انخفاض الجنيه يدفع الشركات لتعجيل سداد الديون بالعملة الأجنبية
توقعت مذكرة بحثية صادرة عن شركة “فيتش سوليوشنز”، ارتفاع الطلب على خدمات إدارة الثروات فى مصر خلال الفترة المقبلة، مع اقتراب متوسط دخل الأسرة من 5 آلاف دولار، خاصة أن قطاع إدارة الأصول مازال متاحًا لنسبة صغيرة من السكان، وسيحفز ارتفاع الدخل إلى زيادة الطلب على منتجات التأمين والاستثمار.
وتعاونت مصر مع صندوق النقد الدولى على معالجة الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال للقطاع الخاص، وشهدت بعض المجالات تقدمًا كبيرًا مثل سلامة القطاع المصرفى، بينما كانت وتيرة التقدم فى قطاعات أخرى بطيئة، مثل الخصخصة.
وتوقعت المذكرة، أن تسمح التكنولوجيا المالية باختراق أكبر للخدمات المالية مع التحسن التدريجى لمتوسط دخل الفرد.
ويرى التقرير، أن القطاع المصرفى سيشهد نموًا قويًا خلال السنوات المقبلة، خاصة مع وجود فرص كبيرة للتوسع فى مجال الخدمات المصرفية سواء التجارية أو الشخصية، علمًا بأن استخدام الخدمات المصرفية بشكل نشط يقتصر على ثُلث الأفراد فقط، لذلك هناك إمكانية كبيرة لتوسيع قاعدة المودعين أيضًا.
وبحسب المذكرة يستحوذ البنك الأهلى وبنك مصر المملوكان للدولة على نحو 50% من إجمالى الأصول المصرفية، ليهيمنا بذلك على القطاع المصرفى.
التضخم ونمو القروض والودائع
توقعت “فيتش سوليوشنز” تباطؤًا محدودًا لنمو الناتج المحلى ليصل إلى 3.2% خلال العام المالى المنتهى فى يونيو 2024 مقابل 3.8% خلال العام السابق، وهو انخفاض عن توقعاتهم السابقة البالغة 4.2%.
وأشارت المذكرة إلى أن التضخم سيظل مصدر قلق رئيسى خلال 2024، وتوقعت أن يبلغ فى المتوسط 30.3% على أساس سنوى، وأن تنمو القروض بالقيمة الأسمية 37.8% وبذلك يعود نمو القروض الحقيقى إلى المنطقة الإيجابية، وكان نمو القروض بالقيمة الحقيقية سلبيا خلال 2023.
وأشارت إلى أن الاحتياجات التمويلية الكبيرة للقطاع الحكومى ستؤدى إلى مزاحمة القطاع الخاص لدى البنوك، وسيتعين على البنوك تمويل عجز مالى أوسع نطاقا، والذى تتوقعت أن يصل إلى 8% من الناتج المحلى خلال العام المالى المقبل، مدفوعٍا بزيادة مدفوعات الفائدة وزيادة الدعم والإنفاق الاجتماعى.
ونوهت إلى أنه فى ظل البيئة التشغيل الصعبة للقطاع الخاص، والتشديد النقدى فى مصر، ستركز البنوك على الاستثمارات منخفضة المخاطر والمربحة فى الأوراق المالية لضمان استخدام السيولة الفائضة بشكل جيد، وللحفاظ على ربحيتها.
وأشارت إلى أن ارتفاع مخاطر القروض المتعثرة سيجعل البنوك أكثر إحجاما عن إقراض القطاع الخاص، كما أن ارتفاع تكلفة الاقتراض سيثبط الطلب، خاصة مع محدودية المبادرات ذات العائد المدعوم.
ولفتت إلى أن التقارير تفيد أن البنوك تظهر استعدادًا أقل لتقديم القروض لبعض الصناعات، مثل العقارات والسياحة والأسمنت، بسبب الاحتمال المتزايد للقروض المتعثرة فى هذه القطاعات، والتى ستؤثر على نمو القروض الإجمالى فى عام 2024.
ومع خسارة العملة المحلية مع يقرب من 40% من قيمتها، رجح التقرير أن ترتفع القروض 12% بدعم من فروق تقييم العملات للقروض بالعملة الأجنبية التى تمثل 30% من قروض العملاء.
وذكرت أن انخفاض قيمة الجنيه سيدفع الشركات للسداد المعجل للقروض المقومة بالعملة الأجنبية.
