يجب تحسين شفافية التحويلات من الميزانية العامة للشركات الحكومية
قالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية “OECD”، إن المسح الاقتصادى الأول لمصر أظهر عددا من التحديات أهمها، معدلات التضخم المرتفعة والتى تستوجب معها الحفاظ على المستويات الحالية من التشديد النقدى، ورفع الفائدة مدى اقتضت الحاجة.
وأشارت إلى أنه للتغلب على تحدى نقص العملة، يجب خفض السيطرة على سعر الصرف تدريجيًا وتجنب التقلبات المزعزعة.
وتوقعت نمو الناتج المحلى فى مصر 4.4% خلال العام المالى المقبل مقارنة مع 3.2% متوقعة العام المالى الحالى.
وقالت إن النمو فى مصر كان أفضل من أقرانها حتى وقت قريب قبل أن يواجه صدمات مُركبة ما أدى لتسارع جهود الإصلاحات فى عدد من المناحى.
لكنها ذكرت أن النمو تباطأ فى 2022 مع ارتفاع التضخم والخروج الضخم لرؤوس الأموال الأجنبية الذى أدى لشح السيولة وتخفيضات لقيمة الجنيه.
ورجحت انخفاض التضخم خلال العام المالى المقبل إلى 15.9% فى المتوسط مقابل 32% العام المالى الحالى، قائلة إنه يمكن تعزيز فعالية السياسة النقدية من خلال تحسين إطار السياسة النقدية.
وأشار إلى أنه فى جميع أنحاء اقتصادات الأسواق الناشئة، تعد استقلالية البنوك المركزية وشفافيتها من بين أهم العوامل لتعزيز آلية نقل السياسة النقدية، إلى جانب اعتماد نظام استهداف التضخم.
توقعات برواج نشاط الدمج والاستحواذ فى مصر خلال 2024
وذكر أنه فى المكسيك، كان دور قناة أسعار الفائدة ضعيف بسبب الشمول المالي المحدود نسبيا، لكن اكتسبت السياسة النقدية زخما مع استقرار توقعات التضخم من خلال تعزيز استقلال وشفافية البنك المركزي، ما عزز الثقة في التزامه بتسعير الفائدة.
ونوه إلى أن البنك المركزى يواجه مقايضات سياسية صعبة مع تباطؤ الاقتصاد ولكن التضخم لا يزال مرتفعا وقد تكون تأثيرات الجولة الثانية أقوى من المتوقع.
وقال إنه من شأن تجدد ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية أن يؤثر بقوة على التضخم في مصر، وقد يؤدي استمرار الحرب في أوكرانيا إلى تجدد الضغوط على أسعار القمح والذرة وزيوت الطعام والأسمدة.
وقال إنه عندما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة في فبراير 2024، لاحظ أن التضخم لم يعتدل كما كان متوقعا، ما يعني أن الضغوط التضخمية الأساسية لا تزال مستمرة.
أضاف أنه قد تكون هناك حاجة إلى رفع سعر الفائدة بشكل أكبر إذا ارتفعت توقعات التضخم، الأمر الذي سيساعد أيضًا على تعزيز الثقة في البنك المركزى، ولكن قد يؤثر ذلك على الاستقرار المالى نظرًا لارتفاع مستوى الدين العام.
أوضح أنه رغم أن الجزء الأكبر منها يحمل سعر فائدة ثابتا، فإن متوسط استحقاقها قصير نسبيا ما يعني ضمنا أن أسعار الفائدة الأعلى سوف يتم إعادة تسعيرها بسرعة.
استعادة الثقة فى المالية العامة
وقال إن الحكومة الحكومة فى مصر تواجه متطلبات تمويل مرتفعة فى المدى القريب فى وقت تعانى فيه من عدم القدرة على الوصول للأسواق الدولية، رغم محاولات الحكومة لتنويع محفظة الدين وأدوات الاقتراض، لكن استعادة ثقة المستثمرين فى المالية العامة ضرورى لخفض تكلفة الدين.
وأشارت إلى أن الفائدة على سندات الخزانة أجل 10 سنوات ارتفعت بالقرب من 27% فى أوائل فبراير الحالى.
ولفتت إلى أن استعادة ثقة الستثمرين يسهل التوحيد المالى ويضمن تحقيق استراتيجية الديون ومتوسطة وطويلة الأجل بخفض الدين العام للناتج المحلى إلى ما دون 80%.
وقالت إن الإلتزام بالدعم المالى للفئات المستهدفة يجب أن يستمر على خلف الدعم غير الموجه كدعم الطاقة، يجب أن يتم سحبه تدريجيًا وهو ما قد يؤدى أيضًا لخفض الانبعاثات.
وزيرة التخطيط تبحث تعزيز التعاون مع “OECD”
أضافت أن قرار الحكومة بتحجيم الاستثمار العامة يجب أن يتبعه قرار يراجع كفاءة الاستثمارات العامة.
أوضحت أن مثل تلك الخطوات ليس فقط من شأنها أن تُخفض الإنفاق بل أيضًا تفسح المجال أمام الإنفاق على السياسات ذات الأولوية مثل الصحة والتعليم.
وأشارت إلى أن الحكومة يجب أن تراجع قاعدة الإعفاءات الضريبية العريضة وأن تلغى الإعفاءات التى لم تثبت جدوى، لضمان تفعيل سياسة تعبئة الإيرادات متوسطة الأجل.
