استطلاع: 70% من مديرى الاستثمار المباشر جمدوا صفقاتهم لحين استقرار سعر الصرف
خلقت أزمة العملة العديد من العوائق أمام الاقتصاد المصرى، وعادة ما تظهر الاستثمارات كطوق النجاة لإحياء الاقتصاد، لكنَّ تذبذب العملة ووجود أكثر من سعر للدولار فى الأسواق يضعان تحديات أمام تدفقها، بجانب أن تغير معدلات الضريبة والتشريعات يزيد من ضبابية المشهد.
وقال 70% من المستثمرين الذين شملهم استطلاع رأى أعدته الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، وشارك فيه 50 من مديرى الاستثمار المباشر فى مصر، إنهم جمدوا أى صفقات أو استحواذات جديدة لديهم لحين استقرار الدولار.
وأوضح المشاركون، أن التذبذب فى سعر الصرف خلق أزمة فى تسعير المشروعات الاستثمارية، وتقييم الشركات، كما أن سعر الصرف يؤثر بعدة طرق على نتائج أعمال الشركات، وعلى القوى الشرائية فى السوق التى تضعف مع استمرار الصعود فى أسعار المنتجات.
«الكيلانى»: يجب مراجعة حوافز التصدير وتسويتها بشكل دورى بما يُسَّرع دورة الإنتاج
«لا تختلف مطالب المستثمرين المصريين عن المستثمرين غير المصريين من الحكومة، ويعد الطلب الأول من الحكومة فى هذا السياق هو التدخل السريع لضبط سوق النقد الأجنبى وتوفيره»، بحسب ما قاله شريف الكيلانى، الشريك التنفيذى لـ«إرنست آند يونج مصر».
وأضاف أن الحوافز الضريبية وحدها لا تعد عاملاً لجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن هناك ركائز أخرى كالاستقرار السياسى، والاقتصادى والشفافية، وجميعها ركائز ينظر إليها الاستثمار الأجنبى قبل الناحية الضريبية؛ لأنه مرتبط برسم تخطيط مستقبلى يستلزم معه وضوح الرؤية.
وطالب بضرورة مراجعة التشريعات، واللوائح المنظمة للحوافز الممنوحة للمشروعات التى تقوم بتصدير منتجاتها للخارج بما فى ذلك حوافز التصدير وتسوية مستحقات حوافز التصدير بطريقة دورية وسريعة لضخ أموال الحوافز فى الإنتاج مرة أخرى لزيادة الحصيلة التصديرية وتعظيم العائد من النقد الأجنبى.
وشدد على ضرورة إعادة النظر فى فوائد القروض الممنوحة للمشروعات التصديرية بتخفيضها أو حتى إلغائها مقابل التنازل عن جزء من حصيلة التصدير الخاصة بهذه المشروعات، مع إعطاء أولوية لهذه المشروعات تدبير النقد الأجنبى اللازم لمدخلات الإنتاج إذا لزم الأمر.
ونادى بضرورة تحقيق المساواة بين المستثمرين وإلغاء الحوافز والإعفاءات الممنوحة لمؤسسات الدولة بكل أشكالها حتى يتحقق مبدأ الشفافية والمنافسة.
«نبيه»: حقوق الملكية الفكرية والاستدامة فى القطاعات الصناعية محفزات أساسية للاستثمار
وقال وليد نبيه، العضو المنتدب لـ«مازرز للاستشارات المالية»، إن تباطؤ وتيرة الطروحات الحكومية يرجع إلى التحديات المرتبطة بإعداد تقييمات عادلة للأصول فى ظل وجود فجوة فى سعر الصرف بين السوق الرسمى والسوق الموازى.
وأضاف أن بعض منهجيات تقييم الاستثمار تعتمد على التوقعات المستقبلية للتدفقات النقدية، وتمثل أحد تحديات هذه المرحلة صعوبة تحديد التكاليف التشغيلية المستقبلية مع التغيرات شبه اليومية، وبالتالى أثر ذلك على عمليات التسعير وتوقعات الربحية، علاوة على تحديات إدارة رأس المال العامل فى ظل مخاطر الائتمان.
ونوه بأن بعض القطاعات فى مصر جاذبة للاستثمار بشكل خاص، مثل مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والتى تسهم فى تلبية احتياجات الطاقة، وجذب الاستثمارات الخضراء.
