هانى توفيق: من المستحيل تنفيذ صفقات الطروحات فى ظل وجود سعرين للدولار
مع اتساع الفجوة بين سعر الدولار فى السوق الرسمى والموازى دخلت الطروحات الحكومية وسعر الصرف فى دائرة مُفرغة ما بين انتظار الحكومة جمع سيولة من الصفقات لتعزيز مرونة سعر الصرف، واتخاذ المستثمرين وضع الترقب والانتظار للشراء بأسعار أقل بعد خفض الجنيه.
وتسبب التقدم البطىء على صعيد البرنامج فى خفض التصنيف الائتمانى للبلاد من قبل مؤسسات التصنيف الائتمانى الثلاث التى أشارت إلى تصاعد الالتزامات بالعملة الأجنبية فى وقت عجزت فيه الدولة عن توليد إيرادات من أحد المصادر الرئيسية المتفق عليها فى البرنامج مع صندوق النقد.
“جمع 5 مليارات دولار فى وجود سعرين مهمة مستحيلة” من وجهة نظر هانى توفيق، رئيس مجلس إدارة شركة “فانتج للوساطة فى الأوراق المالية”.
وقال إن المستثمر لن يغامر بخسارة تعادل الفجوة بين السعرين الرسمى وغير الرسمى، لذلك نجاح برنامج الطروحات مرهون بالقضاء على السوق الموازية.
وأشار إلى أنه فى الأوقات الطبيعية تكون الشركات الأقل تقييمًا أسهل فى جذب المستثمرين، ولكن الشركات عند مستوى تسعير متقارب ما يجعل الشركات التى لديها عوائد دولارية والشركات المصدرة بقطاعات الاسمدة والبتروكيماويات هى الأكثر جذباً.
وذكر أنه يجب إضافة شركات من هذين القطاعين إلى البرنامج بشكل أكبر.
وبناء على توصيات مؤسسة التمويل الدولية تركز الحكومة على 4 قطاعات فى برنامج الطروحات وهى البنوك، والتأمين، وقطاع الاتصالات خاصة الأبراج، بالإضافة إلى قطاع المطارات.
عشماوى: إنجاز صفقات كبيرة الحجم قد يحقق المستهدف
وقال معتز عشماوى، العضو المنتدب بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن الحكومة عليها تقبل خفض تقييم الشركات المطروحة نحو 50% عن قيمتها العادلة مراعاة لفارق السعر بين السوق الرسمى والموازى.
أضاف أن مستهدف الـ 5 مليارات دولار من السهل تحقيقها فى حالة إتمام الطروحات ذات القيمة السوقية الكبيرة، مثل بنك القاهرة والمصرف المتحد وحصة الحكومة فى بنك تنمية الصادرات.
وأشار إلى أن الحل مشكلة سعر الصرف فى السوق الموازى تأتى عن طريق تمويل قوى بالدولار تستطيع الحكومة من خلاله إعادة ضبط أسعار الصرف فى السوق ما يقارب بين السعر الرسمى وسعر السوق الموازى، وتنتهى بذلك أزمة السيولة الدولارية.
وأشار إلى أنه فى حالة استقرار سعر الصرف فإن استثمارات الأجانب المباشرة سترتفع، بالإضافة إلى تحويلات المصريين بالخارج والتى تأثرت بسعر الدولار فى السوق الموازى ستعود لدخول البنوك مرة أخرى وادخالها للدولة بالطرق الشرعية.
وقال إنه بصفة عامة قطاعات البتروكيماويات والبنوك هم الأسرع فى التخارج لجاهزيتها.
ولفت إلى أن هناك قطاعات غير ممثلة فى البورصة مثل قطاع البترول وقطاع الخدمات البترولية والقطاع الرياضى وقطاع التعدين بالإضافة إلى قطاع الشحن والنقل وقطاع الطيران، ستكون جاذبة عند الطرح.
