كثرة الجهات الحكومية والأدوات المتداخلة تعقد تحقيق أهداف مصر المناخية
قالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، إنَّ التحول الأخضر فى مصر ضرورة اقتصادية وصحية ومناخية ملحة، خاصة مع آثار ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم ندرة المياه، وإنَّ معظم مساحة الأراضى المصرية عبارة عن صحراء، مع 3.7% فقط صالحة للزراعة، يدعمها نهر النيل، ووادى الدلتا.
وأشارت إلى تباطؤ انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى مصر أواخر عام 2010 ولكنها ارتفعت منذ ذلك الحين، وتمثل الانبعاثات فى مصر أقل من 1% من الإجمالى العالمى، لكن البلاد تتأثر بشكل كبير بعواقب تغير المناخ، حيث تعتبر دلتا النيل واحدة من ثلاث دلتات ضخمة معرضة للخطر فى العالم وتتأثر بشكل مباشر بحلول عام 2050.
وقالت إن قدرة الأراضى الزراعية باتت أقل على الوصول للمياه، وإن جنوب مصر، وهو منطقة تعانى بالفعل ضغوطاً اقتصادية وتتعرض إمداداتها الغذائية لتهديد مستمر بالانقطاع، يتعرض لصدمات مناخية شديدة مع انخفاض إنتاجية المحاصيل والثروة الحيوانية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وفترات الجفاف الأطول.
وذكرت أنه يمكن أن يؤدى ارتفاع منسوب سطح البحر والتآكل والفيضانات إلى انخفاض الإنتاج الزراعى 30% فى دلتا النيل بحلول عام 2030، والإنتاج الزراعى الوطنى 10%.
وقالت إن نصيب الفرد من موارد المياه المتجددة السنوية فى مصر يبلغ 570 متراً مكعباً للفرد فى عام 2018، وهو أقل من حد شح المياه الذى حدده الأمم المتحدة عند 700 متر مكعب للفرد.
وتوقعت أن ينخفض أكثر إلى 390 متراً مكعباً للفرد بحلول عام 2050.وقالت إن تغير المناخ سيؤدى إلى تفاقم هذه التحديات التى تواجه الإنتاج الزراعى والغذائى، كما حدث خلال صيف عام 2023؛ حيث أدت الحرارة الشديدة إلى خسائر فى الماشية والدواجن، وانخفاض الإنتاج.
وذكرت أن التحديات الأخرى تشمل تلوث الهواء، والتلوث البلاستيكى البحرى، والتخلص من النفايات وإدارتها، حيث يتم جمع ما يقدر بنحو 55% فقط من النفايات حالياً، وجمع مياه الصرف الصحى ومعالجتها
كيف تسعى مصر لتخفيف آثار التغير المناخى؟
وقالت المنظمة إن برنامج مصر لمواجهة تحديات تغير المناخ يتضمن إجراءات للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، ولا تتضمن استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ 2050 أى أهداف للحياد الكربونى، ولكنها تهدف إلى دمج اعتبارات تغير المناخ فى جميع قطاعات الاقتصاد.
وتُقدم استراتيجية مساهمات مصر المحددة وطنياً لعام 2023، أهدافاً قطاعية لخفض انبعاثات قطاع الكهرباء 33%، وانبعاثات النفط والغاز 65%، وانبعاثات قطاع النقل بنسبة 7% بحلول عام 2030 مقارنة بسيناريو العمل كالمعتاد بناءً على الانبعاثات فى عام 2015.
وتحدد المساهمات المحددة وطنياً لعام 2023 إجراءات التخفيف والتكيف، مع أهداف نوعية بشكل أساسى تتعلق باللوائح والتمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات.
وتدرج مصر، أيضاً، تدابير لقطاعات الصناعة والمبانى والسياحة والنفايات ولكنها لا تلتزم بتخفيضات محددة فى الانبعاثات.
وتم استبعاد قطاعى الزراعة واستخدام الأراضى من إجراءات التخفيف، ولكن تم تحديد تدابير التكيف من أجل الزراعة المستدامة، مثل استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة الجارية فى مصر (2009-2030)، والتى يتم تنفيذها بالاشتراك مع منظمة الأغذية والزراعة (فاو).
