لم يعد ظهور الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بين الحين والآخر كافياً لتبرير الصدمات التى يتعرض لها رجل الشارع يومياً نتيجة الزيادات غير المسبوقة فى أسعار السلع والخدمات اليومية التى يحتاج إليها كل مواطن لعيش حياة كريمة.
ولم تعد الأحلام الوردية التى تعدنا بها الحكومة بالرخاء الاقتصادى ذات جدوى، والمواطن يواجه يوميا تداعيات أزمات اقتصادية لا ناقة له فيها ولا جمل نتيجة لغياب رؤية اقتصادية واضحة للحكومة سواء فيما يتعلق بخطط النمو أو مواجهة الأزمات الطارئة نتيجة تداعيات الأحداث الإقليمية والعالمية على مصر.
ويبدو أن الحكومة لا ترى المواطن المطحون يوميا فى طوابير الحصول على كيس سكر أو أرز، ولا يوجد مبرر لفشل الجهات الحكومية فى السيطرة على زيادات الأسعار المبالغ فيها من عدد كبير من التجار دون رقيب سواء من جهاز حماية المنافسة أو من جهاز حماية المستهلك.
ولا يوجد عذر أيضا لفشل الجهات الحكومية فى تنفيذ ما أعلنته عن توفير 7 سلع أساسية للمواطنين بأسعار مقبولة، ولا عن فشلها كذلك فى إلزام التجار بكتابة الأسعار على السلع فى المحلات التجارية.
وقد يتساءل البعض ما علاقة الحديث عن فشل الحكومة فى السيطرة على الأسعار وعلاقته بالتأمين؛ والسؤال فى محله وإجابته بالطبع يسيرة، فالمواطن الذى يقف فى طابور للحصول على كيس سكر كيف له أن يفكر فى توفير الحماية التأمينية سواء له أو لأسرته، يتساوى فى ذلك تغطيات تأمينات الممتلكات والحياة معا، فكيف للمواطن أن يبحث عن وثيقة تأمين ودخله يكفى بالكاد تلبية احتياجاته من سلة السلع الغذائية الأساسية؟!.
السؤال نفسه ينطبق على الحكومة، وكيف لها أن تحقق خطتها للشمول التأمينى فى ظل الصعود المستمر لسعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، والذى تسبب فى تآكل قيمة الدخول وخاصة لشرائح الدخل المتوسط، والتى ربما كان يعول عليها فى طلب التأمين للتغطيات التى تطرحها الشركات بالسوق.
الأحداث الحالية تفرض بدورها تساؤلا حول موقف برامج الحكومة لتوسيع شرائح المستفيدين من التأمين وبصفة خاصة وثيقة “أمان” التى سبق للحكومة أن أعلنت عنها منذ سنوات وتم الترويج لها إعلاميا بحملات دعائية ضخمة ثم توقف الحديث عنها وكأن شيئا لن يكن.
وكذلك الموقف الحالى لوثيقة الحوادث الشخصية للعمالة غير المنتظمة، والتى يتم طرحها من خلال شركة مصر للتأمين، التى تعتبر الشركة الوطنية الأم بالسوق وصاحبة الحصة الأكبر بين الشركات العاملة بالصناعة.
ربما يكثر الحديث وتكثر التساؤلات ويبقى القول فى النهاية أن التحدى الأكبر أمام النسخة الثالثة لمؤتمر التأمين متناهى الصغر بالأقصر هو الخروج عن التوصيات النمطية والسعى لإيجاد آليات حقيقية بالتنسيق مع الحكومة لابتكار منتجات تأمينية تلبى حاجة المواطن البسيط للحماية التأمينية فى ظل تعدد المخاطر التى يتعرض لها نتيجة الأزمات الاقتصادية اليومية التى يعيشها الأفراد والمؤسسات حاليا.
ويبقى التحدى أمام شركات التأمين كذلك أن تقوم بدورها الحقيقى فى الاستفادة من التعداد السكانى لمصر فى الوصول لكافة شرائح المجتمع من خلال قنوات توزيع جديدة ومختلفة.
كما يبقى الرهان على الحكومة فى أن تسارع بخروج مشروع قانون التأمين الجديد للنور، خاصة أنه يتضمن ما يقرب من نحو 20 نوعا من التغطيات التأمينية الإلزامية، لعلها تكون المخرج الآمن للمواطن العادى فى ظل ما يتعرض لها من مخاطر مختلفة، وأن يسهم القانون فى تصحيح مسار سوق التأمين للابتعاد عن المنافسة السعرية على كعكة التأمينات العامة، وأن يساعد القانون كذلك فى زيادة معدل الاختراق التأمينى وتحسين مساهمة القطاع المتواضعة حاليا فى الناتج المحلى الإجمالى.
والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.