90% زيادة فى أسعار الذهب خلال 2023.. وارتفاعات تاريخية لمبيعات الشركات العقارية
لطالما مثلت العقارات ملاذاً آمناً أمام المواطنين والمستثمرين فى خضم الأزمات الاقتصادية الكبرى، جنباً إلى جنب الذهب.. ولكن فى ظل قفزات أسعار الذهب المبالغ فيها، هل يستمر إقبال العملاء على العقارات لحفظ قيمة مدخراتهم، أم يلجأوا إلى شراء الذهب؛ انتظاراً لارتفاعات أكبر فى الأسعار؟
وفى الوقت نفسه يعانى مطورون عقاريون تحديات عدة تعيق استكمال مشروعاتهم، وأبرزها عدم استقرار أسعار مواد البناء والتشطيب، ما أدى إلى تضخم تكلفة الإنشاءات، رغم زيادة الإقبال على الشراء.
دعاء العطار، موظفة أرشيف فى إحدى القنوات التليفزيونية الخاصة، تسعى منذ شهرين تقريباً لشراء وحدة سكنية، فى أحد أحياء مدينة 6 أكتوبر؛ لحفظ قيمة مدخراتها أو ما سمته «تحويشة العمر»، فى ظل الانخفاض المتواصل لقيمة الجنيه، والسير على خطى زملائها ومعارفها الذين حفظوا قيمة أموالهم بتحويلها إلى عقار أو ذهب أو دولار.
«دعاء» اختارت العقار؛ حيث ترى أنه أكثر طريقة آمنة من وجهة نظرها لحفظ قيمة أموالها، كما يمكن الاستفادة منه بطرق إضافية عبر التأجير أو الاستخدام الشخصى.
ولكن يواجه العقار منافسة من الذهب؛ حيث ارتفعت أسعار الذهب فى الأسواق المصرية بنسبة 90%، ما يعادل 1500 جنيه للجرام خلال تعاملات عام 2023.
ووفقاً لمنصة «آى صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، فإنَّ جرام الذهب عيار 21 افتتح تعاملات العام الماضى عند مستوى 1675 جنيهاً، واختتم تعاملات العام عند مستوى 3175 جنيهاً.
ولكن خلال شهر يناير الماضى، شهدت أسعار الذهب فى السوق المصرى ارتفاعات جديدة ليقترب جرام الذهب عيار 21 من مستوى 4 آلاف جنيه.
«حسانين»: لا توجد مخاطر بالاستثمار فى مشاريع مكتملة
وقال أمجد حسانين، وكيل غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، إنَّ الغرفة تدرس عدة خيارات لتوفير حلول لأزمات الشركات العقارية، خاصة عدم القدرة على تسليم العقارات التى تم بيعها خلال الـ3 سنوات الماضية فى ظل ارتفاع التكلفة غير المتوقعة.
وأضاف «حسانين» لـ«البورصة»، أن شركات التطوير العقارى الصغيرة والمتوسطة الأكثر تأثراً بالأزمة؛ حيث تمتلك الشركات الكبرى الكثير من أدوات التحوط أثناء البيع.
وأوضح أن الشركات العقارية الكبرى استطاعت تفادى الخسارة أثناء البيع من خلال تنفيذ خطط لمواجهة تقلبات سعر الصرف، وزيادة التكلفة، وتمتلك وحدات تباع بعد انتهاء البناء، بأسعار أعلى مقارنة ببداية طرح المشروع.
وقال إنه لا توجد مخاطر بالاستثمار فى مشاريع عقارية مكتملة. وتابع: «هناك العديد من شركات التطوير ذات ملاءة مالية وخبرة فى السوق، وتوفر فرصاً استثمارية مميزة للعملاء».
«أهاب»: أسعار العقارات دائماً فى ارتفاع
فيما يرى أحمد أهاب، الرئيس التنفيذى لشركة مدار للتطوير العقارى، أن هناك إقبالاً ملحوظاً على شراء العقارات منذ النصف الثانى للعام الماضى، كملاذ آمن للتحوط ضد التغيرات الاقتصادية، ما أدى إلى زيادة مبيعات شركته بنحو 60% بنهاية 2023.
وأشار تقرير عن تطور أداء أفضل 20 مطور عقارى خلال أول 9 أشهر من العام الماضى، إلى ارتفاع المبيعات بنحو 95%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، ليبلغ إجمالى المبيعات 448 مليار جنيه.
وقال «أهاب» لـ«البورصة»، إنه لا يوجد أضمن من العقار؛ حيث تتغير أسعار الذهب والدولار ارتفاعاً وانخفاضاً، ولكن العقارات دائماً فى زيادة.
وتابع «أهاب»: «ورغم ذلك يوجد عيوب للاستثمار فى العقار، منها احتمالية تعثر المطور الذى يضطر إلى التوقف أو تأخير موعد التسليم، ما يعنى عدم قدرة العميل على إعادة بيع الوحدة فى أى وقت، بعكس الذهب الذى يمكن بيعه بشكل فورى، ولكن لا يزال العقار هو سبيل آمن ويحقق عائد أكبر».
وأوضح أن السوق العقارى يمر بمرحلة تغيرات كبيرة فى الفترة الأخيرة؛ بسبب القفزات المتتالية لتكاليف الإنشاء.
