الألفى: معدل الدوران الداخلى لأقسام الأبحاث كبير
أثناء تصفحك للأبحاث وتحليلات الأسهم التى تطالعها عبر رسائل البريد الإلكترونى من شركات الوساطة المختلفة، ربما يتبادر إلى ذهنك تساؤلاً عن ما إذا كانت هذه الأبحاث ذات مقابل مادى محدد ومن يحدده وما ضوابط ذلك وكيف سيؤثر ذلك على جودتها وعلى استمرارية تقديم هذه الشركات لهذه الخدمات.
هذه التساؤلات ليست ببعيدة عن الواقع حيث أصدر الاتحاد الأوروبى تعديلات جديدة خلال الأعوام الأخيرة على قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبى MIFID وبموجبها يتم فصل قيمة خدمات التعاملات عن مقابل الحصول على الأبحاث والتحليلات، وهو ما يجبرها على تحسين جودة أبحاثها لكى تحصل على مقابل منها، وأثارت هذا التساؤلات بشأن نوعية وجودة التحليلات الموجودة بالسوق المصري، ومدى إمكانية وضع ضوابط لها.
ومع صعود البورصة المصرية بنحو 70.5% خلال عام 2023، وزيادة عدد المتعاملين وفق التقارير الرسمية، احتدمت المنافسة بين شركات الوساطة لتبحث كل منها على تحقيق أفضل أداء بأكبر حصة سوقية ممكنة، تمكنها من الصعود للمراكز المتقدمة فى ترتيب شركات السمسرة، لذلك تنافست الشركات فى تقديم منتجات تلبى كافة متطلبات عملائها، وتحديدًا من حديثى العهد بالسوق، وسجلت البورصة المصرية رقمًا قياسيًا فى أعداد المستثمرين الجدد خلال عام 2023.
وبلغ إجمالى أعداد المستثمرين الجدد نحو 385.6 ألف عميل، ووصل عدد إجمالى الأفراد الجدد إلى 381.8 ألف عميل مقارنة بنحو 175.8 ألف عميل فى 2022، بينما سجل عدد المؤسسات الجديدة 3800 مؤسسة مقابل 1500 مؤسسة فى 2022، حسب ما ورد فى تقرير البورصة عن العام الماضى.
أضافت الشركات خلال الآونة الأخيرة منتجات جديدة لأنشطتها حيث مازال يبحث أغلبها عن استخدام التكنولوجيا بشكل أوسع واستخدام آليات الذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات وتحديد الفرص الأكبر للاستثمار.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أتاحت وسائل التواصل الاجتماعى فرص أكبر للاحتيال على المستثمرين، بسبب عدم وجود مراكز بحثية كافية خاصة بالأسهم وذات انتشار واسع، مما يؤثر على جودة السوق واستمرارية العملاء بالنشاط، حتى وإن كان السوق فى صعود حاليًأ لكن ستظهر هذه العقبة مع أى عمليات تصحيح تتراجع فيها أداء الأسهم.
«الرقابة المالية» تصدر ضوابط رخص “روبو أدفايزور” الشهر الجارى
وأشار الخبراء إلى الدور الذى لعبته مراكز البحوث فى أداء الشركاء، حيث أثبتت الشركات التى لديها مراكز بحثية، قدرتها فى الحفاظ على المراكز الأولى بترتيب شركات السمسرة فى تعاملات البورصة، ومنحتها مراكز البحوث فرصة للحصول على إيرادات أكبر بشكل غير مباشر، وساعدتها على التوسع فى خدماتها للعملاء.
ربط عمرو الألفى، رئيس قسم البحوث بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية ورئيس منصة رامبل فى الشركة، توسع شركات الوساطة فى أقسام الأبحاث بالحصة السوقية لكل شركة وتنوع قاعدة العملاء بين الأفراد والمؤسسات، خاصة أن تركزها فى الأفراد ذوى الملاءة المالية المحدودة يصعب من وجود قسم أبحاث كبير لها.
وأشار إلى أن أداء سوق الأوراق المالية يزيد صعوبة دخول شركات وساطة ذات حجم متوسط أو صغير فى منافسة مع أقسام أبحاث الشركات صاحبة الحصة السوقية الأكبر.
وأوضح الألفى أن قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبى MiFID II التى صدرت فى أوروبا مطلع 2018 تفصل بين عمولة شركات السمسرة وتكلفة الأبحاث التى تقدمها وهو ما يؤثر على شركات السمسرة التى تتعامل مع مؤسسات وصناديق أوروبية، ويرى أنه يدعم أقسام الأبحاث فى الشركات المختلفة، ويبعث على ضرورة توسيع تغطية التحليلات لشركات وقطاعات أكثر من الموجودة حاليًا، مضيفًا أن نوعية التغطية تختلف مع اختلاف طبيعة المستثمر سواء قصير أو طويل الأجل.
وأشار إلى أن أغلبية شركات دول الخليج تعتمد على أقسام أبحاث لها من خارج بلادها؛ نظرًا لارتفاع تكلفتها داخل الخليج مثل شركة أرقام التى تعتمد على أقسام أبحاث لها فى لبنان ومصر.
“إيبيكو”.. عوائد مرتقبة من التوسعات
قال إن تكلفة إنشاء الأقسام البحثية فى مصر مكلفة للغاية، كما أن أهمية وجود إدارة للبحوث، تظهر بقوة فى أوقات الأزمات وتراجع الأسواق وكيفية تقدير أداء الأسهم.
