بعد انتهاج البنك المركزي المصي سياسة نقدية متشددة، وارتفاع معدلات الفائدة بواقع 800 نقطة أساس خلال أول اجتماعين للجنة فى عام 2024، اصبحت سوق الأسهم البورصة تواجه مستقبلا غامضا.
لكن ومع السماح بمرونة أكبر لسعر الجنيه رجح محللون أن تستقبل أدوات الدين الحكومية وأسهم قطاعات البنوك والبتروكيماويات سيولة واستثمارات ضخمة خاصة من الأجانب، مع عودة مرتقبة لمصر لسوق تجارة الفائدة، وبداية تعديل المؤسسات المالية للنظرة المستقبلية لاقتصاد مصر.
نافع: القرارات الأخيرة ستسمح للبورصة بجذب سيولة دولارية كبيرة
قال مدحت نافع، خبير أسواق المال، إن تأثير زيادة معدلات الفائدة على البورصة فى الوقت الحالى سيكون غير تقليدي، نظرًا لحدوثه بشكل متصل مع تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، موضحًا أن تأخر حدوث هذه الإجراءات كان مؤثر على أداء الأسهم بالبورصة وخاصة شح الدولار.
ذكر أن أبرز مثال على ذلك ما ظهر بأداء سهم البنك التجارى الدولى، والذى كان يلجأ إليه المتعاملون لتوفير الدولار عن طريق شراء السهم بالسوق المصرى وتحويله لشهادة إيداع دولية يمكن بيعها بالدولار فى بورصة لندن.
أشار إلى أن تعديل التشوهات التى حدثت بأداء الأسهم سيكون بشكل رئيسى عن طريق توفير سيولة دولارية بالبنوك، وبالتالى تبدأ البورصة فى جذب أكبر قدر من الاستثمارات وخاصة الأجنبية، وبالتالى ستدفع بدورها الاقتصاد المباشر للنمو بشكل أكبر، خاصةً وأن البورصة تتميز بإمكانية ضخ الاستثمارات دون قيود إجرائية.
تابع أن رفع سعر الفائدة بمعدل 600 نقطة أساس نهاية الأسبوع الماضى، كان أمرًا طبيعيًا لاحتواء مستويات التضخم المرتفعة، والوصول لمستهدف الحكومة والبالغ 7%، بجانب محاولة امتصاص التأثير التضخمى الناتج عن تحرير سعر الصرف والذى كان لابد من حدوثه للقضاء على أزمة الفجوة السعرية بين سعر الصرف الرسمى ونظيره فى السوق الموازى.
أكد أن دور البنك المركزى فى الفترة المقبلة يتركز على حسن التصرف فى السيولة الدولارية المتاحة حاليًا بالشكل الأفضل، وتوجيه بعضها للسلع الاستراتيجية والدفاعية، بجانب تلبية الاحتياجات الأساسية ومدخلات الإنتاج والمواد الخام التى تؤثر بدورها على المعروض من السلع والذى بدوره سيدفع تراجع معدلات التضخم، بالإضافة إلى سداد الديون غير القابلة لإعادة الهيكلة.
الألفى: يمكن استئناف الطروحات حكومية في النصف الثانى من العام
أوضح عمرو الألفى، رئيس استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، أن رفع أسعار الفائدة كان متوقعًا، لكنه تزامن مع تحرك سعر صرف العملة الأجنبية بشكل أكثر مرونة وهو ما حدث في فترات انخفاض الجنيه السابقة منذ نوفمبر 2016.
ذكر أن تأثير رفع أسعار الفائدة سيكون له أثر إيجابي على البنوك والشركات التي لديها مستوى نقدية مرتفع.
أوضح أن تحرير سعر الصرف سيكون مفيدًا للشركات صاحبة نشاط التصدير والتي ترتبط إيراداتها بالسلع العالمية، حيث يتوقع من هذه الشركات أن تعلن عن نمو قوي في الإيرادات والأرباح في الربع الأول 2024 وبشكل ملحوظ في الربع الثاني 2024 عندما يظهر التأثير كاملاً.
أشار إلى أن توقيت هذه التحركات لم يكن معروفاً، مما أدى إلى اضطراب أداء الأسهم خلال الجلسات الأخيرة مما خلق فرص شراء وبيع ببعض الأسهم التي ستستفيد أو ستتضرر من هذه القرارات.