وخلافا للودائع، تلعب الأسر والقطاع الخاص دورًا صغيرًا فى القروض بالعملة الأجنبية، ما يعنى أن القطاع العام يمثل الجزء الأكبر من القروض بالعملة الأجنبية.
البنوك تتوسع فى طرح خدمات إدارة الثروات
وقالت إنه رغم التحديات الاقتصادية لم تتخط نسبة القروض المتعثرة 4% من محفظة الائتمانى، نظرًا للموقف السخى الذى اتخذه البنك المركزى المصرى، بشأن القروض المتعثرة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة وقطاع السياحة خلال 2022.
ولفتت إلى أن متوسط نسب كفاية رأس المال التى تزيد على 17% لا تزال أعلى من المعايير الدولية، ولذلم فإن المخاطر التى تهدد القطاع المصرفى محدودة، بما يمكن البنوك من اقتناص فرص الائتمان أينما وجدت.
وتوقع تسارع نمو الودائع من 17% خلال 2023 إلى 33.1% خلال 2024، وباستبعاد أثر التضخم وفروق تقييم العملة يصبح النمو بالقيمة الحقيقية سلبيًا.
وقالت إن خفض الجنيه يرفع الودائع 6.1% بشكل مصطنع نتيجة أثر فرق العملة للودائع بالعملات الأجنبية.
نقاط القوة والضعف
أجرت “فيتش سوليوشنز” تحليلًا لأبرز نقاط القوة والضعف فى القطاع المصرف وذكر أن أبرز مكامن القوى تتمثل فى قانون البنوك المعتمد فى 2020، والذى يُشدد الرقابة على قطاع الخدمات المالية، ويوسع استقلالية البنك المركزى.
وكذلك ذكرت أن المخصصات تُغطى بشكل كافى القروض المتعثرة بين البنوك الكبرى، وتتجاوز الودائع التزامات القروض، كما أن البنوك لا تعتمد بشكل رئيسى على التمويل من الخارج.
إدارة الثروات والأوعية الادخارية مرتفعة العائد.. أدوات البنوك لجذب الودائع
وذكرت أن أسعار الفائدة المرتفعة والاعتماد على سندات الخزانة لتغطية العجز المالى، توفر مصدرًا مستقرًا نسبيًا لربحية البنوك المصرية.
ونوهت إلى أنه من الفرص المهمة لقطاع خدمات التمويل الإسلامى نظرًا للأغلبية المسلمة فى مصر، وشهد التمويل الإسلامى توسعا سريعا من خلال أنشطة التكافل.
ويوجد حاليًا 14 بنكًا يعمل فى مصر بترخيص من البنك المركزى المصرى لتقديم المنتجات الإسلامية، بما فى ذلك ثلاثة بنوك إسلامية بالكامل.
ورصد التقرير عدة تحديات تواجه القطاع، أبرزها أنالبنك المركزى ليس مستقلاً تمامًا عن الحكومة، ويخضع لعملية صنع القرار السياسى.
بالإضافة إلى أن نسب القروض إلى الودائع لدى البنوك منخفضة، ما يعكس مزاحمة الحكومة للاقتراض من القطاع الخاص.
وقالت إن عدم فصل المجموعات المالية التى تعمل فى القطاع المصرفى وأنشطة التمويل الأخرى لأنشطتها يزيد من المخاطر النظامية ويضعف المنافسة.
وأشارت إلى انتشار الفقر على نطاق واسع، والذى قد يعرقل إمكانية تغلغل الخدمات المصرفية والمالية بين الأفراد على المدى القريب، وتطرقت إلى أن الاضطرابات السياسية قد تزعزع استقرار الاقتصاد وتؤثر سلباً على قطاع الخدمات المصرفية والمالية.
صافى الأصول الأجنبية للبنوك
قالت “فيتش سوليوشنز” إن توحيد سعر الصرف سيؤدى لعودة 10 مليارات دولار من تحويلات المصريين بالخارج للسوق الرسمي، كماسيشجع مستثمرى المحافظ على العودة إلى سوق الديون المصرية، خاصة مع عوائد جذابة للغاية.
أوضحت أن ذلك سيُخفض صافى الالتزامات الأجنبية بشكل أسرع فى عام 2024، لكن معالجة العجز فى صافى الأصول الأجنبية للبنوك سيستغرق بعض الوقت، الأمر الذى سيستمر فى تقييد نشاط القطاع المصرفى.
ووصل صافى الأصول الأجنبية للبنوك إلى مستوى قياسى بلغ 16.2 مليار دولار فى نهاية ديسمبر، واضطرت البنوك إلى وضع قيود على استخدامات العملة الأجنبية لبطاقات الدفع.