جورجيفيا: 100 مليون دولار خسائر من إيرادات قناة السويس النصف الأول من يناير
اقتربت مصر من إبرام اتفاق برنامج مع صندوق النقد الدولى، فى خطوة قد تجعل مخاطر الاقتصاد المصرى أقل خلال العام الحالى.
وقالت كريستالينا جورجيفيا، مديرة صندوق النقد، إن الجانبين فى المرحلة الأخيرة ويعملان على التفاصيل التنفيذية، مشيرة إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت الذى وصفته بالقليل للغاية ولن يطول.
أضافت أنه خلال التقائها بشركاء آخرين لمصر، سواء برئيس المفوضية الأوروبية، أو مسئولين فى الخليج كان دعم مصر بين القضايا المطروحة.
وذكرت أن المشكلات التى تتعامل معها مصر معقدة، لذا فهى تتطلب منهم أن يفكروا بشكل مدروس وشامل فى أفضل السبل لمعالجتها، مؤكدة على إحراز تقدم كبير للغاية فى هذا الصدد.
ورغم أن تلك التصريحات وبيان بعثة الصندوق حول إنهاء مناقشاتها فى مصر واستكمالها بشكل افتراضى لإنهاء التفاصيل الأخيرة للبرنامج، والعمل على صفقات تمويل محتملة دفعت علاوة المخاطر الائتمانية لمصر للانخفاض بشكل حاد لتسجل العقود أجل 5 أعوام إلى 11.67% والعقود الأجل عام إلى نحو 8.6%، لكن المخاوف لا تزال قائمة، فى ظل وجود مشكلة هيكلية متمثلة فى انخفاض ما تولده الدولة من إيرادات دولارية عن حاجتها التمويلية.
استدامة مرونة سعر الصرف
ويرى بنك الاستثمار الأمريكى، مورجان ستانلى، أنه حال إبرام مصر اتفاقها مع الصندوق بعد خفض جزئى لسعر الجنيه ليصل إلى مستوى 39 جنيها للدولار، فإن الخطر الذى سيظل قائمًا هو تجميد سعر الصرف من جديد، وعدم تعزيز مرونته.
وحذر من أن عدم تطور التحريك المبدئى لسعر صرف مرن، أو نظام مرن مُدار يسمح بمرونة مستدامة فى سعر الصرف سيؤدى لاستمرار الضغط على السوق الموازية والاحتياطيات.
تباطؤ النمو
وتسببت أزمة نقص العملة فى مصر فى اتساع فجوة السعر بين السوق الرسمى والموازى خاصة بعد حرب إسرائيل على فلسطين، فى أكتوبر الماضى التى أدت لانخفاض سعر الصرف من نحو 38 جنيها قبل أكتوبر إلى حوالى 65 جنيها حاليًا.
ومنذ بداية ظهور السوق السوداء فى 2022، غذت الفجوة الآخذة فى الاتساع معدلات التضخم بشكل أضر الاستهلاك، ودفع البنك المركزى للتشديد النقدى، بما أدى لزيادة تكلفة رأس المال وخفض الاستثمارات المحلية والأجنبية على السواء، فيما كان تأثر الاستثمارات الأجنبية أكبر فى ظل صعوبة تحويل أرباحهم.
ودفع ذلك المؤسسات البحثية لخفض توقعات النمو على رأسها صندوق النقد الدولى، الذى بات يرى أن نمو الاقتصاد المصرى سيتباطأ إلى 3% بعد أن كانت توقعاته مطلع العام الماضى تشير إلى نمو 5%.
وخفض البنك الدولى أيضًا توقعاته لكنها أعلى من توقعات الصندوق عند 3.5% وأعلى من مستهدفات الحكومة التى تتماشى مع الصندوق أيضًا.
ورغم أن بنك “إتش إس بى سى” متفائل بوضع الاقتصاد على المدى الطويل، متوقعًا أن يكون النمو حول 5% أو أكثر، وأن تكون ديناميكيات النمو متجهة أكثر نحو توليد العملة الأجنبية بدعم من ارتفاع صادرات السلع والخدمات والتحويلات والاستثمار الأجنبى المباشر، لكنه ذكر أنه على المدى القصير فإن مستوى الثقة هو ما سيحدد الأداء وهو ما يرتبط بمدى توافر السيولة الأجنبية والتعاملات الخارجية، ولذلك يظل سعر الصرف هو المحدد الأساسى لتوقعاته.
أضاف أن السياسات المالية ربما عليها أن تكون أكثر تشديدًا، لمواجهة خدمة الدين التى تسجل مستويات تاريخية، وهو ما يؤدى لإبقاء النمو ضعيفًا، ورغم الألم الاقتصادى فى تلك التوقعات لكن البنك يراها استعادة منظمة للتوازن وتقودها السياسات، ومدعاة للتفاؤل لأنها ستلبى شرط أساسى للتوسع الأكبر.
