الترخيص لشركات التكنولوجيا المالية بخدمة المحافظ قفز بعددها منذ 2020
فى واحدة من أكثر بيئات الاقتصاد الكلى تحديًا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكن لمصر على الأقل أن تفخر بزيادة الشمول المالى بحسب ما ذكرته مجلة “ذا بانكر” الصادرة عن فاينانشيال تايمز.
أوضحت أنه لا يزال عدد البالغين فى البلاد الذين لديهم إمكانية الوصول إلى خدمات الحسابات المصرفية – إما عن طريق المقرضين الفعليين أو مقدمى خدمات الهاتف المحمول – منخفضًا مقارنة بالمتوسط العالمى والإقليمى، حيث لا تزال البلاد موطنًا لواحدة من أكبر المجموعات السكانية التى لا تتعامل مع البنوك فى العالم.
وشهدت البلاد تقدما مطردا فى آخر 15 عامًا، حيث تمكن 27% من البالغين من الوصول إلى الخدمات المصرفية فى عام 2021، مقارنة بنحو 14% فقط فى عام 2011، وفقا لبيانات من أحدث دراسة استقصائية للبنك الدولي.
وبحسب بيانات البنك المركزى ارتفعت تلك النسبة إلى 68% فى نوفمبر الماضى.
وعزت “ذا بانكر” الزيادة إلى حد كبير إلى انتشار مقدمى الخدمات المالية الرقمية مثل المحافظ المحمولة وحلول الإقراض الصغير، مع إثبات أهمية هذا الأخير بشكل متزايد فى بيئة التضخم المرتفع فى البلاد.
وقال منير نخلة، الرئيس التنفيذى والمؤسس المشارك لشركة “إم إن تى حالًا”، وهى شركة القروض والمدفوعات الرقمية التى أصبحت أول شركة يزيد تقييمها على مليار دولار فى مجال التكنولوجيا المالية فى البلاد: “على الرغم من أن النقد لا يزال هو المسيطر عندما يتعلق الأمر بالمعاملات اليومية، إلا أن استخدامه يتناقص بمعدل متزايد”.
أضاف نخلة: “لا يزال الكثير من الناس يجدون أن البنوك تمثل بيئة مخيفة، حيث يمكن أن يشكل الدخول وفتح حساب تحديًا ويفضل الناس فى كثير من الأحيان الاحتفاظ بأموالهم فى مكتب البريد بدلا من البنك التقليدي.”
ورغم أن الكثير قد تغير منذ عام 2011، وجد البنك الدولى حتى بعد مرور 10 سنوات أن ثلثى البالغين قالوا إنهم سيحتاجون إلى المساعدة فى استخدام حساب فى مؤسسة مالية.
تعاون بين التخطيط و”المركزى” لتطبيق استراتيجية الشمول المالى بالمرحلة الثانية لـ“حياة كريمة”
وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للنساء، اللاتى ما زلن أقل تعاملاً مع البنوك من نظرائهن من الرجال، مع قيود ثقافية على الوصول إلى الخدمات من المقرضين التقليديين.
ويرى نخلة، أنه من غير المعتاد من الناحية الثقافية فى مصر أن تدخل المرأة إلى البنك بمفردها، خاصة فى القرية فعادة ما تكون برفقة زوجها أو قريب ذكر آخر”.
أوضح: “الوضع يختلف قليلًا بالنسبة للنساء فى المدن، ويختلف كثيرًا بالنسبة للنساء ذوى الدخول المرتفعة، لكن غالبية السكان ما زالوا يقيمون فى القرى وينتمون إلى فئة الدخل المنخفض”.
وكانت 24% فقط من النساء المصريات لديهن حساب مصرفى فى عام 2021، مقارنة بـ 27% للسكان ككل، وفقا لبيانات البنك الدولي، وبحسب بيانات البنك المركزى ارتفعت تلك النسبة إلى 60% فى يونيو 2023 حيث بات عدد السيدات المشمولات ماليًا 19.3 مليون سيدة من إجمالى 32.3 مليون سيدة بالغة.
محافظ المحمول
وكما هو الحال فى معظم أنحاء أفريقيا، جاءت المكاسب فى الشمول المالى وملكية الحسابات منذ عام 2011 إلى حد كبير نتيجة اطلاق سلسلة من مبادرات التمويل الرقمي.
وتسارعت هذه الخطوات منذ عام 2017 فصاعداً، بعد تشكيل مجلس المدفوعات الوطنى فى البلاد، وأشرف المجلس على إطلاق نظام الدفع الإلكترونى “ميزة” للمدفوعات المحلية فى البلاد فى عام 2019، بهدف زيادة استخدام المدفوعات الرقمية فى البلاد.