وبحسب “وثيقة الملكية العامة للدولة”، فإن معظم تلك الأنشطة ستحتفظ الدولة فيها ستسعى الدولة للحفاظ على تواجدها فيها مع زيادة دور القطاع الخاص.
ومن آليات زيادة دور القطاع الخاص عقود الإدارة وعقود الأداء، وعقود الشراكة.
وقال إن التخارج الحكومى من الشركات المُدرجة وبيع أحصص حاكمة يغرى المستثمرين، لأنه يعطيهم حق الإدارة على خلاف حصص الأقلية كما أنه يجعل تخارجهم من الشركة أسهل على عكس الشركات غير المدرجة.
وأجرت الحكومة حصر للشركات الحكومية والتابعة لجهات عامة، وضمتها لقاعدة بيانات تمهيدًا لدراسة موقفها منها، وبلغ عدد الشركات أكثر من 824 شركة تابعة لنحو 33 جهة، ومؤخرًا تم تحديد أن 61 شركة أسهل فى الطرح من غيرهم.
وفى فبراير من العام الماضى أعلنت الحكومة المصرية عن برنامج الطروحات والذى ضم 35 شركة، ومن المتوقع أن تضيف مؤسسة التمويل الدولية بعد تعيينها مستشاراً 50 شركة بعد تأهيلها.
وذكرت وثيقة التوجهات الاقتصادية للفترة الرئاسية، وهى مذكرة بحثية خاضعة للحوار المجتمعى، أن الحكومة تعتزم رفع حصص المتخارج منها من شركات برنامج الطروحات بنسب تترواحج بين 25% إلى 60% أى ستتنازل عن الحصص الحاكمة.
الغنام: الشركات المصرية حققت أرباح كبيرة.. وسعر الصرف لا يؤثر على الطروحات
وقال على الغنام، الرئيس التنفيذى بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية والوساطة فى السندات، إن الأنشطة التى حددها برنامج الطروحات يسهل التخارج منها، لكن المعطيات الاقتصادية هى التى تؤخر بيع الحصص.
وفى اتجاه مخالف يرى غنام أن تحقيق الشركات أرباح كبيرة خلال العام الماضى يعوض تحديات سعر الصرف، ويجعلها جاذبة.
وقال إن تحقيق المستهدف سيكون سهلُا ويجب أن تسعى الحكومة لتخطيه ووضع مستهدفات أكبر، بالإضافة إلى وضع خطة تسويقية للشركات داخل البرنامج بطريقة سليمة تركيزاً على الخليج الذي لديه شهية كبرى للاستثمار في الشركات المصرية.
ورغم أن برنامج الطروحات من بين أهدافه الأساسية زيادة حجم الأوراق المالية المتداولة، لكن معظم الشركات التى تمت لم تشمل طرح لحصص إضافية فى البورصة، أو طروحات أولية، بل أدى تخارج الحكومة من شركة العز الدخيلة للشطب الاختيارى للبورصة، وهو السيناريو نفسه الذى تم لشركة “باكين” بعد استحواذ الأصباغ الوطنية الإماراتية عليها، وفاز المستثمرون الاستراتيجيون خاصة من دول الخليج بالتحالف مع كيانات محلية بالحصص المُباعة.
وأرجع غنام ذلك إلى أن المستثمرين الاستراتيجيين الأكثر جاهزية جاء لسهولة إتمام عملية البيع لهم، لأن طرح الشركات بالبورصة قد يستغرق فترات أطول فى وقت تحتاج مصر للسيولة الدولارية ولإتمام الصفقات لزيادة رؤوس أموال الشركات ورفع إنتاجيتها.
وأسس صندوق مصر السيادى صندوق ما قبل الطروحات نهاية العام قبل الماضى بعد مفاوضات مع الصناديق الاستثمارية السيادية التى رجحت تلك الفكرة قبل طرح الشركات بالبورصة لتعظيم قيمة الشركة، ويهدف لضم الشركات الحكومية لبيع حصص لمستثمرين استراتيجيين قبل الطرح العام.