“الأوروبي لإعادة الإعمار” يطلق خطة تحويل “6 أكتوبر” إلى مدينة خضراء
وبحسب منظمة التعاون الاقتصاد والتنمية فإن تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً مشروط بالدعم المالى الدولي.
وقالت المنظمة إنه رغم أن استراتيجية المساهمات المحددة وطنياً لعام 2023 تحتوى على تفاصيل أكثر حول التدابير المقترحة مقارنة بالنسخة السابقة، فإنَّ هناك حاجة إلى المزيد من الأهداف الكمية والإجراءات المحددة للعمل المناخى الفعال.
وأشارت إلى إن الافتقار إلى بيانات حديثة عن الملوثات والانبعاثات منذ عام 2015، وعن نقاط عمل محددة فى المساهمات المحددة وطنياً، يجعل أى تقييم للتقدم المحرز صعباً.
ذكرت أن مصر أيضاً تحتاج بشكل عاجل إلى بناء نظام مؤسسى فعال لإدارة مخاطر المناخ والكوارث فى جميع مجالات تأثير تغير المناخ، من خلال تعزيز القدرة على الرصد والتنبؤ والتحليل وإنشاء أنظمة الإنذار المبكر وتبادل المعلومات على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية.
أضافت أن أيضاً هناك حاجة إلى تقييمات منتظمة للمخاطر الاقتصادية لتغير المناخ فى جميع أنحاء مصر، بما فى ذلك مدى ضعف المجتمعات الريفية والساحلية.
وتتضمن المساهمات المحددة وطنياً لعام 2023 مقترحاً لإنشاء وحدة للرصد والإبلاغ والتحقق، والتى ينبغى تنفيذها على سبيل الاستعجال، وتزويدها بالوسائل الكافية.
التكيف ضرورة لا تقل عن مكافحة التغير المناخى
وقال التقرير، إن بناء القدرة على التكيف مع آثار تغير المناخ جزء حيوى من الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لمصر فى مناخ متغير.
وذكر أن ارتفاع منسوب مياه البحر وتكرار العواصف الشديدة وغيرهما من الظواهر الجوية المتطرفة التى زادت فى مصر خلال العقد الماضى، من شأنه أن يؤثر سلباً على النظم البيئية فى المدن الساحلية فى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وصعيد مصر، ما يؤثر على استخدام الأراضى والبنية التحتية، والأنشطة الاقتصادية، وصحة الإنسان.
وأشارت إلى أنه نظراً إلى التمويل المحدود، فإن مصر، مثل العديد من البلدان النامية المعرضة للاضطرابات البيئية الناجمة عن تغير المناخ، يمكنها بالفعل تحسين قدرتها على الصمود فى وجه تغير المناخ من خلال تركيز الموارد النادرة على التكيف، مثل تبنى الأساليب التقليدية لتوفير المياه، أو زراعة المزيد من المحاصيل المقاومة للمناخ.
وقال إن هناك أيضاً التدابير القائمة على الطبيعة فى إدارة المياه، مثل استعادة الأراضى الرطبة بالقرب من المناطق الساحلية، مثل إنشاء بالوعات مهمة للكربون، بوسعها تعزيز الدفاعات الطبيعية ضد المخاطر المرتبطة بالمياه
دور القطاع الخاص حيوى
وذكر التقرير، أن الاستثمارات الحكومية ضرورية لتحقيق الأهداف البيئية لمصر، لكن أيضاً القطاع الخاص له دور رئيسى يلعبه فى تحقيق هذه الأهداف.
وقال إن نهج السياسات المتكامل، الذى يجمع بين التنظيم والتكنولوجيا والأسواق التى تعمل بشكل جيد، والدعم الدولى، هو الوسيلة الأكثر فعالية لتحقيق أهداف مصر المناخية، وضمان تخصيص رأس المال بكفاءة.