وبحسب “ذا بانكر” كان من بين الأمور ذات الأهمية الخاصة ترخيص وتمكين مقدمى خدمات محافظ الهاتف المحمول فى القطاع الخاص اعتبارًا من عام 2020 فصاعدً، وهى خطوة جاءت بعد سبع سنوات من إطلاق شركات الاتصالات فى البلاد أولى محافظ الهاتف المحمول بالشراكة مع المقرضين التقليديين.
ونما عدد محافظ الهاتف المحمول بنسبة 74% بين عامى 2020 ويونيو 2023، وفقا لبيانات البنك المركزى المصري، مقارنة بنمو قدره 34 فى المائة لأصحاب الحسابات ككل خلال نفس الفترة.
وكان البنك المركزى المصرى قد قام بترخيص 30 مزودًا لمحفظة الهاتف المحمول حتى نهاية يونيو، حيث عالجوا معًا أكثر من 85 مليون معاملة شهرية بقيمة تزيد عن 10 مليارات جنيه مصرى (323.7 مليون دولار).
وقال نخلة إن “إم إن تى حالًا” قامت بمعالجة معاملات بقيمة حوالى 100 مليون دولار شهريًا عبر محافظها.
ووسعت الشركة عروضها للمدفوعات فى ديسمبر من خلال إطلاق بطاقة إنفاق رقمية ومادية للاستخدام على شبكة ميزة، مع رابط مع البنك العربى الأفريقي.
طفرة الشراء الآن والدفع لاحقًا
ومما يثير الاهتمام بشكل خاص ارتفاع الإقراض الصغير منذ عام 2021 وخدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا من مقدمى خدمات المحفظة المحمولة مثل “إم إن تى حالًا” وكاشات، وفورى، وتمويلى”.
وقد ارتفع الطلب على مثل هذه المنتجات، وخاصة من المقترضين من الشركات الصغيرة، فى خضم أزمة التسعير فى مصر حيث بلغ معدل التضخم 33.7 فى المائة فى ديسمبر – مع منح جميع القروض بالعملة المحلية.
يقول نخلة: “فى بيئة تضخمية مرتفعة، أصبح توفير تمويل رأس المال العامل ضروريًا لعملائنا التجاريين – مثل أصحاب الأكشاك وصغار التجار، حتى يتمكنوا من الحفاظ على رأس مالهم العامل بالقيمة الحقيقية”.
أشار إلى أن حالات التأخر فى سداد القروض لم تزد إلا بالكاد خلال الأزمة الاقتصادية الأخيرة التى شهدتها البلاد .
وبحسب نخلة تمثل منتجات الإقراض الخاصة بالشركة غالبية إيراداتها الحالية؛ وتبلغ محفظة القروض الخاص بها حوالى 750 مليون دولار، مع نمو يتراوح بين 25 و30 مليون دولار شهريًا، حيث تخدم الشركة مليون مقترض نشط.
ولفت إلى أنه مع توقع المزيد من التخفيض فى قيمة عملة البلاد، أطلقت الشركة مؤخرًا منتج ادخار قائم على الذهب للحفاظ على مخزن بديل للقيمة، وكذلك منتج يشبع الجمعية.
“المركزى” يضاعف الحدود القصوى للتعامل على حسابات الشمول المالى
أوضح نخلة أن هناك مشكلة ثقة مع الجمعيات التقليدية، حيث تحتاج إلى العثور على الأشخاص الذين تعرفهم ويشعرون بالارتياح للدخول فى اتفاقية معهم لتوفير مبالغ محددة من المال على مدى فترة من الزمن.
ويقول نخلة: “لا يوجد سجل ائتماني، ويعتمد الأمر على قيام المشاركين بالدفع فى الوقت المحدد ووجود شخص جدير بالثقة للاحتفاظ بالأموال وتوزيعها”.
“فى الجمعيات التقليدية، غالبا ما تكون الفوائد غير متساوية اعتمادا على توقيت المساهمات والسحوبات الفردية، يمكن للحلول الرقمية أن تجعل العملية برمتها أكثر قوة وعدالة.
ويقول البنك الدولى، إن تحويل المدخرات التى يحتفظ بها أصحابها خارج القطاع المصرفى إلى الحسابات يمكن أن يقلل نسبة البالغين الذين ليس لديهم حسابات مصرفية بنسبة تصل إلى 6-8% فى مصر.
وبعد النجاح الذى حققه مقدمو خدمات المحافظ المحمولة فى البلاد، أصدر البنك المركزى المصرى العام الماضى لوائح لمنح رخص البنوك الرقمية.
ويدرس تفعيل الهوية الرقمية لتعزيز الإقبال على الخدمات المالية الرقمية.
ويرى نخلة أنه بالنظر إلى أسواق مثل البرازيل والهند، فمثل هذه الخطوات هى التى تغير قواعد اللعبة الحقيقية عندما يتعلق الأمر بالشمول المالي، وخاصة ميزات مثل الهوية الرقمية.