«يونيفرسال»: تعاقدنا على شراء كميات كبيرة من الخامات خوفاً من ارتفاع الدولار
تركز الشركات، خلال العام الحالى، على مبدأ وقف الضرر أولاً، قبل محاولة تعويض ما فاتها واستئناف التوسعات، فى ظل أزمة اقتصادية شديدة التعقيد، غير واضح متى يمكن أن تنتهى.
ومن بين الآليات الأكثر شيوعاً، برز التحوط عبر زيادة المخزون، والتصدير، وتأجيل الاستثمارات كأبرز أساليب الدفاع التى انتهجتها الشركات.
وقالت مجموعة ماجد الفطيم، إنها تتحوط لمخاطر سعر الصرف فى مصر، عبر استثمار فائض السيولة فى أذون الخزانة، والاقتراض من شركات تابعة للمجموعة، والسداد المعجل للقروض بالعملة الأجنبية.
وقالت المجموعة، إنها أيضاً اتخذت مصر قاعدة تصديرية لمواجهة أزمة شُح السيولة.
شراء المخزون لكبح التكلفة.. خيار مُفضل لكن ليس متاحاً لكل الشركات
تحاول الشركات إدارة السيولة لديها، ورسم سياسات التسعير عبر بناء مخزون من المواد الخام يُمكنها من استمرار الإنتاج.
وقال حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، مدير عام مصانع يونيفرسال للأجهزة الكهربائية، إنَّ الشركة تعاقدت على شراء كميات كبيرة من الخامات تفوق احتياجاتها؛ تخوفاً من صعود الدولار الذى يؤثر على تكلفة التصنيع النهائية.
أضاف أن الشركة تعتمد، خلال مراحل تصنيع منتجاتها، على مدخلات إنتاج أغلبها محلية، لكن الجزء المستورد تجد الشركات صعوبة فى توطينه، وبالتالى تأمين مخزونها منه لمدة عام لا يضغط على ميزانيتها.
أشار إلى أن أغلب الشركات التى تمتلك حصيلة دولارية كافية تضع ضمن أولوياتها، خلال العام الجارى، مضاعفة شرائها من المستلزمات والمواد الأولية.
وقال عمرو مصطفى، مدير عام شركة التيسير جروب لتجارة وصناعة البلاستيك، إنَّ الشركة تعاقدت على استيراد كميات مضاعفة من مستلزمات الإنتاج؛ خوفاً من زيادة أسعار المنتجات النهائية أو تعرض صادراتها للتراجع بنسب أقل من الأعوام السابقة؛ بسبب ضعف المنافسة.
أضاف أن ما ساعد الشركة على اتخاذ تلك الخطوة أيضاً هو تصاعد التوترات بالبحر الأحمر، والتى تسببت فى ارتفاع تكلفة شحن البضائع، إذ ارتفع شحن الطن الواحد نحو 150 دولاراً.
“كورونا” تتوسع فى التصدير والإنتاج وتدرس “الفرانشايز” لتجاوز التحديات
قال جمال عبدالعظيم، مدير عام شركة جلوبال للزجاج، إنَّ الشركة حاولت، مؤخراً، فى ظل ارتفاعات سعر صرف الدولار أن تطبق فكرة التحوط من خلال شراء كمية زيادة من مستلزمات الإنتاج؛ تخوفاً من حدوث مشكلات تتعلق بزيادة التكاليف النهائية للمنتج، لكنها وجدت صعوبة فى تطبيقها.
أوضح أن هناك تحديات تشمل صعوبة توفير الدولار للاستيراد، بالإضافة إلى أن بعض مستلزمات الإنتاج تكون صلاحيتها قريبة من الصعب تخزينها.
وقال عمرو نشأت، مدير التصدير بالشركة الألمانية لبطاريات السيارات، إنَّ استمرار توترات البحر الأحمر رفع أسعار الشحن 300%، ما أدى إلى اتخاذ بعض الشركات قراراً بالتوقف عن الاستيراد لحين وضوح الرؤية فى السوق.
أشار إلى أن الشركة تستورد 10% من مستلزمات التصنيع، وأبرزها مواد الكلوروبرين، والبلوليبروبين، والسيترول، والمواد العازلة، ودفعت أزمة الدولار الشركة إلى تصنيع جزء من مستلزمات الإنتاج مثل الغطاء أو العلبة التى توضع بها البطارية.
التمويلات فى مواجهة تآكل الرأسمال
قال محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ ارتفاع تكلفة الإنتاج أدى إلى ضعف القدرة الاستثمارية والنقدية لشركات القطاع، بالإضافة إلى زيادة أعباء أسعار الوقود والكهرباء أيضاً.