وأعلنت الحكومة ممثلة فى رئيسها مصطفى مدبولى، أن العام الماضى كان أخر أعوام تأجيل ترشيد الدعم بعدما وصلت ميزانيته لمستويات تقيد الانفاق على الأبواب الأخرى وتدفع مستويات الاقتراض للزيادة.
استدامة الديون
خلال النصف الأول من العام المالى الحالى قاربت مدفوعات فوائد الديون على تريليون جنيه، مع تخطيها إجمالى إيرادات مصر.
وقالت وكالة موديز، للتصنيف الائتمانى إن مستوى قدرة مصر على الوفاء بالديون تدهورت أكثر من المتوقع لمستويات، جعلت نسبة الإيرادات المخصصة للفوائد عند مستوى ثابت لاقتصادات أخرى أنها غير مستدامة.
وباتت الوكالة تتوقع ارتفاع نسبة الفوائد للإيرادات خلال العام المالى الحالى إلى 65% مقابل 52% توقعاتها السابقة.
مصر وصندوق النقد يتفقان على عناصر السياسة الرئيسية لبرنامج الإصلاح
أوضحت أنه منذ تخفيض تصنيف مصر الائتمانى فى أكتوبر والأوضاع تدهورت أكثر على صعيد سعر الصرف مع وصوله فى السوق السوداء لأكثر من 60 جنيها للدولار مقارنة بأقل من 40 جنيها للدولار فى أكتوبر الماضى.
وذكرت أن ذلك يشير إلى احتمالية تخفيض أكثر حدة الجنيه لاستعادة التوازن على المستوى الكلى حتى أكثر من السيناريو الرئيسى المتوقع من قبلها.
أضافت أن مبيعات الأصول لم يحدث بها تطور، فيما استقرت الاحتياطيات الأجنبية بخلاف الذهب عند 27 مليار دولار، بما يعنى استمرار طلب معلق على الدولار.
وأشارت إلى أن الحرب فى فلسطين أدت لزيادة مخاطر ميزان المدفوعات وتحديدا المصادر التى كان يعول عليها لتعويض انخفاض تحويلات المصريين بالخارج وهى قناة السويس والسياحة.
مخاطر التصنيف الائتمانى والوصول للتمويل
خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى نظرتها المستقبلية لمصر إلى سلبية رغم أن الوكالة بالفعل خفضت تصنيف البلاد أكثر من مرة منذ حرب روسيا وأوكرانيا، وحذرت وكالتى “فيتش” و”ستاندرد أند بورز” من ضغوط على التصنيف الائتمانى للبلاد.
ويأتى التحذير نتيجة انخفاض الحصيلة الدولارية لمصر من قناة السويس فى وقت متوقع أن تزداد فيها احتياجاتها التمويلية مع خروجها من مؤشر جى بى مورجان للأسواق الناشئة الذى قدرت “فيتش” أن يتسبب فى خروج من مليار إلى مليارى دولار من استثمارات المحافظ المالية.
وبحسب أداة “بورت ووتش” التابعة صندوق النقد الدولى، انخفضت الحمولة المارة بقناة السويس خلال شهر يناير الماضى إلى حوالى 82 مليون طن مقارنة مع 148 مليون دولار فى يناير 2023.
وقالت “فيتش” إن السيناريو الأساسى الخاص بها يتوقع ارتفاع إيرادات قناة السويس إلى 9 مليارات دولار خلال العام المالى الحالى مقابل 8.8 مليار دولار العام المالى الماضى، لكنه يرجح انخفاض إيرادات السياحة إلى 12.7 مليار دولار مقابل 13.6 مليار دولار.
لكنها ذكرت أنه حال استمرت الاضطرابات حتى النصف الأول من العام قد تنخفض إيرادات الساحة إلى 11 مليار دولار وإيرادات قناة السويس إلى 7.5 مليار دولار، وهو ما يؤدى لزيادة عجز الحساب الجارى من 2.7% للناتج المحلى فى السيناريو الأساسى إلى 3.5%.
وقالت كريستالينا جورجيفيا، مديرة صندوق النقد الدولى، إن خسائر قناة السويس فى مصر خلال النصف الأول من يناير قد بلغت نحو 100 مليون دولار.
مخاطر جيوسياسية
وترى مديرة صندوق النقد الدولى أن جيران مصر مصدر للقلق فى ظل الصراعات القائمة سواء فى فلسطين أو السودان، وذكرت أنه هناك علامات على مساعى لحل الصراع فى فلسطين وأن إحياء حل الدولتين يبدو الآن أكثر إلحاحًا، وأنه قد يطوى صفحة عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط
أضافت أن العمل مع مصر يمثل أولوية قصوى، لأهميتهم للاقتصاد المصرى والشعب المصري، وأيضًا لأهمية مصر على نطاق أوسع فى السياق الإقليم.