وتابع أنه بعد اتخاذ قرارات سعر الفائدة وسعر صرف العملة الأجنبية، أصبح الأمر متروكاً لقوى السوق لتسعير الأصول المصرية وفقاً لقوى العرض والطلب.
ورجح أن تدفع القرارات الاقتصادية استكمال برنامج الطروحات الحكومية وتحديدًا من خلال تخارج الحكومة من الشركات لصالح المستثمرين الاستراتيجيين، وأن يشهد النصف الثانى طروحات عامة من تلك الشركات بالبورصة المصرية.
ولفت إلى أن النقطة المحورية التي ينتظرها السوق هي عودة عجلة الاستثمار من الداخل ومن الخارج وتوفر العملة الأجنبية، مما سيعوض أي تأثير سلبي من ارتفاع تكلفة التمويل والاستيراد.
وتوقع أن يكون هناك اهتمام خاصةً من الأجانب بالدخول فى أدوات الدين المحلي خلال الفترة القادمة مما سيساعد على تحسن العائد المطلوب.
سانديب: التدفقات النقدية الأجنبية ستصل إلى 10 مليارات دولار بنهاية 2024
قال ألان سانديب رئيس قطاع البحوث لدى شركة نعيم للوساطة فى الأوراق المالية، إن قطاع البنوك وأسهم الشركات المصدرة من أكثر المستفيدين من تحرير سعر الصرف ومرونة أدائه خلال الفترات المقبلة.
فسر استفادة البنوك من تخفيض سعر الصرف بأن ذلك نتيجة لتلقيها السيولة القادمة من الاستثمارات فى سندات وأذون الخزانة، حيث يجب أن تزيد العائدات على تلك الأوراق المالية عن 30%.
كما تستفيد أسهم الأسمدة والمواد الكيميائية مثل شركة أبوقير للاسمدة، وموبكو، وكيما، سيدي كرير للبتروكيماويات، بالإضافة إلى النساجون الشرقيون حيث تصدر هذه الشركات بأكثر من 50% من إنتاجها بالدولار.
تابع أن ظهور تدفقات من الاستثمارات الأجنبية بالأسهم وأدوات الدين سيستغرق نحو شهر تقريبًا، بسبب انتظار المستثمرين لحدوث استقرار بسعر الصرف، وحجم الفجوة بين السعر الرسمى والموازى وتوافر الدولار بالبنوك، على أن يتبع استقرار سيولة العملات الأجنبية وعودة الثقة، تدفقات كبيرة من “الأموال الساخنة”.
وأضاف أنه في حالة استقرار الأوضاع الاقتصادية وتحقق التوقعات الإيجابية للقطاعات المختلفة، يمكن أن نرى تدفقات نقدية من الاستثمارات المختلفة تصل إلى 10 مليارات دولار بحلول نهاية العام.
شدد أنه بعد تحرير سعر الصرف والاتفاق مع صندوق النقد الدولي فمن المؤكد أن الحكومة المصرية تتطلع إلى تسريع تخارجها من الأصول والشركات المدرجة ببرنامج الطروحات.
ومع ذلك، فإن هذا أيضاً سيعتمد على استدامة نظام سعر الصرف المرن وسيكون هذا أمرًا حاسمًا لجذب المستثمرين الاستراتيجيين من الخارج.
جنينة: احتواء التضخم سبب رئيسى فى استمرار التشديد النقدى
قال هانى جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة كايرو كابيتال سيكيورتيز، إن رفع البنك المركزى للفائدة كان أعلى من التوقعات لكنه أمرًا حتميًا لكبح جماح معدلات التضخم التى لامست أعلى مستوياتها التاريخية خلال الشهور الماضية.
أوضح أن تحرير سعر الصرف يعد قرارًا إيجابيًا فى حالة استمرار الحكومة فى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية مع تغيير البنوك الاستثمارية العالمية نظرتها لمصر إلى إيجابية.
وتابع أن رفع المركزي للفائدة 6% كان لمنع أي تأثيرات لانخفاض سعر الصرف أو ظهور معدلات تضخمية أعلى.
ولفت إلى ان أولويات مصر فى سد الفجوة الدولارية، أن تقوم بسداد الالتزامات المعلقة والديون والإفراج الجمركى عن البضائع وخاصةً الأدوية والأغذية وغيرها.