ما هو السحر الذي تتميز به السوق الصينية الضخمة للغاية؟، في كل 24 ساعة، يتم تسجيل ما يزيد على 27 ألف شركة جديدة في المتوسط، وخروج أكثر من 80 ألف مركبة من خط التجميع، وبيع منتجات بقيمة 35 مليار يوان (نحو 5 مليارات دولار) عبر الإنترنت، فضلا عن تسليم نحو 300 مليون طرد على مستوى البلاد.
وعلى مدار العقد الماضي، تمكنت الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، من تعزيز سوق محلية مرنة وحيوية تمتلك إمكانات كبيرة وتجلب فوائد للعالم.
مزايا هائلة
ويعتقد محللون، بأن السوق الصينية في الوقت الراهن تتمتع بنطاق أوسع وهيكل سوق أفضل وقواعد ومؤسسات أكثر اكتمالا وتأثير وجاذبية أقوى على الصعيد الدولي.
وتمتلك الصين أكبر مجموعة متوسطة الدخل في العالم وثاني أكبر سوق استهلاكية، ما يوفر فرصا هائلة للشركات في مختلف القطاعات من صناعة السيارات إلى الأغذية ومستحضرات التجميل في جميع أنحاء العالم.
وبفضل سوقها المحلية القوية، تسهم الصين بأكثر من 30% من النمو الاقتصادي العالمي، وبما أن الصين هي الشريك التجاري الرئيسي لأكثر من 140 دولة ومنطقة، فإن كل نقطة مئوية واحدة من نموها الاقتصادي ستُترجم إلى زيادة قدرها 0.3 نقطة مئوية في ناتج الاقتصادات الأخرى.
وباعتبارها المنتج الرئيسي في العالم، تمتلك البلاد جميع الفئات الصناعية وتمثل القيمة المضافة الصناعية لديها 30% من الإجمالي العالمي.
وظلت الصين الدولة الأولى في تجارة السلع لسنوات، فضلا عن امتلاك البلاد شبكات لا مثيل لها من السكك الحديد والطرق السريعة.
ولا تزال السوق الصينية تتطور وتتقدم، مع قوة وزخم يقدمهما 180 مليون كيان تجاري و170 مليون شخص من ذوي المؤهلات العليا أو ممن لديهم مهارات مهنية.
وبفضل فرص السوق، زادت الشركات العالمية من وجودها هنا في العقود الماضية، حيث تراكم عدد الشركات ذات التمويل الأجنبي في الصين إلى أكثر من 1.18 مليون.
وقد أثبتت المنتجات، التي تتنوع بين هاتف آيفون الذي تنتجه شركة آبل الأمريكية إلى السيارات الكهربائية التي تنتجها شركة تسلا الأمريكية، الدور غير القابل للتصرف الذي تلعبه السوق الصينية في سلسلة الإمداد العالمية.
وقال جو نجاي من شركة “ماكينزي آند كومباني” في الصين الكبرى، إن المستثمرين الأجانب الباحثين عن إمكانات النمو لا يحتاجون إلى البحث بعيدا عن “الصين التالية” لأن “الصين التالية هي الصين”.
تعزيز الابتكار
لقد استغرق الأمر 27 عاما (1995-2022) حتى ترى الصين ارتفاع إنتاج مركبات الطاقة الجديدة من الصفر إلى 10 ملايين مركبة، في حين استغرق الوصول إلى هدف الإنتاج الثاني وهو 10 ملايين سيارة 17 شهرا فقط من فبراير 2022 حتى يوليو 2023.
وقال وانج يي مينج، نائب رئيس مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية، إن السوق الصينية الضخمة للغاية تعمل بشكل كبير على تحسين القدرة التنافسية الدولية لقطاع التصنيع لديها، كما تعمل بشكل قوي على تعزيز تطوير صناعات جديدة وأنماط أعمال جديدة ونماذج أعمال جديدة، من بين أمور أخرى.
وعلى مر السنين، نجحت السوق الصينية الضخمة في تسريع وتيرة تطوير البنية التحتية الجديدة والصناعات الناشئة.
وفي الوقت الحالي، تسير أكثر من نصف سيارات الطاقة الجديدة في العالم على طرقات الصين، وتشكل عمليات الدفع الرقمي في البلاد من حيث القيمة ما يقرب من نصف الإجمالي العالمي لهذه العمليات.
ويحتل الحجم الإجمالي لقوة الحوسبة في الصين المرتبة الثانية في العالم، فيما يتجاوز عدد شركات الذكاء الاصطناعي في الصين 4400 شركة، وفقا لبيانات وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات.
وفي خطوة لرسم خريطة لتنمية الصناعات الاستراتيجية الناشئة والصناعات المستقبلية، جعلت الصين مؤخرا تطوير قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة، شعارا لها في عملية صنع السياسات.
ومن خلال التأكيد على هذا المفهوم، تهدف الصين إلى تعزيز القوى الإنتاجية المتقدمة عبر تحقيق اختراقات تكنولوجية ثورية وتخصيص إبداعي لعوامل الإنتاج، وتعميق التحديث الصناعي.
وقال شيويه لان، عميد كلية شوارزمان بجامعة تسينغهوا، إنه “في مواجهة التغيرات غير المسبوقة في العالم، أصبح الابتكار العلمي والتكنولوجي مركزا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين”.