ويتيح الصندوق للمستثمر قضاء العمر الاستثمارى فى الشركة محل الاستحواذ على أن يقرر التخارج أو الاستمرار فى الشركة وقت طرحها بالبورصة فى طرح عامًا فى مرحلة لاحقة.
الحكومة تحصر مساهماتها فى 61 شركة جديدة لضمها لبرنامج الطروحات
ويرى عمرو فاروق، رئيس مجلس إدارة شركة تايكون للوساطة فى الأوراق المالية، أن القطاعات التى تمثل الإيرادات الدولارية جزء ملحوظ من إيراداتها يسهل التخارج منها.
لكنه ذكر أنه لضمان تدفق قوى ومستمر للاستثمارات المباشرة فى برنامج الطروحات، يجب توفير العملة فى البنوك والقضاء على السوق الموازية.
ويرى أحمد أبوحسين، العضو المنتدب بشركة كايرو كابيتال سيكيورتيز لتداول الأوراق المالية، إن التخارج من القطاعات المالية والبنوك والبتروكيماويات سريع لجاهزية الشركات بالإضافة إلى مواردهم الدولارية، لكن بالنسبة لقطاع الاتصالات كشركات التعهيد وغيرها سيكون التخارج منها أبطأ قليلاً.
وأشار إلى أن وتيرة التخارج من برنامج الطروحات بطيئة قليلاً، إلا أن مستهدف الحكومة لتحقيق 5 مليارات دولار بنهاية يونيو 2023، يمكن تحقيقه شريطة استقرار سعر الصرف وتوفير العملة الأجنبية فى البنوك لتسريع وتيرة التخارج.
وأوضح أن طرح جزء من الشركات فى البورصة يفيد السوق بشكل كبير، لتعطش السوق لهذه الطروحات حيث تنشيط جانب العرض مقابل زخم الذى يشهده الطلب فى البورصة، مشيراً أن ذلك يرفع من السيولة فى السوق مما يزيد من عمقها وجاذبيتها للمستثمر الأجنبى.
“برنامج الطروحات يحتاج إلى توحيد سعر الصرف بالإضافة إلى وضع خطة تسويقية جيدة له” بحسب ما قاله محمد عياد، العضو المنتدب بشركة برايم القابضة للاستثمارات.
واستبعد تحقيق المستهدف المعلن من الصفقات، بسبب التباطؤ فى تنفيذ البرنامج وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية وسعر الصرف للمستثمرين.
أضاف أن القطاعات ضمن برنامج الطروحات الأسهل فى التخارج، قطاع البتروكيماويات والزراعة بالإضافة إلى قطاع الأغذية والصناعات البترولية.
الحكومة تعتزم التركيز فى برنامج الطروحات فى 4 قطاعات
ويرى محمد فاروق مسعود، العضو المنتدب لشركة جلوبال إنفيست لتداول الأوراق المالية، إن السوق يحتاج إلى طرح جزء من الشركات فى البورصة غير الحصة التى سيتم بيعها لمستثمر استراتيجى، لرفع كفاءته وزيادة السيولة.
أوضح أن ذلك سيجذب شريحة جديدة وبالتالى زيادة شهية الأجانب فى دخول السوق المصرى وتوفير الدولار بشكل مستمر.
أضاف: “البورصة متعطشة لدخول شركات جديدة وتستوعب أى طروحات رغم الظروف الاقتصادية التى تشهدها البلاد، وخاصة أن جانب العرض أقل بكثير من التعطش الموجود بجانب الطلب فى السوق”.
وقال إن التخارج من قطاعات البتروكيماويات والأدوية والبنوك أسهل، حيث تتكون غالبية إيراداتهم من الصادرات بالعملة الأجنبية ما يضع شركاتها أولوية فى اقتناصها بالنسبة للمستثمر الاستراتيجى.
وذكر أنه يجب مراعاة فجوة السعر بين السوقين الرسمى والموازى للدولار، عند تقييم الشركات الجاهزة للطرح بما يخفض المخاطر التى يتعرض لها المستثمر.