لكنها أشارت إلى أن كثرة الوكالات والأدوات المتداخلة المشاركة فى تحقيق أهداف مصر المناخية تؤدى إلى تقسيم أكثر تعقيداً للعمل بين الهيئات الحكومية، وتخلق التعقيد غير الضرورى بالنسبة لمستثمرى القطاع الخاص، كما يتضح من حالة الاستثمار فى الطاقة المتجددة وعمليات الترخيص المرتبطة بها.
“البيئة”: توقيع اتفاقية مشروع “الغردقة الخضراء” بتمويل 3 ملايين دولار
وكشف أن المراجعة الأولى لسياسة النمو الأخضر فى مصر التى تجريها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ستقدم رؤى أكثر تفصيلاً حول طرق تحقيق التحول الأخضر طويل المدى فى مصر، بما فى ذلك التركيز على المدن الذكية والمرنة والشاملة للمناخ.
وقالت إنها ستقوم بدراسة كيفية تفعيل استراتيجية الهيدروجين الوطنية المقبلة من خلال تحسين الظروف التمكينية والتمويل المبتكر.
ويُعد الهيدروجين منخفض الكربون مصدراً متعدد الاستخدامات للطاقة يمكنه تحسين الميزان التجارى، وإزالة الكربون من الصناعات المحلية بحسب المنظمة.
كيف يؤثر التغير المناخى على العدالة الاجتماعية وسوق العمل؟
قال التقرير، إن تغير المناخ يؤدى أيضاً إلى تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية الحالية، وغالباً ما يكون الفقراء الأكثر تضرراً من تأثير تغير المناخ، ولكن لديهم القليل من الموارد المتاحة للتغلب على عواقبه.
وتشير تقديرات البنك الدولى إلى أن نسبة سكان مصر الذين يعيشون على أقل من 4 دولارات أمريكية فى اليوم بحلول عام 2030، وهو معدل الفقر المتوقع فى تلك الأثناء، ستزيد بنسبة 0.8%، وذلك بسبب تأثيرات تغير المناخ المختلفة، بما فى ذلك التأثير على الزراعة والصحة ودرجات الحرارة القصوى.
وقال إن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ يمكن أن تؤدى أيضاً إلى إعادة توزيع القوى العاملة بعيداً عن المناطق الجغرافية الأكثر تضرراً، مثل صعيد مصر أو المناطق الساحلية، بحثاً عن ظروف معيشية وعمل أفضل.
وأشارت إلى أنه سيؤثر أيضاً على القطاعات والشركات والوظائف التى أصبحت أقل إنتاجية بسبب تغير المناخ أو التحول المطلوب إلى طريقة إنتاج أقل تلويثاً وأقل كثافة للكربون.
ونوهت بأنه سيؤثر على الطلب على سلع وخدمات التصدير المصرية، فضلاً عن مزيج مدخلات الإنتاج.
وقالت إن التوظيف سيتحول ليس فقط من الأنشطة عالية الكربون أو الملوثة، ولكن أيضاً من الأنشطة الأخرى التى تتأثر بانخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة، ومن تلك الأنشطة التى تعوقها الظروف المناخية الصعبة وتصبح أقل إنتاجية.
وقال التقرير، إن الأدلة تشير إلى أن التحول الأخضر لا يكون بالضرورة متحيزاً للمهارات، وأنه يتطلب مهارات فنية خاصة بالصناعات «الخضراء»، ومهارات عرضية، مثل مهارات الإدارة والاتصالات، ولذلك، ستكون برامج تنمية المهارات المستهدفة ضرورية لمرافقة التحول الأخضر، بالإضافة إلى برامج التخفيف والتكيف.
أوضحت أنه من الممكن أن تساعد استراتيجية التوظيف الفعالة، العمال والشركات على التكيف بسرعة مع التغيرات الناجمة عن تخضير الاقتصاد.
وتجمع هذه الاستراتيجية بين التدابير التى تعزز دافعية الناس للبحث بنشاط عن الوظائف المناسبة، مع إجراءات لزيادة قابلية التوظيف، وخاصة بالنسبة للعمال الأكثر ضعفاً.