أضاف أن الشركات استطاعت الصمود فى مواجهة المتغيرات التى طرأت على الاقتصاد المصرى وسلاسل الإمداد من خلال لجوء البعض للحصول على تسهيلات بنكية وفتح أسواق تصديرية لزيادة الحصيلة الدولارية لاستخدامها فى الاستيراد.
وقال محمد شكرى، رئيس مجلس إدارة شركة «ميفاد» للصناعات الغذائية، إن شركته حصلت على تمويلات بنكية من مبادرة الـ 11% التى أعلنت عنها الحكومة، لكنها لا تستطيع الحصول على تمويلات جديدة فى ظل ارتفاع سعر الفائدة.
ويرى وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إنَّ شركات كثيرة حصلت على تمويلات من مبادرات الـ11%، وبالتحديد فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة، والكبيرة لجأت إلى الاقتراض بفائدة 22% لشراء الخامات اللازمة والتى تكفى لاحتياجاتها خلال العام.
التصدير حل سحرى للقادرين عليه
قال شريف الجبلى، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، إنَّ التصدير كان كلمة السر فى صمود شركات الصناعات الكيماوية واستطاعت التغلب على الأزمات طول عام 2023 باستثناء الربع الأخير؛ حيث لجأت لتقليل الطاقة الإنتاجية؛ بسبب عدم انتظام إمدادات الغاز للقطاع.
ويرى “جمال الدين”، أن شركات قطاع مواد البناء كان لها الحظ الأوفر فى التصدير؛ لأن معظم مدخلات التصنيع متوفرة محلياً، وعدد كبير من مؤسسات التمويل وبرامج التمويل الأجنبى أسهم فى مساعدة الشركات على الصمود.
وذكر أن صادارت القطاع من يناير إلى نوفمبر عام 2023 بلغت 8 مليارات دولار، وهى قيمة غير مسبوقة، ومن المتوقع أن تصل إلى 8.6 مليار دولار بنهاية ديسمبر.
مجاراة القوى الشرائية للعملاء
«العام الماضى من أصعب السنوات التى مر بها قطاع الصناعات الغذائية، ولم يكد يبدأ مرحلة التعافى من أزمة كورونا حتى اصطدم بتحديات فرق العملة وقيود الاستيراد»، بحسب ما قال محمد شكرى، رئيس مجلس إدارة شركة «ميفاد» للصناعات الغذائية.
أضاف أن الشركة حاولت الحفاظ على العمالة، وثبات حجم مبيعاتها التى حققتها خلال عام 2022 مع استمرار وقف تنفيذ أى توسعات، والتركيز على زيادة مخزون الخامات لضمان استمرار التشغيل لأطول فترة.
وذكر أن الشركة لجأت إلى تقليل كميات بعض المنتجات بعد تراجع القوة الشرائية فى الصناعات الغذائية بنسب تراوحت بين 25% و30% وبالتحديد منتجات الآيس كريم والجبن الجافة.
أوضح أن هناك أصنافاً مثل البسكويت والشيكولاته تم تقليل أحجامها أيضاً، وأخرى تم خلق بدائل لها بدافع تقليل التكلفة والتطوير مثل زبادى نصف الدسم ومنزوع الدسم.
“المصرية السويسرية” تطرح منتجات بأحجام متنوعة للحفاظ على صادراتها
وقال شريف الصياد، رئيس مجلس إدارة شركة «تريدكو»، والمجلس التصديرى للصناعات الهندسية، إن هناك زيادة فى عدد الشركات المُصدرة خلال عام 2023 بنسبة تتراوح بين 10 و15%.
وقال: إجمالاً الشركات المسجلة فى المجلس التصديرى بلغ عددها 300 شركة منها من 200 إلى 220 شركة مصدرة بالفعل، وتجاوزت صادراتها 4 مليارات دولار بنمو 9%.
وذكر أن المبادرات البنكية ساعدت الشركات المتوسطة والصغيرة على الاستمرار ولكنها غير كافية.
المقاطعة تنعش الشركات المحلية
قال أحمد جابر، رئيس مجلس إدارة شركة «يوميباك» للتعبئة والتغليف، إنَّ الاستجابة لحملة المقاطعة فى الربع الأخير بسبب الحرب على غزة، ساعدت القطاعات التى تعتمد على خامات محلية على مواجهة الأزمات والاستمرار فى عملية التصنيع والإنتاج.
