وجه رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة الوزارات والجهات المعنية إلى اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة للتعامل مع الآثار التضخمية المحتملة على السوق الأردنية وعلى العالم بأسره؛ بسبب التطورات الإقليمية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المستمر على أشقائنا في قطاع غزة، والأوضاع القائمة في البحر الأحمر.
وقال رئيس الوزراء الأردني خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء اليوم الأحد، “إن (15%) من حجم التجارة الدولية يمر عبر مضيق باب المندب، وبحكم العدوان الإسرائيلي المستمر على أشقائنا وأهلنا في قطاع غزة، جرت تطورات إقليمية أدت إلى ما تراه بعض شركات النقل على أنه يشكل مخاطر على استمرار عبورها عبر المضيق”.
وأضاف الخصاونة أنه ووفق تقديرات دولية، بالإضافة إلى تقديرات وزارة النقل ووزارة الصناعة والتجارة والتموين، فإن كلف شاحنات النقل ارتفعت ارتفاعا مطردا بواقع (160 – 170%) تقريبا للشاحنات القادمة من جنوب شرق آسيا، وفي أحيان كثيرة من (60 – 100%) للشاحنات والكونتينرات الواردة من أميركا الشمالية وأوروبا، بالإضافة إلى رسوم تأمين البضائع المستوردة التي ارتفعت هي الأخرى.
ولفت إلى أن هذا الحال إن استمر، “ونأمل ألا يستمر” سيحدث أثرا تضخميا؛ لأن القطاعات التجارية والصناعية تعمل على قاعدة الربح المشروع، وبالتالي ستقوم بعكس الكلف مع الهوامش الربحية، وعندما يكون هناك ارتفاع
يتوقع أن ينعكس ذلك على أسعار السلع والبضائع “لأن التاجر وبشكل محق لا يؤدي وظيفة اجتماعية بل يعمل على قاعدة الربح”.
وأشار رئيس الوزراء الأردني إلى أن القطاع الخاص التجاري والصناعي والسياحي في جله الأعظم كانوا دائما على قدر كبير من المسؤولية، وارتضوا بأن تكون هوامش الربح معقولة، مضيفا: “هذا قطاع وطني نحييه على ذلك دائما”.
وقال الخصاونة: “واجبنا أن نحاول تخفيف بعض الجوانب التضخمية عبر إجراءات تؤدي إلى الحد منها فيما يتعلق بفروق السعر”، لافتا إلى أنه كلف نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزيري المالية والنقل بتقديم مرئيات متعلقة بما نستطيع أن نقدمه “ليس في إطار نوافذ تمويلية لأننا لا نمتلك هذه النوافذ التمويلية في سياق التزاماتنا وقدراتنا المالية والسياسة العامة للدولة التي لا تقدم دعومات عامة، بل تقدم دعما باتجاه المواطن المحتاج، وليس دعما للسلع منذ أن انتقلنا إلى تبني منهجية اقتصاد السوق والإصلاحات الهيكلية”.
وأضاف “ربما تكون لدينا وسائل للحد من هذا الأثر التضخمي عبر تبني إجراء شبيه بالإجراء الذي تبنيناه خلال جائحة كورونا فيما يتعلق بوضع سقف جمركي على قيمة الحاويات الواردة إلى سعرها وسقفها الذي كان قائما ما قبل تاريخ 7 أكتوبر من العام الماضي”، لافتا إلى أنه وجه إلى اتخاذ هذا التدبير وهذا الإجراء.
ولفت رئيس الوزراء الأردني إلى أن القوات المسلحة الأردنية، كدأبهم دائما التزموا بتوفير المواد الأساسية في أسواق المؤسسة الاستهلاكية العسكرية بأسعارها الحالية، ولاسيما أننا مقبولون على شهر رمضان المبارك بعد شهرين من الآن.
وفي السياق ذاته، وجه رئيس الوزراء الأردني المؤسسة الاستهلاكية المدنية بتوفير مخزون وافر وكاف لكل المواد الأساسية، وأن تحافظ على أسعار هذه المواد الأساسية حتى نهاية شهر رمضان المبارك – على الأقل – بصرف النظر عما قد نتحمله من كلف مرتبطة بذلك، سواء في المؤسسة الاستهلاكية المدنية أو العسكرية، لافتا إلى أن هذا الأمر بمثابة توجيه أساسي وقرار حكومي، آملا “أن تنجلي هذه الغمامة قريبا وأن يتوقف العدوان على أهلنا في قطاع غزة”.
ووجه رئيس الوزراء الأردني وزير الصناعة والتجارة والتموين بتشديد الأدوات الرقابية في الأسواق والتحوط والتثبت من استمرارنا في الحفاظ على مخزون استراتيجي آمن من القمح والشعير وكل المواد الأساسية، مثلما هو حالنا اليوم، قائلا: “لا بد من تعزيز الأدوات الرقابية والردع الكامل لأي قلة أو فئة قليلة تبغي أن تضارب وتستغل الأوضاع الاستثنائية للتأثير على قوت المواطن وقدرته وتلبية احتياجاته المعيشية”.