وقالت إنه على المدى الطويل، ستؤثر الاحتياجات الجديدة من المهارات الناجمة عن التحول الأخضر أيضاً على تصميم المناهج الدراسية فى التعليم الأولى والتعليم المهني، ودور التعلم القائم على خدمة سوق العمل.
تخفيف الأثر الاجتماعى
وقالت إنه للتخفيف من الأثر الاجتماعى، يمكن أن تساعد الحماية الاجتماعية فى الحد من الاضطرابات الضارة فى سبل عيش الناس التى قد تنتج عن التحول وتغير المناخ.
وأشارت إلى أن الاستهداف للفئات الأولى بالدعم يضمن أن يكون عادلاً وفعالاً، وقد يصبح الإصلاح الجارى لنظام الحماية الاجتماعية فى مصر أكثر إلحاحاً لتوسيع نطاق الحماية لتشمل العمال غير المنتظمين، والعاملين الفقراء، وأولئك الذين هم على خط الفقر أو تحته.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، إن هناك ضرورة أن تركز السياسات على دمج اعتبارات المناخ ومخاطر الكوارث فى تخطيط وتصميم برامج الحماية الاجتماعية، لضمان أن طريقة إعادة تدوير الإيرادات الناتجة من سياسات التخفيف من تغير المناخ القائمة على السوق، مثل تسعير الكربون، لمنع أى تأثير سلبى على الدخل.
الطاقة والإنبعاثات
تمثل الطاقة والنقل والصناعة حوالى 80% من إجمالى الانبعاثات، وتحظى إمدادات الطاقة الأولية بحصة كبيرة من استخدام الوقود الأحفورى، ويعد قطاعا النقل والمبانى من المحركات الرئيسية لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى مصر.
ويُعَد قطاع الطاقة وسلسلة القيمة فيه أكبر مصادر الانبعاثات بشكل عام، وذلك بسبب ممارسات مثل إحراق الغاز وتنفيس غاز الميثان، فضلاً عن الطاقة المستخدمة فى الاستخراج.
وتعد إزالة الكربون من قطاع الطاقة وعمليات سلسلة القيمة للنفط والغاز أولوية وطنية، وهو ما يتضح من أهداف الانبعاثات.
وانضمت مصر إلى مبادرة البنك الدولى «صفر حرق روتينى»، والتى تهدف إلى إنهاء حرق الغاز الروتينى بحلول عام 2030، ولكن ينبغى اتخاذ إجراءات فعالة فى وقت أقرب.
“شنايدر إلكتريك”: انبعاثات أهم ألف مورد للشركة تراجعت 27% خلال 2023
وقالت إن أوجه القصور فى استخدام الكهرباء فى الصناعة والنقل والخدمات اللوجستية، التى تمثل ما يقرب من 40% من الطلب على الطاقة، من الإعانات والتحديات التقنية، مثل البنية التحتية القديمة.
أوضحت أنه من شأن الحد من الخسائر الكبيرة فى نقل وتوزيع الكهرباء أن يساعد على زيادة كفاءة استخدام الطاقة، ما يؤدى إلى توفير الطاقة وخفض الانبعاثات.
وأشارت إلى أن الإلغاء التدريجى الكامل لدعم الكهرباء والغاز الطبيعى على المدى الطويل أمر بالغ الأهمية لمعالجة أوجه القصور.
وعلى المدى القصير، يمكن زيادة التحويلات النقدية للفئات المستهدفة بالتوازى مع الإلغاء التدريجى لدعم الطاقة.
وأشارت إلى أن تحديد سعر للكربون أثبت فعاليته فى خفض الانبعاثات فى العديد من دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
شهادات الكربون
ونوهت بأن مصر تقوم بتطوير نظام لتجارة الكربون، وأن مجلس الاعتماد المصرى انضم إلى شركة «فيرا» وغيرها من الهيئات العالمية المعنية بوضع المعايير للعمل المناخى والتنمية المستدامة، مثل مؤسسة «جولد ستاندرد فونديشن» للسماح باعتماد المشاريع والشركات منخفضة الانبعاثات.