وأوضح أن مراكز البحوث تحتاج لعدد كاف من المحللين الماليين لتغطية القطاعات المختلفة والشركات، على عكس التحليل الفنى والذى يكفيه فرد واحد.
وقال إن معدل الدوران الداخلى لأقسام الأبحاث بشركات الوساطة كبير، فى ظل عدد الشركات المحدود التى تقدمها بشكل منتظم، وبجودة عالية مع تحولهم الدائم لمجال إدارة المحافظ.
واستدل بأنه فى حالة وجود شركة تتوسع فى الخليج، فعليها أولًا استقدام مركز بحوث لكشف فرص الاستثمار الموجودة بالسوق.
وأشاد بدور الذكاء الاصطناعى فى عملية تحليل البيانات، وإمكانياته فى مساعدة قسم البحوث على تحليل الشركات، حيث يحتاج إلى البيانات التاريخية للشركة بالإضافة إلى الأخبار الخاصة بالشركة، لافتًا إلى أهمية الموارد البشرية والتى لا يمكن الاستغناء عليها، لصالح “الروبوت”.
ويعتبر مركز البحوث فى شركات الوساطة المالية، أحد أهم أقسام الشركة، والذى يدعم الأقسام الأخرى، ويوفر مجموعة من التحليلات والبيانات الحيوية لمساعدة المتداولين فى اتخاذ قرارات استثمارية أكثر موضوعية، وتقدم هذه المراكز معلومات ضرورية لبيع وتسعير الأوراق المالية الحالية والإصدارات الجديدة، كما يتضمن مجموعة من الاقتصاديين والمحللين الماليين، وقد يتخصص الباحثون فى أنواع محددة من الأوراق المالية أو قطاعات معينة.
عبدالحكيم: التكاليف مرتفعة لإعداد فريق بحوث بكفاءة عالية
قال محمد عبدالحكيم، رئيس قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن تكوين فريق أبحاث وتحليلات بمستوى عال يكبد الشركات تكلفة باهظة، ولذلك اقتصر تكوين أقسام أبحاث كبيرة على الشركات التى تحصل على عائد مرتفع.
وتابع أن الوضع بدأ يتغير وأدركت هذه الشركات مدى أهمية قسم البحوث وبدأت فى توفير هذا القسم بالشركات تدريجيًا.
بحسب “عبدالحكيم”، يصعب حساب عائد أقسام الأبحاث فى مصر حيث إنه يختلف من شركة لأخرى، بينما تقدر صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية، الأبحاث المالية بشكل أكبر.
وتخضع مراكز البحوث عالميا إلى مجموعة من القواعد الخاصة التى تحكمها، تجنبًا لأى تضارب فى المصالح قد تنجم عن توصيات بيع وشراء الأسهم، ففى الولايات المتحدة، على سبيل المثال، كشفت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، أن تضارب المصالح قد ينتج إذا أصدر قسم البحوث فى شركة الوساطة توصيات عن سهم، ساهم قطاع بنك الاستثمار من نفس الشركة فى اكتتابه.
ووضعت هيئة الأوراق المالية الأمريكية بعض القواعد لتجنب تضارب فى المصالح، كان أبرزها إعطاء تحذيرات للمستثمرين فى حال كان قسم البحوث وبنك الاستثمار لنفس الشركة يقومون بتغطية أسهم بعينها، كما أثار انتباههم إلى عدم الاعتماد بشكل كاف على هذه التوصيات.
عبدالنبى: يجب اشتراط وجود مركز بحثى عند ترخيص شركة الوساطة
ذكر أحمد عبدالنبى، رئيس قسم البحوث بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، أنه يجب اشتراط وجود قسم بحوث عند منح رخصة السمسرة.
وتابع أن أى شركة تفضل تحقيق مكاسب أعلى، لكن إنشاء مركز بحثى يتطلب رئيس قسم بحوث بتكلفة مرتفعة، مضيفًا أن الوقت الحالى فى ظل صعود البورصة لا تظهر فيه أهمية البحوث المالية.
وأشار إلى أن تشريعات هيئة الرقابة المالية مناسبة للوضع الحالى ولا تحتاج لأى تغيير، حيث فى حالة فرض إنشاء قسم البحوث بكل الشركات سيزيد من التكاليف على الشركة.
وأوضح أن استخدام أقسام الأبحاث فى زيادة رضا العملاء يؤدى لحصول شركات الوساطة على عائد منها يغطى تكلفتها المرتفعة، بجانب استخدام مخرجات هذه الأقسام فى التسويق لجذب عملاء جدد للشركة، بالإضافة إلى إمكانية إنشاء القسم لتلبية احتياجات العملاء الحاليين للحفاظ عليهم، وبذلك يتم دمج تكلفته مع ما ترصده شركات السمسرة للحفاظ على العملاء.
ميخائيل: إدارات البحوث عززت تصدر شركاتها لترتيب العام الماضى
وترى سالى ميخائيل، رئيس قسم البحوث بشركة تايكون للوساطة فى الأوراق المالية، أن أفضل 20 شركة وساطة أداءً لديها إدارات بحوث مما يبرز مدى أهمية التحليل المالى بالشركة، حتى وإن كان يُنظر إليها على أنها لا تدر إيرادات بشكل مباشر، لكنها سبب أساسى فى استدامة الإيرادات بصورة غير مباشرة.
وتابعت أن السوق يعتمد السوق بشكل أساسى على التحليل المالى الذى ليس له بديل، وفى حال غيابه تعتمد الشركات على التحليل الفنى والذى بطبعه تحليل قصير المدى ومكمل للتحليل المالى.