كما وجه الدكتور الخصاونة وزيري الصناعة والتجارة والتموين والنقل إلى مراقبة أوضاع وانتظام حركة الشحن، مشيرا إلى أن انتظام حركة الشحن والبواخر باتجاه ميناء العقبة لم تتأثر جذريا، بمعنى أن انتظام الحركة الملاحية ما زال قائما، مع وجود تأخيرات بسبب لجوء الكثير من الشركات البحرية إلى عدم الولوج من مضيق باب المندب والذهاب باتجاه رأس الرجاء الصالح، ما يترتب عليه تأخير في الشاحنات وليس توقفنا بشكل كامل.
وأشار إلى العمل أيضا على إيجاد خيارات بديلة في إطار ما يسمى بـ”خطوط تغذية” منوها في الوقت ذاته إلى أن الانتظام في وصول البضائع ما زال قائما، ولا توجد أي إعاقات، وهناك بعض الشركات التي توقفت بواخرها عن القيام بالإبحار عبر طريق باب المندب بدأت تراجع هذا القرار قبل أيام ، لكن ما نتحدث عنه هو الأثر التضخمي المحتمل أن يصيبنا بسبب الارتفاعات الكبيرة في كلف الشحن والتأمين، والتي يعكسها عادة التجار في إطار مشروع على أسعار البضائع.
ولفت رئيس الوزراء الأردني إلى أن البنك المركزي سيستمر بتمويل البرامج التي بدأ بتمويلها خلال فترة كورونا، والتي كان حجمها الكلي بواقع مليار و200 مليون دينار، وربما يستطيع كذلك أن يقدم بعض النوافذ التمويلية التي لا تتجاوز قيمتها مليون دينار للتاجر فيما يتعلق بتوفير سلع أساسية في إطار برامج تمويلية، مثمنا الجهود التي يقوم بها البنك المركزي الذي تدخل فيها لإنقاذ بعض القطاعات وإسنادها بشكل ناجح خلال كورونا، والأهم من ذلك إيصال السلع الأساسية في إطار الديمومة.
ونوه الخصاونة، طبقا لبيان مجلس الوزراء الأردني، إلى أن انتظام سيرورة الحياة الاقتصادية أمر أساسي انطباعيا، “فنحن في منطقة توجد فيها أعمال عسكرية وعدوان سافر يمارس على أهلنا في قطاع غزة، بيد أن أداءنا الاقتصادي يجب أن يستعيد عافيته”، وأن نتمكن من تحقيق أداء اقتصادي مشابه ويتفوق على الأداء الاقتصادي المتميز الذي حققناه العام الماضي، والذي لنا أن نفخر به كحكومة إلى أن جاء الربع الأخير من العام الماضي، حيث كان الأداء الاقتصادي والمالي والنقدي للدولة الأردنية مميزا للغاية مقارنة مع سنوات ما قبل جائحة كورونا.
وأشار في هذا الصدد إلى أن القطاع السياحي كان أداؤه أفضل بكثير من سنة الأساس التي نعتبرها قياسية، وهي سنة 2019، كما كان من الممكن أن نصل إلى نسبة نمو اقتصادي تقارب (2.8%) لولا الربع الأخير من العام الماضي، والأمر ذاته فيما يتعلق بقطاع التجارة والصادرات والميزان التجاري.
كما أن آثار الربع الأخير من العام الماضي وما بعد تاريخ 7 أكتوبر على الأداء العام وحتى على الجانب الاستثماري كانت كبيرة، مضيفا “لا يصح أن نظل في إسار إعاقات لانتظام سيرورة الحياة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية في الأردن، مع محافظتنا على كل التضامن الوجداني والعاطفي والسياسي والقانوني مع أشقائنا وأهلنا في فلسطين”.
وأشار في هذا الصدد إلى العمل الدؤوب الذي يقوده الملك عبدالله الثاني لتحقيق وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، وإطلاق عملية شاملة تفضي إلى تجسيد حل الدولتين الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة والناجزة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق جداول زمنية ثابتة ومحددة، وترتكز إلى فكرة وحدة الضفة الغربية وغزة.
وأضاف الخصاونة: حققنا الكثير العام الماضي، لكن الربع الأخير أثر بشكل كبير على مختلف القطاعات، ولكن سيرورة الحياة حتى انطباعيا وذهنيا، يجب أن تعود إلى وتيرتها الطبيعية في الداخل؛ لأن هذا يعزز منعتنا وتماسكنا، ما يمكننا من أن تكون مواقفنا متقدمة وقادرة على إسناد قضايانا القومية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ودعم أشقائنا في فلسطين، وتزويدهم بالمساعدات والإسناد الإنساني الذي يحتاجوه.