وقالت إنه بالنظر إلى الاستثمارات الكبيرة المطلوبة فى البنية التحتية للشبكات، ينبغى للحكومة أن تنظر فى كيفية تأثير النظام التنظيمى الحالى الذى يحكم أسواق الكهرباء على إمكانات الاستثمار الخاص.
وأشارت إلى أن استثمار مصر الكبير فى توليد الطاقة منذ 2015 ووجود فائض فى قدرة توليد الطاقة يعنى أن هناك حاجة أقل إلحاحاً لدمج الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة من وجهة نظر أمن الطاقة.
وهذا يعنى أيضاً أن البلاد من المرجح أن تحتاج إلى حوافز، بما فى ذلك المزيد من المساعدة المالية والقروض الميسرة، لتسريع عملية إزالة الكربون من نظام الطاقة الخاص بها إلى مسار يتوافق مع اتفاقية باريس.
وأشارت إلى إصلاحات سوق الطاقة، المدفوعة بقانون الكهرباء لعام 2015، تعد فرصاً كبيرة لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فضلاً عن الاستثمار فى البنية التحتية. ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الحوافز لتعزيز مشاركة القطاع الخاص فى قطاع الكهرباء.وقال إنَّ انخفاض قيمة العملة حالياً جعل تعريفة التغذية، التى أنشئت أصلاً فى عام 2016، أقل قدرة على المنافسة بالنسبة للمستثمرين الدوليين.
ومن شأن اقتراح اتفاقيات شراء طويلة الأجل، من خلال اتفاقيات شراء الطاقة، أن يساعد على جذب المستثمرين من القطاع الخاص.
أضافت أن إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة للقطاع أمر ضرورى، فمن الخبرة الدولية فإن تلك الهيئة دورها حيوى فى ضمان شراء الكهرباء بشكل شفاف وعادل من المولدات.
وقالت إنه لا بد من رفع شبه احتكار الدولة لتوزيع الكهرباء والتجزئة، وأن يصاحب ذلك الفصل المحاسبى بين الوظائف التنظيمية والتشغيلية.
دور قطاع النقل فى خفض الانبعاثات
يمثل قطاع النقل 24% من إجمالى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى مصر الناتجة عن احتراق الوقود، فى حين أن النقل البرى وحده مسئول عن 95% من جميع الانبعاثات المرتبطة بالنقل.
ومع النمو السكانى السريع واحتياجات التنقل المرتبطة بالتوسع الحضرى المترامى الأطراف، فمن المتوقع أن تستمر انبعاثات الغازات الدفيئة فى الارتفاع.
ويشكل النقل الحضرى على وجه الخصوص مشكلة حيث إن 70% من جميع المركبات المسجلة يزيد عمرها على 15 عاماً، ما يؤدى إلى سوء نوعية الهواء والتأثير على صحة السكان.
وقالت إنه يتطلب التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون التغلب على العوائق التى تحول دون مشاركة القطاع الخاص، مثل دعم الوقود والكهرباء واللوائح التقييدية.
وأشارت إلى أن وجود إطار تنظيمى قوى يضمن الحياد التنافسى أمر ضرورى لتشجيع الاستثمارات والابتكارات الخضراء التى تدعم مكاسب الإنتاجية.
وذكرت أن هناك حاجة للإصلاح التنظيمى، بما فى ذلك إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة فى المناطق ذات الانبعاثات العالية مثل النقل والمبانى والإنتاج الصناعى، وتحسين مناخ الأعمال العام من خلال إجراءات مبسطة.
وقالت إن الحوافز المناسبة للاستثمار الخاص فى المشاريع الجديدة أو تكنولوجيات أفضل يمكن أن تتسم بالكفاءة فى الانبعاثات، ما يؤدى إلى نمو الإنتاجية وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.
وقالت إن مصر سوف تتمكن من تحقيق أهدافها الخاصة بالانبعاثات بشكل أسرع من خلال التركيز فى البداية على «الثمار الدانية» فى القطاعات التى تكون فيها مكاسب التخفيف واضحة إلى حد ما، وذلك باستخدام أساليب مجربة وقائمة.