أوضح أن الشركات المحلية بعد زيادة الطلب على منتجاتها، ورفعها طاقتها الإنتاجية تلبية لاحتياجات السوق المحلى خاصة فى قطاعات الصناعات الغذائية، والأجهزة والأدوات الكهربائية، ساعدت شركات الطباعة والتغليف على الاستمرار فى الإنتاج.
وقال إن الشركة بعد ما كانت قد أوقفت الاستثمارات لحين وضوح الرؤية، وفى ظل نقص الدولار، باتت تستهدف رفع الطاقة الإنتاجية من 5 إلى 7 آلاف طن سنوياً، وتنتظر فتح اعتمادات مالية من البنك لشراء معدات وماكينات، كما استفادة بعض الشركات من مبادرات التمويلات البنكية.
تعميق الصناعة المحلية
قال عمر عبدالعزيز، رئيس مجلس إدارة شركة «مصر للمسبوكات»، رئيس شعبة المسبوكات بغرفة الصناعات المعدنية، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن شركات الصناعات المعدنية كان لها توجه مختلف حيث وجدت لا مفر من تعميق الصناعة المحلية، خاصة بعد زيادة سعر العملة وتأخر مستلزمات الإنتاج فى الموانئ.
أضاف أن شركة مصر للمسبوكات استطاعت إنتاج المحابس بمكون 100% محلياً من خلال التعاون مع الشركة القابضة للصناعات المعدنية وتوفيرها لمكون الفريسليكون ماغنسيوم.
أوضح أن الشركة حصلت على تسهيلات بنكية بقيمة 17 مليون جنيه من قبل البنك الأهلى المصرى، كما اعتمدت أغلب الشركات على مبادرات البنك المركزى والتى أسهمت فى صمود الشركات، وتوجيه 2000 شركة الصغيرة والمتوسطة التى تم تطويرها وتحويلها من الاقتصاد الموازى ضمن مبادرة البنك المركزى إلى التصدير.
«الملابس الجاهزة» يطرق باب الاستدامة كملاذ أخير
قالت مارى لويس، رئيس مجلس إدارة شركة بشارة للأزياء والصناعات النسيجية، إن ضعف القدرة الشرائية فى السوق المحلى، نتيجة ارتفاع الأسعار الناتجة عن زيادة التكاليف، بالإضافة إلى عدم تحقيق زيادة صادرات للشركات رفع معاناة قطاع الملابس الجاهزة.
أوضحت أن الشركات فى ظل هذه المعاناة حاولت خفض التكاليف عبر توجه مصانع الملابس لمعايير الاستدامة عبر توفير مصادر طاقة بديلة، وإعادة تدوير مخلفات الصناعة.
أضافت: «هذا أقصى ما يمكن أن يقدمه القطاع فى ظل الظروف الراهنة من أزمات متعاقبة ومشاكل اقتصادية وحروب حجمت الطلب العالمى على الملابس الجاهزة خاصة السوق الأمريكى الذى يمثل 65% من حجم الطلب على المنتج المصرى».
ذكرت “لويس”، أن شركة «بشارة» اهتمت بتطبيق الاستدامة؛ حيث ضخت استثمارات فى وحدات المعالجة لتقليل هدر الطاقة عبر غلايات حديثة حجمها صغير تستهلك طاقة أقل، بالإضافة إلى إعادة معالجة مياة الصباغة والتكييس، وتقليل الكهرباء باستخدام الإضاءات الطبيعية قدر الإمكان عبر تجهيز وتصميم المصانع نفسها.
أضافت أنه يتم أيضاً إعادة تدوير الغزول عن طريق تصنيع خامات جديدة من فرم غزول وخامات قديمة على سبيل المثال إنتاج الملابس الشتوى من إعادة غزلها من ملابس صوفية قديمة، ما قلل تكلفة الإنتاج ما يعادل 12%.
توقع مجدى طلبة، رئيس مجلس إدارة شركة «تى آند سى» للملابس الجاهزة، انخفاض مبيعات الشركة فى ظل الظروف العالمية للصناعة، بنحو 10% خلال 2023.
أضاف أنه يواجه ذلك من خلال زيادة عدد العلامات التجارية التى يتم التصدير لها، وضخ استثمارات فى توفير طاقة بديلة تحوطاً من ارتفاع الكهرباء، وإعادة تدوير المياه التى تزيد من أعباء التكاليف.
أضاف لـ«البورصة»، أن الانخفاض يعوم حجم مبيعات الملابس فى العالم بنسبة تتراوح من 35 إلى 40%، حال نجحت الشركة فى تقليص الانخفاض، يبلغ إجمالى حجم مبيعات الشركة نحو 120 مليون دولار بدلاً من 130 مليون دولار.