مدبولى: برنامج الصندوق بقيمة تصل إلى 9.2 مليار دولار وسيكون مصحوبًا بتمويلات ميسرة من شركاء التنمية
أطلقت مصر أمس إصلاحات اقتصادية طال انتظارها للخروج من أزمة عملة امتدت عامين وأثرت على الأنشطة الاقتصادية المختلفة وأطلقت أعلى موجة تضخم معروفة فى تاريخ البلاد.
وأعلن البنك المركزى أمس تحرير سعر العملة ورفع أسعار أكبر من كل التوقعات لأسعار الفائدة على الجنيه بلغ 600 نقطة أساس، فيما أعلنت الحكومة وصندوق النقد الدولى التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بعد شهور من المفاوضات.
وفى اليوم الأول لتحريره فقد الجنيه أكثر من 35% من قيمته أمام الدولار الذى وصل إلى 49.5 جنيه مقابل 30.9 جنيه أمس الأول، وقال محافظ البنك المركزى حسن عبدالله فى مؤتمر صحفى، إن البنك لن يستهدف سعر محدد وأنه ملتزم بسعر الصرف المرن.
ورفع البنك المركزى أسعار الفائدة 6% ليصل عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب.
وقالت لجنة السياسة النقدية إنها تدرك أن التقييد النقدي يمكن أن يؤدى إلى تراجع الائتمان الحقيقي الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، إلا أن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص. ولذلك يعي البنك المركزي أن تحقيق استقرار الأسعار يخلق مناخاً مشجعاً للاستثمار والنمو المستدام للقطاع الخاص على المدى المتوسط.
وقالت إيفانا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى، إن السلطات المصرية وصندوق النقد الدولى توصلوا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية اللازمة لاستكمال المراجعة الأولى والثانية لترتيبات الصندوق الممدد.
وقال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى إن البرنامج تم زيادته من 3 مليارات إلى 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى أن مصر ستتمكن مع التوقيع من التقدم لصندوق الصلابة والمرونة، لكى تحصل على قرض آخر فى حدود 1 أو 1.2 مليار دولار، ليكون إجمالى البرنامج المُتكامل مع الصندوق فى الشق المالى أكثر من 9 مليارات دولار، تتمثل فى 8 مليارات دولار بالإضافة إلى 1.2 مليار دولار.
وأضاف أنه بمجرد التوقيع مع الصندوق فإن باقى شركاء التنمية وعلى رأسهم البنك الدولى والاتحاد الأوروبى وعدد آخر من الشركاء، سيقومون أيضاً بتوفير قروض ميسرة للدولة المصرية، بحيث نكون بصدد برنامج متكامل بأرقام كبيرة تُمكن الدولة من الاستقرار النقدى والاستمرار فى برنامج الإصلاحات الهيكلية.
صندوق النقد: برنامج مصر يقوم على 6 محاور أبرزها سعر الصرف والضبط المالى
وأوضحت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى، أن هذه الاتفاقية تخضع لموافقة المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى وسيتم تقديمها لإقرارها قبل نهاية الشهر الحالى، وتسعى حزمة السياسات الشاملة إلى الحفاظ على القدرة على تحمل الديون، واستعادة استقرار الأسعار، وإعادة نظام سعر الصرف الذى يعمل بشكل جيد، مع الاستمرار فى دفع الإصلاحات الهيكلية العميقة إلى الأمام لتعزيز النمو الذى يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
وتابعت: ركزت مناقشات السياسات وإصلاحات البرامج حول 6 محاور، يتمثل المحور الأول فى اتخاذ السلطات خطوات حاسمة للتحرك نحو نظام سعر صرف مرن وموثوق، مشيرة إلى أن هذا الإصلاح، الذى بدأ بتوحيد سعر الصرف بين السوقين الرسمية والموازية، بما يساعد على زيادة توافر النقد الأجنبى والقضاء على التراكم الحالى للطلب على النقد الأجنبى الذى لم تتم تلبيته، وإعادة إنشاء شبكة جيدة من النقد الأجنبي.
