أبدى صندوق النقد الدولي ثقته تجاه الخطط الاقتصادية للرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي، من خلال الموافقة على استعراض البرنامج المقدم للأرجنتين البالغة قيمته 44 مليار دولار، والذي سيتيح على الأرجح صرف قرض قيمته أكبر من المتوقع.
وقال صندوق النقد الدولي، في بيان صدر مساء أمس الأربعاء، إن الاتفاق سيمكن الأرجنتين من الحصول على 4.7 مليار دولار، إذا حظي بتأييد المجلس التنفيذي للصندوق. وهذا أكثر من المبلغ المتوقع في البداية والذي يقدر بـ3.3 مليار دولار، كما أنه يوفر لميلي مهلة زمنية للامتثال لسداد ديون بلاده للصندوق قبل أن يقرر ما إذا كان سيستمر في البرنامج الحالي الذي أبرمه سلفه أو التفاوض على برنامج جديد.
خطة استقرار طموحة
تتضمن شروط الصفقة تحقيق الأرجنتين فائضاً مالياً أولياً قدره 2% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وأضاف صندوق النقد الدولي في البيان أن “خطة الاستقرار الطموحة” التي وضعها مايلي، والتي تشمل خفض قيمة البيزو بنسبة 54% الشهر الماضي، من المتوقع أن تعزز صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى 10 مليارات دولار بحلول نهاية العام. وجرى بالفعل تجميع حوالي 2.7 مليار دولار من هذا المبلغ في الأسابيع الأخيرة من 2023.
وصرح وزير الاقتصاد لويس كابوتو للصحفيين بعد الإعلان: “نحن واثقون تماماً من أن الإجراءات التي نتخذها ستضعنا على الطريق الصحيح”. وأضاف أن صندوق النقد الدولي مستعد لاستكشاف برنامج جديد، لكن من السابق لأوانه أن يفكر مايلي في ذلك.
واعتبر المستثمرون، الذين قادوا ارتفاع أسعار السندات الأرجنتينية بالفعل بسبب تقارير تفيد أن الصفقة ستتم بحلول نهاية اليوم، الاتفاق اعترافاً واضحاً بالجهود المالية التي يبذلها صندوق النقد الدولي في الأرجنتين.
وقال والتر ستويبلويرث، كبير الاستراتيجيين لدى شركة الوساطة المالية “غليتير” (Gletir) ومقرها مونتيفيديو، إن “موظفي صندوق النقد الدولي يمنحون درجة جيدة، لكن دون مكافأة إضافية”، في إشارة إلى أن الصندوق لم يعد بتقديم أموال جديدة. “هذه صفقة كبيرة، حيث يسير تراجع الطلب وتعليق تسييل العجز (عملية شراء البنك المركزي للسندات الحكومية) بشكل جيد حتى الآن”.
أهداف جيدة
قال كابوتو إن الأرجنتين تشعر بالراحة تجاه الأهداف التي حددها صندوق النقد الدولي، مضيفاً أنها ستتحقق بغض النظر عن موافقة الكونجرس على المرسوم الرئاسي لمايلي وحزمة القوانين الشاملة. وتشمل الخطط، التي تواجه الآن مناقشة حادة في مجلس النواب الأرجنتيني، فرض ضرائب أعلى وتدابير تخفيف شاملة للقيود التنظيمية.
وفي نفس المؤتمر الصحفي، قال رئيس البنك المركزي سانتياجو بوسيلي إن صندوق النقد الدولي مرتاح للسياسة النقدية للأرجنتين، رغم أن التضخم لا يزال أعلى من أسعار الفائدة القياسية. وتشير تقديرات خاصة إلى أن التضخم السنوي سيتجاوز على الأرجح 200% في ديسمبر، مع تفكيك مايلي لآليات التحكم في الأسعار وسط انخفاض قيمة البيزو.
تعهد باوسيلي أيضاً بالحفاظ على النظام الحالي لربط العملة الحالي الذي يسمح بتخفيض قيمة البيزو بنسبة 2% شهرياً، وهي وتيرة يعتبرها الاقتصاديون غير كافية لعدم زيادة نسبة التفاوت بين الأسعار الرسمية وأسعار الصرف كثيراً.
هذا الاتفاق المنعقد على مستوى الموظفين جاء بعد زيارة كبار مسؤولي صندوق النقد الدولي إلى الأرجنتين لإجراء المفاوضات، وهو تطور إيجابي رمزي خاصة أن المحادثات السابقة جرت بالكامل تقريباً خارج البلاد، وسط تصاعد التوترات بين الرئيس ألبرتو فرنانديز وقيادة الصندوق.
تاريخ الصندوق مع الأرجنتين
يتمتع صندوق النقد الدولي بتاريخ طويل من البرامج التي لم تنجح بالشكل المنشود في الأرجنتين. فقد فشلت خطة الإنقاذ القياسية لعام 2018 في إنقاذ الاقتصاد من أزمة العملة واستُبدلت في 2022 باتفاقية أخرى فشلت الحكومة السابقة في الالتزام بها.
لكن الأمور تسير بشكل جيد بين مايلي والصندوق على الأقل حالياً. فقد أشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا بالخطوات الأولى للرئيس، وذهب مايلي إلى حد التصريح بأن الصندوق “يرانا كأبطال” بسبب تدابير التقشف المتخذة.
بالرغم من أن مايلي يتمتع بدعم من واشنطن، فإن وصفته الداعمة للسوق واللازمة لإصلاح اقتصاد بلاده تنطوي على معاناة شديدة في المستقبل، وقد اندلعت معارضة شعبية لخطته بالفعل. ومن المقرر أن تنظم النقابات العمالية إضراباً عاماً في 24 يناير، بينما أصبحت مشاهد السكان في بوينس آيرس وهم يقرعون القدور والأواني إعراباً عن تمردهم ضد حملة التقشف، أمراً روتينياً.