هل ينجح «المركزى» فى السيطرة على توقعات التضخم خلال 2024؟
وذكر أنه يجب مراجعة وتبسيط إجراءات ممارسة الأعمال التجارية، وتعزيز الشفافية ونشر المعلومات، بالإضافة إلى تطوير التعليم والبحث العلمى.
وأكد «نبيه»، أن ضمان حقوق الملكية الفكرية والاهتمام بالاستدامة فى القطاعات الصناعية يلعبان دوراً مهماً فى جعل البيئة التجارية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
«شوقى»: استقرار الضريبة ضرورى لتحديد سعرها الفعلى الذى يعتمد عليه الأجانب فى قرار الاستثمار
وقال شريف شوقى، الشريك الرئيسى لمكتب بى دبليو سى مصر، إنَّ المستثمر الأجنبى يحتاج إلى تسهيل عمليات الاستيراد من الخارج إذ يعانى معظم المستثمرين عدم القدرة على سداد الالتزامات المستحقة بالعملة الأجنبية سواء للمساهمين أو الموردين، ما يؤدى إلى تضخم هذه الالتزامات مستقبلاً بفعل تغير أسعار الصرف بشكل هائل ومتواصل.
ونوه بأن هناك زيادة فى السيولة النقدية بالعملة المحلية التى لا تجد قنوات آمنة للاستثمار فى ظل غياب الثقة لدى المستثمر الأجنبى بإعادة استثمار هذه الأموال داخل مصر؛ بسبب عدم تحويل الأرباح.
وقال إن عدم وضوح النصوص الضريبية وخضوعها للتعديل بشكل مستمر يؤثر على استقرار الشركات الأجنبية التى تعتمد على ثبات السياسات الضريبية من أجل تحديد سعر الضريبة الفعلى لكل دولة عند قيامها بالاستثمار.
ويرى أيمن أبوهند، الشريك المؤسس، مدير الاستثمار لشركة «أدفيزابل» الأمريكية للاستثمار، عضو مجلس إدارة وأمين صندوق الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، أن برنامج الطروحات قادر على أن يكون دليلاً على نجاح تجربة الاستثمار فى مصر.
أوضح أنه بمجرد أن يشترى المستثمر أصلاً ما ويجنى منه ربح سيشجعه ذلك على الدخول فى استثمارات أخرى، والتى وصفها «أبوهند» بالتجربة المضمونة التى ستحفز المستثمر للاستثمار فى شركات أخرى.
لكنه رهن نجاح البرنامج بحل أزمة العملة وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين، على سبيل المثال الإعفاء الضريبى لمدة معينة مقابل تشغيل عمالة وتدريبها.
وتعانى مصر فى الفترة الراهنة أزمة عملة ناتجة عن نقص السيولة الدولارية أدت لهبوط سعر العملة المحلية أمام الدولار، ليسجل سعر الدولار فى السوق الموازى نحو 73 جنيهاً، فيما استقر سعره فى البنك المركزى منذ مارس من العام الماضى عند 30.93 جنيه.
«مصطفى»: غياب خريطة استثمارية أدى لتركز الاستثمارات الأجنبية فى قطاعين
وقال محمد مصطفى، العضو المنتدب لشركة العربى الإفريقى لإدارة الاستثمارات المالية، إنَّ وجود أكثر من سعر للعملة يضع المستثمر أمام خيارين؛ إما تأجيل القرار الاستثمارى لحين استقرار العملة المحلية، وإما اتخاذه بشروط مجحفة للبائع فى حال الاستحواذ على مشروعات.
وأضاف أن عدم وجود خريطة استثمارية واضحة، وتحديد استراتيجية للقطاعات التى تتميز بمزايا تنافسية للاستثمار بها، أدى إلى تركز أغلب الاستثمارات الأجنبية، خلال السنوات الماضية، على قطاعى الصناعات الاستخراجية فى الغاز والبترول، وقطاع الخدمات.
أوضح أن ذلك رغم احتياج الدولة لجذب الاستثمارات لكل من القطاع الصناعى والزراعى، فى إطار محاولات لخفض الواردات وزيادة حجم الصادرات وخاصة السلعية، مشيراً إلى أن أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات حالياً هى قطاعات التعليم، والقطاع الطبى، والقطاع الصناعى، بالإضافة إلى القطاع الخدمى.