وشددت أنه فى ذلك السياق يجب التأكد أن جميع المزايا التفضيلية للشركات الحكومية قد تم وقفها، وقالت إنه رغم بعض المبادرات الأخيرة لكن مستوى الشفافية فى الموازنة ضعيف وأن هناك التزامات عرضية كبيرة -كالضمانات-كما أن التحويلات من الموازنة للشركات الحكومية بوسعه تقويض استدامة المالية العامة وهو ما يجب تجنبه.
تسريع تحول مصر الأخضر
وقالت المنظمة إن مصر معرضة بشدة لتبعات التغير المناخى وتعانى من تلوث المناخ، وأن استراتيجية المساهمات المحددة وطنيًا والتى تضع أهداف لبعض القطاعات كثيقة الانبعثات عرضة لأن تحتاج تمويلات وتدابير إضافية، لكن الجهود بحاجة أن يتم تسريعها.
ولفتت إلى أن الاستثمارات الخاص يجب أن تلعب دور فى النمو الأخضر، لكن هناك حاجة لتعبئة التمويلات عبر السندات الخضراء والقروض المُيسرة بجانب جذب استثمارات خاصة عبر اتفاقات شراء طويلة الأجل.
وقالت إن الحكومة بدأت بالفعل فى جذب الاستثمار بالبنية التحتية والتوصيل بالشبكات، لكن هناك حاجة لمزيد من الاستثمارات الخاصة فى صناعات منخفضة الانبعاثات وفى مشروعات الهيدروجين الأخضر، بجانب استراتيتجيات التحول المناخى وإدارة شح الموارد المائية.
إفساح المجال لنشاط القطاع الخاص
قالت المنظمة أن مصر لديها مجال لزيادة الاستثمارات الخاصة والإنتاجية لكن جهود الإصلاح الأخيرة يجب أن تشتد خاصة تقوية المنافسة وتقليص تشوهات السوق.
أضافت أن المعوقات التنظيمية لدخول الشركات السوق وتوسعها يجب أن يتم تقليصها وأن يتم خفض الحواجز الخارجية.
وأشارت إلى أن ما يتم عبر تبسيط الإجراءات وخفض الوقت اللازم لإصدار الرخص ضمن “الرخصة الذهبية” يجب أن يتم البناء عليه ليكون هناك إجراءات ميسرة أكثر لجميع الشركات.
ولفتت إلى أن رقمنة الضرائب والإيصالات يجب أن يؤدى لتخفيف العوائق الإدارية وهى سبب رئيسى فى التوجه للسوق غير الرسمي وكذلك كانت تخلق مجال للفساد.
وذكر التقرير أن عوائق التجارة فى مصر تحرمها من الاستفادة من التجارة العالمية، ولذلك يجب أن يتم خفض التعريفة الجمركية، وتبسيطها، وإلغاء العقبات التجارية بخلاف التعريفة.
وأشار إلى أن معدلات الفساد فى مصر مرتفعة وتؤدى لتقويض نشاط الشركات، رغم جهود تحسين الشراء الحكومى، لذلك يجب تبنى تنفيذ قانون الشراء العام لسنة 2018 بشكل كامل، بما فى ذلك إلغاء أى استثناء للشركات المملوكة للدولة بما يخفض فرص الفساد ويبنى الثقة الكافية لجذب الاستثمارات.
مصر تسدد 1.1 مليار دولار لصندوق النقد الدولى منذ بداية العام
وذكر أن الحضور الطاغى للشركات المملوكة للدولة أدى لخفض النشاط الخاص، حيث قلص مرونة الأعمال، ما أنعكس على ضعف دخول شركات جديدة وانخفاض كفاءة تخصيص الموارد.
وقالت المنظمة إن تبنى سياسة ملكية الدولة والتى تم إعلانها فى ديسمبر 2022 كان بطيئًا، وهناك حاجة بشأن مزيد من الوضوح بشأن تنفيذها، مع تحديد إطار زمنى مخصص ودقيق ويمتاز بشفافية أعلى فيما يخص الشركات المُباعة، ووتيرة البيع ودور الدولة المستقبلى فى الاقتصاد.
أوضحت أن الدولة على الأرجح ستظل لاعب مؤثر فى الاقتصاد لذلك مبادىء عدالة منافسة بحاجة لأن يتم تبنيها بشكل كامل.
وقال إن توسيع وصول الشركات للتمويل قد يساعد على تأسيس الشركات وتوسعها، وإنه يجب تحرير سوق الخدمات الرقمية كى يدعم الإنتشار الرقمى إنتاجية الشركات.
فرص عمل ذات جودة أعلى
قال التقرير إن عدد السكان فى قوة العمل يتوقع أن ينمو بسرعة، وأن يزيد معدل الالتحاق بالتعليم، لكن معدلات التوظيف منخفضة خاصة بين الشباب والنساء، ونصيب الوظائف غير الرسمية مرتفع.
وأشار إلى أن هناك حاجة لزيادة فرص العمل وخفض العمل بالقطاع غير الصرف، وأن معدل المساهمة المجتمعية المرتفع يعتبر محرك للتوظيف غير الرسمى.
وقال إن مصر يجب أن تعمل على خفض تكاليف الالتزام بالنسبة للشركات.
وأشار إلى أن التعليم والمهارات ضرورى لتحسين جودة فرص العمل وتحفيز الإنتاجية، وأن استراتيجية تحسين التعليم التى يجرى تنفيذها تحول التركيز نحو تطوير مهارات أساسية، لكنها بحاجة لتخفيص موارد كافية.