تعتمد شركة “سامسونج إلكترونيكس” على الذكاء الاصطناعي لإنعاش صناعتها للهواتف المحمولة. وقال تي إم روه، رئيس قطاع الهواتف المحمولة في مقابلة، إن الذكاء الاصطناعي سيقود السوق العالمية للهواتف الذكية إلى النمو مجدداً، وإن “سامسونغ” تتوقع تتفوق في أدائها من خلال مبيعات أحدث أجهزتها الرائدة.
كشفت أكبر شركة في كوريا الجنوبية، أمس الأربعاء، عن عائلة هواتف “جلاكسي إس 24” (Galaxy S24)، بعد أيام من خسارتها لقب أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم لصالح شركة “أبل” وهاتفها “أيفون”.
تتميز الأجهزة الجديدة بتحسينات الذكاء الاصطناعي، المقدمة من شركتي “سامسونج” و”جوجل” التابعة لـ”ألفابت”، وهذه التحسينات تشمل الترجمة المباشرة المدمجة مع المكالمات وأداة بحث جديدة تتيح للمستخدمين تحديد صورة بعينها على الهاتف للحصول على المعلومات اللازمة. وفاجأت “سامسونج” أيضاً بمعاينة جهاز “جلاكسي رينغ” (Galaxy Ring)، وهو جهاز يستهدف تتبع صحة المستخدم، مما يُظهر تطلعها لتحدي “أبل” على جبهة أخرى.
“سامسونج” أول من يدمج الذكاء الاصطناعي
أضاف روه إن “سامسونج” تراهن كثيراً على كونها أول من يدمج الذكاء الاصطناعي في تجربة المستخدم الشاملة وتسبق منافسين مثل “أبل” و”شاومي”. وتستهدف الشركة نمو مبيعات مكون من رقمين بفضل تشكيلتها الرائدة الجديدة.
تشير تقديرات “كيه بي سيكيورتيز” (KB Securities) إلى أن مبيعات “سامسونج” من هواتف “جلاكسي إس 24” قد تكون الأفضل في هذا النطاق منذ 8 أعوام، كما أن الشركة في وضع يمكنها من الاستحواذ على نصف السوق المحتملة للهواتف المعززة بالذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، لن تتمكن الشركة الكورية، التي تكمن قوتها عادة في مجال الأجهزة، من سير هذا الطريق بمفردها. بل إنها تعتمد في هذه الميزات الأولية على نموذج “جوجل” للذكاء الاصطناعي “جيميناي إيه أي” (Gemini AI)، كما أنها تعمل بشكل وثيق مع “مايكروسوفت”، الشريك الداعم لـ”أوبن إيه أي” (OpenAI). ولمعالجة المهام الخاصة بالذكاء الاصطناعي على الجهاز، تستخدم معالجات “سناب دراغون” التابعة لشركة “كوالكوم” التي توفر معالجات مخصصة لمثل هذه المهام. كما أعلنت “سامسونج” و”جوجل” مؤخراً أنهما ستقللان من الازدواجية في التنافس مع “إير دروب” (AirDrop) الخاص بـ”أبل” من خلال الاتفاق على ميزة “كويك شير” (Quick Share) في نظام “أندرويد”.
قال روه في مقابلة مع “بلومبرج نيوز” من سان خوسيه بكاليفورنيا، إن “ما يهم في النهاية هو تجربة المستخدم.. فنحن منفتحون دائماً للتعاون مع شركائنا في مجالات جديدة في صناعة الهواتف المحمولة”.
ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 1.1% في سيؤول اليوم الخميس، بعد عرض أقيم في “إس إيه بي سنتر” (SAP Centre) في سان خوسيه، على مقربة من مقر “أبل”. وفي ظل تركيزها على جذب المستخدمين الأصغر سناً، سلطت “سامسونج” الضوء أيضاً على ميزات تقريب الصورة في الكاميرا وتعديلها المحسنة، بما فيها خيار تحويل الفيديو العادي إلى حركة بطيئة عبر إدراج إطارات بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
أمضت الشركة التي يقع مقرها في سوون، والتي تعد أيضاً أكبر شركة لتصنيع رقائق الذاكرة في العالم، عام 2023 في استيعاب رؤى مستخدميها وتصميم ميزات وإضافات جديدة للذكاء الاصطناعي لتعزيز جاذبية أحدث جيل من أجهزتها. وبالرغم من استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي منذ فترة طويلة في الهواتف، أدى ظهور أدوات مثل “تشات جي بي تي” من “أوبن إيه أي” إلى الاندفاع لتقديم خدمات أكثر تطوراً بشكل مباشر على أجهزة الأفراد.
