحد آليات التمويل المبتكرة للتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وأوضح الديوانى، أن عملاء «إم جى إم» الأخرون يتوزعون بين قطاع «الطاقة الشمسية» و«كفاءة الطاقة»، و«التوليد المزدوج».
وإلى جانب العمل فى سوق الكربون تقدم «إم جى إم» خدماتها الاستشارية لصالح مشروعات مستدامة يدشنها عملائها، ولاسيما دراسات الجدوى، ومن بين المشروعات المرتقبة التى تعمل عليها «إم جى إم» حاليًا لصالح إحدى العملاء الأجانب من دولة جنوب أفريقيا الذى ينفذ مشروع إعادة تدوير لقش الأرز وقصب السكر لاستخدامه فى صناعات مثل الأخشاب والأعلاف، بالإضافة إلى السماد، وفقًا لـ«الديوانى».
وقال إنه جار التوصل للصيغة النهائية حول المشروع، إلا أنه يواجه بعض التحديات المتمثلة فى بعض القلق من الاستثمار فى مصر فى ظل التحديات الاقتصادية، إلى جانب مشكلة نقل قش الأرز بين المحافظات، والتى سيتم تنسيقها مع وزارة البيئة المصرية للوقوف على إمكانية البدء فى تنفيذ المشروع.
وأشار إلى أنه فى حال تنفيذ هذا المشروع سيسهم فى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن حرق قش الأرز وقصب السكر إلى جانب إمكانية استخدامه كوقود بديل لشركات الأسمنت والحديد بدلاً من فحم الكوك مما سيخفض انبعاثات المصانع التى ستستخدم هذا النوع من الطاقة إلى أكثر من 33%.
وأضاف أن «إم جى إم» تعمل أيضًا مع شركة «زيرو كربون» إحدى الشركات التى تعمل بالإسماعيلية وبورسعيد لإعادة تدوير المخلفات لاستغلالها لإنتاج الوقود البديل «آر دى إف» والذى يتم بيعه لمصانع الأسمنت، بالإضافة إلى إنتاج السماد العضوى لعمليات الاستصلاح الزراعى.
مشروع “المانجروفز” سيجذب تمويلات بقيمة مليار جنيه من شركة أجنبية
وأوضح المدير التنفيذى لشركة إم جى إم، أن هناك مشروعات عدة تعمل «إم جى إم» على إعداد دراسة جدواها خاصة بالحفاظ على البيئة، حيث هناك مشروع خاص بالمحميات الطبيعية الخضراء الخاصة بعشب نادر يسمى «المانجروفز» الموجود بمصر بمنطقة مرسى علم، ورأس محمد، والقصير، وحلايب شلاتين، والتى تعتبر مناطق خضراء كثيفة تسهم فى تنقية الهواء وتقليل الانبعاثات الكربونية، حيث تسعى الشركة المطورة إلى إصدار شهادات الكربون تحت نوع «الحفاظ على البيئة» عبر استثمارها فى الحفاظ على هذا العشب الذى يقلل الانبعاثات الكربونية.
وقال إن هناك شركة أجنبية ستقوم بتمويل شراء الشهادات التى سيتم إصدارها بقيمة مليار جنيه خلال العام المقبل، موضحًا أن نوعية تلك الشهادة الخاصة بالمشروع ذات قيمة أعلى وسعر أعلى من الشهادات الأخرى لأنها تحافظ على البيئة وتتجنب الأضرار أى تحمل نوعين من شهادات الكربون للحفاظ على المحميات وتوسيع مساحتها بمساعدة “معهد بحوث البيئة المستدامة” التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة والذى يعمل على التجارب والدراسات المتعلقة بالنبات ويجرى التجارب حالياً بتمويلات أجنبية تجريبية بمنطقة رأس محمد والقصير، وستعمل شركة “إم جى إم” على التأكد من ملائمة المشروع للمعايير الدولية للحصول على الشهادة.
وأضاف أن هناك شركة عمانية تدرس تطبيق هذا المشروع بخلجانها خاصة وأن لديها نفس النبتة، لأنه يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية، وتنتظر تجربة المشروع فى مصر لبدء تنفيذ مشروعها قريبًا.