وأوصى بضرورة وضع إطار عمل وحوافز لجذب المستثمرين الجدد؛ لمواجهة المنافسة الشرسة بين دول المنطقة، التى تسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية لصالحها وفى ظل الظروف الراهنة، كما يجب اتباع آليات قصيرة الآجل واستراتيجية متوسطة المدى لحل جميع مشكلات الاستثمار فى مصر.
“بوش” للأجهزة المنزلية تضخ استثمارات تتجاوز 50 مليون يورو في مصر
وأشار وائل أمين، الشريك المؤسس فى شركة «سوارى فينشرز» إلى أن مخاطر انخفاض سعر الجنيه تعيق المستثمر الأجنبى بشكل مباشر؛ حيث يحجم عن ضخ استثمارات ستفقد قيمتها كلما حدث انخفاض فى العملة، فلا يكون العائد على الاستثمار مرضياً مقابل حجم المخاطر الهائلة التى يجب أن يتحملها فى ظل تذبذب العملة، وعدم اليقين بشأن مصيرها.
وذكر أن الفترة الحالية ستكون القطاعات التصديرية هى الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية، لقدرتها على توفير سيولة دولارية، كما سيتجه المستثمرون نحو المشاريع التى تنمو بمعدلات فائقة أعلى من نمو السوق، لتكون قادرة على تعويض المخاطر المرتبطة بالاستثمار فى السوق المصرى.
وأوصى بأن يكون هناك وضوح أكثر بخصوص مستقبل السياسات المالية، وعن الوقت الزمنى المحدد للتعويم، إذ إن ذلك الانتظار يوقف سير الاستثمارات.
وتسعى مصر خلال الوقت الراهن لجذب استثمارات أجنبية بهدف تقليل حجم الفجوة التمويلية وسد الاحتياجات الدولارية من خلال العمل على أكثر من محور لتحفيز الاستثمارات أهمها هو برنامج الطروحات.
وبحسب دراسة بحثية أطلقتها رئاسة الوزراء للتوجهات الاستراتيجية لاقتصاد مصر خلال الفترة الرئاسية فإنَّ هناك دراسة لتبنى استراتيجية قومية للاسـتثمار تحدد القطاعات الاستثمارية ذات الأولوية الداعمة للمستهدفات القوميـة للنمو الاقتصادى.
وهو ما يتفق معه «أبوهند»؛ حيث يرى أنه يجب الترويج لقطاعات اقتصادية معينة وتحديد مدة لها، بدلاً من الترويج للاقتصاد بشكل عام، بل الأفضل على سبيل المثال الترويج لقطاع معين لمدة عامين مثلاً ثم الانتقال لقطاع آخر للترويج.
وأشار إلى ضرورة الاستفادة من الاقتصادات الناشئة مثل الإمارات والسعودية وغيرهما من الأسواق الناشئة المنافسة، والاستفادة من طريقة جذبها للمستثمرين.
وأوضح «أبوهند»، أن الهدف الأساسى من تحقيق النمو الاقتصادى هو زيادة الإنتاجية وتشغيل عمالة وتدريبها، وفى المقابل تقديم حوافز ضريبية للمستثمرين وتشجيعهم لضخ استثمارات فى الدولة ومن ثم حل العديد من المشكلات أهمها أزمة الدولار.
وأوضحت دراسة صادرة عن مجلس الوزراء أنَّ الدولة تسعى لرفع نسبة المشتغلين بالقطاع الخاص لترتفع مساهمته فى التشغيل إلى 90% بحلول 2030، مقارنة بـ81.1% حالياً.
ويرى محمد عبدالحكيم، رئيس قطاع البحوث فى شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن منافسة الحكومة للقطاع الخاص فى بعض القطاعات الاقتصادية، تُحول وجهة المستثمرين الأجانب إلى أسواق أخرى؛ لأنها منافسة غير عادلة تضر بالمستثمر؛ بسبب تمتع الحكومة بمزايا تنافسية مقتصرة عليها.
وتدرس الدولة تعهيد الخدمات الحكومية المقدمة للمستثمرين والمصنعين إلى شركات القطاع الخاص لفصل مقدمى الخدمـة مـن القطاع الحكومى عن متلقيها مـن القطـاع الخاص وفـق منظومـة محددة مـن مؤشرات قيـاس الأداء، عملاً بمبدأ الحياد التنافسى.