ميزات الذكاء الاصطناعي في الهواتف
قال لي تشانغ مين، المحلل في شركة “كيه بي سيكيورتيز”، إن “الميزات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي يمكنها توفير راحة حقيقية وقد تشجع المستهلكين على تبديل هواتفهم”. وسجلت بعض الأسهم الصغيرة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في كوريا بالفعل بعض المكاسب قبل الكشف عن هاتف “جلاكسي إس 24″، وقد ترتفع مجدداً بعد الإطلاق، في ظل العامل الحاسم المتمثل في جودة الميزات الجديدة التي أضافتها “سامسونج”.
قال روه، ذو الـ55 عاماً، إن خطط “سامسونج” لا تقتصر على الهواتف الجديدة، حيث تعتزم الشركة تقديم ميزات الذكاء الاصطناعي لبعض نماذجها السابقة التابعة لسلسلة “جلاكسي إس” (Galaxy S) في النصف الأول من العام الجاري. وسجلت الشركة نمواً مزدوج الرقم من هواتفها “جلاكسي إس 22” والنموذج الذي طرحته العام الماضي “إس 23″، مما يمنحها الثقة في قدرتها على تكرار هذا الإنجاز.
في الوقت نفسه، يقول هون باك، رئيس فريق الصحة الرقمية المحمول في “سامسونغ”، إن جهاز تعقب الصحة “غلاكسي رينج” الجديد سيُطلق هذا العام. يأتي الإعلان التشويقي للجهاز في وقت تواجه فيه “أبل” دعوى قضائية بشأن ميزات قياس الأكسجين في ساعتها “أبل ووتش”. كما تعتزم “سامسونج” دمج “جلاكسي رينج” بشكل وثيق مع هواتفها الذكية لتقديم نظام بيئي أقوى للمستهلكين.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الهواتف الذكية
مع ذلك، عانى سوق الهواتف الذكية العالمي من ركود لأعوام، ثم تراجع مرة أخرى في العام الماضي. وتشير تقديرات “أي دي سي” إلى انخفاض شحنات “سامسونج” بنسبة 13.6% في 2023.
,يتوقع روه أن ينتعش كلاهما في 2024، حيث يضفي الذكاء الاصطناعي بعض الإثارة الضرورية في هذه الفئة، مضيفاً أن العديد من المستهلكين مستعدون لترقية هواتفهم بعد طفرة المبيعات المسجلة خلال 2021، حيث بلغت دورة الترقية النموذجية الآن حوالي ثلاثة أعوام.
على غرار بعض تقديرات السوق، يتوقع روه ارتفاع شحنات الهواتف الذكية العالمية بنسبة تتراوح بين 5% إلى 6% تقريباً هذا العام، رغم آماله في تجاوز التوقعات مع أجهزة “سامسونج” الجديدة.
وترى “سامسونج” فرصة لاستعادة مكانتها بعدما خسرت مركزها لصالح “أبل” العام الماضي. وأرجع روه ذلك إلى كون الذكاء الاصطناعي، حتى وإن كان يخاطر بإرهاق المستهلك بسبب الضجيج المفرط، ليس صيحة عابرة، بل إنه يشبه عصر الإنترنت والهواتف الذكية، ويظهر تحول هائل في علاقتنا بالتكنولوجيا، مما قد يعيد تنظيم القيادة في الصناعة.
وأوضح أن “هاتف إس 24 يمثل مجرد بداية لعصر جديد تسود فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي.. ونأمل أن يساعد ذلك في إنعاش صناعة الهاتف المحمول العالمية”.