بدأت الصين فى اتخاذ خطوات لوضع معاييرها الخاصة لأشباه الموصلات المستخدمة فى السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة، فى إطار سعيها لاستبدال واردات هذه المكونات الحيوية بالإنتاج المحلي.
ووجهت الحكومة الدعوة للمصنعين إلى إنشاء معايير تكنولوجية لأكثر من 30 نوعاً من أشباه الموصلات المهمة فى السيارات بحلول عام 2025 وأكثر من 70 نوعًا بحلول عام 2030، وفقًا للمبادئ التوجيهية الصادرة هذا الشهر عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات.
وتسعى التوجيهات، الصادرة للمجموعات التجارية فى 8 يناير، إلى ضمان السلامة والموثوقية من خلال توفير اختبارات أداء لأشباه الموصلات المستخدمة فى المركبات الجاهزة والأنظمة الأساسية.
وقال مصدر فى صناعة السيارات إن الحكومة “ستستخدم على الأرجح عملية وضع المعايير لتوجيه شركات صناعة السيارات لاستخدام أشباه الموصلات المصنوعة محليا”.
تهدف الصين إلى بناء سلسلة توريد محلية لأشباه الموصلات حتى تكون آمنة من تهديدات العقوبات الأمريكية.
وتشكل أشباه الموصلات نقطة ضعف فى مساعى الصين إلى أن تصبح قوة عظمى فى مجال السيارات من خلال الاستفادة من ريادتها فى التحول من السيارات التى تعمل بالبنزين إلى السيارات الكهربائية.
حققت مبيعات السيارات الجديدة فى الصين نمواً بنسبة 12% فى عام 2023 لتصل إلى 30.09 مليون سيارة، ووصلت الصادرات إلى ما يقرب من 5 ملايين سيارة، مما يضع الصين فى المقدمة لتسبق اليابان كأكبر مصدر للسيارات فى العالم، وذلك وفقًا للجمعية الصينية لمصنعى السيارات.
وقادت الصين النمو العالمى فى السيارات الكهربائية وغيرها من مركبات الطاقة الجديدة العام الماضي، مع زيادة فى المبيعات بنسبة 38% إلى 9.49 مليون سيارة.
كما تشمل مركبات الطاقة الجديدة، وهو مصطلح صيني، السيارات الهجينة ومركبات خلايا الوقود.
تتطلب السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة مزيدا من أشباه الموصلات مقارنة بالسيارات التقليدية، حيث ستُزود كل سيارة كهربائية بحوالى 1300 من أشباه الموصلات، مقارنة بأقل قليلاً من 500 فى السيارات التى تعمل بالبنزين، وذلك وفقًا لشركة تصنيع سيارات صينية كبرى
تشير شركة بيانات صناعة السيارات الصينية “غازجو” إلى أن السيارات ذاتية القيادة من المستوى الرابع، والتى يمكن أن تعمل دون تدخل السائق فى ظل ظروف معينة، تحتوى على أكثر من 3000 من أشباه الموصلات.
تعمل شركات صناعة السيارات الصينية على تطوير أشباه الموصلات الخاصة بها، وذلك فى ظل تشجيع من الحكومة. تقوم مجموعة تشجيانغ جيلى القابضة، الشركة الأم لشركة فولفو للسيارات، بوضع أشباه الموصلات الخاصة فى سياراتها الرياضية متعددة الاستخدامات.
يعد تطوير أشباه الموصلات فى السيارات أيضًا أولوية بالنسبة لشركة تصنيع الرقائق الصينية الرائدة فى مجال تصنيع أشباه الموصلات (إس إم اّى سي)، وفقًا لأحد كبار المسؤولين التنفيذيين.
لكن الصين لا تزال بعيدة عن الاكتفاء الذاتي، ففى أشباه موصلات الطاقة، التى تنظم التيار الكهربائى والتى تعتبر حيوية لأداء السيارات الكهربائية، يلبى الإنتاج المحلى حوالى 15% فقط من احتياجات الصين، وفقًا لشركة “غازكو”.
وفى الرقائق المتقدمة – النوع المطلوب للقيادة الذاتية – يقل الإنتاج الصينى عن 5%.
يقدر الاكتفاء الذاتى الإجمالى فى الصين من أشباه الموصلات الخاصة بالسيارات بنحو 10%، مقارنة بنحو 20% لأشباه الموصلات بشكل عام.
بلغ عدد الشركات الصينية التى تعمل على تطوير أشباه موصلات السيارات نحو 300 شركة، لكن التكنولوجيا المحلية لم تواكب احتياجات صناعة السيارات، ولا تزال الصين تعتمد على الواردات.
وفى جميع أنحاء العالم، تقود هذه الصناعة شركة “إنفينيون تكنولوجيز” الألمانية، وشركة ” إن إكس بي”الهولندية لأشباه الموصلات، وشركة “رينيساس إليكترونيكس ” اليابانية، وشركة “تيكساس إنسترومنتس” الأمريكية لصناعة الرقائق.
لا تخضع العديد من أشباه الموصلات فى السيارات لضوابط التصدير التى تقودها الولايات المتحدة لأنها أقل تقدما من الرقائق المستخدمة فى الذكاء الاصطناعى وغيرها من التطبيقات ذات التقنية العالية المتعلقة بالدفاع.
لكن قدرة الصين على الوصول إلى الإمدادات الأجنبية من أشباه الموصلات المستخدمة فى صناعة السيارات ربما تظل مقيدة اعتماداً على الكيفية التى قد تتطور بها العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقال فو بينج فنغ، نائب الرئيس التنفيذى للجمعية الصينية لمصنعى السيارات، فى مؤتمر فى ديسمبر 2023 حول أشباه الموصلات استضافته المجموعة التجارية فى ووشي: “مع صعود الحمائية التجارية، أصبحت أشباه الموصلات فى السيارات محور المنافسة العالمية. ويمكننا إنشاء صناعة جديدة لأشباه الموصلات للسيارات”.
قبل أكثر من عاما، فى نوفمبر 2022، حث مياو وي، وزير الصناعة السابق الذى يتمتع بعلاقات قوية بصناعة السيارات، قادة الصناعة فى اجتماع فى شنغهاى على توجيه جميع مشترياتهم من أشباه الموصلات إلى المصادر المحلية.
ونقلت وسائل الإعلام الصينية عن جاو شيانج، الباحث المعنى بسياسة السيارات، قوله إن الدعم الحكومى وغيره من التدابير قد تجعل استبدال أشباه الموصلات عملية شديدة الصعوبة من الناحية الفنية بإنتاج محلى فى غضون خمس إلى عشر سنوات.