لم يعد أحد لديه القدرة على تحمل الارتفاع المستمر فى الأسعار والذى يفوق طاقة الغنى قبل الفقير.. ومع أننا نعلم أن أزمة سعر الصرف أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار السلع إلا أن كثيرا من المنتجين والتجار والمستوردين استغلوا ذلك ذريعة لرفع الأسعار بطريقة مغالى فيها بدءًا من سعر البيضة وحتى سعر السيارة.. عشوائية فى التسعير وضعف فى الرقابة وسياسات غير قادرة على ضبط الأسواق.. فالسلعة الواحدة تباع بأكثر من سعر فى المنطقة الواحدة.. كل من يبيع السلعة يبيعها بالسعر المناسب له لا توجد ضوابط للتسعير أو لتداول السلع بالأسواق.
أصبح من المعتاد كل صباح أن تجد أزمة فى سلعة ما، أمس كان البصل والذى وصل سعره بالأسواق 50 جنيها، فهل تكلف زراعة البصل وتداوله تصل بسعره إلى 50 جنيها؟ وهل سعر السيارة يصل إلى هذا السعر المبالغ فيه؟، أين آليات ضبط الأسواق؟، أين جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار؟، من احتكار مجموعات من رجال الأعمال والتجار للسلع وتخزينها.. وأين جهاز حماية المستهلك من كل ما يحدث بالسوق من عشوائية فى التسعير وتداول السلع؟.. للأسف تكتشف أن هذه الأجهزة ما هى إلا كيانات فارغة من مضمون تأسيسها ضجيح بلا طحين، كل يوم تخرج تصريحات حكومية، بأن الحكومة تسعى لضبط الأسعار أو الحكومة تحدد 7 سلع أستراتيجية، وعاقبت من يخزنها أو يمنعها من التداول، ولكنها فشلت فى إيجاد آلية لضبط أسعارها فالحكومة فشلت فى أن تضع آلية لتحديد هامش ربع للسلع على ضوء تكلفة إنتاج وتداول السلعة بما يحد من عشوائية التسعير المبالغ فيها وعقدت اجتماعات مع الغرف التجارية واتحاد الصناعات، ولكن لم يتوصلوا لحلول ومن الواضح أن الحكومة أضعف من أن تطبق هامش الربح على المنتجين.. بل هى من تواطأت مع التجار والمنتجين فى رفض تحديد هامش ربح ولم لا والحكومة هى أيضًا تاجر ومنتج لكثير من السلع والخدمات وتسعى للاستفادة من تحقيق أقصى هامش ربح حتى ولو على حساب معاناة مواطنيها.. لم تنظر الحكومة إلى أن الإمارات العربية وكثيرا من الدول الرأسمالية تضع هامش ربح للسلعة لا تترك المنتج يحدد أرباحه دون أى ضوابط، ولكن وفق دراسات للتكاليف يتم وضعها مع منظمات الأعمال.. لا أحد يتكلم عن تسعيرة جبرية بل هامش ربح معقول غير مبالغ فيه، فهل التاجر الذى يكسب أكثر من 200 ألف جنيه من بيع السيارة هل هذا ربح معقول أم مغالى فيه؟.
حسين عبدربه يكتب: هل تملك إسرائيل شطب ديون مصر؟
حتى ولو كان يشترى الدولار من السوق الموازى، وهل تكلفة إنتاج وتداول الأرز والسكر بقيمة ما يباع فى السوق.. انظروا إلى ميزانيات شركات السكر أرباح بالمليارات من بيع السكر بسعر مغالى فيه، والغريب أن أغلب شركات السكر إما مملوكة للحكومة أو أنها تساهم بنسب كبيرة فيها وخاصة شركات البنجر.. بخلاف هامش الربح.
أمام الحكومة آليات أخرى لضبط الأسعار وتداول السلع بالأسواق من خلال تدخلها باستيراد السلعة من الخارج لضرب الاحتكارات من جانب من يسيطرون على إنتاج وتجارة وتوزيع السلع أيضا، أين الـ7 آلاف منفذ التابعة للحكومة ولوزارة التموين لتوزيع السلع بالسعر العادل لها؟، ولماذا لا تستخدم الحكومة قاعدة البيانات التى لديها من أصحاب بطاقات التموين وبائعى التموين فى توزيع السلع الغذائية بأسعار معقولة، بمعنى لو كل أسرة لديها بطاقة تموين تحصل على 2 كيلو سكر فى الشهر و4 كيلو أرز فى الشهر بالسعر المعقول وإذا احتاجت الأسرة أكثر من هذه الكمية تشترى من السوق بالسعر المتداول الغريب فى الأمر أيضا أن مجلس النواب، لم يتحرك فى توجيه الحكومة لضبط الأسعار وتشديد الرقابة على الأسواق.. إن أمر ضبط الأسعار بات ضروريا ليس فقط لأنه يمس حياة المواطن، ولكن الأمر يتعلق أيضا بآداء الاقتصاد ومستوى المعيشة.. وهو ما يتطلب سياسات حقيقية وجريئة لكى يشعر المواطن بأن الحكومة تقف بجانبه ولا تتركه فريسة لجشع التجار أو المنتجين.. وللأسف فإن زيادات الأسعار مستمرة للعام الحالى على الأقل وهذا ما يجعلنا نبحث عن حلول لوقف نزيف الأسعار والسيطرة على معدلات التضخم فاستمرار الأمور هكذا لا يهدد حياة المواطن بل يهدد الاقتصاد القومى فمن سينتج سلعة لن يقدر المواطن على شرائها.. انظروا إلى مبيعات السيارات وكيف أنها انخفضت بنسبة %53 العام الماضى.. وأيضا أسعار العقارات التى تدخل العام الجديد بزيادة متوقعة فى الأسعار %40 فمن سيشترى.. إننا نحتاج حكومة تشجع على توفير منافسة حقيقية وعادلة فى الأسواق لتوفير السلع بأسعار معقولة فى متناول الجميع.. آليات السوق الحر لا تمنع الحكومات من أن توفر لمواطنيها السلع إذا ما اختفت من الأسواق أو أن أسعارها أصبحت غير منطقية ولم يعد المواطن قادرا على ملاحقة هذه الزيادات.