“بيع حصص الحكومة لمستثمر استراتيجى ما هى إلا مرحلة أولى لحل مشكلة نقص الدولار” بحسب ما قالته راندا حامد العضو المنتدب لشركة عكاظ لتكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية.
أوضحت أن الهدف الأساسى للدولة زيادة عمق السوق عن طريق طرح الشركات للأفراد والمؤسسات فى السوق الثانوى ما يساعد على توفير السيولة وزيادة عمق البورصة وينتج عنه زيادة دخول المستثمرين الأجانب وتوفير السيولة الدولارية بشكل مستمر.
وترى حامد أن هناك قطاعات يسهل بيع حصص منها، كقطاع الأسمدة مع امتلاك الحكومة لحصص كبيرة فى شركات كثيرة بهذا القطاع مثل شركة كيما، والتى تمتلك فيها نحو 70%.
لكن بحسب وثيقة ملكية الدولية فإن الأسمدة من القطاعات الاستراتيجية التى ستحافظ الدولة على تواجدها بها مع إتاحة زيادة مساهمة القطاع الخاص.
وأشارت إلى أن قطاع العقارات أيضاً به العديد من الشركات الصغيرة، والتى تملكها الحكومة ومن الممكن أن تكون محط أنظار الاستحواذات وتكوين كيانات عملاقة يمكن التخارج منها لصالح المستثمرين، بالإضافة إلى قطاع البنوك كبنك القاهرة.
وفى الوقت الحالى تدرس الشركة القابضة للتشييد دمج شركتين تابعتين لها وهما “المعادي للتنمية والتعمير” و” النصر للإسكان والتعمير”، تمهيدًا لضمهما لصندوق ما قبل الطروحات وجذب مستثمرين استراتيجين.
وترى حامد أن هناك فرصة لجمع 5 مليارات دولار من الطروحات خلال العام المالى الحالى، فى ظل وجود أكثر من 800 شركة عامة أو تابعة لجهات عامة يمكن التخارج منها، لكنها ذكرت أنه يجب حل أزمة تسعير الدولار لأنها أثرت على المستثمرين رغم المحفزات التى أقرت الحكومة والتعديلات التشريعية.
وتسعى مصر فى الوقت الحالى لتفعيل مبدأ الحياد التنافسى عبر تشريع يقضى على التمييز الضريبى بين الشركات بغض النظر عن ملكيتها، وتفعيل دور جهاز حماية المنافسة.
وأشارت إلى أن قطاع الطاقة النظيفة جاذب للمستثمرين، وخاصة بعد توقيع اتفاقيات بنهاية عام 2022 خلال مؤتمر “COP27” بقيمة 80 مليار دولار، وهناك استثمارات بدأت بالفعل فى التنفيذ خلال العام الماضى مما يزيد من جاذبية الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرى.
وقال أحمد مرشد، رئيس قطاع الاستشارات المالية بشركة أزيموت لإدارة الأصول، إن طبيعة الأصول المطروحة وقيمتها تجعل المستهدفات واقعية.
وذكرأن طرح الشركات بالبورصة سيزيد من كفاءة السوق حيث سيوفر شركات جديدة بالسوق، ويجذب مستثمرين جدد مما يشجع صغار وكبار المستثمرين المحليين والأجانب على الدخول بالسوق.
ويرى مرشد أنه بمجرد تحرير سعر الصرف فإن العوامل الاقتصادية الحالية تتوافق بنسبة كبيرة مع تنفيذ برنامج الطروحات، خاصة مع الأداء الجيد للبورصة خلال 2023.
وحقق مؤشر البورصة الرئيسى EGX30، أداء تاريخى خلال العام الماضى وضعه ضمن الأفضل عالميًا بارتفاع 70.5%، مع ارتفاع رأس المال السوقى بنحو 700 مليار جنيه ليصل إلى وقفز رأس المال السوقي للشركات المقيدة بالبورصة إلى 1.7 تريليون جنيه مقابل 961 مليار جنيه فى 2022.