“إم جى إم” تناقش مع “البريد” إصدار شهادات كربون لتحويل أسطوله شاحناته للعمل بالكهرباء
وقال المدير التنفيذى لشركة إم جى إم، إن هناك مناقشات متطورة مع البريد المصرى بخصوص مشروع تحويل أسطوله من الشاحنات إلى العمل بالكهرباء والغاز الطبيعى بدلاً من الوقود مما يخفض البصمة الكربونية للمؤسسة وتستطيع إصدار شهادات كربون، معتبرا أنه سيكون نقلة نوعية فى المشروعات المستدامة.
وأضاف أن «إم جى إم» تتعاون مع «جولد ستاندرد» لإصدار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية وتتضمن المعايير التى تطبق على العملاء أن يحقق المشروع 3 مبادئ من الاستدامة إلى جانب خفض انبعاثات الكربون.
وأوضح أن شركة “جولد ستاندرد” أصدرت منظومة معايير “MRV” تطبق على الشركات المسؤولة عن منح التدقيق والمصادقة، حيث أنها تقوم بقياس نسبة الانبعاثات للعملاء من الشركات بأول وآخر العام للتأكد أن التمويل التى حصلت عليه قد حقق أهدافه.
وتابع أن شركته لديها خطة مستقبلية لإدارة هذه العملية مع العملاء من خلال توفير برنامج خاص بالعميل، يستطيع من خلاله العميل متابعة نسبة انبعاثاته خلال العام ويستطيع أيضاً المشترى الاطلاع على بيانات الشركة.
وقال إن سوق الكربون الطوعية فى مصر يشترط أن تكون الشهادة محققة ومصادقة من أى من الـ3 جهات الدولية التالية: “جولد ستاندرد”، وفيرا الأمريكية، بالإضافة إلى جهة دولية أخرى.
شريف الديوانى يكتب: هل يوجد ما يدعو القطاع الخاص المصرى لاختيار التحول الأخضر؟
وأضاف أن هناك مركز للتحقق والمصادقة على الشهادات، تابع لجامعة هليوبوليس “Carbon Footprint center”، والذى يختص بمجال الزراعة وحصل على شهادة الاعتماد الدولى “ISO” ويترقب اعتماده من الجهات الدولية.
وأوضح أن «إم جى إم» تقوم أيضًا بمساعدة عملائها على إصدار التقارير الخاصة بخفض الانبعاثات الكربونية لمنتجاتها بشكل تقريبى لمنتجات الشركات التى تستهدف تصديرها، للتوافق مع آلية تعديل حدود الكربون تم إقرارها بشكل تجريبى من الاتحاد الأوروبى، وستنهى الشركة تلك التقارير لصالح العميل فى يناير 2024 لتحصد الموافقة التصديرية.
وسيشمل الاتفاق الذى يعرف بـ”آلية تعديل حدود الكربون” الواردات الصناعية من بلدان التكتل الـ27 ويستهدف أولا المنتجات الأكثر تسببا للتلوث، حيث سيتعيّن على المستورد الإعلان عن الانبعاثات المرتبطة مباشرة بعملية الإنتاج، وإذا تجاوزت المعايير الأوروبية، فسيكون عليه الحصول على “شهادة انبعاثات” بثمن ثانى أكسيد الكربون فى الاتحاد الأوروبى، والتى بدأ تطبيقها منذ بداية الشهر الجارى.
وتعد مصر من الدول المصدرة للأسمدة للاتحاد الأوروبى مما يلزم شركاتها بتقديم شهادة كربونية للمنتجات المصدرة حتى تتمكن من الاستمرار فى التصدير.
وقال الديوانى، إن الاتحاد الأوروبى أصدر معايير وحدود قصوى لكل صناعة بشأن تعديل انبعاثات الكربون لإلزام الدول بحل مشكلة التغير المناخ، مشيرًا إلى أن مصر من ضمن الدول التى من المقرر أن تلتزم بتطبيق آلية تعديل حدود الكربون خاصة وأن لديها الصناعات الواقعة تحت بنود القرار لاسيما الطاقة، والأسمنت، والحديد، والألومنيوم، بالإضافة إلى كونها من المصدرين لتلك الصناعات لدول الاتحاد الأوروبى.
تطبيق ضريبة البصمة الكربونية سيخلق طلبا على شهادات الكربون
وأضاف أن الشركات التى تقوم بالتصدير لأوروبا سوف تقوم بدفع ضريبة «البصمة الكربونية» فى حال زيادة الانبعاثات فى المنتجات عن الحد الأقصى بعدما منح الاتحاد مهلة 3 سنوات، على أن تطبق الضريبة بدءاً من عام 2026 حيث تقوم بدفع 90 يورو على كل طن كربون أكثر من الحد الأقصى، موضحًا أن المعايير تطبق منذ بداية أكتوبر الجارى ويجب على كل شركة الإفصاح عن نسبة الانبعاثات لديها.
