تباطأ نمو الأجور فى الاقتصادات الكبرى، خلال الأشهر الستة الماضية، فى إشارة أخرى إلى أن البنوك المركزية تتعرض لضغوط متزايدة لبدء خفض أسعار الفائدة فى النصف الأول من العام الحالى.
بلغ النمو السنوى للأجور المعلنة 3.8% فى الولايات المتحدة فى ديسمبر بعد انخفاض مطرد فى عامين، وذلك بعد بلوغها الذروة عند 9.5% أواخر 2021، وفقاً لمتتبع الأجور عبر البلاد الذى نشره موقع «إندييد» للبحث عن الوظائف.
كما بلغ نمو الأجور السنوى 3.8% فى منطقة اليورو، انخفاضاً من الذروة البالغة 5.2% فى 2022، حسب «إندييد».
وحتى فى المملكة المتحدة، حيث كان نمو الأجور أقوى وأكثر ثباتاً، كان متوسط معدل الأجور المذكور فى إعلانات الوظائف أعلى بنسبة 6.6% عن العام السابق، بانخفاض عن ذروة بلغت 7.4% فى يونيو.
لا شك أن الأرقام ستُشعر صُناع السياسة النقدية بالاطمئنان فى ظل خوفهم من صعوبة خفض التضخم بشكل مستدام إذا استمرت الأجور فى الارتفاع بسرعة وتمرير التكاليف للمستهلكين.
يقول موقع «إندييد»، إنَّ الصورة الإجمالية تحمل «أخباراً جيدة للعاملين والباحثين عن عمل»، إذ إن المعدل الأبطأ لنمو الأجور لا يزال أكبر من ارتفاع أسعار المستهلكين، ما يساعد على انتعاش مستويات المعيشة.
وانخفض التضخم بشكل حاد فى جميع الاقتصادات الكبرى العام الماضى، وأظهرت أحدث البيانات أنه بلغ 3.4% فى الولايات المتحدة، و2.9% فى منطقة اليورو، و3.9% فى المملكة المتحدة.
لكن ضغوط الأسعار لا تزال تتصاعد؛ حيث لا يزال التضخم فى قطاع الخدمات كثيفة العمالة مرتفعاً للغاية بشكل غير مريح لصُناع السياسات.
يراهن المستثمرون على أن مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى قد يبدأ فى خفض أسعار الفائدة فى مارس، وذلك حال استمرار ضغوط الأسعار فى التراجع، فيما يستمر البنك المركزى الأوروبى فى خفض الفائدة الشهر المقبل، بينما يتخذ بنك إنجلترا أول خطوة له فى مايو.
ومع ذلك، حذر محافظو البنوك المركزية من أنهم سيحتاجون إلى دليل أوضح بكثير على أن أسواق العمل قد تباطأت بما يكفى لوضع التضخم على مسار هبوطى ثابت قبل أن يخففوا من موقفهم.
فى الواقع، أظهر متتبع الأجور، الذى يغطى فرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا، أن الصورة تختلف عبر منطقة اليورو، مع استمرار ضغوط الأجور القوية فى دول مثل هولندا وألمانيا؛ حيث كافحت القطاعات ذات الأجور المنخفضة للتوظيف.
طُورت أداة تتبع الأجور بالتعاون مع البنك المركزى الأيرلندى، وقد لفتت تلك الأداة انتباه صُناع السياسات أن الأجور المعروضة على المجندين الجدد يمكن أن تكون دليلاً مبكراً لدفع الزيادات للموظفين الحاليين.
وقال باول أدرجان، الاقتصادى فى «إندييد»، إن الأرقام تشير إلى أن أسواق العمل «وصلت إلى نقطة تحول»، مع ظهور تباطؤ واسع النطاق فى معظم المهن، ما يشير إلى أنها ليست ظاهرة متخصصة.
لكن أدرجان حذر أيضاً من أن الأمر قد يستغرق وقتاً أطول فى منطقة اليورو منه فى الولايات المتحدة حتى يتباطأ نمو الأجور فى الإجراءات الرسمية إلى معدل يصل إلى 3%، والتى تعتبرها البنوك المركزية متوافقة على نطاق واسع مع التضخم الذى يصل إلى 2%، فيما «يعد الطريق أكثر صعوبة بالنسبة للبنك المركزى الأوروبى».
قال فيليب لين، كبير الاقتصاديين فى البنك المركزى الأوروبى، إن الأمر «سيستغرق وقتاً لفهم ما إذا كانت تسويات الأجور تتباطأ بشكل جيد»، مضيفاً أن الوصول إلى نمو الأجور بنسبة 3% سيكون «عملية تدريجية».