كشف الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة النقد في فلسطين، اليوم، أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 33% خلال الربع الرابع من عام 2023.
وأوضح الجهاز والسلطة – في بيان مشترك عن أداء الاقتصاد الفلسطيني لعام 2023 والتنبؤات الاقتصادية لعام 2024 – أنه تم تسجيل انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي بقطاع غزة خلال الربع الرابع من 2023 بنسبة تجاوزت 80%، ورافقه ارتفاع معدل البطالة إلى 74%، كما طال هذا التراجع أيضاً اقتصاد الضفة الغربية بنسبة 22% مع ارتفاع معدل البطالة إلى 29%، مما أسفر عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين خلال الربع الرابع بنسبة تصل إلى 33%”.
وأشار البيان إلى أن استمرار عدوان الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة خلال الربع الرابع من 2023، وما رافق ذلك من تداعيات على الاقتصاد في الضفة الغربية، أدى إلى إحداث تراجع في الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين بحوالي 6%، وبقيمة تقدر بنحو 1 مليار دولار أمريكي، مقارنة مع عام 2022، بعد أن كان من المفترض أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني نموا نسبته 3% في ذات العام.
وأوضح أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين خلال الربع الرابع من عام 2023 يرجع إلى العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والتعطيل شبه الكامل للحياة الاقتصادية، وتدمير معظم مقومات الإنتاج، والاجتياحات المتكررة للضفة الغربية، وسياسة الإغلاق بين محافظات الضفة الغربية، وتسريح أكثر من 90% من العاملين الفلسطينين في إسرائيل والمستوطنات، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي في اقتطاع أجزاء من العائدات الضريبية (المقاصة) على مدار العام تجاوزت ملياري شيكل؛ كان آخرها اقتطاع الجزء المتعلق برواتب موظفي قطاع غزة، مما حد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه القطاعين العام والخاص، ويضاف الى ذلك التراجع الحاد للدعم الخارجي.
وقال إنه “في المحصلة، تمخضت هذه التطورات عن تشويه البنية الاقتصادية، وإحداث حالة من الانكماش الاقتصادي، جراء تراجع الناتج المحلي في قطاع غزة خلال الربع الرابع من 2023 بأكثر من 80%، وفي الضفة الغربية بنسبة 22% مقارنة مع الربع المناظر من 2022”.
وأضاف: “كما تراجعت القيمة المضافة لكافة الأنشطة الاقتصادية في فلسطين خلال الربع الرابع من 2023 مقارنة بالربع المناظر من العام السابق، إذ سجل نشاط الإنشاءات أعلى نسبة تراجع وصلت إلى 39% (27% في الضفة الغربية، 96% في قطاع غزة)، تلاه نشاط الزراعة بنسبة 38% (12% في الضفة الغربية، 93% في قطاع غزة)، ثم نشاط الخدمات بنسبة 33% (21 في الضفة الغربية، 77% في قطاع غزة)، ونشاط الصناعة بنسبة 28% (24% في الضفة الغربية، 92% في قطاع غزة)”.
ونتيجة لذلك، تراجعت الأنشطة الاقتصادية في فلسطين خلال عام 2023 مقارنة مع عام 2022، حيث سجل نشاط الانشاءات أعلى تراجع بنسبة وصلت إلى 12%، تلاه نشاطي الزراعة والصناعة بنسبة 8%، ونشاط الخدمات بنسبة 6%.
وانخفض إجمالي الاستهلاك بنسبة 33.1% (21% في الضفة الغربية، 80% في قطاع غزة) خلال الربع الرابع من عام 2023 مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، حيث شهد الاستهلاك الخاص من قبل الأسر المعيشية والمؤسسات غير الهادفة للربح انخفاضاً بنسبة 33%، كما انخفض الاستهلاك العام (الحكومي) بنسبة 33.4% خلال نفس الفترة.
أما إجمالي الاستثمار (التكوين الرأسمالي الإجمالي)، فقد انخفض بنسبة 30%، كما تراجع خلال عام 2023 نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8%، وانخفض مستوى الاستهلاك الخاص والعام بنسبة 3% و8% على التوالي، إضافة إلى انخفاض إجمالي الاستثمار بنسبة 5%.
وعلى مستوى حجم التبادل التجاري الفلسطيني مع العالم الخارجي، شهد الربع الرابع من عام 2023 انخفاضاً حاداً في قيمة الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 33%، كما انخفضت الواردات أيضاً بنسبة 33% خلال نفس الفترة.. ونظراً لكون قيمة الواردات تعادل نحو ثلاثة أضعاف قيمة الصادرات، فقد أدى ذلك إلى تراجع عجز الميزان التجاري بنسبة 33%.
جدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري لقطاع غزة قبل عام 2006 شكّل نحو 23% من إجمالي التبادل التجاري لفلسطين، ثم انخفضت هذه النسبة إلى ما دون 4% خلال الربع الرابع من 2023.. وخلال العدوان الأخير على القطاع، توقفت سلاسل التوريد من وإلى القطاع، مما تسبب في كارثة صحية في عموم قطاع غزة نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الصحية.
أما على مستوى العام 2023، فقد سجلت الصادرات والواردات والميزان التجاري استقراراً نسبياً مقارنة مع عام 2022.. وعلى مستوى العمل والعمال، تعمقت الفجوة المناطقية التي تشهدها فلسطين في معدلات البطالة خلال الربع الرابع من 2023.. ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة في فلسطين إلى نحو 46% بواقع 29% في الضفة الغربية، و74% في قطاع غزة.
وعلى المستوى السنوي، فتشير التقديرات إلى أن معدلات البطالة في فلسطين سترتفع من 25.5% في عام 2022 إلى 30.7% في عام 2023 نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته على فلسطين، وأن تصل في الضفة الغربية إلى 18%، وفي قطاع غزة إلى حوالي 53%، إذ تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 651 ألف عاطل عن العمل في فلسطين، منهم 393 ألفا في قطاع غزة، و258 ألف عاطل عن العمل في الضفة الغربية خلال 2023.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك في فلسطين خلال 2023 بحوالي 6% مقارنة بعام 2022 (4.8% في الضفة الغربية، 9.7% في قطاع غزة)، متأثراً بارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية مما اثر سلباً على إنفاق الأسر الفلسطينية، وانخفاض القيمة الشرائية خلال عام 2023 بنسبة 5.5% في فلسطين (4.6% في الضفة الغربية، 8.9% في قطاع غزة)، وبالتالي تأثيره على مستويات الفقر في فلسطين التي ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، وخاصة في قطاع غزة.
كما تسبب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة خلال الربع الرابع من 2023 بارتفاع الأسعار في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 30%، وبنسبة 5% في الضفة الغربية، وبنسبة 11% في فلسطين.
تنبؤات باستمرار التراجع في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل 2024:
وأصدر أيضا الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة النقد تقريرين حول التنبؤات الاقتصادية للعام 2024، والمتاحة على الموقع الإلكتروني لكل منهما.
وتضمنت التنبؤ بأهم المؤشرات الرئيسة في الاقتصاد الفلسطيني خلال 2024، مستندة في ذلك على مجموعة من العوامل والافتراضات التي تم تضمينها في السيناريو الأساس، والتي يتوقع أن ينعكس تأثيرها على أهم المؤشرات في مختلف القطاعات (القطاع الحقيقي، والقطاع المالي، والقطاع الخارجي).
وبحسب سيناريو الأساس، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد الفلسطيني تراجعاً حاداً في أدائه خلال 2024 بعد أن تعرض قطاع غزة منذ بداية الربع الرابع من العام الحالي إلى عدوان إسرائيلي غير مسبوق، ويتوقع أن يستمر بنفس الحدة والكثافة حتى شهر كانون ثاني من عام 2024، والذي لن تتوقف تداعياته على قطاع غزة الذي دُمرت أكثر مبانيه وبنيته التحتية، بل تتجاوزه إلى الضفة الغربية، لتطال معظم قطاعاته وأنشطته الاقتصادية.
ومن المتوقع أيضا أن يتسبب هذا العدوان في تراجع مستويات الطلب المحلي، وخاصة فيما يتعلق بالإنفاق الاستثماري والإنفاق الاستهلاكي للأفراد وللأسر نتيجة لتوقف دورة الأعمال في قطاع غزة بشكل شبه تام، إلى جانب تأثر النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية بتداعيات هذا العدوان، وما سببه من تراجع في الحركة التجارية، وحركة المسافرين، والعمالة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلي، وكذلك بحركة المقاصة مع الجانب الإسرائيلي، وغيرها من القطاعات الحيوية، والتي انعكست محصلتها النهائية على أداء الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام.
ووفقاً لهذا السيناريو، تشير نتائج التنبؤات إلى استمرار تراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال 2024، وللعام الثاني على التوالي، بنسبة تقترب من 5%، مدفوعاً بتراجع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والصادرات، وتراجع القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية.. ومن المتوقع أن يرافق هذا التراجع ارتفاع في معدلات البطالة إلى 35.1% مقارنة مع 30.7% في العام 2023.
ونظراً لكون البيئة التي يعمل فيها الاقتصاد الفلسطيني تنطوي على قدر كبير من المخاطر وعدم اليقين، فقد تم تضمين هذه التنبؤات تحليلاً لمخاطر محتملة الحدوث بدرجات متفاوتة (السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم)، والتي من المتوقع، في حال حدوثها، أن يكون لها تداعياتها الإيجابية أو السلبية على الأداء الاقتصادي في المدى القريب.