وتابع أن الشركات العاملة فى بعض الصناعات التى لن تستطيع تخفيض انبعاثاتها للنسبة المطلوبة مثل الأسمنت ستحصل على “شهادة كربونية” مما يخلق طلبًا على الشهادات وبالتالى لابد أن يقابله عرض مما يزيد الحاجة لسوق كربون.
وذكر أن الشركات التى لن تلتزم أو لن تستطيع تطبيق المعايير سوف تخسر التصدير للسوق الخارجى وبالتالى العوائد الدولارية.
وحول اتجاه الحكومة لتدشين سوق إلزامى لتداول شهادات الكربون إلى جانب السوق الطوعى يرى أن السوق الإلزامى سيعود بالنفع على مصر، بفضل جاذبيته للمستثمرين فسوف يصبح مقصد للاستثمار فالشركات تستطيع من خلاله المساهمة بالالتزامات الوطنية، ويعد وسيلة لجذب الاستثمارات فى خفض الانبعاثات.
وأضاف الشريك المؤسس والمدير التنفيذى لشركة إم جى إم، أن السوق الإلزامى بمصر سيحتاج إلى قانون لتنظيم التعاملات به، وستحصل الدولة على جزء من العائد.
وذكر أن الأسواق العالمية للكربون الإلزامية “مغلقة” مثل سوق الاتحاد الأوروبى، أمريكا، الصين، سنغافورة، وكوريا الجنوبية والتى لا تتداول شهاداتها بالأسواق الاخرى، ولذلك يعد السوق الطوعى بمصر فرصة مثالية لتداول شهادات الكربون مع الأسواق الأخرى.
ويعد طن الكربون “Metric ton of CO2 equivalent” هو وحدة القياس للانبعاثات، ولذلك كل طن من الانبعاثات يساوى شهادة خفض كربونية.
وقال الديوانى، إن سعر الكربون بالعام الماضى قد تخطى 100 دولار للطن وشهد انخفاضاً بالعام الحالى إلى 70 دولارا للطن بسبب التراجع على الطلب، ووجود مؤسسات دولية غير معتمدة تقوم باستغلال عدم وعى بعض الشركات بمعايير التحقق والمصادقة، وتقوم ببيع شهادات مزورة لهم بأسعار منخفضة ويتم رفض هذه الشهادات عند استخدامها.
وأضاف أن أوروبا تغلق سوقها لحماية أسعار الكربون لديها من المنافسة خاصة مع وجود دول مثل الصين والتى وصل سعر شهادة الكربون لديها إلى 10 دولارات، مما لا يشكل صورة متساوية للتنافس، ومن المتوقع وجود تداول حر فى الأعوام المقبلة خاصة مع جذب الاستثمارات لمثل هذه الأسواق.
وتابع أن كل دولة يجب عليها الإفصاح عن المساهمات المحددة وطنياً للأمم المتحدة “NDC” وتختص بإصدار التقرير الخاص به فى مصر “المجلس الوطنى للتغيرات المناخية” وتصدره كل دولة بمعدل كل عامين، وتقدمه للأمم المتحدة وتفصح من خلاله عن نسبة خفض الانبعاثات المستهدفة بعام 2030 والقطاعات التى تسعى الدولة للعمل عليها فى خفض الانبعاثات.
وقال الديوان، إن مصر قد أفصحت بأخر تقرير لها عن استهدافها لزيادة الطاقة المتجددة من الكهرباء بنسبة 30%، حيث وصلت حالياً إلى 12% ومن المتوقع الوصول بها إلى 42% فى عام 2030 مما يعد هدف طموح ويشير إلى أن مصر ستعمل بجد فى مجال الهيدروجين لتظهر النتائج بعام 2027 خاصة بعد أن تم البدء بضخ التمويلات اللازمة.
وأضاف المدير التنفيذى لشركة إم جى إم، أنه مع زيادة تكلفة التنمية المستدامة والتحديات الاقتصادية قامت بعض الدول بتعديل أهدافها لتحقيق التنمية المستدامة إلى عام 2035 بدلاً من 2030.
وأكد أنه يجب التركيز على إنشاء سندات وصكوك خضراء لتستطيع تمويل العديد من المشروعات الخضراء، والتى ستكون جاذبة للمستثمرين وتتطلب الانتهاء من بعض الشروط.