وأشار إلى أن أفضل طرق التحوط هى وضع توقعات لقيمة التكلفة ضمن سياسة التسعير، مع تسريع وتيرة الإنشاءات لتقليل الفجوة الزمنية بين البناء والبيع، مع إبرام عقود طويلة الآجل مع الموردين والمقاولين.
اقرأ أيضا: صفقة رأس الحكمة تقفز بأسهم القطاع العقارى
وقال «أهاب»، إن التجربة أثبتت أنه لا يوجد قطاع يحقق عائداً على الاستثمار أكثر من العقارات؛ لأن المستثمر يشترى بمقدم من 5% إلى 10% من قيمة الوحدة، بخلاف الذهب والدولار؛ حيث يتم دفع القيمة كاملة.
وأضاف أن ارتفاع أسعار العقارات جعل المستثمرين يفضلون شراء وحدات بمساحات أصغر من المعتاد، بالإضافة إلى الاستثمار بالمشاريع غير المكتملة لما تحققه من عائد أكبر من المكتملة فى حال تجنب المخاطر.
وأوضح أن شركة «مدار للتطوير» أوقفت البيع فى آخر 4 أشهر من العام الماضى؛ بسبب عدم استقرار الأوضاع فى السوق، وكنوع من التحوط لإعادة تقييم آليات البيع وتحديد الأسعار والوحدات التى سيتم طرحها.
وأشار إلى أن التحديات والمخاطرة الأكبر تقع على المطورين فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فالمستثمر يتحمل فقط اختيار شركة التطوير الأفضل وتثبيت السعر وموعد تسلم المشروع، فى حين يواجه المطورون زيادات الأسعار والتكلفة.
وقال إن التحديات التى تواجهها شركات التطوير العقارى متفاوتة، فالشركات التى ليس لديها محفظة أراضٍ تواجه أزمة حقيقية على عكس الشركات التى تملك محفظة أراضٍ تعتمد عليها فى تعويض الخسائر.
وتوقع مركز المعلومات ودعم اتحاذ القرار بمجلس الوزراء، نمو حجم السوق العقارى السكنى بحلول عام 2028 إلى 30.3 مليار دولار، مقارنة بـ18.04 مليار دولار خلال عام 2023، فى ظل الإقبال الملحوظ على شراء العقارات، وفق تقرير أصدره خلال نوفمبر الماضى.
«أنور»: شركات المقاولات تواجه صعوبة فى التسعير
وقال محمد أنور، رئيس مجلس إدارة شركة «توريك للتطوير العقارى»، إنَّ العقارات لا تزال ملاذاً آمناً للاستثمار أمام المواطنين، مقارنة بالقطاعات الاستثمارية الأخرى.
ورغم ذلك يرى «أنور»، أن الاستثمار فى القطاع العقارى، خلال الفترة الحالية، يُحمل الشركات العقارية أعباء كثيرة؛ نتيجة ارتفاع تكلفة الإنشاءات، والزيادة المستمرة فى أسعار مواد البناء.
وأضاف لـ«البورصة»، أن شركته بصدد إقامة مشروع جديد وطرحته على 11 مقاولاً لم يستطيعوا تحديد أسعار بعينها فى ظل تقلبات السوق والزيادات المتتالية فى أسعار الخامات.
شاهد: كيف تستفيد من مبادرة بيع العقارات بالدولار؟
وأوضح أن الشركة تواجه صعوبة فى تحديد سعر الوحدات، فى ظل عدم القدرة على تحديد قيمة التكلفة؛ نتيجة عدم ثبات وتيرة زيادات المواد الخام، وخاصة الحديد.
وأشار إلى أن الشركة لا تستطيع طرح الوحدات بأسعار ترضى العميل وتعرضها للخسائر، خاصة أن هناك إقبالاً شديداً على شراء العقارات السكنية.
وتابع «أنور»: «أيضاً لا يمكن طرح الوحدات بأسعار مبالغ فيها؛ حتى لا يحدث ركود فى المبيعات وتراجع فى إيرادات الشركة».
«لقمة»: ارتفاع الفائدة يجعل أسعار البيع غير حقيقية
وقال محمد لقمة، رئيس شركة «ديتيلز للتجارة والمقاولات»، إنَّ المطورين العقاريين يواجهون أزمة ارتفاع تكلفة الإنشاءات؛ نظراً إلى التزامهم بأسعار محددة لوحدات تم بيعها بالفعل.
وأضاف «لقمة»، أن الأزمة الأكبر هى ارتفاع نسبة الفائدة فى البنوك، والتى يلجأ المطور إلى إضافتها على أسعار البيع خلال فترة السداد باعتبارها جزءاً من التكلفة، ما يجعل الأسعار فى السوق العقارى غير حقيقية.
وأشار إلى توقف شركة «ديتيلز للمقاولات» عن قبول أى مشاريع جديدة منذ 6 أشهر؛ نتيجة ضبابية السوق رغم زيادة الطلب على العقارات، وأرجع ذلك إلى صعوبة تحديد الأسعار فى ظل عدم استقرار سعر الصرف، ما أدى إلى خسائر فى المشروعات الحالية والتى لم تنته بعد وسط قفزات أسعار حديد التسليح.