وأوضحت أن المحور الثانى يتمثل فى تشديد السياسة النقدية بشكل إضافى لخفض التضخم، وعكس اتجاه الدولرة الأخير.
وقالت: نرحب فى هذا الصدد بالقرار الأخير الذى اتخذه البنك المركزى المصرى بزيادة سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، بالإضافة إلى 200 نقطة أساس التى اتخذها الشهر الماضي.
وأشارت إلى أن المحور الثالث يتمثل فى ضبط الأوضاع المالية للحفاظ على القدرة على تحمل الديون.
وقالت: اتفقت السلطات على الحفاظ على الحيطة المالية على المدى المتوسط وتكثيف الجهود لتعبئة إيرادات محلية إضافية، بما فى ذلك من خلال ترشيد الإعفاءات الضريبية وكذلك استخدام جزء كبير من عائدات التخارج لخفض الديون.
وأشارت إلى أن المحور الرابع تمثل فى صياغة إطار جديد لإبطاء الإنفاق على البنية التحتية بما فى ذلك المشروعات التى عملت حتى الآن خارج نطاق الرقابة على الميزانية العادية، وعلى وجه الخصوص، مضيفة أن السلطات أشارت إلى أنها ستحد من المبلغ الإجمالى للاستثمارات العامة من جميع المصادر (أى الميزانية والشركات المملوكة للدولة والسلطات الاقتصادية والكيانات الأخرى)، مشيدة بإصدار رئيس الوزراء مرسومًا ينص على إنشاء آلية مراقبة، تحت إشرافه وبمشاركة جميع الجهات ذات العلاقة الحاضرة، وعلى رأسها الجهاز المركزى للمحاسبات.
وأضافت: تمثل المحور الخامس فى اتفاق السلطات أيضا على الحاجة إلى توفير ما يكفى مستويات الإنفاق الاجتماعى لحماية الفئات الضعيفة.
وقالت: وفى هذا الصدد، بالإضافة إلى التوسع فى برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية فى عام 2023، فقد أعلنت الحكومة المصرية مؤخرًا عن حزمة حماية اجتماعية إضافية بقيمة 180 مليار جنيه للسنة المالية 2024-2025.
وأوضحت أن السلطات أعلنت أنها ستواصل تقديم الدعم لضمان ظروف معيشية مناسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط التى تضررت بشدة من ارتفاع الأسعار.
وتابعت: أما المحور السادس، فيتعلق بتنفيذ سياسة ملكية الدولة والإصلاحات الرامية إلى تكافؤ الفرص أمرًا أساسيًا لإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص.
وقالت: فى هذا السياق، تشكل الإصلاحات الأخيرة التى ألغت المعاملة الضريبية التفضيلية والإعفاءات للشركات المملوكة للدولة خطوة فى الاتجاه الصحيح.
وأضافت: تمثل الوتيرة المتسارعة للاستثمارات الأجنبية المباشرة وبرامج التخارج من الاستثمارات الحكومية منذ منتصف عام 2023 تطوراً إيجابياً من شأنه أن يساهم فى تحسين ثقة الأسواق والمستثمرين.
وأكدت: سيلعب شركاء مصر دورًا حاسمًا فى تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها، مؤكدة أن صفقة الاستثمار الأخيرة فى رأس الحكمة تخفف من ضغوط التمويل على المدى القريب.
وكشف رئيس الوزراء، أنه تم وضع سقف للاستثمارات العامة خلال العام المالى المقبل لا يتجاوز تريليون جنيه، ويشمل ذلك الهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال العام، والشركات التى تساهم فيها كل جهات الدولة.
وقال وزير المالية محمد معيط إن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى يتضمن تحقيق فائض أول خلال العام المالى المقبل عند 3.5% من الناتج المحلى وخفض الدين العام إلى أقل من 90% من الناتج المحلى.