وتشمل الحلول القابلة للتطبيق لإزالة الكربون بسرعة من قطاع النفط والغاز وعمليات سلسلة القيمة الخاصة به، ربط الطاقة المتجددة بشبكة الكهرباء، والحد من حرق الغاز، والحد من تنفيس ثانى أكسيد الكربون والمشاركة فى المشاريع الدولية لتطوير احتجاز الكربون وتخزينه، فضلاً عن الحلول الرقمية لإدارة جانب الطلب.
ويمكن أن تؤدى الاستفادة من هذه الفرص إلى تحقيق تخفيضات كبيرة على المدى القصير إلى المتوسط، وأن تكون فعالة من حيث التكلفة وتجلب فوائد بيئية.وقالت إن التقدم نحو وسائل النقل المنخفضة الانبعاثات يمكن أن يعزز نوعية الحياة ويعزز القدرة التنافسية.
وأوصت مصر بتسريع برنامجها لتحسين النقل العام، وخاصة التوسع المستمر وإعادة تأهيل خطوط مترو القاهرة والإسكندرية، وبرنامج النقل بالسكك الحديدية الخفيفة لتوفير خطوط السكك الحديدية بين المدن التابعة للقاهرة، لتقليل الاعتماد على السيارات.
وقالت إن هناك العديد من المبادرات الأخرى قيد التنفيذ، مثل شبكة السكك الحديدية الجديدة عالية السرعة التى ستضيف حوالى 2.000 كيلومتر من السكك الحديدية إلى شبكة مصر الحالية، أو إنشاء خطين جديدين للسكك الحديدية، أحدهما سيربط العاصمة الإدارية الجديدة بمطار القاهرة الدولى والآخر لمدينة 6 أكتوبر.
وأشارت إلى أنه ينبغى أن يسير تحسين روابط النقل جنباً إلى جنب تحسين التخطيط الحضرى وسياسات تقسيم المناطق للحد من الزحف العمرانى.
أوضحت أنه من الممكن أن يوفر تحديث السكك الحديدية الوطنية أيضاً بديلاً واقعياً لنقل البضائع البرى.
وقالت إنه يجب أيضاً أنه بالنسبة للصناعات كثيفة الإنبعاثات ينبغى تركيب مرشحات مُخفضة للانبعاثات، مثل أنظمة مرشح أكياس الفرن، وفى الوقت المناسب تكنولوجيا احتجاز الكربون.
وأشار إلى أنه فى قطاع الأسمنت، يمكن أيضاً تقليل الانبعاثات من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة والتحول إلى أنواع الوقود أو الأفران الكهربائية ذات الكربون المنخفض، كما يمكن التحول إلى أساليب إنتاج أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة.
وقال إنه يجب تشجيع الشركات فى جميع أنحاء مصر على التحول إلى البدائل الخضراء ومنخفضة الانبعاثات لتقليل الاعتماد على الفحم والوقود.
وأشار إلى أن استخدام مصادر الطاقة النظيفة يمكن أن يساعد الشركات المحلية على الاستفادة من الفرص المتاحة فى الأسواق الدولية الأكثر خضرة وسلاسل القيمة العالمية الخضراء عن طريق تقليل محتوى الكربون فى المنتجات.
كيف يمكن أن تسهم المشتريات الحكومية فى خفض الانبعاثات؟
قالت المنظمة إنه من شأن المشتريات العامة الخضراء أن تساعد أيضاً فى خفض الانبعاثات، وينطبق هذا بشكل خاص على المشاريع الصناعية ومشاريع البنية التحتية الكبيرة، وكذلك مشاريع البناء، بما فى ذلك المدن الجديدة التى يتم بناؤها على الساحل الشمالى وحول العاصمة الإدارية الجديدة.
وفى حين أن التطورات الحضرية الجديدة تأخذ فى الاعتبار بشكل أفضل سياسات التخضير فى مصر، لكن هناك حاجة ملحة للتركيز على المبانى القائمة فى مصر، بما فى ذلك العقارات غير الآمنة التى تشكل منازل الغالبية العظمى من السكان.